نحو ضريبة على الثروة في مصر

نحو ضريبة على الثروة في مصر

لقراءة النص على الموقع الأصلي

أعد هذه الورقة نادر أسامة، الباحث الاقتصادي بمشروع حلول للسياسات البديلة تحت إشراف وحدة البحث بالمشروع. وتضمن إعداد الورقة جلسات استشارية موسعة شملت اجتماعات ثنائية ومجمعة مع مجموعة من الخبراء والمسؤولين.

ملخص تنفيذي

  • مع الزيادة المستمرة في اللا مساواة في توزيع الدخل والثروة عالميًّا، صارت مواجهة هذه الظاهرة همَّا أساسيًّا على جداول أعمال الدوائر الأكاديمية والمؤسسات الدولية، بعد أن تفاقمت الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تتسبب فيها، وعلى رأسها إعاقة وتعطيل النمو الاقتصادي.
  • في مصر، التي تتسم بانخفاض العوائد الضريبية في العموم كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، لا توجد بيانات رسمية عن توزيع الثروة، وتشير البيانات القليلة المتاحة إلى تفاوت متزايد، يضعها في تصنيف إحدى البلدان عالية اللا مساواة التي يتسارع تفاقمها، وهو ما يزيد خطر الاضطرابات الاقتصادية بسبب نمو نشاطات المضاربة والاقتصاد الريعي، وسوء توزيع الفرص بين المواطنين.
  • تقدم الورقة تصورًا لضريبة تصاعدية شاملة على الثروة في مصر، يمكنها أن تولِّد عوائد تصل إلى 28 مليار جنيه سنويًّا في المتوسط، أي ثلاثة أضعاف ما يتم تحصيله حاليًا ضريبةً على الممتلكات، إذا التزمنا بالتعريف الرسمي للضريبة. وذلك باتباع سيناريو تصاعدي يبدأ بمعدل 1%‏ للشريحة التي تمتلك أكثر من مليون دولار، ويتزايد تدريجيًّا حتى يصل إلى 5%‏ لمن تفوق ثروتهم المليار دولار.
  • أحد الأعمدة الرئيسية للضريبة الشاملة المقترحة على الثروة هو ضرورة اصلاح هيكل الضريبة العقارية؛ حيث يبلغ نصيب الأصول غير المنقولة من إجمالي الثروة في مصر 68%‏. وتقترح الورقة وضع معايير أكثر شفافية وعملية لتقييم العقارات، وإنشاء وحدة لحل المنازعات حول التقييم، واستخدام الائتمان الضريبي بدلاً من الإعفاءات وإلغاء إعفاء الأرض الفضاء. ومن شأن هذا الإصلاح تشجيع الاستثمار في القطاعات الأكثر إنتاجية، وتحجيم الاستثمار في العقارات كنشاط ريعي.
  • يتطلب التنفيذ الكفؤ لضريبة الثروة مكافحة التهرب والتجنب الضريبي. وتقترح الورقة مجموعة من الإجراءات القانونية والمؤسسية التي تعمل على ذلك.
  • توصي الورقة باستعادة ضرائب الأيلولة والهبات مع تغيير منظومتيها. وتتبنى الورقة تصورًا لضريبة الأيلولة بمعدل يساوي ضريبة الدخل زائد نسبة إضافية من 1-5%‏ (مثل ضرائب الثروة) وفقًا لحجم الأيلولة.
  • توصي الورقة أيضًا بإعادة هيكلة تبويب الموازنة العامة للدولة؛ بحيث يتوافق مع آخر تقسيم معتمد لصندوق النقد الدولي.
  • تقدم الورقة مقترحًا لإصلاح الإدارة الضريبية على ثلاثة محاور هي: الدمج، وتقسيم شرائح الممولين، والاستقلالية والتمكين والتحصين.
  • تقدم الورقة توصيات لمواجهة التحديات السياسية، القانونية والمؤسسية أمام تطبيق ضريبة الثروة.

مقدمة

في مصر، لا تتوفر بيانات رسمية عن توزيع الثروة. ويكاد يكون التقدير الوحيد المتوفر هو تقرير معهد أبحاث كريديه سويس Credit Suisse حول توزيع الثروة في العالم، والذي يضع مصر من بين 12 دولة ذات “لا مساواة حادة جدًا”، فهي من بين أعلى تسع دول تنمو فيها اللا مساواة في الثروة بمعدل سريع للغاية، مما يتطلب تدخلاً سريعًا لعلاج هذه المشكلة. ووفقًا لهذه البيانات، زادت تقديرات حصة الفئة العشرية السكانية الأعلى من إجمالي الثروة من 61%‏ في سنة 2000، إلى 65.3%‏ في عام 2007، حتى وصلت إلى 73.3%‏ في 2014. وباستخدام هذه البيانات لحساب إجمالي الثروة المملوكة للفئات الأغنى من السكان، فإن متوسط نمو الثروة السنوي في الفترة من 2000-2014 بلغ 7%‏ بين شريحة الـ1%‏ الأعلى من السكان، و5%‏ بين الشريحة العشرية الأعلى، بينما بلغ متوسط نمو إجمالي الثروة 4%‏، ومتوسط نمو الناتج المحلي للفرد 2% [1]. وهذا الانتقال السريع والحاد للثروة إلى الفئات الأعلى من السكان، له آثار سلبية على إعاقة النمو الاقتصادي وزيادة المضاربة واختلال ميزان المدفوعات، بالإضافة للآثار الاجتماعية التي تنتج عن تمركز الثروة واتساع الهوة بين فئات المجتمع بشكل يؤثر على استقراره.

رسميًّا، توجد ضريبة على الممتلكات في الموازنة العامة في مصر. وبلغ الإجمالي المتوقع لحصيلة هذه الضريبة 50 مليار جنيه في مشروع موازنة العام المالي 2018/2017، و36 مليار جنيه في 2016/17 (8.43%‏ من إجمالي الضرائب)، و41 مليار جنيه في 2015/16 (9.76%‏). إلا أن حجم الأموال التي تم تحصيلها فعليًّا بلغ 28 مليار جنيه فقط في 2015/2016، أي بنسبة 68%‏ من المتوقع تحصيله. ويبلغ متوسط نسبة هذه الضريبة من الناتج المحلي نحو 1%.

هذه الضريبة ليست ضريبة موحدة على الثروة، وإن كانت تظهر كذلك في الموازنة، فهي تجمع بين ضرائب على الأراضي والمباني، ورسوم نقل ملكية، ورسوم على السيارات، بالإضافة لضريبة على عوائد أذون وسندات الخزانة، برغم أنه لا يمكن اعتبارها ضريبة على الممتلكات، فهي ضريبة على الدخل. وأخيرًا، يظهر في الموازنة بند “ضرائب دورية على صافي الثروة”، و”ضرائب على العقارات والمواريث والمنح”، لكن لا تظهر بشأنها أي مبالغ أو قيم متوقعة ولا ما تم تحصيله، في الموازنة ولا في الحساب الختامي.

تفتقد السياسة الضريبية في مصر لسياسة ضريبية موحدة وشاملة على الثروة، حيث تتجزأ على أصول متفرقة (الأراضي والمباني على وجه التحديد)، مما يجعل هناك صعوبة في تحديد أثر ضرائب الممتلكات على اللا مساواة أو الاقتصاد ككل. أو بمعنى آخر، تُعامَل هذه الضريبة معاملة محاسبية فقط حين تظهر في الموازنة، ولكنها لا تعمل كسياسة اقتصادية واحدة، إنما تعمل كمجموعة من القوانين المتفرقة التي تنظر للثروة بشكل مجزأ. مما يؤدي لصعوبة تحديد معدل مناسب (أو تصاعدي) للضريبة، إذ أن هذا يجب أن يتم بالنظر للمنظومة الضريبية ككل، وخصوصًا ضريبة الأرباح الرأسمالية، والتي لها علاقة وثيقة بفاعلية ضريبة الثروة[2] . والحل الأكثر منطقية هو وجود إطار  لهذه الضريبة، يشمل أنواع الأصول المختلفة، ويتم تحديد هذه الضريبة الموحدة حسب نوع الأصول كذلك، حتى يمكن فهم أثر الضريبة على كل نوع من الأصول ومالكيها.

في هذه الورقة، نناقش أهم الخطوات التي يجب اتخاذها نحو تطبيق ضريبة على الثروة في مصر كأحد وسائل التعامل مع أزمة ارتفاع اللا مساواة في توزيع الثروة بين فئات المجتمع، من أجل دفع النمو وتقليص آثارها السلبية الاجتماعية والسياسية والاقتصادية. كما أن مثل هذه الضريبة يمكن أن تعمل أيضا، حسبما يقترح صندوق النقد الدولي ومنظمة التعاون الاقتصادي، كسياسة مالية لها أثر إيجابي على الموازنة العامة من خلال زيادة الحصيلة الضريبية، بأقل تكلفة على النمو مقارنة بأنواع الضرائب الأخرى[3].

الضريبة التي نقترحها هنا ضريبة شاملة على الثروة، تتضمن الأصول المالية وغير المالية (كالعقارات والأراضي). وهي فكرة معقولة بالنظر إلى السياق المصري؛ حيث تبلغ الثروة غير المالية 68% من إجمالي الثروة في مصر [4]‏، أي أن هناك مجالاً للاقتراب من الهدف الأمثل إذا تم تطوير الضريبة العقارية، وإذا تم مكافحة التهرب والتجنب الضريبي. ومن السياسات الأخرى التي نناقشها: تطبيق ضريبة أيلولة وهبات، وتعديل بنود ضريبة الممتلكات في الموازنة العامة لتعكس صورة أكثر وضوحًا. ونختم بعد ذلك بمناقشة بعض التحديات التي قد تواجه تطبيق هذه الحلول في الواقع المصري.

