نظرة مجتمعية حول نظام التأمين الاجتماعي المصري.. التحديات والإصلاحات المقترحة

نظرة مجتمعية حول نظام التأمين الاجتماعي المصري.. التحديات والإصلاحات المقترحة

مصر في المرحلة الانتقالية: خبرات من دول الرفاهة
(ورشة عمل) القاهرة “1-2 يوليو 2012”

مقدمة

الحماية والرعاية من الأزمات، تعزيز مستوي المعيشة، والحد من آثار الأزمات هما الأركان الثلاثة التي يجب على نظام الضمان الاجتماعي الشامل أن يقوم عليهم ويسعي لتحقيقهم، لذلك يُطلق عليه شبكة الأمان الاجتماعي مما يجب أن يوفره من أمان وضمان مجتمعي للمواطنين يهدف إلى تحقيق رفاهية المجتمع. ويعد نظام الضمان الاجتماعي من أحد أهم السياسات الاجتماعية التي يكون لها تأثير مباشر على ارتقاء مستوى معيشة الأفراد وعلى مستوى التنمية البشرية للمجتمع. إذ عندما يفشل نظام الضمان في تلبية أحد أو بعض أو كل تلك الأركان الثلاثة، يكون المواطنون أكثر عرضة لآثار الظروف التي قد تصيبهم بصورة متوقعة (كالشيخوخة) أو التي تصيبهم بصورة غير متوقعة كالبطالة، المرض، الإصابات، حالات الوفاة، الأخطار الطبيعية… إلخ. حينئذ وفي ظل قصور نظام الضمان الاجتماعي في حماية المواطنين وتأمين معيشتهم في فترات الأزمات، يبدأ المواطنون في الاعتماد على صور أخري من الضمانات في حالات الأزمات، منها على سبيل المثال وليس الحصر، الاعتماد على الأسرة، فنري ظواهر مثل عمالة الأطفال وما يترتب عليه من عدم الحاقهم بالتعليم سواء بشكل كلي أو بشكل جزئي. ونري أيضا بعض الوسائل الأخرى لإيجاد بديل للنظام كالاستدانة الدوارة، ونرى البعض الأخر يواجه الأزمات دون أي وسائل مساعدة. ومن السهل ملاحظة أن أكثر الدول تقدما على مستوى التنمية البشرية ومستوى المعيشة هم أصحاب النظم الاجتماعية الأكثر نجاحا و العكس صحيح؛ حيث أن غياب نظم الحماية الاجتماعية ينتج عنه مشاكل مجتمعية عميقة، منها الفقر، عمالة الأطفال، الجهل، المرض.. وكل هذا ناتج لعدم القدرة على مواجهة الأزمات. زد على هذا أن نظام الضمان الاجتماعي الناجح لا يؤدي وحسب إلى رفاهة المواطنين وإنما أيضا يزيد من ثقة المواطنين في الدولة وما يتبعه من استقرار مجتمعي وسياسي.

وتنص المادة 7 من دستور جمهورية مصر العربية على أن “يقوم المجتمع على التضامن الاجتماعي” كما تنص المادة 17 منه على أن “تكفل الدولة خدمات التأمين الاجتماعي كالصحي ومعاشات العجز عن العمل والبطالة والشيخوخة للمواطنين جميعا” والمادة 122 منه على أن “يعين القانون قواعد منح المرتبات والتعويضات والإعانات والمكافآت التي تتقرر على خزانة الدولة وينظم القانون حالات الاستثناء منها والجهات التي تتولى تطبيقها”.

ويتكون نظام الضمان الاجتماعي من شقين أساسيين: الشق الأول هو نظام التأمين الاجتماعي (نظام المعاشات) و الذي يقوم علي أساس اشتراكات ومساهمات أعضاءه -فقط من المشتغلين بسوق العمل- ويهدف إلى تأمينهم في فترات الشيخوخة، المرض، البطالة، إصابات العمل، اجازات الأمومة.. إلخ. أما عن الشق الثاني، فيشتمل على نظم الدعم والمساعدات أو البرامج الاجتماعية و التي لا تعتمد على أي نوع من أنواع الاشتراكات ولا توجه فقط إلي المشتغلين بعينهم بل تشمل الجميع و بالأخص من هم أكثر احتياجا. توجه برامج المساعدات الاجتماعية لمتلقيها بحسب حالة احتياجهم لها للحد من الفقر كهدف أساسي.

