العدالة الاجتماعية: الطريق لاستكمال الثورة في مصر (دراسة حالة حول مطالب الجماهير وممانعة السلطة)
فصل ضمن كتاب: العدالة الاجتماعية: المفهوم والسياسات بعد الثورات العربية
تقديم
بصرف النظر عما آلت إليه الشعارات التي رفعت في تاريخ الثورات الجماهيرية عبر التاريخ، أو حتى قدرة بعض الساسة على التلاعب بها وتوظيفها لخدمة مشروعات طبقية مغايرة تسعى لاستخدام تحركات الطبقات الثائرة كوقود في معركتها للاستئثار بالسلطة كما فعلت البرجوازية مع الثائرين من العمال والفلاحين في حربها لهزيمة الإقطاع، كانت هذه الشعارات تصبو إلى استرداد الحق في حياة يتساوى فيها البشر في الحقوق والواجبات، حياة سلبت عبر سلسلة تاريخية من الاستيلاءات على السلطة والثروة. فشعارات مثل الحرية، والآخاء، والمساواة، التي صاحبت الثورة الفرنسية ذاتها كانت تعبيرا عن حاجة طبقات فقيرة للتخلص من الانسحاق، وتلتها شعارات أخرى أكثر ملموسية كلما تطورت المجتمعات وأصبحت قضايا الصراع أكثر وضوحا.
لذلك يمكننا أن نرى في شعارات الثورات العربية المتنوعة “عيش، حرية، عدالة اجتماعية، كرامة إنسانية” هي الأخرى تعبيرا واضحا عن حال وطموحات المواطن العربي المنتمي للطبقات الفقيرة والمتوسطة المنسحقة، بسبب ما فرضته عليه الطبقات الحاكمة على مدار عشرات السنين من تصورات ومشروعات لإدارة الحكم والاقتصاد والمجتمع، كلها كانت في بدايتها تعبيرا عن حلم في الانطلاق بعد سنوات طوال تحت الاحتلال الأجنبي، ثم آلت لقمع واستغلال وإفقار غير مسبوق بفعل سيطرة طغم مالية متحالفة مع ديكتاتورية عسكرية تقود بيروقراطية دولة “عميقة”.
فالحق في العيش (أيا كان المدلول رغيف الخبز، أو الحق في الحياة، فكلاهما واحد) مرتبط بتحقيق الحريات والإنهاء على عهود القمع وتكميم الأفواه، فالخبز المغمس بالذل والقهر لا يقوى على صلب أبدان، وبالطبع العيش والحرية حقان لا يمكن تصور الحصول عليهما دون العيش في مجتمع متوازن يحق لأغلبيته التمتع بالثروات التي تنتجها بنفسها، ومن ثم فإعادة توزيع الثروة، واستعادة ما تم نهبه -تحت مسميات عديدة- هو الطريق لتحقيق العدالة الاجتماعية، ولكن هل يمكن إعادة توزيع الثروة دون خلق مجتمع ديمقراطي تشارك فيه تلك الأغلبية في اتخاذ القرارات في كافة مناحي شؤون حياتها؟ هنا فقط يمكن الحديث عن الكرامة الإنسانية، فمن يشارك في الثروة والسلطة هو من يستطيع العيش بكرامة وترد إليه إنسانيته، فتقليص الفوارق بين طبقات المجتمع وإعادة تشكيل خريطته الطبقية لا بد وأن يصاحبه تطهير وإعادة هيكلة لمؤسسات الدولة والمجتمع وخصوصا الشرطة التي تستخدم نفوذها وسلطتها لصالح خطط الحكام/المستأثرين بالثروة.