الأدبيات السابقة

ضريبة الثروة، أو ضريبة الممتلكات، هي ضريبة على امتلاك، واستخدام أو انتقال الأصول بعد خصم الديون، وفقًا لدليل صندوق النقد للموازنة العامة[5]. وتنقسم هذه الضريبة إلى ممتلكات منقولة (مثل الأسهم والأوراق المالية)، وممتلكات غير منقولة (مثل العقارات والأراضي). وتقترح ورقة سياسات صادرة عن صندوق النقد الدولي ومنظمة التعاون الاقتصادي التوسع في فرض ضرائب الممتلكات، لأن تأثيرها أقل سوءًا على مستويات النمو[6]. وهناك أيضًا اقتراح بفرض الضريبة مرة واحدة بشكل استثنائي لحل أزمة الديون العالمية وخلق فضاء مالي للحكومات [fiscal space) [7). لكن الاقتصادي الفرنسي توماس بيكيتي، ينادي بأن تكون الضريبة دورية، ويتم تطبيقها لفترات أطول، لأن ذلك يجعلها أكثر عدالة، وكي يكون هناك توازن وارتباط بين ضرائب الثروة وضرائب الدخل، ولجعل معدلاتها مقبولة سياسيًا[8]. والمنطق الرئيسي وراء دعوة بيكيتي لفرض ضريبة عالمية على رأس المال هو عدالة النظام الضريبي وكفاءته، وذلك لأن مفهوم “الدخل” الذي تعتمد عليه ضريبة الدخل لا يغطي الزيادات الحقيقية في قيمة الأصول الممتلكة، والتي تفوق كثيرًا ما يتم تصنيفه كدخل، وعادة ما تكون خارج النظام الضريبي، وبالتالي معفاة. لذلك، بحسب بيكيتي، يجب أن يكون هناك ضريبة على الثروة تغطي هذه الفجوة[9]. ولكن بينما اقترح بيكيتي الضريبة كسياسة عالمية تتطلب تنسيقًا دوليًّا قد لا يحدث، هناك ما يمكن عمله محليًّا لترجمة الفكرة وتنفيذها في مصر.

تنقسم أهداف الضريبة إلى ثلاثة محاور: 1) الأهداف الاقتصادية، وهي ضبط تركز الثروة ذي التكلفة الاقتصادية الباهظة من حيث الأزمات التي تنتج عن المضاربة والاقتصاد الريعي، والتدفقات للخارج التي تؤثر سلبًا على ميزان المدفوعات[10]. 2) الأهداف الاجتماعية/القيمية، وأهمها مواجهة اللا مساواة في توزيع الثروة والدخل والفرص الاجتماعية[11]. 3) الأهداف السياسية، وهي تعزيز الشفافية والمساءلة وتكافؤ الفرص بين المواطنين والمواطنات.

يصعب الحكم على تاريخ ضرائب الثروة بالنظر إلى تعدد أسباب فرضها، والذي لم يحدث عادة لمواجهة اللا مساواة على وجه التحديد، ولكن لزيادة الحصيلة الضريبية، أو تمويل الخدمات المحلية، كما في حالة الضرائب العقارية. لذلك يوجد جدل واسع حول قابلية فرض الضريبة، وإذا ما كانت حصيلتها ستوازي تكاليفها الإدارية[12]. غير أنه، لأسباب عديدة، لا يصح رفض الضريبة من حيث المبدأ. أولاً: لأن العيب الأساسي للضريبة، خصوصًا في مرحلة تراجعها في أوروبا، كان عدم مواكبتها للظروف الاقتصادية العالمية، وبالأخص حركة الثروة ورأس المال عبر الحدود، كذلك عدم تطوير الوسائل المؤسساتية لتقييم الثروة، مما جعلها بوضعها الحالي غير مناسبة  للقرن الحادي والعشرين[13]. وبالتالي يمكن دراسة أسباب ضعفها وتطورها، أو التفكير فيها بشكل معاصر يواكب التحديات العالمية. ثانيًا: يجب الوضع في الاعتبار أن الضريبة جزء من دولة الرفاه التي ظهرت في أوروبا في القرن العشرين. وعلى  الرغم من تراجع دولة الرفاه بشكل كبير وصعود اللا مساواة، فقد ساهم إرثها في إبطاء معدل تزايد اللا مساواة في أوروبا مقارنةً بالولايات المتحدة[14]، لذلك يمكن النظر لمزايا ضريبة الثروة بشكل نسبي. وثالثًا: هناك علاقة بين تراجع ضريبة الثروة وضعف العدالة الضريبية بشكل أعم، خصوصًا مع غياب الشروط الأساسية من شفافية وتبادل معلومات بين السلطات الضريبية والبنوك، أو البيانات الخاصة بتوزيع الثروة، ولكن جهودًا واسعة قد بدأت بالفعل من أجل القيام بإصلاحات دولية لمواجهة الصعوبات التي تواجه الأنظمة الضريبية من ضعف المؤسسات[15] وتصاعد ظاهرة اللجوء للملاذات الضريبية[16].

المنهجية والبيانات

قمنا بتحليل مفصل لبند “ضرائب الممتلكات” في الموازنة العامة للدولة والقوانين والسياسات المرتبطة بها، تاريخيًّا وفي الوقت الحالي، للبحث عن الفجوات ونقاط الضعف في هذه السياسات، خصوصًا غياب إطار أو سياسة عامة تنظم توزيع الثروة. وشملت الضرائب التي قمنا بدراستها ضرائب الأصول غير المنقولة (الأراضي والعقارات)، وتاريخ ضرائب التركة والأيلولة. وبالاعتماد على ذلك التحليل، نقترح سياسات عملية لإصلاح منظومة ضرائب الممتلكات.

كان العائق الأساسي لبناء منهجية أكثر تفصيلاً لتأثير الضريبة على توزيع الثروة هو غياب البيانات الرسمية، التي عن طريقها يمكن قياس حجم سوء توزيع الثروة ونتائجه وكيفية علاجه بشكل أكثر تفصيلاً. وهنا يجب التأكيد على أهمية جمع ونشر هذه البيانات، إما ضمن بحث الإنفاق والدخل السنوي أو بشكل منفصل من خلال Household Balance Sheet Data، والتي تعرض بالتفصيل حجم الأصول لكل شرائح الأسر.

ومع غياب البيانات الرسمية، قمنا بالاعتماد على بيانات تقديرية متاحة عبر بنك كريديه سويس Credit Suisse، والتي تتعلق بتوزيع الأفراد في شرائح الثروة العليا (كل ما يتعدى مليون دولار إلى ما يفوق المليار)[17]، وتقدير الحد الأدنى والأقصى لإجمالي الثروة في كل شريحة. واعتمدنا على أحد اقتراحات الاقتصادي الفرنسي توماس بيكيتي في كتابه “رأس المال في القرن الحادي والعشرين” لضريبة تصاعدية منتظمة على الثروة، بحد أقصى 10%‏، من أجل تقدير حدين، أدنى وأقصى، متوقعين للحصيلة الضريبية سنويًا: 22 مليار جنيه كحد أدنى و64.6 مليار جنيه حدًا أقصى، أي بمتوسط 43 مليار جنيه، إذا افترضنا توزيعًا طبيعيًّا للأفراد داخل كل شريحة[18].

في السيناريو الذي تتبناه الورقة، تم اختيار معدلات الضرائب وفقًا للمعدلات السنوية لمتوسط زيادة الثروة لدى الفئات المئوية والعشرية العليا من السكان بين عامي 2000-2014، وهي 7%‏ للواحد في المئة الأغنى و5%‏ للفئة العشرية الأعلى. وتتبنى الورقة الرقم الأصغر حدًا أقصى لمعدلات الضريبة التصاعدية، بافتراض أن معدلات زيادة الثروة تزيد عن المتوسط كلما صعدنا إلى شرائح الثروة الأعلى. وتبلغ الحصيلة الضريبية المقدرة وفقًا لهذا السيناريو ما بين 12.8 مليار جنيه و43 مليار جنيه، بمتوسط 28 مليار جنيه.

أفضل الممارسات

نعتمد هنا على أفضل ممارسات ضريبة الممتلكات، مع الوضع في الاعتبار أن معظم النقاط تنطبق بشكل أساسي على الضرائب العقارية لكنها ذات صلة بباقي أنواع ضرائب الممتلكات. إن المشاكل الأساسية التي تواجه أي ضريبة ممتلكات، وخصوصًا في الاقتصادات الناشئة، هي زيادة الإعفاءات وتآكل القاعدة الضريبية، والعجز عن ضم كل الممتلكات إلى القاعدة الضريبية (بسبب المعاملة التفضيلية لبعض أنواع الأصول، مثل المسكن الأول)، ومعدلات التحصيل الضعيفة، وغياب اللا مركزية المالية وعدم كفاءة الإدارة الضريبية نظرًا لعدم جودة البيانات وسجلات الممتلكات. الهدف هنا هو رفع معدل الضريبة الفعال (Effective Tax Rate)، وهو حجم الضرائب مقسومًا على القيمة السوقية للأصول، ويتأثر بحجم القاعدة الضريبية ومدى تغطيته للأصول، ومعدل التقييم، ومعدل التحصيل. يساعد ذلك على قياس العبء الضريبي على أنواع الممتلكات المختلفة.

ومن أفضل الممارسات طبقا للدراسات المقارنة[19]:

  1. تشخيص نظام ضرائب الممتلكات القائم، مع الوضع في الاعتبار الأهداف المراد تحقيقها: زيادة الحصيلة، ضبط استخدام الأصول، ضبط تركز الثروة.. إلخ.
  2. “السياسات أولاً”، أي أن تصميم السياسات يأتي كخطوة سابقة للإصلاح الإداري ويجب الالتزام بمعايير البساطة والعدالة والاتساق في تصميم السياسات.
  3. اختيار أساليب التقييم والتقدير للعقارات من بين القيمة الإيجارية، والقيمة الرأسمالية للوحدة والتحسينات، وقيمة الأرض أو الموقع. الاتجاه العالمي هنا هو القيمة الرأسمالية للوحدة، ولكن الاختيار يعتمد بشكل أساسي على ظروف كل بلد من حيث تطور سوق العقارات والأراضي.
  4. الحد من الإعفاءات وقصرها على الممتلكات التي تلبي معايير محددة وواضحة، بدلاً عن تحديد الإعفاءات بالمعاملة التفضيلية لنوع الممتلكات، مثل المسكن الأول أو الوحدات الحكومية. وإذا كانت هذه الإعفاءات مطبقة بالفعل، يجب أن يكون تجديد الإعفاء مبنيًّا على تقييم شامل، كما يجب الإفصاح عن تكلفة الإعفاءات، أو يمكن استبدالها بنظام الائتمان الضريبي.
  5. وضع برنامج الإصلاح الإداري مبني على التنسيق ومشاركة المعلومات بين الأجهزة المختلفة، وخلق شبكة ربط بين الأصول.
  6. وضع كل الممتلكات على القوائم الضريبية Tax Roll لأن التغطية الجزئية تعد ضَعفًا في نظام ضرائب الممتلكات. ويمكن تحقيق التغطية الشاملة عبر الاعتماد على تكنولوجيا GIS أو نظام المعلومات الجغرافية، وتبني نظام الرقم القومي العقاري الذي يربط بين قطع الأراضي والوحدات العقارية والسجلات الضريبية.
  7. تركيز وتوجيه الموارد الإدارية في تحسين نسبة الممتلكات المقيمة من إجمالي القيمة السوقية.
  8. التقليل من عوائق الإفصاح عن قيمة الممتلكات بأقل من قيمتها الحقيقية، وذلك عبر استبدال الضرائب على نقل الملكية بضريبة على الأرباح الرأسمالية من التصرفات في العقارات أو الأراضي.
  9. الرفع من معدلات التحصيل من خلال الحد من المعاملة التفصيلية وخفض تكلفة الالتزام والتسجيل والإقرار.
  10. خلق نظام مراقبة لضرائب الممتلكات بالاعتماد على مؤشرات نجاح كمية، مثل الفجوة الضريبية، والفجوة بين أسعار بيع الأصول وقيمتها الحقيقية، معدلات التحصيل، وتكلفة الإعفاءات.

