رؤية اليسار للعدالة الاجتماعية (ورقة تحليلية)

رؤية اليسار للعدالة الاجتماعية (ورقة تحليلية)

أولا: تطور رؤية اليسار للعدالة الاجتماعية (تاريخيا)

يمكن التأريخ لعلاقة اليسار العربي بالعدالة الاجتماعية مبكرا مع نشوء المجموعات الماركسية في الدول العربية التي كانت في تلك الفترة تحت الاستعمار الأجنبي في النصف الأول من العشرينيات في مصر مثلا والعراق، والتي اتسمت في تلك الفترة بانتماء أعضاءها في معظمهم للطبقة الوسطى والبرجوازيات الزراعية والتجارية في المنطقة العربية، لكن في تلك الفترة اتسمت العلاقة بين مركزية القضية الوطنية والتحرر من الاستعمار وبين طرح خطاب العدالة الاجتماعية بقدر كبير من الجدلية، فتارة يصعد خطاب العدالة الاجتماعية والذي كان يتسم في تلك الفترة بالراديكالية الشديدة في استلهام صريح لتجربة الثورة الروسية وإعادة توزيع الثروة التي قامت بها، ففي مصر نشر أحمد صادق سعد كتابة “مشكلة الفلاح” سنة 1945 وقد دعا فيه إلى تحديد حد أقصى لملكية الأرض الزراعية لا يزيد عن خمسين فدان، وإلى مصادرة الأراضي التي تزيد عن هذا الحد وتوزيعها على الفلاحين المعدمين وإلى إنشاء تعاونيات زراعية إنتاجية. وقد ربط إجراء هذه التحولات بتحول جذري في الهيكل الاجتماعي – الاقتصادي للبلاد.[1] فيما تلا 1952، اتخذت المجموعات اليسارية مثل “حدتو” مواقف أكثر راديكالية فيما يتعلق بالعدالة الاجتماعية والتي اتخذتها النظم السلطوية أداة هامة لإحداث التغيير الاجتماعي ومحاولة إحلال البرجوازية الصغيرة مكان البرجوازية الكبيرة فمثلت قوانين الإصلاح الزراعي مبررا خطابيا للدولة للتعاطي مع مشكلة الفوارق الاجتماعية.[2] استطاع اليسار في تلك الفترة أن يجذر مفهومة الخاص عن العدالة الاجتماعية والمستمد من التقليد الماركسي اللينيني والمرتبط بالأساس بعملية إعادة توزيع الثروة عن طريق حركة التأميمات وقوانين الإصلاح الزراعي في كل الوطن العربي.

تمحورت في تلك الفترة إجراءات العدالة الاجتماعية التي اتخذتها النخب البرجوازية والعسكرية الحاكمة في دول ما بعد الاستقلال السلطوية في المنطقة العربية من خلال عدة محاور كان أهمها التوسع ف التعليم في الريف، وبرامج للإسكان الاجتماعي في المدن العربية الكبرى. وكانت تلك الإجراءات هي التي استمدت منها نظم ما بعد الاستقلال السلطوية شرعيتها السياسية في الحكم، والتي دفعت باليسار لأن يطرح خطابات تتعلق بالديمقراطية وحرية التعبير مما عرض المجموعات الشيوعية في البلدان العربية التي رفضت الانضمام للتحالف الحاكم في ظل تلك النظم للقمع السياسي المباشر، استمدت المجموعات اليسارية قدرة كبيرة على الحركة والمناورة السياسية خاصة في تلك الفترة والتي شهدت ما يمكن أن نسميه بالمد الاشتراكي، كانت خطابات التحرر ومواجهة الإمبريالية والرأسمالية هي سمة تلك الفترة سواء من قبل الدولة أو من المجموعات الشيوعية على يسار الدولة، أما فيما يتعلق بالجماهير العاملة والفلاحين فإنها ظلت في تلك الفترة موضع فعل من الطبقة البرجوازية ولم تتح لها فرص جدية للمشاركة السياسية في الحكم أو حتى في حرية التعبير عن مطالبها ف الحراك الاجتماعي التي شهدته تلك الفترة، ولم يكن الحضور الشعبي إلا شكليا ومبرمجا من أجل دعم مصالح النخب الحاكمة العسكرية منها والمدنية في محاولاتها للانفراد بالسلطة.

انتهى مشروع العدالة الاجتماعية كمنة أو منحة من الدولة والبرجوازية العربية إلى فشل ذريع، وساهم عدم وجود أي أفق للممارسة الديمقراطية وغياب أي مفاصل حية للعملية الديمقراطية التحتية للمجتمع في وقوع تلك التجارب بلا استثناء في شرك العولمة الاقتصادية سواء في تجربة مصر منذ الانفتاح الاقتصادي في السبعينيات، وحتى تونس في الثمانينيات بعد بورقيبة، وسوريا وتجربتها مع النيوليبرالية منذ منتصف التسعينيات، اليمن وبرنامج التكيف الهيكلي، والأردن بحكم سيطرة البرجوازية الكومبرادورية واحتكارها للموارد الاقتصادية للبلاد. ويمكن القول إن السبب الأساسي في فشل تلك التجارب ونهايتها التي تجلت في الثورات العربية هو فقدانها للشرعية السياسية لوجودها من حيث تخلى الدولة عن دورها الاجتماعي والتنموي، واستخدام تلك السياسات المتعلقة بالعدالة الاجتماعية لتغيير النخب الحاكمة وليس لتعديل الخلل في بنية الدولة.[3]