ولكن “الحاصل الآن أن العدالة الاجتماعية أقرب إلى الشعار المبهم منها إلى المفهوم الواضح. ولذا تشتد الحاجة إلى إلقاء الضوء على معنى العدالة الاجتماعية، وعلى العلاقة بينها وبين عدد من المطالب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الأخرى… العدالة الاجتماعية هى تلك الحالة التى ينتفى فيها الظلم والاستغلال والقهر والحرمان من الثروة أو السلطة أو من كليهما، والتى يغيب فيها الفقر والتهميش والإقصاء الاجتماعى وتنعدم فيها الفروق غير المقبولة اجتماعيا بين الأفراد والجماعات والأقاليم داخل الدولة، والتى يتمتع فيها الجميع بحقوق اقتصادية واجتماعية وسياسية وبيئية متساوية وحريات متكافئة.. والتى يعم فيها الشعور بالإنصاف والتكافل والتضامن والمشاركة الاجتماعية، والتى يتاح فيها لأفراد المجتمع فرص متكافئة لتنمية قدراتهم وملكاتهم ولإطلاق طاقاتهم من مكامنها ولحسن توظيف هذه القدرات والطاقات بما يوفر لهؤلاء الأفراد فرص الحراك الاجتماعي الصاعد، وبما يساعد المجتمع على النماء والتقدم المستدام، وهى أيضا الحالة التى لا يتعرض فيها المجتمع للاستغلال الاقتصادي وغيره من آثار التبعية لمجتمع أو مجتمعات أخرى، ويتمتع بالاستقلال والسيطرة الوطنية على القرارات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية”.[1]
النمو الاقتصادي ليس معيارا (1952- 2011)
بالرغم من قدم مطلب العدالة الاجتماعية في مصر، لكن سنكتفي هنا بعمل مدخل قصير لفترة قريبة من تاريخ مصر الحديث منذ هيمنة العسكر على السلطة بعد جلاء الاحتلال، كمقدمة يسهل منها عمل رابط مع فترة حكم مبارك واندلاع الثورة وصولا لوضعنا الآن بعد مرور ثلاث سنوات من الثورة.
انتبه نظام حركة ضباط 23 يوليو 1952 منذ أول لحظة للمطالب الجماهيرية التي طالما شقت حناجرها تريد العدالة الاجتماعية، بعد أن ظل العمال والفلاحون يعملون في حقب أشبه بالسخرة، يتقاضون فيه أجورا زهيدة ويحيون حياة بائسة. أسفر هذا الانتباه عن تطبيق سلسلة من الإجراءات وسن حزمة من القوانين، يدعوها البعض بـ”الاشتراكية” انتهجتها حكومة يوليو وعبد الناصر، ولكن بهدف تشييد دولة تنموية مستقلة، تسعى لرفع معدلات النمو والتصنيع، بدأت هذه السياسة مع قدوم الضباط إلى السلطة بسلسلة من قوانين الإصلاح الزراعي بهدف جذب الاستثمار من المجال الزراعي للصناعي، مرورا بتأميم قناة السويس وعدد من الشركات لملء خزينة الدولة للقيام بمشروعات كبرى، وصولا للخطط الخمسية للنهوض بالاقتصاد، هذا التصور لم يكن ممكنا تحقيقه سوى بتقديم بعض التنازلات للقوى العاملة بالمجتمع والتوسع في التعليم والتوظيف بهدف خلق درجة من الاستقرار تسمح لهذا التصور لأن ينجح، بالطبع حدث ذلك وسط موجة قمعية شديدة للتخلص من كل القوى السياسية المناوئة للحكم الجديد من اليمين واليسار على حد سواء.
وعندما وصل السادات للسلطة بعد وفاة عبد الناصر الذي اختاره بنفسه نائبا له، وعلى خلفية أزمة اقتصادية وسياسية بدأت تدب في الواقع المصري بعد فشل خطة التنمية ونكسة 5 يونيه 1967 رأى السادات أن الطريق لا بد له وأن يتحول، فموالاة السوفيت تحولت للولايات المتحدة، والحرب مع إسرائيل تحولت لسلام بموجب اتفاقية رعتها الإمبريالية الأمريكية، واقتصاد التنمية المستقلة تحول إلى اقتصاد طفيلي لفتح الباب على مصراعية للاستثمار الأجنبي، والذي أدى في النهاية إلى انتشار الفساد والمحسوبية وبداية انهيار الصناعة الوطنية والقطاع الزراعي مما مهد الطريق إلى انتفاضة الشعب في يناير 1977 للمطالبة بوقف العبث بمقدرات حياة المصريين، والتراجع عن قرارات رفع الأسعار، ووضع حد لتدهور مستويات المعيشة في وقت انتعشت فيه شريحة التجار والمهربون والسماسرة على حساب أقوات الناس اليومية.