السياسات المقترحة

في إطار مفهوم كلي للسياسات الضريبية تقدم الورقة حزمة من المقترحات المتكاملة للتأسيس لضرائب الثروة، والتي تشمل إدخال ضريبة جديدة على الثروة، تعديل ضرائب موجودة بالفعل كالضريبة العقارية واستعادة ضرائب مثل ضريبة الآيلولة، وما يستتبعه ذلك من تعديلات لمكافحة التهرب والتجنب الضريبي وتأسيس نظام إداري ومحاسبي يسمح بذلك.

1. ضريبة دورية شاملة على صافي الثروة

الاقتراح الأساسي الذي يقدمه صندوق النقد ومنظمة التنمية والتعاون الاقتصادي الدولي وتوماس بيكيتي هو فرض ضريبة على صافي الثروة (بعد خصم الديون) تشمل الأصول المنقولة مثل الأسهم والأوراق المالية. ويتم تعريف الثروة هنا على أنها إجمالي الممتلكات المنقولة (كالأوراق المالية والأسهم)، وغير المنقولة (كالعقارات والأراضي). وتصلح هذه الضريبة أن تكون الإطار الشامل لتنظيم ضرائب الممتلكات، حيث يتم فرضها على إجمالي الممتلكات، وبعد ذلك يتم تطبيق نظام الائتمان الضريبي (tax credit) لخصم ضرائب الثروة غير المنقولة (العقارات والأراضي)، وضرائب الأيلولة والهبات من إجمالي الضرائب المستحقة.  ويقترح بيكيتي ضريبة تصاعدية على الثروة قد تصل (وفقًا لأحد اقتراحاته) إلى 10%‏ لمن يملك أكثر من مليار يورو[20]. بينما هناك سيناريو أكثر تواضعًا، وهو ضريبة تصاعدية تبدأ عند 1%‏ لمن يملك أكثر من 1 مليون دولار (وهي الفئة الأكثر وزنًا بين الأثرياء). وتتصاعد هذه النسبة حتى تصل إلى 5%‏ لمن بحوزته مليار دولار، أو أكثر[21]. هذه الأرقام معقولة إذا ما قورنت بمعدلات زيادة الثروة ضمن الفئات الأعلى، وإذا افترضنا أن هذه المعدلات تزيد كلما صعدنا لأعلى في هيكل توزيع الثروة.

وبحساب متوسط معدلات زيادة الثروة على أساس بيانات كريديه سويس Credit Suisse الخاصة بحصة الفئات المئوية والعشرية الأعلى من إجمالي الثروة في مصر، وحساب نسبة الزيادة السنوية من 2000-2014، فإن متوسط الزيادة بلغ 5% للشريحة العشرية العليا و7% للشريحة المئوية الأعلى. باختيار النسبة الأصغر مرجعًا لتحديد أعلى ضريبة، وإذا بلغ متوسط الضريبة بين جميع الفئات حوالي 1%‏، يمكن تقدير حصيلة حد أدنى من الإيرادات الضريبية بحوالي 13 مليار جنيه، وحد أقصى 43 مليار جنيه، أي متوسط 28 مليار جنيه (بحساب سعر الصرف في وقت صدور التقرير). وهو متوسط يبلغ ثلاثة أضعاف ما يتم تحصيله فعليًّا حاليًا كضريبة ممتلكات (إذا التزمنا بتعريف ضريبة الممتلكات).

ويستلزم تطبيق ضريبة على الثروة مجموعة من الإجراءات التي تستهدف مكافحة التجنب والتهرب الضريبي والتي بدأت مصر في تطبيق الكثير منها، مما يمكن أن يسهل تطبيق هذه الضريبة والعمل على نجاح منظومة ضرائب الثروة بشكل عام. وفي هذا الإطار تبرز هذه الإجراءات تحديدًا:

أ. ضريبة مستقطعة على المعاملات التي تحول أموال للملاذات الضريبية

وتُفرَض هذه الضريبة المستقطعة على كل المعاملات مع الأفراد والشركات المسجلة في الملاذات الضريبية، ويتم إزالة الضريبة بعد الإفصاح عن طبيعة المعاملة، والتأكد من أنها ليست نقلاً للأرباح، وهو ما يمكن تحريه من الـ Country-By-Country Reporting أو تقارير الإفصاح الضريبي التي تكشف العمليات في كل بلد على حده. وهي سياسة مطبقة في المملكة المتحدة، والولايات المتحدة، والسلفادور[22].

ب. Country-By-Country Reporting أو تقارير الإفصاح الضريبي التي تكشف العمليات في كل بلد على حده

وهو “الإجراء 13” في مشروع تآكل الوعاء وتحويل الأرباح  (BEPS)، الذي يهدف لدعم الحكومات بأدوات محلية ودولية لعلاج التجنب الضريبي والتأكيد على أن يتم فرض الضرائب على الأرباح في مكان توليدها، والعمل على سد الفجوات القانونية بين الأنظمة الضريبية المختلفة التي تسمح بالتجنب الضريبي. وتقارير الإفصاح الضريبي التي تكشف العمليات في كل بلد على حده بالأخص هو إجراء يهدف للحد من تحويل الأسعار (Transfer Pricing). وفق هذا النظام، تقدم الشركات العابرة للقارات تقاريرها إلى السلطات الضريبية في بلد المكتب الرئيسي تحت إشراف ومعايير منظمة التعاون الدولي. وفيها يتم تقديم معلومات عن كل فرع للشركة في كل بلد على حده. ويتم مشاركة هذه التقارير مع السلطات الضريبية المعنية في البلاد التي تقوم الشركات بالتجارة معها[23]. ومن المعلومات التي تلتزم الشركات بالإفصاح عنها في إطار هذا النظام: حجم المبيعات، والأرباح الإجمالية والضرائب المقرر دفعها، وحجم العمليات من حيث أعداد الموظفين والاستثمارات والأصول. ويمكن أيضا إضافة حجم المشتريات، وبيانات الدخل والإنفاق لمراقبة دفع وتحصيل الفوائد، وتكاليف الرواتب. والهدف من هذه المعلومات ليس فرض الضرائب، وإنما جمع معلومات دقيقة عن حجم العمليات الحقيقية للشركات ومصدر الأرباح وحركتها وأماكن دفع الضرائب، وذلك لملاحقة عمليات نقل الأرباح. ويمكن اكتشاف عمليات نقل الأرباح بين الشركات والملاذات الضريبية عن طريق حساب: المبيعات مع الجهات الأخرى بالنسبة للمبيعات الكلية، وعدد الموظفين في كل بلد بالنسبة لإجمالي عدد الموظفين، وحجم الأصول في كل بلد بالنسبة لإجمالي قيمة أصول الشركة. وكلما كانت هذه الأرقام صغيرة، كلما زادت احتمالات أن يكون الهدف من المعاملة هو نقل الأرباح. ويمكن الضغط على الشركات لنشر هذه المعلومات التي تعد حق المساهمين في الشركة في المعرفة بأنشطة الإدارة[24].

وقد انضمت مصر بالفعل لمبادرة الBEPS في يوليو 2016، ووقعت على الاتفاقية متعددة الأطراف الخاصة بالمبادرة في يوليو 2017 ولكن لم يتم التحرك نحو تطبيق تقارير الإفصاح الضريبي التي تكشف العمليات في كل بلد على حده لأنه خارج الاتفاقية متعددة الأطراف وجزء من اتفاقية منفصلة خاصة بتحويل الأسعار لم توقع مصر عليها بعد. ومن المنتظر قيام مصر بتبني هذه الإجراءات بعد إتمام الانضمام للمبادرة، والتفاوض حول طرق تنفيذها، مما سيتطلب إصلاحات مؤسساتية وتقنية وقانونية، خاصة فيما يتعلق بسرية الحسابات المصرفية. وهناك ضغط دولي الآن لتعديل هذه المعايير، مما سيجبر هذه الشركات على تغيير أنظمتها المحاسبية، ويشجع مصلحة الضرائب المصرية على الاستجابة لذلك بتنفيذ الإصلاحات كجزء من التزامها بالمبادرة وكذلك عضوية مصر في المنتدى الأفريقي للإدارة الضريبية، والذي يدعو لنفس النظام[25].

ج. الإفصاح عن وتسجيل هياكل الملكية المستفيدة من الشركات والصناديق في الخارج

تتضمن المعلومات المطلوبة هنا اسم الكيان، وأسماء أعضاء مجلس الإدارة ومحال إقامتهم، وطبيعة النشاط التجاري، وأسماء المالكين إذا تعدت نسبة من الأسهم (الـ 10%‏)، وأسماء الشركات والكيانات الأخرى التابعة للشركة الأم، وطبيعة التحكم بهذه الفروع، وبيانًا ماليًّا وميزانية عمومية، وبيانًا للتدفقات النقدية، وبيانًا ضريبيًّا، والإطار المحاسبي. كما تشمل أيضا شرحًا أو تبريرًا للمكافآت التي يحصل عليها المديرون، والمرتبات والمكافآت للموظفين. ويجب مشاركة هذه السجلات مع الجهات المعنية، مثل السلطات الرقابية في بلد إنشاء الكيان، والسلطات الضريبية في البلاد التي تقوم الشركة بالتجارة معها ومحل إقامة الحاصلين على أغلبية الأسهم. ويتم فرض عقوبات على من لا يقدم هذه السجلات، ويمكن للدول التي لها حق الاطلاع المطالبة بالبيانات المالية للشركات التي لا تفصح عن هيكل ملكيتها، لحساب الضرائب المستحقة، وسحب امتيازات المسئولية المحدودة (Limited Liability) من الشركات التي لا تدفع الضرائب[26]. وأقرب مثال على ذلك هو اقتراح من المفوضية الأوروبية في يوليو 2016 يلزم دول الاتحاد الأوروبي بإنشاء سجلات للملكية المستفيدة في كل دولة تكون متاحة للسلطات المالية والضريبية والجهات المعنية[27].