في هذا الإطار، سوف تختص هذه الورقة البحثية بتحليل نظام التأمين الاجتماعي (نظام المعاشات) القائم علي اشتراكات أعضاءه ــــ ودراسة تأثيره علي الأفراد.

نظام التأمين الاجتماعي وأهم مشاكله تأثيرا على المواطنين

يقوم نظام التأمين الاجتماعي المصري علي نظام “الدفع عند استحقاق المعاش”(Pay-As-you-Go) حيث تستخدم الاشتراكات الجارية للمشتغلين في سوق العمل حاليا بسد استحقاقات المعاش للمتقاعدين حاليا. يدار نظام التأمين الاجتماعي بواسطة الهيئة القومية للتأمينات الاجتماعية (NOSI) من خلال صندوقين منفصلين ــــ واحد يغطي العاملين في الحكومة (موظفي الخدمة المدنية والقوات المسلحة وقوات الشرطة، الخ) والآخر يغطي العاملين في القطاعي العام والخاص وبعض العاملين لحسابهم، والعمال العرضيين والمصريين العاملين في الخارج. يُحدد نظام التأمين الاجتماعي بواسطة 4 قوانين، كل منهم يشرح النظام لفئة من العاملين وهم: قانون 79 لسنة 1975 المختص بموظفي الخدمة المدنية ــــ أي القطاع الحكومي ــــ والعاملين في القطاعي العام والخاص، قانون 108 لسنة 1976 المختص بأصحاب الأعمال الخاصة والعاملين لحسابهم الخاص، قانون 50 لسنة 1978 للمصريين العاملين بالخارج وقانون 112 لسنة 1980 للعمال العرضيين. في حالات العمال المشتغلين بأجر، تقع مسئولية إدراجهم بالتأمين الاجتماعي على صاحب العمل (أي القطاع الحكومي/العام أو مؤسسات وشركات القطاع الخاص) في حين أن المشتغلين لحسابهم الخاص وأصحاب الأعمال الخاصة هم من يقوموا بالاشتراك بالنظام بأنفسهم. في كلا الحالتين، فإن الاشتراك في النظام يعد إجباري على كل مشتغل في سوق العمل، ما عدا العمالة العرضية والمصريين العاملين في الخارج حيث ان اشتراكهم في النظام يعد اختياري.

في الواقع يواجه نظام التأمين الاجتماعي في مصر، شأنه في ذلك شأن العديد من بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، عدد من التحديات، البعض منها ينبع من التصميم الحالي للنظام وسوف نتناول عدة نقاط أساسية:

أولا: وبالرغم من أن الاشتراك في النظام يعد اجباري بحسب القانون، فإن قطاع كبير من العاملين في سوق العمل المصري -سواء كان ممن يعملون بأجر أو ممن يعملون لحسابهم الخاص- غير مؤمن عليهم وغير مشتركين بنظام التأمين. يُعَرف هذا القطاع بالقطاع غير الرسمي و الذي يقدر ب44.5 % من إجمالي القوة العاملة في الفترة 2000 إلى 2007 ( Gatti et al, 2012). ويعد الشباب، النساء والعاملون لحسابهم الخاص وأصحاب الأعمال صغيرة الحجم هم من أكثر الفئات عرضة للعمل بدون تأمين اجتماعي. قد يرجع عدم التأمين إلى عدة أسباب. أولا بالنسبة للعاملين بأجر، قد يتهرب صاحب العمل من التأمين على المشتغلين لديه ليتجنب دفع اشتراكات النظام التي تعد مرتفعة نسبيا حيث يبلغ الاشتراك حوالي 40 في المائة من الأجر التأميني للموظف، يدفع منها صاحب العمل حوالي 26% من الأجر الأساسي للموظف و15% من أجره المتغير(). وتعتبر هذه النسبة من أعلي النسب في الدول (Cho et al., 2012 ). وبناء عليه، فإن تكلفة العامل المؤمن عليه تعد أعلى بكثير من تكلفة العامل غير المؤمن عليه، مما يدفع الكثير من أصحاب الأعمال لعدم التأمين على موظفيهم أو العاملين لديهم وخاصة الشباب حديثي الخبرة.