مثلت الفترة من نهاية مشروعات التحرر الوطني والثورات العربية محاولة لإطالة وقت تلك الدول عبر منظومات الدعم الاجتماعي والمساعدات الاجتماعية التي مثلت نوعا من الرشوة الاجتماعية. كل ذلك حذا باليسار خاصة منذ التسعينيات وانهيار الاتحاد السوفيتي لمحاولة بناء أفق أوسع للعدالة الاجتماعية كمفهوم شامل، راديكالي في بعض مكوناته، يلتزم بإجراءات محددة تطالب بها المجموعات والأحزاب اليسارية. فمثلا أضحت خطابات إعادة توزيع الثورة تأخذ أشكالا أكثر مرونة من التأميمات الكبرى لتتجسد في خطابات إجرائية أكثر تحديدا تتعلق بالضرائب التصاعدية على سبيل المثال.

ويبقى سؤال الشرعية السياسية للدولة في المنطقة العربية وعلاقة اليسار مع هذا التساؤل وموقعه من الإجابة عليه هاما جدا خاصة في ظل تراجع الدول العربية خاصة تلك التي شهدت الثورات عن أداء دورها الاجتماعي سواء بإذعان من المؤسسات الرأسمالية العالمية (صندوق النقد، البنك الدولي) أو حتى نتيجة الأزمة الاقتصادية الحادة التي تعانيها بسبب الاضطراب السياسي.

يمكن تلخيص علاقة اليسار بخطاب العدالة الاجتماعية في أن الخطاب كان، حتى انهيار تجارب البرجوازية التنموية واتجاه الدول العربية للحاق بركب العولمة النيوليبرالية، مقتصرا فقط على المفهوم المتعلق بإعادة توزيع الثروة، وتارة أخرى يتم تنحيته لصالح خطابات معاداة الاستعمار والإمبريالية بل وحتى في الستينيات من قبل المجموعات والمثقفين الشيوعيين في الحالة المصرية كان يتم الاستعاضة عن مركزيته في التقليد اليساري بمركزيات أخرى تتعلق بالقمع السياسي وحرية التعبير.

ثانيا: أهم نقاط القوة الخاصة باليسار والتي تساهم في اتجاه تجذير خطاب العدالة الاجتماعية

تكمن أحد التعريفات الخاصة باليسار أو ما يمكن أن نطلق علية اليسار الجديد وهو الذي لا يشترط أن تحمل شحنة إيديولوجية بالضرورة ولكنة يتعلق أكثر بكل من يدعو إلى مواقف متقدمة، والتي غالبا ما تكون في صالح الطبقات الأكثر فقرا في مقابل اليمين والذي يسعى للحفاظ على الوضع القائم.[4] طرحت الانتفاضات العربية اليسار بتعريفة الأوسع، وكان رهان الجماهير على مدى قدرة قوى اليسار على تجذير مطالبها، شكل الحراك الفرصة الأكبر لليسار في جذب منتمين جدد إليه خاصة من فئات الشباب التي شاركت في الحراك، ويمكننا بناء على الوضعية الحالية لليسار العربي أن نحاول التفريق بين نمطين أساسيين من التنظيمات اليسارية أولها اليسار التقليدي وهى تلك الأحزاب والحركات اليسارية التي كانت موجودة قبل الثورة واتخذت في معظمها مواقف متشككة من الحراك سواء لانتمائها للسلطة السياسية أو التحالف معها، وتتميز تلك الأحزاب والمجموعات بانخفاض سقف مطالبها وكونها في بعض الأحيان تلعب دور المعارضة الكرتونية، وثانيهما ما يمكن أن نطلق علية اليسار الجديد الذي جعلة الحراك الاجتماعي في الفترة السابقة على الثورة أو في الفترة التي تلتها يكتسب زخما جماهيريا خاصة في قطاعات الشباب المشارك في الحراك والذي اتضح في قيام حركات وأحزاب يسارية تعتمد في كتلتها الأساسية على هؤلاء الشباب.[5]

ويمكن تلخيص أهم نقاط القوة والتي ساهمت وتساهم حتى في لحظات الجذر الثوري في تدعيم خطابات العدالة الاجتماعية التي يتبناها اليسار الجديد:

  • طرح الحراك خطاب العدالة الاجتماعية كأهم مطالبه والذي أعطى لليسار فرصة كبيرة لطرح الخطاب الخاص به سواء في بعض الأحيان براديكالية شديدة تستدعى نمط الفصل مع النظام الرأسمالي العالمي، أو حتى بشكل أكثر تحديد، على سبيل المثال، تبني المجتمع المدني في مصر لقضية الحد الأدنى والأقصى للأجور.
  • قدرة التنظيمات اليسارية على المستوى التنظيمي وحتى قدرة الفاعلين السياسيين في الحراك على تطوير وعى خاص بالحراك مستمد من الواقع الذي تطرحه اللحظة السياسية بدون أي خطابات جاهزة للعدالة الاجتماعية كإعادة إنتاج للنظرية الماركسية اللينينية.
  • تبنى الحركات الشبابية غير المؤدلجة لخطاب العدالة الاجتماعية وقدرة هذه الحركات التي شكلت في لحظة الثورة وما تلاها هوامش غير مؤدلجة لليسار على مواجهة القمع الأمني للدولة وبجسارة شديدة، واتسام تلك الحركات بالسيولة النسبية والتي مكنتها من التجاوب بسرعة مع متطلبات اللحظة الثورية.
  • طرح الحراك وخاصة في لحظات المواجهة، وفى أعقاب لحظات القمع الشديد الذي مارسته الأجهزة الأمنية لمطلب العدالة الاجتماعية بشكل جذري وهو ما أعطى لليسار زخما كبيرا في رفع سقف المطالب الخاصة به.
  • تجدر الإشارة إلى أن هذا الفضاء اليساري العام لا يعمل منفصلا أو في قطيعة مع الأحزاب والحركات اليسارية لكنها يتفاعل معها ويتأثر بها سلبا وإيجابا، سواء بالتنسيق والتعاون أو الضغط والهجوم أو حتى بعمله بشكل مستقل أو تكوين تلك الحركات الشبابية لتحالفات جبهوية داخل الفضاء اليساري العام.[6]
  • أسبقية وجود اليسار الجديد، نعنى وجود اليسار المتعلق بالأساس بطرح خطابات العدالة الاجتماعية والقطع مع النمط الرأسمالي، والحركات الاجتماعية على وجود الفضاء العام اليساري الذي أفرزته الثورات، فيمكن مثلا التأريخ لذلك اليسار في الحالة المصرية على سبيل المثال منذ أواخر التسعينيات وبدايات الألفية الثانية مع ظهور اللجنة الشعبية لدعم الانتفاضة الفلسطينية، والتي تلاها الحراك ضد الحرب على أفغانستان والعراق، والتي ساهمت فيما بعد في بناء حركة قوية للمجتمع المدني دفعت باليسار الجديد لتبنى مفاهيم أكثر شمولا عن العدالة الاجتماعية.
  • انحياز الشباب الفاعلين سياسيا حتى في الأحزاب اليسارية التقليدية التي كانت مهادنة للسلطة للثورة منذ البداية على عكس قيادات تلك الأحزاب ويتضح هذا جليا في اليسار السوري وشباب الحزب الاشتراكي اليمني، وقام هؤلاء الشباب بتأسيس تحالفات شبابية يسارية تتناسب بصورة أكبر مع متطلبات اللحظة الثورية.[7]

ثالثا: أهم نقاط الضعف الخاصة باليسار والتي تساهم في تنحية الخطاب الخاص بالعدالة الاجتماعية

ساهمت عدة عوامل ذاتية تتعلق بضعف اليسار التنظيمي الجديد، ومداهنة اليسار القديم التقليدي للسلطة في معظم الأنظمة العربية أو انخفاض سقف مطالب هذا اليسار التقليدي عن المطالب التي طرحها الحراك الاجتماعي، وهو ما ساهم في تنحية هذا اليسار التقليدي عن الحراك (باستثناء الحالات التي انفصل فيها الشباب عن القيادات وطرحوا مواقف مؤيدة للحراك). ارتبطت تلك العوامل الذاتية في المقام الأول في ضعف البنى التنظيمية للأحزاب اليسارية سواء التقليدية أو حتى اليسار الجديد الناشئ بعد الانتفاضات، فمثلا في الحالة المصرية مثلت تجربة حزب التحالف والتي تكون بعد الثورة ليضم أطياف واسعة من اليساريين بتنوعاتهم الإيديولوجية، نجح الحزب في البداية في جذب قطاعات كبيرة من الشباب على هوامش اليسار لكن ما لبثت أن تراجعت التجربة نتيجة لصراعات تنظيمية كبيرة كان من أهمها الصراع بين الشباب والقيادات داخل الحزب.

ويمكن تلخيص نقاط الضعف التي تشترك فيها معظم التنظيمات اليسارية في العالم العربي في الاتي:

  • التفتت التنظيمي، بمعنى تشتت قوى اليسار بين عدد كبير من الكيانات الصغيرة والمتفرقة، وقد أثر هذا التفتت على الأداء السياسي لليسار خاصة في الانتخابات، فعلى سبيل المثال في الحالة التونسية في انتخابات المجلس التأسيسي التونسي التي دخلها اليسار بعشرات القوائم ولم ينجح سوى في الفوز بـ3 مقاعد فقط في المجلس، وكذلك الحال في الانتخابات الرئاسية المصرية التي دفع فيها اليسار بـ3 مرشحين رئاسيين دفعة واحدة.[8]
  • غياب التنسيق والتعاون إلى حد كبير بين تلك التنظيمات والكيانات اليسارية وبين هوامش اليسار في أحيان كثيرة، إلى جانب ذلك يمكن الإشارة لإشكالية العلاقة بين المجتمع المدني واليسار، وإشكالية التعاون مع الحركات المدنية والعكس لإحداث نوع من التكامل بينهم، كذلك بالنسبة لسقف المطالب من جهة خفضه أو زيادته لتعظيم القدرة على تنفيذ المطالب في المستقبل، وهنا يمكن العودة للحراك الذي حدث في لبنان والعراق[9] وذلك كون الحقوق الاقتصادية والاجتماعية كانت محركه الأساسي، وما احتوى عليه من دروس مستفادة من حيث دور اليسار في الحراك الاجتماعي. ومن الناحية الأخرى هناك عداء من جانب من يعمل في المجتمع المدني والحركات الاجتماعية تجاه السياسيين والذي يتسبب في استبعاد الناس لمجرد أنهم حزبيين؛ وهذه الإشكالية يمكن مواجهتها من خلال تواجد تركيبة مناسبة للحزب تعمل بشكل ديمقراطي وليس بمنطق السيطرة والتأميم ولا بمنطق الخضوع، فلا يوجد حياة للتنظيمات الحزبية اليسارية بدون تنظيم مباشر على أرض الواقع وربطها بالحركات الشعبية والجماعات.[10]
  • التأثر الواضح لكثير من التنظيمات بعقلية العمل في التنظيمات السرية والتي تتجسد في مشاكل داخلية في التنظيم تتعلق بالممارسة الديمقراطية في الداخل وتنتج حالات متعددة من النخبوية والعصبوية.
  • الانقسام الواضح بين القواعد الشبابية وغير المركزية لليسار الجديد وبين القيادات المركزية التي ساهمت في فصل اليسار في أحيان كثيرة عن حركة الشارع وتقييد قدرته على جذب هوامشه في الفضاء اليساري العام الذي أنتجته الثورة.
  • إشكالية العلاقة بين الأحزاب اليسارية التقليدية والحركات الجديدة: وفي هذا السياق لا يمكن القول أن الأحزاب السياسية كانت خارج ما حدث تماما، فلا توجد قوة سياسية نستطيع أن نجزم بأنها كانت وحدها المسئولة عن الحراك، فعلى سبيل المثال عند الحديث عن الحالة في مصر، كان جزء مهم من الحركات والائتلافات الشبابية أو ممثلي الحركات المحلية قد مروا بشكل أو بأخر على التنظيمات اليسارية السرية واشتبكوا مع النقاشات والحراك بداخلها، إلى أن الإشكالية يمكن الإشارة لها على سبيل المثال من خلال الممارسات الحزبية والي تتعامل بفوقية شديدة مع الحركات العمالية، ففي مصر مثلا كان هناك أحد الاعتصامات العمالية والذي استمر 100 يوم في أحد المصانع، وجاء أحد المنتمين للأحزاب السياسية متجاهلا تماما الاشتباك مع العمال ومطالبهم وباشر في الحديث معهم عن كيفية الاعتصام مما سبب نفورا من جانبهم لدرجة كبيرة، هناك أيضا الإشكالية المرتبة بكون العدالة الاجتماعية ليست مكونا رئيسيا في استراتيجية الأحزاب[11]، وهو ما يؤدي لضعف قدرة الأحزاب اليسارية على بلورة شعارات العدالة الاجتماعية لبرنامج انتخابي واضح قابل للتنفيذ.
  • التفاوت في المواقف بين بين التنظيمات اليسارية والنخب اليسارية والشباب الذي اتسم في اغلب الأحيان بجسارة تتخطى حاجز الراديكالية المطلبية في صراعه مع الدولة، وهو الذي منع بشكل كبير غياب تأطير واضح لهذا الفضاء العام اليساري من قبل الأحزاب والتنظيمات اليسارية.
  • وفي سياق فكرة العلاقة بين الأحزاب والحركات، على سبيل المثال في الحالة التونسية، هناك إشكالية أخرى تطرح على نطاق واسع فى عملية التواصل وبناء التحالفات، فمثلا حملة “ما نيش مسامح”[12] تعتبر حملة أفقية، وعلى الرغم من أن الحملة يوجد بها كثير من شباب الأحزاب، إلا أن اتساع أفق التنظيم الميداني مما أنتج حالة من اغتراب الأحزاب عن الشارع من حيث قدرتها على تجذير خطاباتها الموحدة، حيث توجد صعوبة في تأقلم شباب الأحزاب عند الاستماع للناس والنقاش حتى يتم الاتفاق على آليات معينة للعمل، مما يجعل شباب الأحزاب غير قادر على التواصل مع شباب الحملة فطريقة التنظيم الأفقية تحتوي على جوانب إيجابية والتي تجعل المجموعة لا تنحاز لجماعة معينة أو لحزب دون الآخر، بينما شباب الأحزاب يرتبطون بالالتزام الحزبي وبخط الحزب الذي يمثلونه، ففي الوقت الذي ركزت الحملة على فرض سقف للمعركة مع السلطة وقضية التصالح مع الفساد، كانت المعضلة الكبيرة تكمن في فرض هذا السقف على الأحزاب حتى لا تتراجع.[13]

رابعا: أهم الإشكاليات (التحديات) في المجال العام المؤثرة في دفع خطاب العدالة الاجتماعية

شكل ارتفاع هوة الفوارق الطبقية في المنطقة العربية سواء نتيجة التشوهات الهيكلية والبنيوية والتي حكمت لحظة النشأة الأولى للدولة العربية الحديثة أو نتيجة السياسات النيوليبرالية التي اتخذتها الدول العربية (مثل: مصر – تونس – اليمن – سوريا – لبنان – العراق) النواة الحقيقة لتشكل مشروعها الخاص بالحكم والسيطرة وإعادة هندسة المجتمعات العربية لصالح الطبقة الجديدة الصاعدة بعد الاستقلال.

حيث شهدت هذه الدول نتيجة لتلك الفوارق انتفاضات جماهيرية منذ 2011 ومازالت حتى الآن مستمرة بوتيرة أخف بالطبع لكنها تتجه في أغلبها لتعكس حدة الأزمة الاجتماعية التي تعاني منها الدولة العربية الحديثة، كما تعكس على مستوى سياسي أزمة الحكم التي وقعت فيها البورجوازيات الوطنية في فترات ما قبل التحرر، وما بعد الاستقلال.