وبوصول مبارك الوريث الثاني للسلطة، ساءت الأمور أكثر فأكثر، فالصناعات في طريقها للانهيار بفعل تشجيع القطاع الخاص والاستثماري على حساب خطط إحلال وتجديد شركات القطاع العام، الذي قررت الدولة التخلص منها عبر مشروع تفكيكها تمهيدا لخصخصتها، مما أسفر في النهاية عن خروج عشرات الآلاف من العمال للمعاش المبكر وبيع شركاتهم بأبخس الأسعار كاستجابة لبرنامج التكيف الهيكلي الذي فرضه البنك وصندوق النقد الدوليين على النظام المصري نظير معونات وقروض بات الشعب الفقير يسدد أقساطها وحده، وتوقفت التعيينات وأضحت الدولة غير مسئولة عن مواطنيها وعمالها، وكأنها طرفا يمارس فقط التسهيلات للمستثمرين والقمع ضد من تسول له نفسه لمواجهة النظام وخططه التي أدت في النهاية إلى سيطرة رجال الأعمال على مقاليد الأمور في ظل حكومة أحمد نظيف التي دفعت بكامل طاقتها في تطبيق سياسات أكثر نيوليبرالية حتى ظهرت نتائج تحالف المال والتكنوقراط في “احتلال الاقتصاد المصري المرتبة 81 فى تنافسية الاقتصادات فى العالم وفقا للمنتدى الاقتصادى العالمى في عام 2009، بعد أن كان يحتل المرتبة 77 فى عام 2008 والمرتبة 71 فى 2006 والمرتبة 53 فى 2005”.[2]
لقد تباهت أنظمة الحكم المتعاقبة منذ 23 يوليو 1952 حتى 25 يناير 2011 بتحقيق معدلات نمو اقتصادي مرتفعة، فقد أعلن البنك الدولي في تقريره رقم 870 أن مصر استطاعت تحقيق نسبة نمو في الفترة من 1960 – 1967 في الناتج المحلي الإجمالي في المتوسط بنسبة 6% سنويا وبنسبة سنوية 3% في الفترة 1967-1973، بالأسعار الثابتة.[3] وارتفعت بعد ذلك نسبة النمو في الناتج القومي الإجمالي نتيجة عوائد النفط والمصريين العاملين بالخارج. وفي عهد مبارك فى الفترة بين 1980 إلى 1984 وصلت نسبة النمو إلى متوسط قدره 6.99% وفى الفترة ما بين 1985 إلى 1989 تراجعت لتجرى بمتوسط سنوي قدره 2.92% بينما عادت للارتفاع بدءا من العام المالي 2006-2007 وحتى عام 2008-2009 بنسب تتراوح حول 7.1%، وحدث انتعاش طفيف في الاقتصاد نتيجة عوائد خصخصة الشركات، كما تحقق فائض كبير في صافي الاحتياطيات الدولية، بلغت ذروته نحو 36 مليار دولار في ديسمبر 2010.[4] بالطبع نسب النمو هذه ظاهرية وليست حقيقية، أي لا تراعي التغير الحاصل في الأسعار ووقعها على دخول المواطنين.
ولكن “الهدف الأسمى لأي اقتصاد هو أن يعيش السواد الأعظم من السكان حياة كريمة وآمنة، وهذا معناه: 1) أن تتوفر للأغلبية، على الأقل، كل متطلبات الحياة الأساسية، وهو ما يمكن تسميته بـ”الكفاية”؛ 2) إلا تتعاظم الفروق في مستويات المعيشة بين السكان إلى حدود غير إنسانية وغير منطقية، وهو ما يمكن تسميته بـ”العدالة”؛ 3) أن يتحقق الأمان للبشر، أي إلا يتهددوا بفقدان الدخل أو بتدهور مستوياتهم المعيشية، وهو ما يمكن تسميته بـ”الضمان”.[5] وبالتالي فتحقيق النمو ليس هدفا في حد ذاته من منظور الأغلبية إن لم يعكس نفسه في تحسن مستوى معيشتهم وضمان حياة مستقرة آمنة.