وقد يرجع عدم الاشتراك في التأمين إلى رغبة المشتغل لتفادي تكلفة النظام. فكما نعرف، فإن نظام التأمين يقوم على التضحية بجزء من الأجر الحالي في سبيل الحصول عليه كتأمين في المستقبل أو عند حدوث أزمات غير متوقعة، و في أحيان كثيرة يواجه المواطن ضغوط إنفاقيه واستهلاكية قصيرة المدى تجعله غير قادر على تلبية الاشتراكات التأمينية في الأجل القصير. بل وأيضا تلعب ظاهرة “قصر النظر” دورا في عدم الرغبة بالتأمين حيث لا يرى المواطن جدوى نظام التأمين. وتنتشر هذه الظاهرة خصوصا لدى الشباب. وقد ينتج أيضا عدم التأمين لغياب الثقة في قدرة الدولة على إدارة النظام التأميني والحفاظ على أموال التأمين. أيضا يُعد عدم الدراية أو عدم الاقتناع بجدوى نظام التأمين، خاصة في المناطق الريفية، من أحد الأسباب التي تحول دون الاشتراك في النظام. أيضا إن القيمة المنخفضة للاستحقاقات -نناقشها بالتفصيل في نقطة لاحقة- إضافة إلى بيروقراطية النظام و”طوابير” استلام المعاشات تعد من عناصر الطرد من النظام. تنطبق هذه الأسباب على العاملين بأجر أو العاملين لحسابهم الخاص أو أصحاب الأعمال. يواجه أيضا أصحاب الأعمال صغيرة الحجم أعباء مادية قد تحول دون التأمين عليهم وعلى العاملين لديهم بالأخص. ولكن من أحد أسباب تهرب أصحاب الأعمال الصغيرة أو متوسطة الحجم من التأمين هو خوفهم من دفع ضرائب أعلى إذا ما أبلغت هيئة التأمين المختصة قيمة اشتراكاتهم لمصلحة الضرائب.

وسواء كان عدم التأمين هو اختيار صاحب العمل لعدم التأمين أو اختيار المشتغل نفسه (سواء عامل بأجر أم صاحب عمل أو عامل لحسابه الخاص)، فإن ضعف تفعيل القانون وسوء الرقابة هو العامل الأول الذي يتيح حدوث التهرب من الاشتراك، رغم طبيعة الامتثال الإجباري للنظام بحسب القانون.

ثانيا: نظام حساب استحقاقات التأمينات الاجتماعية يخلق عددا من الحوافز الضارة.

  • أولا هناك حد أقصي للأجر الشهري الذي يُسمح بالتأمين عليه (الأجر التأميني)(). على سبيل المثال، فقد وصل هذا الحد إلى 1750 جنيه في 2011 بعد الإقرار بزيادته في أول حكومة وزارية بعد ثورة 25 يناير.

وجود الحد الأقصى يترتب عليه دفع أصحاب الأجور المنخفضة -والتي تقع دون الحد الأقصى- الاشتراكات على أجورهم بأكملها، أما أصحاب الأجور التي تزيد عن هذا الحد الأقصى، فهم يؤدون اشتراكاتهم فقط عن جزء من أجورهم المرتفعة (التي تتخطي الحد الأقصى). إذن يعتبر الحد الأقصى نوع من أنواع الضريبة التنازلية (التي تتناقص كلما ارتفعت الأجور)، مما يتعارض إذن مع مبدأ العدالة الاجتماعية والتضامن الاجتماعي الذي يقوم عليه نظام التأمين. وبالتالي يحاول أصحاب الدخول القليلة تفادي النظام بالرغم من كونهم أكثر الفئات احتياجا لمعاشات واستحقاقات النظام مستقبلا.

بجانب وجود الحد الأقصى للأجر التأميني، تحسب الاستحقاقات/المعاشات بناء على أسلوب المزايا المحددة، أي تحسب المعاشات على أساس عدد سنوات الاشتراك والأجر في خلال عدد محدود من السنوات قبل التقاعد، ومن ثم لا تتصل بشكل مباشر بقيمة الاشتراكات المدفوعة. والمعاش الكلي هو مجموع المعاش المحسوب عن الأجر الأساسي وذلك المحسوب عن الأجر المتغير. فيما يتعلق بالمعاش عن الأجر الأساسي، يحسب على أساس متوسط قيمته في السنتين السابقتين قبل التقاعد لموظفي الخدمة المدنية والموظفين في القطاع العام، أما بالنسبة للعاملين بالقطاع الخاص، يحسب على أساس متوسط قيمة الأجر الأساسي سواء في السنوات الخمس التي تسبق التقاعد أو السنتين السابقتين للتقاعد مضافا إليهم 40% (أيهما أقل). وفي كل الأحوال لا يتعدى معاش الأجر الأساسي قيمة الحد الأقصى المذكورة سابقا. أما عن معاش الأجر المتغير فهو يحسب بالاستناد إلى متوسط الأجر المتغير في كل سنوات الخدمة مضافا إليه 2% عن كل سنة في الخدمة.