كانت تلك الانتفاضات العربية هي التعبير الأكثر جذرية عن الأزمة المتعلقة بالسياسات النيوليبرالية في المنطقة العربية. وتتمثل الإشكالية الأساسية في عدم قدرة الثورات والانتفاضات على إنجاز عملية التحول والتغيير الهيكلي لبنية الدولة العربية وبالتالي سرعان ما تحولت المؤسسات من خطاب استيعاب الحراك إلى مواجهته وتجريمه من منطق “إما نحن أو هذه الاحتجاجات العمالية والاجتماعية” وذلك تحت بند استرداد هيبة الدولة، بل شهدت بعض الحالات ازدياد تمترس مؤسسات الدولة حول ذاتها باعتبار أنها في سفينة واحدة ضد المجتمع وأي حراك خارج منه.[14]

نجد مثلا أن السلطة الحاكمة في مصر بعد إزاحة مبارك كان من أوائل ما قامت به هو إصدار ترسانة من القوانين التي تجرم الإضراب والاعتصام، بداية من قانون 34 لسنة 2011، مرورا بقانون تجريم التظاهر والاعتصام والإضراب، وفي 2013 أصدر الرئيس السابق عدلي منصور قانون تنظيم الحق في الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات السلمية والذي يمنح وزارة الداخلية سلطات واسعة للتعامل مع الاحتجاجات، ويضع شروطا فضفاضة يمكن أن يتهم المتظاهرون بناء عليها بانتهاك القانون.[15]

وفي هذا الإطار تتمثل عدة تحديات وإشكاليات تتعلق باليسار وموقعة من خطاب العدالة الاجتماعية في المجال العام، وقدرته على ضبط المفاهيم والسياسات المتعلقة بالعدالة الاجتماعية منها على سبيل المثال:

  • تحول مفهوم العدالة الاجتماعية لمطلب شعاراتي رفعته الأحزاب الليبرالية والإسلامية على نطاق واسع، بدون تحديد مسبق لما يعنيه المفهوم، ولا للسياسات التي سوف تستخدمها تلك الأحزاب في دعم العدالة الاجتماعية في الواقع، وهو ما دفعها لتبنى مفهوم مشوه عن العدالة الاجتماعية يركز على المؤشرات الاقتصادية ولا يستهدف تغيير السياسات الموجهة ولا الانحيازات الخاصة بالدولة نحو تحقيق المفهوم نفسه في الواقع.[16]
  • انحياز النخب الحاكمة والحكومات المتعاقبة بعد الثورة في المنطقة العربية للسياسات التي من شأنها تعميق الفوارق الاجتماعية، سواء على المستوى القانوني والتشريعي وحتى على المستوى الاقتصادي.
  • إخفاق الثورة في إحداث التغيير الكامل في هيكل تلك الدول والتي استمرت الحكومات المتعاقبة فيها بعد الثورة في اتباع نفس سياساتها الاقتصادية التابعة لصندوق النقد والبنك الدولي والتي ساهمت قبل ذلك في عقد التسعينيات وحتى الانتفاضات الجماهيرية في تعميق الفوارق الاجتماعية. [17]
  • تراجع معدلات النمو الاقتصادي في معظم الاقتصادات العربية، سواء بسبب الأزمة المالية العالمية في 2008 ومرحلة الركود التي يمر بها الاقتصاد العالمي، أو للصراعات السياسية والمسلحة وخطر الإرهاب الذي يؤثر على عائدات السياحة (مصر – تونس).
  • المعوقات التي واجهت الثورة سواء على مستوى حرية التعبير الذي أعقب استيلاء العسكريين على السلطة في الحالة المصرية، وهو ما أجهض عملية التحول الديمقراطي، أو الصراعات المسلحة والنزاعات الطائفية والقبلية كما في الحالة السورية واليمنية والليبية.
  • الخلل الهيكلي في الاقتصاديات العربية والذي يفرض عليها التبعية الشديدة لاقتصادات المركز، فلا يمكن التفكير في العدالة الاجتماعية بدون التفكير في فك الارتباط مع النمط الرأسمالي القائم، ومحاولة إحلال الصناعة والاقتصاد الإنتاجي محل الاقتصاد الريعي.[18]
  • دخول اليسار في صراعات سياسية بعيدة عن الصراع الطبقي مثل صراع الدولة الدينية والدولة المدنية أو ضد الإرهاب.[19]
  • التكوين المجتمعي التي تشكل بفعل عمليات الخصخصة والانفتاح الاقتصادي وعملية دمج الاقتصادات العربية في الرأسمالية النيوليبرالية على أساس ريعي لم يحقق قدرا ن التراكم الكمي الذي يساهم في توزيع أعباء التشغيل والأرباح بقدر من التساوي بين الأفراد والمناطق الجغرافية المختلفة في الدولة الواحدة.
  • التركيز في السياسات الاقتصادية المتخذة من قبل الحكومات المتعاقبة بعد الثورات على معالجة الاختلالات في موازين المدفوعات وعجوزات الميزانية وغيرها من المؤشرات الرقمية الأخرى وعدم خلقها لسياسة اقتصادية ذات انحياز اجتماعي واضح للقطاعات المهمشة.
  • التفسيرات المجردة للانتفاضات العربية في المجال العام ومحاولة سحب أسبابها على فلك الحريات السياسية والفجوة الجبيلية وأثر التطور التكنولوجي على إمكانات التواصل والتنظيم، أو ببساطة تفسير أن الخصوصية العربية تنزعها عن سياق الأزمة العالمية المتعلقة بسوء توزيع الثروة على المستويات المحلية والإقليمية والعالمية. [20]
  • اللا مساواة متعددة الأبعاد في المجتمعات العربية، حيث نجد أن اللا مساواة لا تتمحور فقط حول فقط حول المساواة في الدخول الفردية، لكن هناك تمييز ضد المرأة في الإنتاج والتعليم والصحة وغيرها من المجالات التي تدعم من الفوارق الاجتماعية حتى في المستوى الأفقي.[21]
  • الفساد والمحسوبية وهو ما انتهى لوجود ما يسمى “رأسمالية المحاسيب” حيث تتركز الثروة في يد فئات قليلة، والتي أدت لإلحاق ضرر كبير بالمنافسة في الاقتصاد، مما يؤدى لتهميش الشركات الصغيرة والمتوسطة كما يؤدى لتعطيل عملية الابتكار وتبنى حلول تكنولوجية لرفع الإنتاجية ترفع من إمكانية العمل وتعزز تنافسية الشركات.[22]
  • ترسانة التشريعات المعمقة للفوارق الاجتماعية وأولها التدابير التشريعية والمالية والتي تمتد لمرحلة ما بعد الاستقلال، والتي تحدد علاقات العمل بالأجور على أسس لاعقلانية توزيعية، ومن ثم حينما بدأت سلسلة التحولات الاقتصادية نحو اقتصاد السوق الحر في السبعينيات ساهمت تلك التشريعات في موجات من التسريح الجماعي للعمال والذي ساهم في تفاقم الفقر والبطالة، وثانيها ترسانة التشريعات ذات الطابع السياسي والمقيدة للحريات الأساسية التي أصدرتها الأنظمة بعد الثورة كما في حالة مصر مع قانون الإرهاب، وثالثها ترسانة التشريعات المتعلقة بحقوق التنظيم والتي تجرم مثلا الاعتصام والتجمهر بما يضر سير العمل، وما يتبعها من إجراءات قمعية للاعتصامات والإضرابات العمالية والمهنية.[23]
  • القدرة الضعيفة لليسار على صياغة تحالفاته السياسية على أسس برامجية بعيدا عن حسابات العملية الانتخابية الضيقة، ففي الحالة المصرية مثلا نجد تحالف الكتلة المصرية التي اتجه فيه الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي المحسوب على يسار الوسط وحزب التجمع المحسوب عل قوى اليسار التقليدي للتحالف مع حزب يميني وهو المصريين الأحرار، أو في الحالة اليمنية حيث تحالف الحزب الاشتراكي اليمنى مع حزب الإصلاح الديني في اللقاء المشترك. [24]
  • فشل الحراك النسبي في بناء عامل الثقة ورأس المال الاجتماعي بين النخبة الجديدة التي أنتجتها الثورة وبين الجماهير.

