من السُبل إلى العدالة الاجتماعية بناء تحالفات جديدة

من السُبل إلى العدالة الاجتماعية بناء تحالفات جديدة

أعلن مفوّض الأمم المتّحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك قائلًا: “تنحرف خطة التنمية المستدامة لعام 2030 المترسّخة في حقوق الإنسان، عن مسارها. كما أنّ معدّلات الفقر العالمي ارتفعت لأول مرة منذ أكثر من عقدَيْن. إلاّ إنّ الاقتصاد القائم على حقوق الإنسان يسعى إلى معالجة الأسباب الجذرية والعوائق الهيكلية التي تحول دون تحقيق المساواة والعدالة والاستدامة، من خلال منح الأولوية للاستثمار في الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.”

كما أنّه يضع الناس والكوكب في صميم السياسات الاقتصادية وقرارات الاستثمار وخيارات المستهلكين ونماذج الأعمال، بهدف تعزيز التمتع بحقوق الإنسان للجميع بشكل يمكن قياسه.

وبغية ضمان عدم تخلف أحد عن الركب، انضمت المفوضية السامية لحقوق الإنسان إلى التحالف العالمي من أجل العدالة الاجتماعية، وهي مبادرة أطلقتها منظمة العمل الدولية بهدف النهوض بخطة التنمية المستدامة لعام 2030 وتحسين التعاون العالمي في معالجة الثغرات البارزة في مجال العدالة الاجتماعية.

وأفادت مديرة أمانة التحالف العالمي من أجل العدالة الاجتماعية سانا دي كورسيل، من جهتها قائلة: “يتمثّل الهدف الشامل للتحالف العالمي من أجل العدالة الاجتماعية في توحيد مختلف الشركاء ومعالجة المجالات الحاسمة لتحقيق العدالة الاجتماعية في سياق ولاياتنا المتقاطعة. فجميعنا جبّارون في عملنا ضمن إطار ولايتنا، لكن كيف يمكننا العمل معًا بشكل أوسع نطاقًا وأفضل بغية تكثيف إجراءاتنا وتطوير المبادرات والحلول التعاونية الأكثر شمولًا وترسيخًا في احتياجات الناس الذين نخدمهم، والتصدي بفعالية لتلك التحديات المشتركة التي تواجهنا على نطاق عالمي؟”

وبغية تحقيق هذا التقاطع، يجمع التحالف بين مختلف أصحاب المصلحة من مختلف القطاعات، بما في ذلك الحكومات والنقابات العمالية وممثلي مجتمع الأعمال والمؤسسات الأكاديمية والمنظمات والهيئات الدولية والإقليمية، فضلاً عن المجتمع المدني الدولي.

وقد أُنشِئ التحالف في تشرين الثاني/ نوفمبر 2023، وهو يضم حتى اليوم 150 عضوًا من جميع أنحاء العالم.

وفقًا لدي كورسيل، تشكّل حقوق الإنسان ركيزة أساسية للعدالة الاجتماعية.

وقد أوضحت قائلة: “ستؤدّي مفوضيّة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان والشركاء الآخرون دورًا أساسيًا في إعمال حقوق الإنسان بشكل أفضل، فهي تسير جنبًا إلى جنب مع الاعتبارات الاقتصادية والبيئية مثلًا. هذا هو في الواقع جوهر التحالف: إيلاء الاعتبار الواجب لمكون التنمية المستدامة الاجتماعي.”

وتتماشى أهداف التحالف مع تحقيق اقتصاد قائم على حقوق الإنسان، الذي من شأنه وفق تورك، أن يوفّر أقصى قدر ممكن من الحماية الاجتماعية، والتعليم الجيد والرعاية الصحية الجيدة للجميع، والوصول إلى العدالة وسيادة القانون، والعمل الفعال في مجال المناخ والبيئة، والحريات الأساسية، وأوسع حيّز مدني ممكن، على سبيل المثال لا الحصر.

ومن بين السبل العملية العديدة التي يعتزم التحالف اعتمادها بغية إحداث أثر على أرض الواقع، تنفيذ المسرّع العالمي بشأن الوظائف والحماية الاجتماعية من أجل انتقال عادل، الذي أطلاقه أمين عام الأمم المتّحدة في أيلول/ سبتمبر 2021، ويهدف إلى تسريع التقدم نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة.

وتابعت دي كورسيل قائلة: “بإمكان هذا النوع من المبادرات التي تضمّ أصحاب مصلحة متعددين، أن تغير قواعد اللعبة لأنها تجمع بين مختلف أصحاب المصلحة الذين لا يتعاونون بالضرورة بشكل وثيق وبطريقة شاملة من أجل معالجة مواضع العجز وتعزيز الحماية الاجتماعية بمكون وطني قوي للغاية ونتيجة نهائية حاسمة.”

وفقًا لتورك، “يضمن الاقتصاد القائم على حقوق الإنسان أن تسترشد نماذج الأعمال والسياسات الاقتصادية بمعايير حقوق الإنسان، كما يتيح مزيجًا متكاملًا من السياسات الاجتماعية والاقتصادية الموجهّة نحو البعثات، تنهض بكل هدف وغاية من أهداف التنمية المستدامة، بما في ذلك على وجه التحديد إنهاء التمييز ضد النساء والفتيات والأقليات العرقية والإثنية واللغوية.”

وأضاف تورك أنّ الاقتصاد القائم على حقوق الإنسان يساهم أيضًا في تعزيز التوزيع العادل للموارد، ما يخفّف بدوره من عدم المساواة داخل البلدان وفي ما بينها.

فقال: “إن اقتصاد حقوق الإنسان هو اقتصاد يرسّخ الأهداف والأساليب الأساسية لحقوق الإنسان في كل سياسة وعملية صنع قرار، بما في ذلك ما يتعلّق بالضرائب والاستثمار وجميع قضايا تخصيص الموارد في الميزانيات الحكومية.”

يصادف اليوم اليوم العالمي للعدالة الاجتماعية، وهو يوم عالمي يسلط الضوء على أهمية ترسيخ العدالة الاجتماعية في صميم جميع السياسات الوطنية والدولية، لأنّ منحها الأولوية يولّد مجتمعات واقتصادات أكثر تماسكًا.

Start typing and press Enter to search

Shopping Cart