وفي مصر، صدر مؤخرًا القانون 33 لسنة 2017، والذي يلزم الشركات المسجلة في البورصة المصرية، وكذلك صناديق الاستثمار بالإفصاح عن الطبيعة القانونية للكيان، وبلد الإنشاء، والقانون المنظم للإنشاء، والنشاط، والهدف من الإنشاء، وأعضاء مجلس الإدارة، والمستفيدين من الصندوق والشركة، والموكلين بتعديل هياكل الملكية. وإذا كان هناك شركة مسجلة ضمن المستفيدين، ألزم القانون بالإفصاح عن المساهمين الذين يمتلكون 25%‏ أو أكثر من الأسهم. ويعتبر هذا القانون الأول من نوعه من ناحية تنظيم الTrust Funds، أو صناديق الاستئمان، ويتضمن معايير جديدة للإفصاح يمكن الاعتماد عليها للمراقبة والإشراف ومكافحة التهرب الضريبي وتمويل الإرهاب. والقانون هو خطوة إلى الأمام يمكن البناء عليها، لكن هناك حاجة لمعلومات إضافية عن الوضع المالي لكل كيان أو شركة تابعة في كل بلد على حده.

د. تنظيم عمل مقدمي الخدمات التي تسمح بالاستفادة من الملاذات الضريبية

يشمل ذلك على وجه الخصوص قطاعات المحاسبة، والخدمات القانونية، والمصرفية، وإدارة الثروة. ويجب ربط رخص العمل بهذه القطاعات بالتزامات الإفصاح ومشاركة المعلومات والمساعدة على كشف طرق التجنب والتهرب الضريبي، محليًّا ودوليًّا. كذلك وضع ميثاق معايير ومبادئ مهنية ضد التهرب الضريبي[28].

ه. حساب الفجوة الضريبية

وهو الفرق بين الضرائب المفترض تحصيلها عند الالتزام بالقوانين من قبل المواطنين، والضرائب المحصلة بالفعل، وذلك لمعرفة التكلفة الحقيقية للتهرب الضريبي. واتباع هذا الإجراء يكون مفيدًا في تقييم الحصيلة، والعقبات العملية التي تكتنف عملية التحصيل. ويتم قياس الفجوة الضريبية بسهولة عبر حساب حجم الضرائب نظريًّا باستخدام الحسابات القومية مقسمة حسب القطاع أو نوع الدخل أو بين الدخل والاستهلاك، وبعد ذلك يتم مقارنة الضرائب نظريًّا بالمحصل فعليًّا، بحساب نوعين من الفجوات: الفجوة التي تنتج عن السياسات الضريبية وخاصة الإعفاءات، والفجوات نتيجة عدم الالتزام، وهو ما يتبقى بعد خصم الإعفاءات من إجمالي الضرائب النظرية. وأهمية حساب فجوة الالتزام هي أنها أفضل طريقة للكشف عن وتقييم جودة النظام الضريبي وكفاءته. ويستحسن أيضًا أن تتم إتاحة هذه المعلومات لما فيها من دلالات مهمة بخصوص النظام الضريبي لأن للمجتمع الحق في التعرف عليها، مما يعزز الشفافية وبالتالي الثقة والرغبة في الالتزام وهو ما تقوم بعمله دول مثل الدنمارك وكندا وهولندا[29].

و. مشاركة المعلومات الضريبية

لا تلغي الإجراءات المحلية ضرورة التحرك على المستوى الدولي بسبب طبيعة التهرب والتجنب الضريبي فيما يتعلق بالأصول غير المنقولة تحديدًا. بالطبع هناك صعوبات تواجه هذه الجهود الدولية، أهمها أن لكل دولة الحق في اختيار الدول الأخرى التي تشارك معها المعلومات. لذلك لا يوجد إلزام بإعطاء المعلومات للدول النامية، وهي أكثر الدول المتضررة من التجنب والتهرب الضريبيين. ولكن مع ذلك، هناك مطالبات بعلاج هذه المشكلة وزيادة فاعلية المشاركة المعلوماتية بين الدول المتقدمة والدول النامية. أولى خطوات هذا التحرك هي الاشتراك في شبكات مشاركة المعلومات الضريبية، والإسهام في الجهود الدولية والفعاليات الدولية من قبل المنتدى العالمي للشفافية ومشاركة المعلومات الضريبية (التابع لمنظمة التعاون الاقتصادي ومجموعة العشرين). ولقد قامت مصر بالفعل بالانضمام للمنتدى في نوفمبر 2016، ويتبقى اتباع المعايير القانونية والمحاسبية التي قام المنتدى بوضعها في سياق مشروع التبادل التلقائي للمعلومات Automatic Exchange Of Information  ومراجعة قوانين السرية المصرفية مع الاحتفاظ بمعايير الخصوصية، والتي ينظمها إطار المشروع. كذلك يجب تفعيل القوانين الخاصة بالحصول على المعلومات من قبل السلطات الضريبية (وفقًا للمادة 59 من قانون 53 لسنة 2014)[30].

ز. مؤشرات الثراء

إعادة فرض تقديم إقرارات الثروة، وذلك عبر استعادة قانون 157 لسنة 1981، الذي تم إلغاؤه في 2004. وسيفيد ذلك في مقارنة إقرارات الدخل بالتغيرات في الثروة، ويمكن بعد ذلك استخدامه في فرض ضريبة الثروة[31]. ولقد نصت المادة 131 من قانون الضريبة على الدخل رقم 157 لسنة 1981، الذي تم إلغاؤه بالقانون الحالي رقم 91 لسنة 2005، على التزام كل ممول من ممولي الضريبة على الأرباح التجارية والصناعية والضريبة على أرباح المهن غير التجارية والضريبة العامة على الدخل بتقديم إقرار دوري كل خمس سنوات بما لديه من ثروة هو وزوجته وأولاده القصر. هذا وقد أعفى ذلك النص الملتزمين بتقديم إقرار الذمة المالية وفقًا لقانون الكسب غير المشروع رقم 62 لسنة 1975 من تقديم إقرار الثروة. هذا ولا توجد أية إشارة لإقرارات الثروة في قانون الضريبة على الدخل المعمول به حاليًا.

ح. إصلاح الادارة الضريبية

إصلاح الإدارة الضريبية عن طريق ثلاثة محاور أساسية: 1)-الدمج، 2- تقسيم شرائح الممولين، 3- الاستقلالية، التمكين والتحصين [32] . يتطلب الدمج، إنشاء “هيئة للموارد السيادية” تجمع بين الثلاث مصالح الضريبية، وهي مصلحة الضرائب ومصلحة الضرائب العقارية والجمارك، تحت مظلة واحدة تشرف على أعمال كل مصلحة على حده، وتنظم الإصلاحات وتساعد على مشاركة قواعد البيانات وتوحيد الإجراءات، وذلك لتقليل العبء الإداري وزيادة الكفاءة، انطلاقًا من مبدأ أن الضرائب المختلفة تكمل بعضها البعض. فمثلاً في حالة ضرائب الثروة المقترحة، التي ترتبط بالتأكيد بضرائب الأرباح الرأسمالية والضرائب العقارية، يجب الاستفادة من توحيد ومشاركة الإجراءات والمعلومات بين جميع المصالح الضريبية. كما يتحتم تمثيل جميع الأطراف المعنية، ومنهم موظفو المصالح الضريبية، في الهيئة المقترحة لضمان قبول الجميع للإصلاحات الجديدة ولتسهيل التنسيق بين المصالح الضريبية المختلفة. بالنسبة للاستقلالية، فهناك حاجة للتوازن بين متطلبات الرقابة الإدارية من ناحية وتمكين مأمور الضرائب من القيام بدوره في كشف الفساد والتهرب من ناحية أخرى. فمأمور الضرائب قد لا يجد الحافز للقيام بدوره كرقيب، إما بسبب الخوف من الملاحقة القانونية، وتطبيق العقوبات عليه بدلاً عن دافع الضرائب، أو لتعقيد إجراءات الإبلاغ التي يجب أن تمر عبر وزارة المالية ويمكن أن تُقابل بالرفض. ولحل هذه المعضلة، يجب توسيع حيّز الرقابة الداخلية (من مفتشي وقطاع الرقابة داخل المصالح الضريبية) في مقابل الرقابة الخارجية (النيابة الإدارية، والرقابة الإدارية، والجهاز المركزي للمحاسبات)، وتقديم الدعم القانوني من قبل هيئة الموارد السيادية المقترحة بدلاً عن هيئة قضايا الدولة، لأن ذلك يعزز التمكين القانوني داخليًّا والرقابة الذاتية، مع تسهيل إجراءات الإبلاغ في إطار محدد ومنظم يعطي عاملي مصلحة الضرائب السلطة للقيام بدورهم القانوني مباشرة، بدلاً عن المرور عبر وزير المالية. يجب أيضا تقسيم شرائح الممولين إلي شرائح بين صغار الممولين، ومتوسطين الممولين وكبار الممولين، وصياغة معايير لكل شريحة، بالنظر إلى اختلاف ظروفهم، مع الاحتفاظ بالعدالة بينهم. فمثلاً مع إنشاء لجنة لكبار الممولين، يمكن العمل على المشكلات والشكاوى في هذه الشريحة بصورة أكثر كفاءة تمنع التهرب والتجنب الضريبي.

2. تعديل الضريبة العقارية وضريبة الأراضي

أولى خطوات تنفيذ ضريبة شاملة على الثروة هو تعديل الضريبة العقارية التي تم إقرارها قانونيًّا في 2008، وبدأ تنفيذها تدريجيًّا منذ عام 2014. وهناك فرصة هائلة تكمن في الضريبة العقارية، أولا: بالنظر إلى طبيعة الضريبة وسهولة تحصيلها نسبيًّا. وثانيا: لأن تقديرات الثروة العقارية تصل بها إلى 68% من إجمالي الثروة في مصر[33]، وهو ما يجعل منها المكون الأكبر غير القابل للنقل والتهريب. وثالثًا، لأنها ضريبة على الاستثمار في النشاط الريعي الأقل إنتاجية، وبذلك فلا تأثير كبير لها على النمو والاستثمار في النشاط العيني، وتمثل وسيلة لتحويل رأس المال إلى النشاطات الأكثر كفاءة اقتصاديًّا. وبما إن تطبيق الضريبة العقارية في مصر لا يزال في بداياته، يمكن تعديلها وتطويرها لزيادة الحصيلة وتحقيق العدالة الاجتماعية.