خامسا: أهم الفرص المتاحة في المجال العام

تكمن مجازية الشعار الذي أطلقته الثورة التونسية ” الشعب يريد ” وتلتها الثورة المصرية وتبعتها الثورات العربية في رفع هذا الشعار هي الأكثر تعبيرا عن واقع الجماهير العربية، حيث جاءت صيغة المضارع لتعبر عن “هنا والأن” التي رفعتها الجماهير العربية في مواجهة سياسات الإفقار التي يتعرض لها السواد الأعظم من الجماهير من جراء السياسات النيوليبرالية، تلك “الحالية واللحظية الشديدة ” بل والاستمرارية التي طرحتها الجماهير في صورة سيرورة مطالبها التي كانت بمثابة قبلة الحياة لليسار واليسار الجديد الذي نشأ في فضاءات ما قبل الثورة بسنوات، وقادت في تلك السنوات حركة واسعة لربط اليسار بالمجتمع المدني سواء بمؤسساته الحقوقية والبحثية والأهلية، بنقابات العمال التي استعادت قدرتها على التنظيم المستقل في الفترة ما قبل الثورة كما في الحالة المصرية، أو التي اكتسبت قدرا من الزخم النضالي في الحالة التونسية، مكنت تلك الانتفاضات اليسار بمفهومة الأوسع لأول مرة من الخروج من قوقعة السلطوية السياسية، لطرح الخطابات في المجال العام الذي أنتجته الثورة ولا يمكن أن نتحدث عن تغيير كامل بين ليلة وضحاها لكن في المجال العام تطرح عدد من الفرص لدعم وتجذير الخطابات الاجتماعية كما تطرح العديد من الإشكاليات. دعمت الحركة الجماهيرية من قدرة اليسار على الانتشار خاصة في أوقات المد الثوري وبين أوساط المشاركين في الحراك والفاعلين السياسيين خاصة من الشباب، وقدم اليسار عده تجارب تنظيمية جديدة تربط مفهوم اليسار بالمواقف التقدمية التي يتخذها من حركة الجماهير وليست مرتبطة بقدر كبير بالشحنة الإيدلوجية التي من المفترض أن تحملها تلك التنظيمات.

