تحسّن الأوضاع لا يخفي الفوارق الاجتماعية في المغرب
أفادت المندوبية السامية للتخطيط، بأن المغرب تمكن في العام الحالي من تحقيق أكثر من 90% من أهداف الألفية للتنمية، التي حددتها الأمم المتحدة قبل خمسة عشر عاماً.
وتجلى من البيانات التي أصدرتها المندوبية أخيراً أن المغرب، استطاع بلوغ أهداف الألفية، فيما يتصل بالقضاء على الفقر المدقع، إذ إن 0.1% في المدن، و0.5% في القرى، يعيشون بأقل من دولار.
غير أنه إذا كانت المندوبية السامية للتخطيط، تعبر عن تمكن المغرب من تحقيق الأهداف ذات الصلة بمخطط الأمم المتحدة، إلا أنها تؤكد الفوارق التي تنال من تلك النتائج.
وفي تقرير صادر عن منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة، والصندوق الدولي للتنمية الزراعية وبرنامج الغذاء العالمي، حول القضاء على الجوع، تم الكشف عنه في يوليو/تموز الماضي، إذ جرى التشديد على أنه يفترض في المغرب رصد 218 مليون دولار من أجل اجتثاث الفقر وسوء التغذية، علماً أن الذين يعانون من سوء التغذية يمثلون 5% من السكان، حيث إن كلفة اجتثاث هذه الظاهرة يقدر بحدود 0.18% من الناتج الإجمالي المحلي.
وتراجع الفقر النسبي في المغرب بين 2001 و2011 من 15% إلى 6.2%، إذ انخفض في المدن من 7.6 إلى 3.5% وفي الأرياف من 22 إلى 10%.
وتتمثل أهداف الألفية من أجل التنمية في ثمانية أهداف، وهي خارطة طريق دولية يراد منها تسريع التنمية، عبر تقليص الفقر والجوع وتحسين المؤشرات ذات العلاقة بالتعليم، وصحة الأم والأطفال.
في الوقت نفسه، يجري التشديد على تفشي الأمية في المملكة، فقد أكدت المندوبية السامية للتخطيط الثلاثاء الماضي، عند الكشف عن تفاصيل إحصاء السكان والسكنى، أن عدد الأميين وصل إلى 8.6 ملايين في المملكة.
وتدمج أهداف الألفية قضايا من قبيل تقريب الفوارق بين الرجال والنساء، غير أنه يتجلى أن النساء ما زال انخراطهن في النشاط الاقتصادي محدوداً.
وتهتم أهداف الألفية، كذلك، بدرجة محاصرة الأمراض المنقولة وفقدان المناعة، التي أفرد لها المغرب استراتيجية وطنية على مدى أربع سنوات.
غير أنه إذا كان المغرب قد اقترب من تحقيق أهداف الألفية، إلا أن ذلك لا يخفي اتساع الفوارق الاجتماعية والمجالية، التي يمكن أن يفضي تفاقمها إلى المساس بالمكتسبات التي تحققت على مستوى تقليص الفقر النقدي والمتعدد الأبعاد ذي الصلة بالتعليم والصحة مثلاً.
هذا ما يدفع المندوبية السامية للتخطيط للتذكير بأن الفقر مازال حاضراً في الريف مقارنة بالمدن، التي تنتشر فيها الفوارق الاجتماعية، فهو يعتبر أن النمو الاقتصادي في المغرب ساهم في ارتفاع الدخل الفردي بحدود 5%، موضحاً أن ذلك النمو استفادت منه الفئات الفقيرة والطبقة المتوسطة.
وشددت المندوبية على أن الفوارق الاجتماعية في المغرب تتجلى على مستوى السكن والدخل وظروف العمل، ما يفرض في تصورها، العمل على تقليص الفجوة التي تخلقها الفوارق عبر النمو الاقتصادية، من أجل تفادي النيل من التقدم الحاصل على مستوى محاربة الفقر والهشاشة.
غير أنه رغم النتائج التي يؤكد المغرب تحقيقها على مستوى محاصرة الفقر في إطار أهداف الألفية، فإن الفوارق مازالت تشغل بال الكثيرين، فهذه جمعية ” أنفاس”، تعتبر أن النتائج الاقتصادية التي يحققها المغرب ضعيفة، ما ينعكس في تصورها على التنمية البشرية، حيث يحتل المركز 130 على الصعيد العالمي، وهو ما يعكس في رأي الجمعية عدم القدرة على تجاوز بعض الأنماط القديمة لسياسة إعادة التوزيع.
ويعتبر بعض المراقبين أن توجه السكان من الأرياف نحو المدن في الأعوام المقبلة، سوف يزيد الضغط على المناطق الحضرية، بما لذلك نتائج على مستوى طلب العمل، ما ينذر باتساع دائرة الفقر الذين يمكن أن تستقبل أفرادا يعانون من الهشاشة.