إعلان منظمة العمل الدولية بشأن العدالة الاجتماعية من أجل عولمة عادلة

إعلان منظمة العمل الدولية بشأن العدالة الاجتماعية من أجل عولمة عادلة

اعتمده مؤتمر العمل الدولي

في دورته السابعة والتسعين،

جنيف، ١٠ حزيران/ يونيه ٢٠٠٨

ISBN 978-92-2-621617-4

الطبعة الأولى ، ٢٠٠٨

تمهيد

، اعتمدت منظمة العمل الدولية بالإجماع، في ١٠ حزيران/ يونيه ٢٠٠٨
إعلان منظمة العمل الدولية بشأن العدالة الاجتماعية من أجل عولمة عادلة. وهذا
هو البيان الرئيسي الثالث حول المبادئ والسياسات، الذي يعتمده مؤتمر العمل
الدولي منذ دستور منظمة العمل الدولية عام ١٩١٩ . وهو يستند إلى إعلان فيلادلفيا
لعام ١٩٤٤ وإلى إعلان المبادئ والحقوق الأساسية في العمل لعام ١٩٩٨ . ويجسّد
إعلان عام ٢٠٠٨ الرؤية المعاصرة لولاية منظمة العمل الدولية في عصر العولمة.

وهذا الإعلان التاريخي إنما هو إعادة تأآيد حازمة للقيم التي تتحلى بها
منظمة العمل الدولية. وهو حصيلة المشاورات الثلاثية التي استهلت في أعقاب
صدور تقرير اللجنة العالمية المعنية بالبعد الاجتماعي للعولمة. وباعتماد هذا
النص، يشدد ممثلو الحكومات ومنظمات أصحاب العمل ومنظمات العمال من ١٨٢
دولة عضواً، على الدور الرئيسي الذي تضطلع به منظمتنا الثلاثية في المساعدة
على إحراز التقدم وتحقيق العدالة الاجتماعية في سياق العولمة. وهم يلتزمون معاً
بتعزيز قدرة منظمة العمل الدولية على المضي قدماً بهذه الأهداف من خلال برنامج
العمل اللائق. ويضفي الإعلان صبغة مؤسسية على مفهوم العمل اللائق الذي
وضعته منظمة العمل الدولية منذ عام ١٩٩٩ ، بحيث بات في صميم سياساتها من
أجل تحقيق أهدافها الدستورية.

يأتي الإعلان في فترة سياسية حاسمة ويعكس توافق الآراء الواسع حول
الحاجة إلى بعد اجتماعي متين للعولمة لتحقيق نواتج محسنة ومنصفة للجميع. وهو
يشكل إطاراً للنهوض بعولمة عادلة قائمة على العمل اللائق، وأداة عملية لتسريع
التقدم في تنفيذ برنامج العمل اللائق على المستوى القطري. وهو يعكس أيضاً نظرة
استشرافية منتجة من خلال تسليط الضوء على أهمية المنشآت المستدامة في خلق
المزيد من العمالة وفرص آسب الدخل للجميع.

وقد تلقى برنامج منظمة العمل الدولية دعماً دولياً واسع النطاق على أعلى
المستويات السياسية الإقليمية والعالمية، تُوّج بانعقاد مؤتمر القمة العالمي لعام
٢٠٠٥ للأمم المتحدة. وفي تلك المناسبة، أعلن رؤساء الدول والحكومات ما يلي:

” ندعم بشدة العولمة المنصفة ونعقد العزم على جعل أهداف توفير العمالة الكاملة
والمنتجة وتوفير العمل اللائق للجميع، بمن في ذلك النساء والشباب، هدفاً محورياً
لسياساتنا الوطنية والدولية ذات الصلة وآذلك لاستراتيجياتنا الإنمائية الوطنية”.

كما يستند هذا البيان إلى التزامات مؤتمر القمة العالمي المعني بالتنمية الاجتماعية لعام
.١٩٩٥

والإعلان تعبير عن السمة العالمية التي يتسم بها برنامج العمل اللائق: فلا بد
لجميع الدول الأعضاء في المنظمة من إتباع سياسات تقوم على الأهداف
الاستراتيجية – العمالة والحماية الاجتماعية والحوار الاجتماعي والحقوق في
العمل. وفي الوقت نفسه، يرآز على نهج شمولي ومتكامل من خلال الاعتراف بأن
هذه الأهداف “غير قابلة للتجزئة ومترابطة ومتكافلة”، ويضمن دور معايير العمل
الدولية باعتبارها وسيلة فعالة لتحقيقها جميعها.

