العدالة الاجتماعية: دروس من تجارب أمريكا اللاتينية

العدالة الاجتماعية: دروس من تجارب أمريكا اللاتينية

فصل ضمن كتاب: العدالة الاجتماعية.. مفاهيم وتطبيقات “دليل تدريبي

 

يرى البعض أن الخيار الاقتصادي هو خيار فني وتقني بحت ولا يخضع لانحيازات أو هكذا يفترض أن يكون، بينما تنبئنا الخبرة التاريخية أن أي خيار اقتصادي هو انعكاس لمصالح شبكات اجتماعية بعينها، تصبح هذه الخيارات –التي هي نتاج لتوجهات- أكثر اقترابا من مفهوم العدالة الاجتماعية كلما كانت الشبكة المستفيدة منها هي الأكبر والأكثر فقرا بالضرورة، دون أن يعني هذا الإضرار بمصالح الشبكات الأخرى، إلا إذا اعتبرت هذه الشبكات أن اللعبة الاقتصادية هي لعبة صفرية أو شبه صفرية عليها أن تحقق وحدها مكاسب منها، هنا لا بد للمجتمع أن يحسم علاقته مع هذه الشبكات الاحتكارية ليحقق قواعد لعبة اقتصادية أكثر عدالة واستدامة للجميع.

هذه التوجهات وليدة ظروف اقتصادية واجتماعية سيئة عايشها قادة هذه الدول الذين خرجوا من رحم المجتمع، وليس من داخل النظام السياسي، وقادوا أو كانوا جزءا من حراك اجتماعي قوي استطاع تغيير الإطار العام للنظام السياسي بحيث أصبح أكثر تقبلا لفكرة سياسات تقترب من الفقراء والمهمشين وتعبر ولو جزئيا عن طموحاتهم، كما أن هذه القارة كانت منشأ نظريات التبعية ونقدها وموطنا لنشأة لاهوت التحرير وما ارتبط به من حركات اجتماعية تحررية ترفض استتباع الشمال للجنوب، وتدفع باتجاه ابتكار سياسات بديلة قدمها حراكات عمالية واجتماعية متتالية بدية من ثمانينيات القرن المنصرم استطاعت أن تحقق انتصارات كبيرة على الساحة السياسية بوصول قادتها ورموزها للسلطة في العقد الأول من الألفية الثالثة، هؤلاء القادة رغم عدم تمكنهم من تطبيق كامل لما قاموا بالمطالبة به لم يستسلموا لشبكات المصالح القديمة بل استطاعوا أن يوطدوا سياسات تقترب من الفئات المهمشة والمناطق الأكثر فقرا بشكل جعل منها فاعلا اقتصاديا كبيرا.

Loader Loading...
EAD Logo Taking too long?
Reload Reload document
| Open Open in new tab

تحميل

Start typing and press Enter to search

Shopping Cart