ويواجه تطبيق الضريبة العقارية مشكلتين أساسيتين. الأولى تخص طرق التقييم، والثانية تتعلق بالإعفاءات. وبالنسبة لتقييم القيمة الإيجارية للوحدة، فوفقًا لقانون الضريبة العقارية (مادة 13) واللائحة التنفيذية، يتم تقييم العقار على أساس ثلاثة معايير: الموقع الجغرافي، والمرافق، ومستوى البناء. ويتم التقييم عبر لجان الفحص والتقدير، التي تضم عضوًا من مصلحة الضرائب العقارية، ومندوبين من وزارتي المالية والإسكان، واثنين من المكلفين بأداء الضريبة بناءًا على ترشيح المجلس الشعبي المحلي.

تكمن المشكلة في غياب دليل واضح المعالم لكيفية ترجمة المعايير إلى أرقام، مما يجبر اللجنة على الاعتماد على متوسط سعر السوق في المنطقة (إما القيمة السوقية في سنة أساس معينة، أو عقود الإيجار، أو إيجارات المثل). الأزمة هنا هي التفاوت الكبير بين الوحدات في المنطقة الواحدة أو حتى الشارع الواحد، مما يؤدي إلى ضعف التقدير وعدم شفافية العملية بأكملها، مما ينتج عنه شكاوى وطعون من الممولين تعطل عملية التحصيل. وحتى الآن، لا يوجد دليل للأسعار يترجم حيثيات الموقع والمرافق ومستوى البناء إلى أسعار بالمتر المربع، بسبب ظروف سوق العقارات المتقلبة وعدم اكتمال قاعدة البيانات والحصر. أحد الأمثلة على عدم وضوح معايير التقييم، هو ما يعرف “بالمنشآت ذات الطبيعة الخاصة”، مثل المصانع والفنادق والموانئ والمطارات. فيصعب الوصول لقيمتها السوقية لأنها غير قابلة للتداول، ولذلك، فوفقًا للقانون يتم وضع أسس التقييم عبر اتفاقات بين وزير المالية ووزراء الصناعة والسياحة والنقل. وإلى الآن، لم يتم تحديد المعايير إلا في حالة المصانع، بينما لا يوجد وسيلة لتقييم الفنادق والموانئ والمطارات، مما يعتبر تعطيلاً لتنفيذ الضريبة.

يجب كذلك الالتفات لنظام تحديد الوحدات الخاضعة للضريبة. فوفقًا للموقع الإليكتروني لوزارة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري، وكذلك الموقع الإليكتروني للهيئة العامة للمساحة، تعكف الحكومة المصرية حاليًا على تطبيق المشروع القومي للسجل العيني للعقارات المبنية (2008-2018). ووفقًا لوثيقة المشروع[34]، فالمهمة الرئيسية له هي “إنشاء قاعدة بيانات للثروة العقارية بمصر ورقم عقاري موحد للعقارات المبنية”، وكذلك “ميكنة دورة إصدار شهادة ترخيص العقار”. ويشارك في تنفيذ المشروع مصلحة الشهر العقاري، والهيئة المصرية للمساحة، ومصلحة الضرائب العقارية، وأجهزة المدن الجديدة، والمحافظات، والأحياء. وليس هناك أي تفاصيل تتعلق بالانتهاء الفعلي من المشروع أو معدل التقدم في تنفيذه، أو بدء سريانه، حيث تم تأجيل تطبيق نظام السجل العيني على مدينتي الشروق والشيخ زايد على سبيل المثال، والذي كان مقررًا أن يبدأ في 1/6/2011، وذلك وفقًا لقرار وزير العدل رقم 11901 لسنة 2009. وتوالت القرارات الوزارية للتأجيل منذ ذلك الحين[35]، فكان آخرها قرار وزير العدل رقم 69 لسنة 2015، والذي تم بموجبه تأجيل سريان السجل العيني على المدينتين إلى 31/12/2015. ولم يمكن معرفة ما إذا كان قد تم تطبيق السجل العيني على المدينتين بحلول التاريخ السابق ذكره أم لا.

تكمن المشكلة الثانية في الإعفاءات، وخاصة إعفاء المسكن الأول أو المسكن الخاص تحت 2 مليون جنيه لقيمة العقار. فهناك صعوبة إثبات الإقامة الدائمة، لأنه لا يمكن للجنة أن تفحص المسكن من الداخل لإثبات الحالة، مما يزيد من أعباء مصلحة الضرائب العقارية، ويخص الممول بمسؤولية إثبات الإقامة عبر تقديم طلب للمصلحة، مما يؤدي لعدم الالتزام. ويتيح ذلك وسيلة للتهرب من الضريبة، بتسجيل كل المساكن على أنها مساكن خاصة لأعضاء الأسرة منفردين، مما يترك  وحدات سكنية كثيرة خارج القاعدة الضريبية وينعكس على ضعف حصيلة الضريبة، ويقلل من كفاءتها الاقتصادية[36]، ويزيد من المنازعات الضريبية بين المكلفين ومصلحة الضرائب العقارية، حول تحديد القيمة الإيجارية للمسكن الرئيسي، ووجوب الإعفاء من عدمه.

لذلك نقترح وضع كل المساكن المملوكة للأسرة[37] ضمن الوعاء الضريبي نفسه، دون معاملة تفضيلية للمسكن الأول مع تطبيق ذات حد الإعفاء (2 مليون جنيه) على إجمالي قيمة المساكن داخل الوعاء الضريبي، لرفع عدالة وحصيلة الضريبة. هذا الاقتراح يضع في الاعتبار العلاقة بين المستوى المادي للأسرة وعدد الوحدات المملوكة، سواء للسكن أو الاستثمار، مع مراعاة أهمية الحق في السكن الممثل في حد الإعفاء. لذا يجب ربط العقارات في الوعاء نفسه، بالاعتماد على الرقم القومي للممول والعودة لعينية الضريبة، أي أنها تٌفرَض على العقار وليس الأشخاص، مما يزيل عائق التحري عن الإقامة. وبالطبع يتطلب ذلك استكمال بناء قاعدة البيانات. ولحل مشكلة استفادة الشركات العقارية من حد الإعفاء المطبق على جميع المساكن لمدد طويلة قبل بيع الوحدات، يجب التمييز بين الأشخاص الاعتباريين (مثل الشركات) والأشخاص الطبيعيين، أي عدم تطبيق حد الإعفاء على الشركات المالكة للعقارات.

هناك حاجة للبدء في وضع دليل الأسعار ونشره للحفاظ على شفافية عملية التقييم والتقليل من عبء الطعون، ويجب أن يتم إصدار الدليل دوريًّا لمواكبة سوق العقارات. هنا يمكن الاستعانة بالتكنولوجيا للإسهام في تسهيل العملية وزيادة دقتها وشفافيتها وعدالتها. ومع تطور ذلك النظام، يتيح ذلك قابلية أن تكون تقليل الفترة بين كل تقدير والآخر لأقل من 5 أعوام (كما هو الحال وفقًا للقانون الحالي)، مما يزيد من الدقة والعدالة. وإنشاء وحدة يكون دورها حل هذه المنازعات والرد على التظلمات في وقت محدد (بحد أقصى سنة). أيضًا يمكن استبدال الإعفاءات بنظام الائتمان الضريبي، كنوع من الإفصاح عن تكلفة الإعفاءات في الموازنة والمستفيدين منها.

وفيما يتعلق بالضريبة على الأراضي الفضاء، ففي عام 1993، تم الحكم بعدم دستورية فرض ضريبة على الأراضي غير المستغلة التي لا تدر دخلاً[38]. ومع تبني دستور جديد في عام 2014 ينصُّ صراحة على إعلاء اعتبارات العدالة الاجتماعية، هناك ضرورة للبحث في سبل استعادة هذه الضريبة لسببين: أنه حتى وإن كانت الأرض لا تدر دخلاً فهي ذات قيمة اقتصادية، ويتم التعامل معها باعتبارها مخزنًا للقيمة ونوعًا من الثروة ولأغراض المضاربة، مما يسهم في خلق فقاعات سعرية غير مبررة اقتصاديًا. وثانيًا، لأن إعفاء الأرض الفضاء يخلق حافزًا لعدم استخدامها، مما يقلل من المنفعة التي تأتي من استخدام وتعمير الأراضي. لذا هناك ضرورة لاستعادة هذه الضريبة في ظل وجود دستور جديد يسمح بذلك.

3. ضريبة أيلولة وهبات

تم إلغاء ضريبة الأيلولة في مصر عام 1996 ثم تم الحكم بعدم دستوريتها في 1998[39] ولكن يمكن استعادتها مجددًا عن طريق استبدال ضريبة التركات بضريبة أيلولة شاملة Comprehensive Inheritance Tax)[40]) كجزء من الحلول الضريبية لارتفاع وتوارث اللا مساواة. تتميز ضريبة الأيلولة بأنها أكثر عدالة من ضريبة التركات؛ لأنها تتأثر بتوزيع العبء الضريبي على الأبناء على المستوى الفردي، والذي يتغير حسب عدد الورثة وليس فقط حجم التركات[41]. يتضمن هذا الاقتراح حد إعفاء على كل أنواع الميراث والهبات، وبعد ذلك تفرض ضريبة تساوي ضريبة الدخل على الوارث زائد 15% بعد ضم الأيلولة إلي الوعاء الضريبي للوارث‏. ولابد من ترجمة حد الإعفاء والنسبة التي تزيد عن ضريبة الدخل لتناسب السياق المصري، خصوصًا مع غياب ضريبة دخل تصاعدية، مما يعني أنه يجب أن تكون النسب الإضافية تصاعدية.

وتجمع ضريبة الأيلولة الشاملة Comprehensive Inheritance Tax بين مزايا نوعين من ضرائب الأيلولة: الأول هو ضريبة الـAccession Tax والتي يتم تحصيلها حسب حجم التركة الكلية قبل تقسيمها على الوارثين وقبل أن تدخل في الوعاء الضريبي لدخل الوارث، والثاني هو ضريبة الـInclusion Tax والتي يتم تحصيلها بعد دخول الأيلولة في الوعاء الضريبي للوارث، وتحتسب ضريبة دخل على أساس الدخل الكلي للوارث بعد إضافة الأيلولة. تجمع الضريبة الشاملة مزايا النوعين فتتحدد نسبة الضريبة وفقًا لحجم الأيلولة الكلية، وكذلك دخل الوارث بالكامل. ترفع هذه الضريبة من العدالة والكفاءة والمنفعة الاقتصادية لأنها تحسب القدرة على دفع الضرائب بدقة، بتوفيرها معلومات عن الأصول غير المالية، وأيضًا لأنها تشجع على استخدام المواهب وتعميق قيمة الجدارة بدلاً عن الاعتماد على انتقال الثروة. كما يضمن حد الإعفاء وجود حد أدنى من التأمين والدعم الاقتصادي للأبناء من الأسر الأفقر. وهي أكثر بساطة، شفافية وديمقراطية لأنها تركز على المستوى الفردي للإرث كما تتضمن ضريبة على الهبات لمنع انتقال الميراث بطرق أخرى.