 ويمكن إيجاز الفرص التي طرحها المجال العام واللحظة الثورية على اليسار كما يلي:

  • طرح الحراك لأول مرة في تاريخ الدولة العربية الحديثة وبشكل جذري ثنائية ” المجتمع ضد الدولة ” موضع اختبار، حيث انفكت حالة السيولة المرتبطة بلحظة التأسيس الأولى للدولة العربية القائمة على تحديث فوقى يقوم على بناء مواءمات وتفاهمات مناطقية وقبلية وعائلية، أصبحت الجماهير أكثر وعيا بذلك التناقض الصارخ خاصة بعد انهيار التجربة البرجوازية التنموية التي كانت تمثل حجر الأساس للشرعية السياسية لنظم التسلط العربية، لذلك لم تعد تلك المنح البرجوازية الاقتصادية المتمثلة في الدعم مثلا قادرة على بناء شرعية سياسية للدولة في مواجهة المجتمع الأكثر فقرا، بل وفى مواجهة أجيال جديدة حتى من شباب الطبقات الوسطى الذي وضعتهم الدولة جانبا في خططها النيوليبرالية لإعادة هيكلة الاقتصاد.
  • مكنت السنوات السابقة على الثورة والسنوات التالية لها المجتمع المدني في لعب دور كبير في ربط اليسار بهوامشه، وفى تأطير خطابات شاملة للعدالة الاجتماعية كان من الممكن أن تستغلها التنظيمات اليسارية بشكل أفضل.
  • اكتساب النقابات المستقلة القدرة على التنظيم في بعض الحالات (الحالة المصرية) بالخصوص، بعيدا عن النقابات المؤممة سابقا من قبل الدولة والتي لعبت دورا هاما في القمع والسيطرة على العمال في السنوات السابقة للثورة.
  • جعل الحراك الأمر يبدو صعبا على الدولة التسلطية، حيث لم يعد التراجع لحالة ما قبل الثورة للقمع الشديد ممكنا إلا بتكلفة أمنية وسياسية ودولية كبيرة، يتضح ذلك أكثر في الحالة التونسية التي قلت فيها وبشكل ملحوظ هوامش القمع الأمني للدولة في مقابل زيادات كبيرة في المساحات التي اكتسبها الحراك من حيث الحريات الأساسية مثل حرية التعبير والتظاهر والتنظيم. كما استطاعت التجربة التونسية كسب فرص جديدة ومساحات جديدة في أعقاب خلع بن على حيث أصبحت مسألة الحراك في تونس وخاصة موضوع النقابات تملك بعض الخصائص الجديدة مثل: الرعاية والتواصل، فمنذ أكتوبر 2016 حتى الآن لم تتوقف التحركات والاحتجاجات في كامل أنحاء الجمهورية، ولعل المحاور التي تركز عليها الاحتجاجات هي الاستئثار بالموارد الطبيعية وكذلك طبيعة العمل والتجنيد المنتشرة، ويتميز هذا الحراك كونه يعبر عن أشكال جديدة من الاحتجاجات، والتي عادة لا تكون كبيرة بل تكون محلية أو مرتبطة بهدف معين مثل أموال التنمية التي يتم جمعها من الجمعيات، مكافحة الفساد واستغلال الموارد الطبيعية والارتباط بينهم.[25]
  • تحتاج عملية الربط والتغيير من أجل العدالة الاجتماعية لحركات بأشكالها التنظيمية المختلفة كالاحتجاجية والشعبية المطالبة بمطالب معينة، مع ضرورة التنسيق بينهم والنظر إلى الحل الذي تقدمه، وعلاقة العدالة الاجتماعية باليسار، فجزء من ممارسة اليساريين تقليدي جدا ويرتبط بالمستوى الحضري فلا يطرح المسائل الريفية والزراعية أو النسائية، حيث أنه لا يمكن اعتبار أن المسائل البيئية والمناخية والغذائية منفصلة عن مواضيع العدالة الاجتماعية، وكذلك مسألة الجنسيات المختلفة أو الفئات المهمشة ما زالت غير مطروحة كجزء من النضال لأجل العدالة الاجتماعية، فكل ما يتعلق بالنظام المناطقي أو الجهوي ما زال قائم، فالنظام السياسي القائم على الفجوة المناطقية على حساب مناطق أخرى وكذلك الفروق بين المرأة والرجل، حقوق الطفل وبالتالي لابد أن يتركز الاهتمام على تلك القضايا وارتباطها بالعدالة الاجتماعية وأن تكون ذات بعد سياسي وربط إشكاليتها بالنظام الرأسمالي، أي وجود هوية يسارية تسعى نحو التغيير.[26]
  • فتح لأول مرة في المجال العام (الحالة المصرية بالخصوص) نقاش كبير حول الدور الاقتصادي للعسكريين وضرورة مراقبة الميزانية الخاصة بالجيش، كل هذا منى بالفشل جراء انتصار الثورة المضادة في مصر ووصول العسكريين للسلطة، لكن لا يزال صدى تلك النقاشات كبير في المجال العام.
  • طرح الحراك خاصة في الحالة المصرية والتونسية لأليات لتحقيق العدالة الانتقالية كجزء هام من مطالب العدالة الاجتماعية، مثل قانون العزل السياسي في مصر أو حملة “ما نيش مسامح” في تونس والتي ترفض التصالح الاقتصادي مع نخب رجال أعمال بن علي حتى الأن.
  • ركزت النقاشات في المجال العام بعد الثورات على علاقة السلطوي بالسياسي والاقتصادي، وعلى دور شبكات المصالح في عملية الفساد، وعلى دورها في إبعاد مفاهيم العدالة الاجتماعية عن المشهد والصورة فيما تلي انهيار تجارب التنمية البرجوازية.