ومما يثبت أن تحقيق نمو في الاقتصاد لم ينعكس بشكل جيد على حياة المصريين وسياسات التشغيل هو مؤشر نسب البطالة، ففي عام 1960 كان معدل البطالة 2.5% من إجمالي حجم القوى العاملة، وفي تعداد 1976 قفز الرقم إلى 7.7%، ثم إلى 14.7% في 1986، وانخفض في 1996 إلى 8.8، وفي 2002 ارتفع ثانية حتى وصل إلى 9.1%. وتلك الأرقام الرسمية تتعلق فقط بالبطالة السافرة، فهي لا تشمل البطالة الموسمية، أو الذين يعملون في حرف وقطاعات هامشية لا استمرار فيها، بينما تقدر دراسات علمية حجم ونسبة البطالة الحقيقية في مصر اعتمادا على أرقام وبيانات أعلنتها اللجنة العليا للتشغيل برئاسة مجلس الوزراء بما يقرب من ضعف البيانات الرسمية. وظهرت ملامح أبشع سيطرة لرأس المال عل الحكم في عهد مبارك، بامتلاك 2% من السكان 40% من إجمالي الدخل القومي و8% من السكان يحصلون على ثلثي الدخل القومي و68% من السكان يملكون ما لا يزيد عن ربع الدخل القومي فقط.[6]
مصر الثورة في مواجهة ظلم مبارك
لم يمر هذا الجور الاجتماعي بسلام، فبالرغم من أن مبارك قد تعلم من درس انتفاضة يناير 77، إلا أن ذلك لم يمنعه من اتباع سياسات اقتصادية واجتماعية ظالمة لسواد الشعب، ومن ثم استمرت الحركة الاحتجاجية ضد تلك السياسات. مرت الحركة الاحتجاجية في مصر في عهد مبارك بثلاث مراحل، بدأت الأولى مع موجة احتجاجات عمال المحلة في عام 1984 وانتهت مع اعتصام الحديد والصلب الشهير في أغسطس 1989، وتلتها مرحلة السنوات العجاف في التسعينيات التي لم تشهد تقريبا غير ومضتي انتفاضة عمال كفر الدوار في 1994، وانتفاضة الفلاحين خلال عام 1997 ضد الطرد من الأراضي الزراعية، علاوة على إضرابا عاما لم ينتبه له وهو إضراب عمال المناجم والمحاجر في عام 1994. وعادات الحركة لتشم أنفاسها مع بداية الألفية الجديدة في حركة تضامن واسعة مع الانتفاضة الفلسطينية (2000-2002)، تلتها حركة ضد الحرب الإمبريالية على العراق (2002-2003)، حتى شاهدنا صعود حركة التغيير الديمقراطي (2004-2006) والتي أعقبتها حركة عمالية صاعدة من المحلة وموظفو الضرائب العقارية وعدد من عمال الشركات المتعطلة أو المخصخصة (2006-2008)، واستمرت الحركة في الصعود باسترجاع شقيها الديمقراطي والسياسي متمثلا في الجمعية الوطنية للتغيير (2009-2010)، ورفض المحاكمات العسكرية وأساليب قمع الشرطة للمواطنين، وانتقال احتجاجات العمال إلى أرصفة اتحاد العمال ومجالس الوزراء والشعب والشورى، حتى اندلعت شرارة الثورة في 25 يناير 2011، احتجاجا على مجمل سياسات الإفقار والظلم من ارتفاع نسب البطالة، والافتقار للسكن والصحة الآدميين، وسوء الأحوال المعيشية، وارتفاع أسعار السلع الأساسية، وتدني الخدمات الأساسية، وانتشار الفساد، علاوة على تقييد الحريات السياسية واستمرار فرض حالة الطوارئ وقمع ووحشية جهاز الشرطة وانعدام حرية التعبير، وأخيرا وليس آخرا تزوير الانتخابات.