يمكن مقارنة ذلك الاقتراح بآخر ضريبة أيلولة تم تطبيقها (حسب القانون 228/1989) قبل الإلغاء في 1996 والتي كانت تفرض على كل أنواع الميراث والهبات (في العام السابق للوفاة)، وهي بذلك تضمن عدم انتقال الإرث بأشكال أخرى خارج النظام الضريبي. وُيعفى من الضريبة مسكن العائلة أو أي منازل أو أثاث أو ممتلكات خاصة. كما تضمنت أيضًا حد إعفاء 30 ألف جنيه للأزواج والأبناء، و15 ألف جنيه للأخوة والأخوات. وكانت معدلات الضريبة على العائلة من الدرجة الأولى كالآتي: أول فئة 10 آلاف جنيه تفرض عليها ضريبة 3%‏، وال 30 آلاف جنيه التالية بضريبة 5%‏، وتزيد مع الفئات الأعلى (كل 30 ألف) ل7%‏، 10%‏ و15%‏ لما يزيد عن ذلك. ولأن الضريبة تتميز بالتصاعدية وبمعدلات مناسبة، يمكن استعادتها على أن ترتبط هذه النسب بزيادة على نسب ضرائب الدخل، وأن يدخل الإرث في الوعاء الضريبي للدخل، لأن فوائد الضريبة في زيادة المنفعة العامة وعدالة التوزيع مرتبطة بالدخل، وليس حجم الأيلولة فقط.

وعند استعادة ضريبة الأيلولة بالنظام الجديد الذي نقترحه، يجب تعديل حد الإعفاء ليناسب معدلات التضخم منذ إلغاء الضريبة في 1996، وهو 550%‏ محسوبة بمؤشر أسعار المستهلك المصري باستخدام سنة الأساس 1996 عبر 21 عامًا. يعني ذلك انه يجب رفع حد الإعفاء من 30 ألف جنيه للأبناء والأزواج إلى 165 ألف جنيه، كذلك من 15 ألف جنيه للأخوة والأخوات إلى 82.5 ألف. المقترح يغير أيضا المنظومة الضريبية: فبدلاً عن فرض ضرائب تصاعدية من 3%‏ إلى 15%‏، ستعادل الضريبة ضرائب الدخل التي يدفعها المواطن، زائد ضريبة إضافية (كما شرحنا من قبل) من 1%‏ إلى 5%‏ وفقًا لحجم الأيلولة، ذلك لأن الضريبة العادلة والأكثر كفاءة يجب أن تضع في الاعتبار حجم الأيلولة كونها انتقالاً للثروة، وكذلك مستوى دخل المواطن. ويعني ذلك أن النسب الضريبية سوف تتراوح بين 23.5% و27.5%‏، مع افتراض ضريبة دخل حدها الأقصى 22.5%. وتعتبر هذه المعدلات مقبولة إذا ما قورنت بالنسب حول العالم، فمثالاً في فرنسا تبلغ ضريبة الأيلولة 45%‏.  كما تعادل النسبة الإضافية ضريبة الثروة، مما يجعلها مقبولة اقتصاديًّا وسياسيًّا.

4. مقترح تبويب ضرائب الثروة في الموازنة العامة وفقًا لتصنيفات صندوق النقد الدولي

تدرج الموازنة العامة في مصر ضريبة عوائد أذون وسندات الخزانة، وهي ضريبة دخل، ضمن ضرائب الممتلكات. وبالتالي هي في غير محلها، وكذلك رسوم ترخيص السيارات. ويخالف هذا التبويب الدليل المعتمد من صندوق النقد الدولي، وهو ما يضعف المنطق الاقتصادي لأي سياسة عامة فيما يتعلق بضرائب الممتلكات، ولا يعطي صورة سليمة عن حصيلتها ووضعيتها. نقترح هنا تغيير الطريقة التي يتم بها التبويب وفقًا لدليل صندوق النقد الدولي، وأهم التعريفات التي جاءت به[42]. (انظر ملحق رقم4).

التطبيق والخطوات القادمة

يمكن النظر لشروط وتحديات تطبيق السياسات المقترحة من أربع جوانب: السياسية والإدارية والقانونية والاقتصادية. من الناحية السياسية: الشرط الأكبر والأهم لتحقيق لتنفيذ ضريبة الثروة هو وجود الإرادة والأدوات السياسية التي يمكنها وضع سياسات عامة تحقق أهدافًا اجتماعية تخدم مصالح الأغلبية وأولويات التنمية العادلة. ولا يمكن تحقيق هذه الأهداف إلا مع وجود أدوات المراقبة والمساءلة والشفافية التي من خلالها يتم رسم السياسات العامة وتنفيذها. والخطوة الأولى في ذلك الاتجاه هو إتاحة المعلومات الخاصة بتوزيع الثروة. من الناحية القانونية: هناك اقتراحان يتطلبان مراجعة قانونية ودستورية، وهما ضريبة الأيلولة وضريبة الأراضي الفضاء. فقد تم الحكم بعدم دستورية هاتين الضريبتين في التسعينيات، لكن صدور دستور جديد في 2014 يفتح الباب أمام إعادة النظر في أحكام الدستورية السابقة بالذات بعد تعديل النصوص التي تتعلق بالعدالة الاجتماعية. الواقع الدستوري المختلف والعلاقات والتفاعلات المختلفة اقتصاديًا يصلحان أساسًا قانونيًّا لإعادة النظر في استعادة الضريبتين. من الناحية الاقتصادية: قد يكون هناك قلق من آثار ضريبة الثروة على زيادة اللا رسمية في المعاملات الاقتصادية والمالية. ولكن إذا نظرنا إلى اللا رسمية من منظور المؤسسات، وليس السياسة الضريبية فقط. فكلما كانت المؤسسات أكثر كفاءة ونزاهة، كلما قلت اللا رسمية. أما من الناحية الإدارية والمؤسسية: فيشترط وجود سلطات ضريبية ورقابية قوية ومتطورة قادرة على أن تحقق أهداف الضريبة. ويتضمن ذلك رفع القدرة المؤسسية، من خلال برنامج لبناء القدرات يشارك فيه موظفو المصالح الضريبية، للاستفادة من خبرتهم وأخذ مطالبهم في الاعتبار. بناءًا على هذه التحديات ومعطيات الواقع المصري فإن ترتيب خطوات تطبيق السياسة المقترحة يكون:

1. تعديل الضريبة العقارية

– تعديل المادة الخاصة بحد إعفاء المسكن الأول والذي يعطيه معاملة تفضيلية، وتطبيق حد الإعفاء على جميع المساكن ضمن وعاء ضريبي للأسرة وليس الفرد وذلك للحد من وسيلة من وسائل التهرب.

– تعديل طرق ومعايير تقييم قيمة العقارات والأراضي، ووضع نظام أكثر شفافية ودقة يقلل من دور التقديرات العشوائية (بالاستفادة من تجربة نظام التقييم الذي كان مقترحًا في بدايات الضريبة). يجب أيضًا أن تكون التقديرات مرتبطة بأسعار العقارات وتتغير بشكل أكثر دورية، وذلك عن طريق إنتاج دليل للأسعار يُمْكِن لجنة الحصر والممولين من ترجمة معايير تقييم الأسعار الإيجارية، ونشر الدليل لزيادة الشفافية وتسهيل عملية التقدير.

– إنشاء وحدة لحل الشكاوى التي تنتج عن حد الإعفاء، ضمن إطار زمني محدد وبالاعتماد على معايير تقييم محددة وعادلة.

– استكمال بناء قاعدة البيانات وفحص جميع الوحدات، وربط كل الوحدات السكنية للممول في نفس الوعاء الضريبي باستخدام الرقم القومي للممول.

– تطبيق حد الإعفاء على الأشخاص الطبيعيين فقط وليس الأشخاص الاعتباريين واستبدال الإعفاءات على بعض أنواع العقارات بالائتمان الضريبي أو الtax credits، لزيادة شفافية الضريبة[43] و إلغاء إعفاء الأرض الفضاء.

2. إصلاح الإدارة الضريبية

– إنشاء لجنة لإصلاح الإدارة الضريبية تتضمن العاملين في المصالح الضريبية، وأهم الأطراف المعنية من حكومة ومشرعين والمجتمع المدني للقيام بتقييم شامل للمنظومة الضريبية، واقتراح تعديلات تعتمد على إرشادات مبادرتي الBEPS والAutomatic Exchange of Information ووضع معايير لتقييم عملية الإصلاح.

– إنشاء “هيئة للموارد السيادية” تجمع بين الثلاث مصالح الضريبية، وهي مصلحة الضرائب ومصلحة الضرائب العقارية والجمارك، تحت مظلة واحدة تشرف على أعمال كل مصلحة على حدة، وتنظم الإصلاحات وتساعد على مشاركة قواعد البيانات وتوحيد الإجراءات.

3. مكافحة التهرب والتجنب الضريبي

– تحديد أهم القوانين والعوائق الإدارية التي تقف أمام تطبيق إرشادات الBEPS، خاصة فيما يتعلق بسرية الحسابات المصرفية.

– إلغاء قوانين سرية الحسابات المصرفية، وتفعيل القوانين الخاصة بالحصول على المعلومات من قبل السلطات الضريبية (مادة 59 من قانون 53 لسنة 2014).

– تنفيذ القواعد الإرشادية للـ Automatic Exchange of Information والBEPS وخصوصًا الcountry-by-country reporting، وتصميم منظومة تبادل المعلومات وفقًا للمعايير المحاسبية والإدارية، وتطوير سجلات ملكية الشركات والصناديق لتحديد المنتفعين منها بالخارج، ومراقبة الشركات التي تعمل بالبلاد المصنفة كملاذات ضريبية ومكافحة تحرك الأرباح.

– استعادة قانون مؤشرات الثراء وتنفيذه، وذلك خطوة أولى للإفصاح عن ثروات المواطنين عند تطبيق ضريبة الثروة.

4. تنظيم وإتاحة البيانات

– إتاحة البيانات الرسمية التي عن طريقها يمكن قياس حجم وتوزيع الثروة؛ إما ضمن بحث الإنفاق والدخل السنوي أو من خلال Household Balance Sheet Data، والتي تعرض بالتفصيل حجم الأصول لكل شرائح الأسر.