ويمكننا إجمال تلك الفرص التي طرحتها اللحظة الثورية في أنه ولأول مرة كانت هناك محاولة لتأسيس عقد اجتماعي جديد بين الدولة والمجتمع في المنطقة العربية، قائمة على ثنائيات حداثية تتعلق بالحكم الرشيد، حرية التعبير والتنظيم، القدرة على تمكين الفئات المهمشة والأكثر تهميشا تمكينا اقتصاديا، ولا يعنى الفشل اللحظي التي تعاني منه الحركة الجماهيرية في مقابل النخب الدولاتية الحاكمة القديمة أن تلك المحاولة قد باءت بالفشل كليا، لكنها وكما يقول “جلبير الأشقر ” مقدمة لسيرورة ثورية مستمرة ما استمرت الأسباب الدافعة لها.

ــــــــــــــــــــــــــــ

[1] للمزيد يمكن العودة لـ أحمد صادق سعد، مشكلة الفلاح، دار القرن العشرين، القاهرة، 1945.

[2] أنور عبد الملك، المجتمع المصري والجيش، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 2013، ص 110-134.

[3] فتحي الشامخي، التحديات التي تواجه القوى الداعمة للعدالة الاجتماعية في المنطقة العربية، في محمد العجاتي (محررا)، العدالة الاجتماعية بين الحراك الشعبي والمسارات السياسية في البلدان العربية، منتدى البدائل العربي للدراسات، 2015، https://goo.gl/FSufrL

[4]سلامة كيلة، اليسار السوري في واقعة الراهن، الحوار المتمدن، 24 أبريل 2004، https://goo.gl/YaE72f

[5]حبيبة محسن، الأداء السياسي لليسار بعد الثورات العربية، في “اليسار والثورات العربية”، منتدى البدائل العربي للدراسات، أبريل 2013، https://goo.gl/u9qogD

[6]حبيبة محسن، المرجع السابق.

[7]حبيبة محسن، المرجع السابق.

[8]حبيبة محسن، المرجع السابق.

[9] للمزيد حول الحراك في لبنان والعراق: العدالة الاجتماعية بين الحراك الشعبي والمسارات السياسية في البلدان العربية، https://goo.gl/ibd97Q

[10] المصدر، حلقة نقاش حول تطوير دور اليسار في العدالة الاجتماعية عقدت في تونس في 25 مايو 2017.

[11] المصدر السابق.

[12] للمزيد حول حملة ما نيش مسامح، فيسبوك، https://goo.gl/PQgjzK

[13]  حلقة نقاش حول تطوير دور اليسار في العدالة الاجتماعية عقدت في تونس في 25 مايو 2017، مرجع سبق ذكره.

[14]محمد العجاتي، مقدمة كتاب (العدالة الاجتماعية بين الحراك الشعبي والمسارات السياسية في البلدان العربية)، منتدى البدائل العربي القاهرة، 2015، https://goo.gl/FSufrL

[15]مصر: قانون التظاهر الجديد يطلق العنان لقوات الأمن، منظمة العفو الدولية، نوفمبر 2013، https://goo.gl/jRXL3g

[16]فؤاد الصلاحي، ثورات الربيع العربي ومطلب العدالة الاجتماعية، في “اليسار والثورات العربية”، منتدى البدائل العربي للدراسات، أبريل 2013، https://goo.gl/u9qogD

[17]وائل جمال، لماذا يتواصل المشروع النيوليبرالي في المنطقة، في محمد العجاتي (محررا)، العدالة الاجتماعية بين الحراك الشعبي والمسارات السياسية في البلدان العربية، منتدى البدائل العربي للدراسات، 2015، https://goo.gl/FSufrL

[18]سلامة كيلة، الرأسمالية والعدالة الاجتماعية، النمط الرأسمالي القائم ينف العدالة الاجتماعية، في محمد العجاتي (محررا)، العدالة الاجتماعية بين الحراك الشعبي والمسارات السياسية في البلدان العربية، منتدى البدائل العربي للدراسات، 2015، https://goo.gl/FSufrL

[19]سلامة كيلة، المرجع السابق.

[20]وائل جمال، العدالة الاجتماعية والثورات العربية إشكاليات المفهوم والسياسات، العدالة الاجتماعية: المفهوم والسياسات بعد الثورات العربية، منتدى البدائل العربي للدراسات، 2014، https://goo.gl/CRuh2v

[21]محمد السيد السعدى، الفوارق الاجتماعية في المنطقة العربية، المفهوم والإشكاليات، الفجوات الاجتماعية والفوارق الطبقية في المنطقة العربية، منتدى البدائل العربي للدراسات، 2016، https://goo.gl/hgJN85

[22]محمود عبد الفضيل، رأسمالية المحاسيب، دار العين للنشر، 2011، ص 69.

[23]المحددات الهيكلية لتعميق الفوارق الاجتماعية في المنطقة العربية، الفجوات الاجتماعية والفوارق الطبقية في المنطقة العربية، منتدى البدائل العربي للدراسات، 2016، https://goo.gl/hgJN85

[24] حبيبة محسن، الأداء السياسي لليسار بعد الثورات العربية، مرجع سبق ذكره.

[25] حلقة نقاش حول تطوير دور اليسار في العدالة الاجتماعية عقدت في تونس في 25 مايو 2017، مرجع سبق ذكره.

[26] المصدر السابق.

Start typing and press Enter to search

Shopping Cart