لم تكن إذن الثورة وليدة لحظة غضب، بل تراكم وانفجار لتاريخ من النضال السياسي والاجتماعي ضد سياسات النهب والفساد والقمع والإفقار. ويمكننا تتبع صعود الحركة وتراجعها عبر النظر إلى مجمل الاحتجاجات التي صاحبت سنوات مبارك العشر الأخيرة. “ففي عام 2000 وصلت جملة الاحتجاجات إلى 135 احتجاجا، وفي عام 2001 تراجعت إلى 115، وتوالى التراجع في عامي 2002، و2003 لتصل على الترتيب إلى 96، و86 احتجاجا، ولكن شهد عام 2004 صعودا للحركة وصل إلى 266 احتجاجا ثم تراجع مرة أخرى في عام 2005 ليصل إلى 202، ثم تصاعدت بشكل طفيف في 2006 ليصل إلى 222، ليبدأ مشوار الصعود المضاعف في عام 2007 لتصل إلى 614 احتجاجا، تلاه 2008 بـ609، ثم 2009 بـ700، ليتراجع في 2010 إلى 530 احتجاجا”.[7]
الأرقام ليست في حد ذاتها دالة على شيء -رغم أهميتها في التحليل- فهي غير كافية وحدها لفهم تطور ومسارات الحركة. لكن ربما تكون الدلالة المباشرة من زيادة عدد الاحتجاجات وتنوع أساليبها ومشاركة قطاعات عديدة فيها، في كونها مؤشرا على تصاعد الحركة وقدرتها على تطوير نفسها ومطالبها من خلال هذا الزخم والاعتياد على تكرار الفعل النضالي.
لقد واجه مبارك رفضا شديدا لمجمل سياساته في العقد الثالث والآخير من حكمه بعد أن بدا بشكل واضح لكل ذي عينين أن ما فعله خلال العقدين الأول والثاني لن يجلب إلا مزيدا من الشقاء والبؤس بفعل سياسات الإفقار والقمع الوحشي بعد أن خرج منتصرا من معركته ضد الإسلاميين المسلحين في التسعينيات. لذلك كان من السهل على متظاهري ميدان التحرير في 20، و21 مارس 2003 أن يعوا تماما في أي صف يقف مبارك ونظامه بعد مواجهتهم بقمع وحشي لرفضهم الحرب على العراق المحاصر والذي يموت أطفاله بحثا عن عبوة حليب. فالحصار في العراق كالحصار في مصر، ومبارك يساعد في قتل العراقيين ويقتل المصريين المتضامنين معهم. كان إسقاط صورة مبارك وحرقها والتي تكررت في المحلة في أحداث إضراب 6 أبريل 2008 إيذانا ببدء العد التازلي لنظام جثم على صدور المصريين بقوة القمع وتزوير إرادتهم في صندوق الانتخابات.
بالفعل تشكلت اللجان والحملات لخوض معركة التغيير وكان إيقاف مشروع التمديد لمبارك أو توريث السلطة لابنه هو المسعى لحركة “كفاية” التي انحسرت حركتها في منتصف 2006، بعد انتخابات رئاسية وبرلمانية طالها التزوير بقوة للحفاظ على صورة الديكتاتور العجوز ونظام حكمه. ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن فقد شهد نهاية عام 2006 إضرابا عماليا كبيرا في شركة غزل المحلة استمر ثلاثة أيام متواصلة للمطالبة بالحصول على شهرين من الأرباح، استؤنف مرة أخرى في عام 2007، الذي شهد أيضا انتفاضة للعاطلين، تطالب بحق كل مواطن العمل، تلتها انتفاضة العطش في عدد من قرى ومدن مصر. وأصبحت منذ ذلك الحين ميادين وأرصفة مصر مكانا للتظاهر لكل المظلومين، عمال من كل القطاعات بلا أجور لشهور أو مسرحون من عملهم، موظفون، معلمون، عاطلون، معاقون، وأهالي منطاق فقيرة.. الخ. أما عن الصفعة الكبرى فكانت في خروج موظفي الدولة عليها والتي عملت لسنوات طوال على تدجينهم كجزء من سيطرتها البيروقراطية، تجلى هذا الخروج في اعتصام الضرائب العقارية البطولي والتاريخي والذي أدى إلى -بجانب حصولهم على مطالبهم- تأسيسهم لأول نقابة مستقلة منذ ما يربو على الخمسين عاما من تأميم الحركة النقابية العمالية.