  • وبناء عليه، فإن كيفية احتساب المعاش عن الأجر الأساسي تخلق حافزا للعاملين في القطاع الخاص إلى الاشتراك بأجر أقل من الأجر الحقيقي في سنوات عملهم الأولى لدفع اشتراكات أقل، ويقوموا بالاشتراك بقيمة الأجر الحقيقية قبل سنتين أو خمس سنوات من التقاعد (وهي الفترة التي يحسب على أساسها المعاش).  أي أن ربط المعاش بقيمة الأجر الأساسي في السنين الأخيرة قبل التقاعد يخلق مجال للتلاعب في قيمة الأجر التأميني المعلن ومن ثم تنخفض حصيلة الاشتراكات في ظل غياب قوة رقابية لتفعيل القانون. إن ربط المعاش بأجر السنوات الأخيرة ينشئ خللا بعدالة التوزيع إذ تكون قيمة المعاشات مرتفعة لمن شهد زيادة في الأجر في سنوات عمله الأخيرة بينما قليلة لأصحاب الأجور الثابتة.

جدير بالذكر أن طريقة احتساب المعاشات بربطها بقيمة الأجر في السنوات الأخيرة تهدف إلي جعل قيمة المعاشات قريبة من قيمة الأجور التي كان يحصل عليها المؤمن عليه قبل التقاعد مباشرة، أي تكون قريبة من مستوى الأسعار، وسنتناول هذا في النقطة القادمة.

ثالثا: بالرغم من التكلفة المرتفعة للنظام، فإن القيمة الحقيقية للمعاشات المصروفة للمتقاعدين تعتبر غير كافية لضمان مستوى معيشي كريم أو على الأقل يوازي المستوى المعيشي للفرد قبل تقاعده. أولا يرجع هذا إلى انخفاض الحد الأقصى للأجر التأميني. بل أيضا يرجع بالأساس إلى عدم مواكبة الأجور (والتي على أساسها تُحتسب المعاشات) لمستوى التضخم بشكل تلقائي، فتنعكس في صورة معاشات متدنية. عادة، تقوم الحكومة بإقرار زيادة سنوية في المعاشات بمقدار 10% لمواءمة قيمتها الحقيقية للتضخم. إذن لا تحدث هذه المواءمة بشكل “تلقائي” وممنهج بل تعتمد على قرار وزاري سنوي، كما أن قيمة الزيادة السنوية لا تعكس معدل التضخم الفعلي السنوي. ولعل قيمة الاستحقاقات القليلة هي من أحد العوامل التي تدفع بالكثير من المشتغلين في سوق العمل لعدم الاشتراك في التأمين الاجتماعي إذ لا يرى جدواه، خاصة لدى أصحاب الأعمال أو بعض العاملين الذين يفضلون ايداع أموالهم في البنوك حيث يكون العائد أكبر مما سوف يستحقونه من معاش.

رابعا: في ظل النظام الحالي القائم على أساس “الدفع عند استحقاق المعاش”، تمول المعاشات الحالية من أموال الاشتراكات للعاملين الحاليين في سوق العمل، وبالتالي إذا ارتفعت قوة العمل نتيجة لهيكل سكاني شاب على سبيل المثال أو لرفع سن التقاعد، وأيضا زاد عدد المشتركين في النظام، زادت حصيلة الاشتراكات ومن ثم أموال المعاشات. أما إذا انخفضت قوة العمل (نتيجة لانخفاض أعداد المواليد) أو حدث تحسن في العمر المتوقع (زيادة عدد المتقاعدين) أو انخفضت نسبة المؤمن عليهم أو انخفضت الأجور التأمينية، تقل حصيلة الاشتراكات ولا تكفي لسداد المعاشات الحالية وتضطر الحكومة لتحمل عبء تمويل العجز. ان كل التحديات المطروحة في النقاط السابقة تُعرض النظام لأعباء مادية ومشاكل في استدامته المالية حيث أن عدم اشتراك قطاع متزايد من المشتغلين والتلاعب في الأجور التأمينية كي يتم دفع أقل اشتراكات ممكنة تؤدي إلى انخفاض حصيلة الاشتراكات.