– تعديل نظام عرض الموازنة العامة ليُطابق المعايير الدولية، وخصوصًا فيما يتعلق بضرائب الممتلكات، وذلك لحساب حجمها بدقة.

– حساب الفجوة الضريبية وتكلفتها، كوسيلة لتقييم جهود الإصلاحات.

5.إضافة ضرائب

–  استعادة ضريبة الأيلولة وتصميمها لتكون نسبة الضريبة تصاعديًّا وفقًا لحجم الأيلولة الكلية، وكذلك دخل الوارث بالكامل.

– تطبيق ضريبة تصاعدية دورية على الثروة تبدأ عند 1%‏ لمن يملك أكثر من 1 مليون دولار (وهي الفئة الأكثر وزنًا بين الأثرياء) وتتصاعد لتصل إلى 5%‏ لمن بحوزته مليار دولار أو أكثر.

توصيات

هناك ضرورة لوجود سياسة ضريبية متكاملة لمعالجة أزمة الصعود الحاد للا مساواة في توزيع الثروة والدخل، لما لها من آثار اجتماعية واقتصادية وسياسية لا يمكن تجاهلها. إذ أن هناك ارتباطًا بين الأزمات والاضطرابات الاقتصادية واللا مساواة، وذلك بسبب هروب رأس المال وزيادة الاضطرابات التي تنتج عن المضاربة وقلة إنتاجية رأس المال، وما ينتج عن ذلك من ضعف إنتاجية رأس المال البشري. هذا إلي جانب الآثار الاجتماعية والسياسية المترتبة علي زيادة اللا مساواة في جوانب الحياة الأخرى من فرص حياتية كالتعليم والصحة وحتى   زيادة الاضطرابات السياسية الناتجة عن زيادة الفجوات الطبقية، حتى يصير المجتمع وكأنه جزر منعزلة. لذلك فإن سياسات إعادة توزيع الثروة هي بمثابة علاج ضروري للتعامل مع جميع المشكلات التي تنتج عن تركز الثروة وسوء توظيفها.

هناك دعوات لأن تفرض ضريبة الثروة لمرة واحدة فقط، على أن تجلب إيرادات يمكن توجيهها لحل أزمة الدين العام، ويتبنى صندوق النقد الدولي هذا المقترح عند الحديث عن عجز موازنات الدول المتقدمة[44].ويمكن أن يكون لمثل هذه الضريبة آثار إيجابية تتضمن التخلي عن بعض سياسات التقشف، وإبطاء التصاعد السريع في اللامساواة وثروات الفئات العليا. وفي السياق المصري، اقترح حسن هيكل، الرئيس التنفيذي السابق لـبنك الاستثمار المجموعة المالية هيرمس EFG Hermes، ضريبة عالمية على الثروة لمرة واحدة تبلغ 10-20%‏ على الأفراد ذوي الثروات التي تفوق 10 مليون دولار، وأسماها “ضريبة ميدان التحرير”، وتوقع أنها يمكن أن تجلب إيرادات تصل ل5 تريليون دولار[45]. ويرى صندوق النقد الدولي أن الميزة الرئيسيّة لضريبة المرة الواحدة هي أنها لن تؤثر بشكل كبير على معدلات الادخار والاستثمار.

في المقابل، يقترح توماس بيكيتي ضريبة تصاعدية دورية على رأس المال. وحجته في ذلك هي أنه من الأفضل أن تكون الضريبة موزعة على فترات طويلة، حتى يمكن تحديدها لتتماشي مع ضرائب الأرباح الرأسمالية كل عام، وبذلك يصبح هناك توازن بين ضريبة الثروة وضريبة الدخل. لذلك يفضّل بيكيتي أن تُفرض الضريبة على التركات مثالاً على مدى أطول، وليس مرة واحدة بعد الوفاة. الحجة الأهم هنا هو أنه كلما زاد انتظام الضريبة، كلما كان من الممكن أن تنخفض معدلاتها، وبذلك يقل تأثيرها على الادخار. ولكن إيراداتها ستتحقق بشكل كبير وعلى فترة طويلة، بينما إذا كانت الضريبة لمرة واحدة، فسيتطلب ذلك أن يكون معدلها مرتفعًا للغاية، حتى تجلب مستوى مقبولاً من الإيرادات.[46]

من حيث المبدأ، تتمتع ضريبة الثروة بقدر كبير من المشروعية والمعقولية. هنا، يصبح الجدل متركزًا حول توقيت وانتظام واستدامة الضريبة. ويعتمد الاختيار بين ضريبة المرة الواحدة أو دوريتها على الأهداف الرئيسية من الضريبة؛ إذا كان الهدف الأساسي هو الحد من اللا مساواة وضبط أنماط تركز الثروة، سيكون من الأفضل أن تكون الضريبة منتظمة. أما إذا كان الهدف الرئيسي هو تحسين الوضع المالي للدولة، يمكن القبول بضريبة المرة الواحدة. وتجب الإشارة هنا إلى أن ضريبة الثروة تتطلب قدرة مؤسسية لجمع المعلومات الدقيقة عن الممتلكات ومشاركة المعلومات بين البنوك والأفراد والحكومات، وكذلك القدرة على قياس القيمة السوقية للأصول التي تُقيَّم الضريبة على أساسها. يعني ذلك أن استدامة الضريبة وتوقيتها مرتبطان بشكل أساسي بتطوير هذه البنية المؤسسية التي تضمن فاعلية الضريبة. ولا يختلف ذلك إذا كانت الضريبة مرة واحدة أم منتظمة.

لذا ندعو لسياسة شاملة لضريبة دورية على الثروة في مصر لمواجهة الصعود السريع للا مساواة وسوء توزيع الثروة والدخل معا فيها. خصوصًا أن الخطوات العملية الأولى لتحقيق هذه السياسة هي إصلاح الضرائب الموجودة فعلاً، وأهمها الضريبة العقارية، واستعادة ضريبة الأيلولة والعمل على تجاوز العقبات القانونية التي تقف أمامها. ولا يمكن تحقيق تنفيذ ضريبة الثروة بدون الشروط الإدارية الأساسية من مكافحة التجنب والتهرب الضريبي، خاصة الوسائل الحديثة منها عبر الملاذات الضريبية، وهو ما تعمل مصر عليه بالفعل، وتعديل تبويب وعملية صناعة الموازنة العامة للدولة وهي تعديلات مهمة ومطلوبة لذاتها.

وقد يكون من المطروح في إطار مواجهة اللا مساواة ودفع النمو الاقتصادي العادل في الوقت ذاته وجعل هذه الضرائب مقبولة سياسيًّا على مستوى المجتمع، أن يتم توجيه إيرادات الضريبة مباشرة إلى موازنة التعليم والصحة، من خلال إنشاء صندوق يهدف إلى رفع قدرات الموارد البشرية تأتي موارده من حصيلة ضريبة الثروة. وبهذا يتم توجيه جزء من الموارد من النشاطات الريعية المرتبطة بتركز الثروة إلى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين في أدنى سلم الثروة وفي حين أن هذا الاقتراح بإنشاء صندوق التعليم وتوجيه موارد ضريبة الثروة له (أو جزء محدد من حصيلتها) ربما يواجهه تحديًا قانونيًّا يتعلق بمبدأ شمولية الموازنة وعموميتها، أو ما يعرف بقاعدة عدم تخصيص الإيرادات وتخصيص النفقات، فإن زيادة الموارد بشكل عام مع الالتزام السياسي بزيادة الإنفاق على الاستثمار الاجتماعي سيكون له المردود نفسه، من تقليل حجم المقاومة لهذه السياسة.

ملاحق

ملحق 1

حصة الشرائح المئوية العشرية العليا من إجمالي الثروة في مصر ونموها من 2000-2014

تعتمد الحسابات على البيانات المتاحة في تقرير الثروة الصادر عن معهد كريدي سويس للدراسات (Credit Suisse, Global Wealth Databook) لعام 2014- صفحة 34-90، وصفحة 125-126  

ملحق 2

الحصيلة الضريبية المتوقعة في مصر على الشرائح المختلفة بتطبيق سيناريو ضريبة الثروة الذي يقترحه الاقتصادي توماس بيكيتي

تعتمد بيانات توزيع فئات الثروة وعدد الأفراد على بيانات تقرير الثروة العالمي الصادر عن معهد كريدي سويس (Credit Suisse, Global Wealth Databook) لعام 2016 – صفحة 117. باقي الحسابات قام بها الباحث.

ملحق 3

الحصيلة المتوقعة لضريبة الثروة وفقا للسيناريو الذي تقترحه الورقة

ملحق رقم 4

مقترح تبويب الموازنة العامة المعدل لضريبة الممتلكات بحسب تصنيف صندوق النقد الدولي

بينما لا تعتبر ضريبة ممتلكات:

المراجع

Atkinson, Anthony B. Inequality: What Can Be Done? Cambridge MA: Harvard University Press, 2015.

Bahl, Roy. Property Tax Reform In Developing And Transition Countries. Washington, DC: USAID, 2009. http://pdf.usaid.gov/pdf_docs/Pnadw480.pdf.

Batchelder, Lily L. “What Should Society Expect from Heirs? A Proposal for a Comprehensive Inheritance Tax.” Tax Law Review 63, no. 1 (2009): 36–38. https://doi.org/10.2139/ssrn.1274466.

Bird, Richard M., and Naomi E. Slack. International Handbook of Land and Property Taxation. Northamption, MA: Edward Elgar, 2004.

Credit Suisse. Global Wealth Report 2014. Zurich: Credit Suisse, 2014. http://economics.uwo.ca/people/davies_docs/credit-suisse-global-wealth-report-2014.pdf.

Dabla-Norris, Era; Kalpana, Kochhar; Nujin, Suphaphiphat; Ricka, Frantisek; and Tsounta, Evridiki. Causes and Consequences of Income Inequality: A Global Perspective. Washington, DC: International Monetary Fund, 2015. https://www.imf.org/en/Publications/Staff-Discussion-Notes/Issues/2016/12/31/Causes-and-Consequences-of-Income-Inequality-A-Global-Perspective-42986.

Heikal, Hassan. “A Tweet from Tahrir Square – Time to Tax the Rich.” Financial Times, November 22, 2011. https://www.ft.com/content/f39679f4-1433-11e1-b07b-00144feabdc0.

Fiscal Monitor. Taxing Times. Washington, DC: International Monetary Fund, 2013. http://www.imf.org/external/pubs/ft/fm/2013/02/pdf/fm1302.pdf.