ويدعو الإعلان منظمة العمل الدولية إلى مساعدة الدول الأعضاء فيها في
الجهود التي تبذلها سعياً إلى تنفيذه، وفقاً للاحتياجات والظروف الوطنية. ولهذه
الغاية، يطرح الإعلان تحدياً أمام مؤتمر العمل الدولي ومجلس الإدارة ومكتب
العمل الدولي، إذ يشير إلى أنه “ينبغي للمنظمة أن تستعرض وتكيف ممارساتها
المؤسسية لتعزيز إدارتها وبناء قدراتها من أجل استخدام مواردها البشرية والمالية
على أفضل وجه واستخدام الميزة الفريدة المتمثلة في هيكلها الثلاثي ونظام المعايير
الخاص بها”. لذا، لا بد للمنظمة وللدول الأعضاء فيها من حشد آافة وسائل العمل
المتاحة، وطنياً ودولياً على حد سواء، لتعزيز أهداف الإعلان وتطبيق التزاماته
بالطرق الأآثر فعالية وآفاءة.

ويزود الإعلان القادة وصانعي القرارات بنهج متوازن يرتبط بالناس
وبالحلول الإنتاجية على المستوى المحلي، في الوقت الذي يقدم فيه أيضاً منصة
مشترآة للإدارة على المستوى الدولي. وهو يساهم آذلك في تلاحم السياسات
لصالح التنمية المستدامة في السياسات الوطنية وفيما بين المنظمات الدولية وفي
التعاون الإنمائي، من خلال الجمع بين الأهداف الاجتماعية والاقتصادية والبيئية.

وفي هذا الصدد، يسلّط الضوء على أنّ للمنظمات الدولية والإقليمية المعهود إليها
بولايات في ميادين وثيقة الصلة، إسهاماً مهماً يمكن أن تقدمه من أجل تنفيذ النهج
المتكامل المطلوب، وهو يدعوها إلى تعزيز العمل اللائق. آما ينص على أنه نظراً
إلى أن السياسة المتصلة بالمبادلات التجارية والأسواق المالية تؤثر في آن معاً على
العمالة، فإنّ دور منظمة العمل الدولية يقوم على تقييم هذه الآثار على العمالة
لتحقيق هدفها الرامي إلى جعل العمالة تحتل صميم السياسات الاقتصادية. آما يدعو
الإعلان إلى استحداث شراآات جديدة مع آيانات من غير الدول ومع هيئات فاعلة
اقتصادية آالمنشآت متعددة الجنسية والنقابات العاملة على المستوى العالمي

والقطاعي، من أجل تعزيز فعالية البرامج والأنشطة التشغيلية التي تقوم بها منظمة
العمل الدولية.

إن الإعلان بشأن العدالة الاجتماعية من أجل عولمة عادلة إنما هو فعل إيمان
متجدد بمنظمة العمل الدولية. وهو يقوم على القيم والمبادئ المكرسة في دستور
منظمة العمل الدولية ويزيد من تعزيزها من أجل مواجهة التحديات التي يطرحها
القرن الحادي والعشرون. وتتجلى فيه صورة منظمة عمل دولية واثقة من وجاهة
رؤيتها وولايتها، وملتزمة التزاماً آلياً بالاضطلاع بمسؤولياتها المعاصرة. ويأتي
الإعلان في وقتٍ ينتشر فيه انعدام اليقين في عالم العمل ويشهد استمرار حالات
انتهاآات حقوق العمال وتزايد الشواغل التي تحملها العولمة والحاجة إلى أن تضافر
المنظمات الدولية جهودها على نسق أفضل للتصدي لهذه المسائل. والأهم من ذلك
أن الإعلان يبرز الميزة النسبية الفريدة التي تتمتع بها منظمة العمل الدولية
والشرعية القائمة على الهيكل الثلاثي والخبرة العملية الغنية والتكاملية التي تملكها
هيئاتها المكونة من الحكومات وأصحاب العمل والعمال في معالجة السياسات
الاقتصادية والاجتماعية التي تؤثر في حياة الناس. وهو يذآّر أيضاً بما تتمتع به من
قوة طويلة الباع في أسلوب عملها القائم على الحوار الاجتماعي آرآيزة لبناء توافق
الآراء، وهو بمثابة بريق أمل في عالمٍ أصبح فيه الحوار صعباً للغاية.

ويجسد الإعلان بشأن العدالة الاجتماعية من أجل عولمة عادلة أهم تجدد
تكتسيه المنظمة منذ إعلان فيلادلفيا. وهو يمنحنا فرصة ومسؤولية تاريخيتين لتقوية
قدرة منظمة العمل الدولية. ويمكننا، يداً بيد مع جميع الذين يشاطروننا التطلعات
التي يصبو إليها الإعلان، أن نحقق تقارباً فعالاً بين السياسات الوطنية والدولية التي
تؤدي إلى عولمة عادلة وإلى قدر أآبر من سبل حصول النساء والرجال في آافة
أرجاء المعمورة على العمل اللائق. ويمكننا جميعاً أن نتحالف لجعل ذلك حقيقة
واقعة وللمضي قدماً نحو إحراز المزيد من الاحترام لكرامة الإنسان ومن الازدهار
العالمي من أجل تلبية احتياجات الشعوب والأسر والمجتمعات المحلية في العالم
وتحقيق آمالها.

خوان سومافيا
المدير العام

Loader Loading...
EAD Logo Taking too long?
Reload Reload document
| Open Open in new tab

تحميل [154.00 B]

Start typing and press Enter to search

Shopping Cart