خامسا: وجود أربع نظم مختلفة للتأمين، كل منهما لفئة من العمل يعوق تحرك قوة العمل من فئة إلى فئة. على سبيل المثال إذا أراد موظف في القطاع الخاص بدء مشروعه الخاص، فيتحول إلى صاحب عمل بدلا من موظف، في هذه الحالة وجود نظامين مختلفين لكل من الفئتين ينشئ صعوبات إدارية ومالية، ويكون التساؤل كيف ستدار اشتراكاته السابقة وكيف ستتم احتساب معاشاته/مستحقاته، بناء على نظام العامل بغير أجر أم علي نظام العمال لحساب، كلها أسئلة صعبة الإجابة. ونتيجة لذلك تصبح تنقلات العمالة من فئة إلى فئة أو من قطاع إلى قطاع معقدة، فينشأ عن ذلك مشاكل متعارف عليها في سوق العمل كسوء تخصيص الموارد البشرية وعدم التطابق بين التعليم والمهن.

بناء على ما سبق، تهدف هذه الورقة إلى تذكير صانع القرار بأهم سمات النظام ومناقشة المشاكل المجتمعية في ظل النظام الحالي سعيا لتحسينه أو وضع نظام جديد يساعد على حل المشاكل المذكورة. وتتلخص توصيات هذه الورقة في النقاط التالية:

  1. حيث أن غياب التأمين قد يكون لا إرادي أو قسري بسبب عدم رغبة صاحب العمل في التأمين على موظفيه/عامليه أو إرادي بسبب عدم رغبة المشتغل في الاشتراك (للأسباب التي ورد ذكرها مسبقا)، بالتالي فالحلول موجهة لكل من الطرفين: لحل الجزء اللا إرادي/القسري، لابد أن توضع سياسات موجهة لأصحاب العمل لتشجيعهم علي تأمين العاملين لديهم/موظفيهم، منها علي سبيل المثال:
  • تخفيضات أو مزايا و تسهيلات ضريبية لكل موظف يتم التأمين عليه،
  • زيادة الرقابة وتفعيل القانون،
  • مراجعة وتخفيض معدلات اشتراكاتهم التي يؤدونها عن موظفيهم أو العاملين لديهم، خاصة بالنسبة لأصحاب الأعمال الصغيرة والمتوسطة بحيث تصبح تكلفة العمال لديهم أقل وبذلك تساهم الدولة في رفع انتاجية العامل في تلك الأعمال. الجدير بالذكر أن الأعمال الصغيرة ومتوسطة الحجم في نمو مستمر في مصر وتعتبر من محركات النمو الاقتصادي في الدول الأخرى. وبالتالي إذا ما أردنا نموا اقتصاديا، يجب العمل على توفير مناخ جيد لمثل هذه الأعمال من خلال سياسات مخصصة للرفع من الإنتاجية.

أما عن الجزء الإرادي، يجب البدء بحملات توعية للمواطنين عن ماهية نظام التأمين، كيفية حساب المعاشات ومزايا النظام من معاشات وإعانات.. إلخ من أجل دعم ثقة المواطن في النظام وتحقيق شفافية متزايدة حيث أن النظام يعد صندوق أسود لفئة كبيرة من الشعب.