International Monetary Fund. Government Finance Statistics Manual 2014. Washington, DC: International Monetary Fund, 2014. https://www.imf.org/external/np/sta/gfsm/.

International Monetary Fund. Fiscal Policy and Long-Term Growth. Washington, DC: International Monetary Fund, 2015. https://www.imf.org/en/Publications/Policy-Papers/Issues/2016/12/31/Fiscal-Policy-and-Long-Term-Growth-PP4964.

Kersley, Richard, and Antonios Koutsoukis. The Global Wealth Report 2016. Zurich: Credit Suisse, 2016. https://www.credit-suisse.com/corporate/en/articles/news-and-expertise/the-global-wealth-report-2016-201611.html.

Murphy, Richard. Dirty Secrets : How Tax Havens Destroy the Economy. London: Verso, 2017.

Piketty, Thomas, and Arthur Goldhammer. Capital in the Twenty-First Century. Cambridge MA: Harvard University Press, 2014.

PwC. Tax Transparency and Country-by-Country Reporting: BEPS and Beyond. London: PwC, 2016. https://www.pwc.com/gx/en/tax/tax-policy-administration/assets/tax-transparency-and-country-by-country-reporting.pdf.

Spanjers, Joseph, and Matthew Salomon. Illicit Financial Flows to and from Developing Countries: 2005-2014. Washington, DC: Global Financial Integrity, 2017. http://www.gfintegrity.org/report/illicit-financial-flows-to-and-from-developing-countries-2005-2014/.

Stiglitz, Joseph E. The Price of Inequality. New York: W.W. Norton & Company, Inc., 2013. http://books.wwnorton.com/books/the-price-of-inequality/.

Zucman, Gabriel. The Hidden Wealth of Nations: The Scourge of Tax Havens. Chicago: University of Chicago Press, 2015.

أسامة دياب. السياحة الضريبية: مسمار جديد في نعش العدالة الاجتماعية. (القاهرة: المبادرة المصرية للحقوق والشخصية، 2015)، 13.https://www.eipr.org/sites/default/files/reports/pdf/_tax_haven.pdf  

سهير أبو العنين. الضرائب على الثروة والأرباح الرأسمالية – المفاهيم وامكانيات ومشكلات التطبيق في مصر(القاهرة: معهد التخطيط القومي، 2016).http://inplanning.gov.eg/ar/Activities/Documents/.pdf

عبد القادر، مصطفى. الأزمات الاقتصادية في مصر: المخرج والحلول المتاحة: إصلاح السياسة الضريبية في مصر (القاهرة: المركز المصري للدراسات الاقتصادية، 2016).http://www.eces.org.eg/MediaFiles/Uploaded_Files/f21fe046.pdf

وزارة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري. المشروع القومي للسجل العيني للعقارات المبنية 2008-2018. (القاهرة، 2016).   http://mpmar.gov.eg/ar-eg/mop/updating-linking/Upload_Main_Entity_Db_AssetMedia_Filename_cbcad7a903418b07c43a59df0d36721d.pdf

 

الهوامش

[1]  أنظر الملحق رقم 1:

Credit Suisse, Global Wealth Databook 2014 (Zurich: Credit Suisse, 2014), 34-90; 125-126 http://economics.uwo.ca/people/davies_docs/credit-suisse-global-wealth-report-2014.pdf.

[2] Thomas Piketty and Arthur Goldhammer, Capital in the Twenty-First Century(Cambridge MA: Harvard University Press, 2014), 526-529

[3] International Monetary Fund, Fiscal Policy and Long-Term Growth, (Washington, DC: International Monetary Fund, 2015), 2-3; 11; 13-14 https://www.imf.org/en/Publications/Policy-Papers/Issues/2016/12/31/Fiscal-Policy-and-Long-Term-Growth-PP4964.

[4] Richard Kersley and Antonios Koutsoukis, The Global Wealth Report 2016(Zurich: Credit Suisse, 2016), 31-95 https://www.credit-suisse.com/corporate/en/articles/news-and-expertise/the-global-wealth-report-2016-201611.html.

[5] International Monetary Fund, Government Finance Statistics Manual 2014, (Washington, DC: 2014), 93-95 https://www.imf.org/external/np/sta/gfsm/.

[6] International Monetary Fund, Fiscal Policy and Long-Term Growth, 2-3; 11; 13-14

[7] Fiscal Monitor, Taxing Times, (Washington, DC: International Monetary Fund, 2013), 39 http://www.imf.org/external/pubs/ft/fm/2013/02/pdf/fm1302.pdf.

[8]  Piketty and Goldhammer, Capital in the Twenty-First Century, 526-527

[9]  Ibid., 526

[10] Era Dabla-Norris; Kalpana Kochhar; Nujin Suphaphiphat; Ricka Frantisek; and Tsounta Evridiki, Causes and Consequences of Income Inequality : A Global Perspective, (Washington, DC: International Monetary Fund, 2015), 8-9 https://www.imf.org/en/Publications/Staff-Discussion-Notes/Issues/2016/12/31/Causes-and-Consequences-of-Income-Inequality-A-Global-Perspective-42986.

(See also: Joseph E. Stiglitz, The Price of Inequality (New York: W.W. Norton & Company, Inc., 2013.

[11]  Anthony B. Atkinson, Inequality : What Can Be Done? (Cambridge MA: Harvard University Press, 2015), 192-201

[12]  سهير أبو العنين. الضرائب على الثروة والأرباح الرأسمالية – المفاهيم وامكانيات ومشكلات التطبيق في مصر (القاهرة: معهد التخطيط القومي، 2016).http://inplanning.gov.eg/ar/Activities/Documents/.pdf

[13] Piketty and Goldhammer, Capital in the Twenty-First Century, 523-524

[14] Ibid., 292-293; 288-294

[15] عبد القادر، مصطفى. الأزمات الاقتصادية في مصرالمخرج والحلول المتاحةإصلاح السياسة الضريبية في مصر (القاهرة: المركز المصري للدراسات الاقتصادية، 2016).http://www.eces.org.eg/MediaFiles/Uploaded_Files/f21fe046.pdf

[16] (Gabriel Zucman, The Hidden Wealth of Nations : The Scourge of Tax Havens(Chicago: University of Chicago Press, 2015

[17] Kersley and Koutsoukis, The Global Wealth Report 2016, 117

[18] انظر الملحق رقم 2.

[19] Roy Bahl, Property Tax Reform In Developing And Transition Countries, (Washington, DC: USAID, 2009), v-vi; 4 http://pdf.usaid.gov/pdf_docs/Pnadw480.pdf.

[20] Piketty and Goldhammer, Capital in the Twenty-First Century,  517

[21]  انظر الملحق رقم 3.

[22] أسامة دياب. السياحة الضريبيةمسمار جديد في نعش العدالة الاجتماعية. (القاهرة: المبادرة المصرية للحقوق والشخصية، 2015)، 13.https://www.eipr.org/sites/default/files/reports/pdf/_tax_haven.pdf

[23]Richard Murphy, Dirty Secrets : How Tax Havens Destroy the Economy (London: Verso, 2017), 102-105

[24] Ibid., 101-102

See also: Joseph; Spanjers and Matthew Salomon, Illicit Financial Flows to and from Developing Countries: 2005-2014 (Washington, DC: Global Financial Integrity, 2017), http://www.gfintegrity.org/report/illicit-financial-flows-to-and-from-developing-countries-2005-2014/.

[25] PwC. Tax Transparency and Country-by-Country Reporting: BEPS and Beyond.  (London: PwC, 2016), 11, https://www.pwc.com/gx/en/tax/tax-policy-administration/assets/tax-transparency-and-country-by-country-reporting.pdf.

[26] Murphy, Dirty Secrets : How Tax Havens Destroy the Economy, 109; 111-113

[27] Spanjers and Salomon, Illicit Financial Flows to and from Developing Countries: 2005-2014, 22

[28]  Murphy, Dirty Secrets : How Tax Havens Destroy the Economy, 117-119

[29] Ibid., 120

[30] مصطفى عبد القادر، الأزمات الاقتصادية في مصرالمخرج والحلول المتاحةإصلاح السياسة الضريبية في مصر، 35.

[31] أنظر المرجع السابق، 36-38

[32]   أنظر المرجع السابق،31-33

[33] Kersley and Koutsoukis, The Global Wealth Report 2016, 31-95

[34]  وزارة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري. المشروع القومي للسجل العيني للعقارات المبنية 2008-2018. (القاهرة، 2016).   http://mpmar.gov.eg/ar-eg/mop/updating-linking/Upload_Main_Entity_Db_AssetMedia_Filename_cbcad7a903418b07c43a59df0d36721d.pdf

[35]  قرارات وزير العدل أرقام 5110 لسنة 2011، و 4922 لسنة 2012، و 4706 لسنة 2013، و 4754  لسنة 2014.

[36] Richard M. Bird and Naomi E. Slack, International Handbook of Land and Property Taxation (Northamption, MA: Edward Elgar, 2004), 14-16

[37] الأزواج والأبناء غير المتزوجين.

[38]  حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 5 لسنة 10 قضائية بجلسة 19 يونيو 1993http://sccourt.gov.eg/SCC/faces/Portal_Pages/PortalHome.jspx?_adf.ctrl-state=19y500j6us_120

[39]حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 28 لسنة 15 قضائية، بجلسة 5 ديسمبر1998http://sccourt.gov.eg/SCC/faces/Portal_Pages/PortalHome.jspx?_adf.ctrl-state=19y500j6us_102

[40] Lily L. Batchelder, “What Should Society Expect from Heirs? A Proposal for a Comprehensive Inheritance Tax,” Tax Law Review 63, no. 1 (2009): 36–38, https://doi.org/10.2139/ssrn.1274466.

[41]  الفرق بين ضريبة الأيلولة وضريبة التركات هو أن ضريبة التركات يتم تحصيلها من اجمالي ثروة المتوفي التي يتم توريثها، بينما في ضريبة الأيلولة يتم تحصيل الضريبة بعد تقسيم الميراث على الأبناء.

[42] International Monetary Fund, Government Finance Statistics Manual 2014, 93-94

[43]  Ibid., 12; 23-24

[44] Fiscal Monitor, Taxing Times, 39

[45] Hassan Heikal, “A Tweet from Tahrir Square – Time to Tax the Rich,” Financial Times, November 22, 2011, https://www.ft.com/content/f39679f4-1433-11e1-b07b-00144feabdc0.

[46] Piketty and Goldhammer, Capital in the Twenty-First Century, 526-527

Share this post

Start typing and press Enter to search

Shopping Cart