  1. وجود الحد الأقصى للأجر التأميني يعتبر ضريبة على أصحاب الأجور المنخفضة إضافة إلى طريقة احتساب المعاشات بربطها بالأجر في السنوات الأخيرة (المزايا المحددة) يتيح التلاعب. وبالتالي إلغاء الحد الأقصى ضروري ويعد من الحلول المقترحة في هذه الورقة.
  2. يجب الربط بين الاشتراكات و المعاشات (أو الاستحقاقات) المحتسبة، كي يشعر المواطن بجدوي الاشتراك ــــ فهو يضحي به في الأجل القصير من أجل الحصول عليه في الأجل الطويل الأمد ــــ و لكن يجب الانتباه أن التأمين في الواقع هو استثمار، بمعني ان القيمة الحالية للاشتراكات يجب ان تساوي القيمة الحالية للاستحقاقات مستقبلا.() إذن يتطلب هذا زيادة الاشتراكات بمعدل فائدة يضمن وصول قيمتها الحقيقية إلي نفس مستوى الأسعار المتوقع وقت التقاعد. وعليه فينصح باستخدام الاشتراكات في صناديق استثمار/استثمارات مربحة ولكن آمنه وبأقل قدر من المخاطر (متنوعة) بحيث تحقق معدلات فائدة جيدة.
  3. أيضا الربط بين الاشتراكات و المعاشات (أو الاستحقاقات) المحتسبة سيزيد من شعور المواطن بمسئوليته في تحديد معاشه، وبالتالي سيزيد هذا من امتثال قوة العمل ويحد من التلاعب، حيث ان التلاعب سيؤدي إلى معاشات أقل!.
  4.  الجدير بالذكر أن جزء كبير من أموال الاشتراكات الحالية تستخدم في بنك الاستثمار الذي لا يضيف الفائدة المحققة إلى صندوق أموال المعاشات وإنما يضيفها إلى وديعة الاشتراكات لديه لإعادة استخدامها. هنا نتساءل عن كيفية ادارة أموال المعاشات وهناك كثير من الدراسات منها دراسة حلمي (2004) والتي تشرح أساليب مختلفة لحل أزمة إدارة أموال المعاشات وفقا لتجارب الدول المشابهة كتطبيق النظام الممول بالكامل الذي يعرف أيضا بنظام الاشتراكات المحددة “حيث يتم تمويل المعاشات المستحقة باستخدام الاشتراكات التي ادخرها العاملون الذين يشملهم النظام على مدار سنوات عديدة في صندوق للمعاشات، وتم استثمارها في أصول متنوعة لتحقيق معدل عائد حقيقي عليها” (حلمي، 2004، ص.3). ولكن يجب أن نبدأ بحل مشاكل عدم اشتراك القطاع غير الرسمي وعدم الامتثال للنظام والتلاعب والقيم المنخفضة للمعاشات وتفعيل القانون ودعم ثقة المواطن وإزالة الفساد أولا في الأجل القصير قبل أن نفكر في نظم أخرى للأجل الطويل تحتاج إلى مستوى أعلي من الرقابة والشفافية والكفاءة من أجل ضمان نجاحها.
  5. ربط المعاشات باشتراكات تخضع لزيادة سنوية منهجية بحسب محفظة الاستثمار سيؤدي إلى حل مشكلة القيمة المنخفضة للمعاشات، لأنه إذا لم ترتفع قيمة المعاشات سنويا بحسب التضخم، ففي الواقع فإن قيمتها الحقيقية تتناقص.
  6. وبالإضافة إلى ذلك، من الضروري توفير حوافز للعاملين في القطاع غير الرسمي للانضمام الى النظام الجديد لحماية حقوق هؤلاء المواطنين في حالة الإصابة او الوفاة أو العجز عن العمل.
  7. وأخيرا من أجل نظام يحقق مصلحة المواطن، يتطلب هذا إلى تدريب وتوفير موظفين واخصائيين في التأمين الاجتماعي لخدمة المجتمع بحيث يكونوا حاضرين في كل منشأة أو شركة، أو تخصيص منافذ معينة لخدمه المواطنين وذلك يهدف إلى توعية المواطنين ومساعدتهم في فهم النظام وكيفية حساب معاشاتهم والإجابة على كافة الاستفسارات.
المراجع:

_____________________________________________________________________________________________________

حلمي، أمنية. 2004.” تطوير نظام المعاشات في مصر.” المركز المصري للدراسات الاقتصادية. ورقة عمل رقم (94)، مارس
Cho, Yoonyoung, David Margolis, David Newhouse and David A. Robalino. 2012. “Labor Markets in Middle and Low Income Countries: Trends and Implications for Social Protection and Labor Policies.” Background Paper for the World Bank 2012-2022 Social Protection and Labor Strategy. Discussion Paper No. 1207. Washington DC: World Bank
Cuesta, Jose & Olivera, Mauricio. 2010. “Social security distortions onto the labor market: estimates for Colombia.” Policy Research Working Paper Series 5390. Washington DC: World Bank.
Loewe, Markus. 2000. “Social Security in Egypt: An Analysis and Agenda for Policy Reform”. Erf Working Paper 2024.

Start typing and press Enter to search

Shopping Cart