لم يهدأ عمال مصر رغم تراجع الحركة نسبيا وعودة حركة التغيير الديمقراطي للتصدر المشهد من جديد، “ففي مارس 2010 حصلت الطبقة العاملة المصرية على حكم من القضاء الإداري بإلزام رؤساء الجمهورية والوزراء والمجلس القومي للأجور بوضع حد أدنى للأجور 1200 جنيها يتناسب مع الأسعار ويضمن للعمال حياة كريمة. وحاول النظام الالتفاف على الحكم وتفريغه من مضمونه فأصدر قرارا بأن يكون الحد الأدنى للأجور 400 جنيها شهريا كأجر شامل وأن ينطبق على عمال القطاع الخاص فقط متجاهلا تطبيقه على عمال قطاعي الأعمال العام والحكومي”[8] وهو ما رفضه العمال بقوة. وهكذا ظلت المواجهات بين الجماهير ونظام مبارك مستمرة، حتى شهد عام 2010 حالة غضب شديدة موجهة هذه المرة ضد جهاز الشرطة/الذراع القمعي للنظام، والذي عاث فسادا وقهرا في المجتمع للدرجة التي بها أصبحت حالات التعذيب والقتل على يد زبانية الداخلية تزكم الأنوف، فكانت النتيجة تشكيل مجموعات شبابية عديدة خرجت تندد تحت الحصار الأمني دون رهبة بممارسات قوى البطش البوليسية، وصلت للدعوة بالتظاهر ضد القمع البوليسي في 25 يناير الموافق عيد الشرطة لتشهد مصر ثورة شعبية لم يتوقع أحد حدوثها بهذه السرعة والقوة.
العدالة الاجتماعية وبرامج القوى السياسية
بالرغم من الطابع الاجتماعي للحركة الاحتجاجية في مصر، فقد لعبت الحركة السياسية –للأسف- دورا في حصر الصراع مع السلطة في القضايا السياسية وطبيعة نظام الحكم، وبالرغم من المناداة بإجراءات تضع حدا للفساد والمشكلات الاقتصادية كالبطالة والتنمية، إلا أن النخب السياسية اكتفت بالصراع ضد شخص مبارك ورموز النظام، دون توجيه المعركة إلى قلب المنظومة الحاكمة نفسها، وبالتالي لم تعر هذه النخب أهمية تذكر لخلق ظهير شعبي لشن حرب اجتماعية لإسقاط تلك المنظومة، واكتفت بالسعي لعمل تغيير سياسي لشكل الحكم دون المساس بمضمونه الذي أنجب الفساد والديكتاتورية والاستغلال ومن ثم الإفقار والتهميش للأغلبية من المواطنين. هكذا ركزت حركة “كفاية” ومن بعدها الجمعية الوطنية للتغيير على قضايا التغيير الديمقراطي، واستمرت هذه النخب في العمل، حتى بعد الثورة ممثلة في الأحزاب والقوى السياسية المختلفة، على قضية انتقال السلطة والتغيير السياسي بالغرق في دوامة الانتخابات البرلمانية والرئاسية وصياغة الدستور والانجرار خلف أجندة المرحلة الانتقالية، بعيدا عن المطالب الجماهيرية المباشرة المطالبة بتحسين الأوضاع المعيشية وضمان الحق في الحياة بشكل آمن عبر توفير المسكن والمأكل والعلاج والتعليم المجانيين والعمل والعيش بكرامة.
ورغم ذلك لم تخل برامج كل الأحزاب تقريبا من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، من الحديث عن قضايا مضمون مسألة العدالة الاجتماعية، بطرح تصورات وبرامج لمعالجة معضلات كالفقر والبطالة ومشكلة السكن، ووضع خطط للتنمية والإصلاح الاقتصادي، والنهوض بالصحة والتعليم.. الخ.
فبرنامج حزب الوفد الجديد ذو الخلفية الليبرالية الأشهر في تاريخ الأحزاب المصرية يؤكد على ضرورة “ضمان العدالة الاجتماعية في توزيع الدخل وعوائد التنميه بين المواطنين جميعا، فلن نقبل أن تحصل الأقليه على النسبه الأكبر من الدخل القومي بينما تعيش الغالبيه من شعب مصر تحت خط الفقر”، بل طالب بوضع حد أدنى للأجور ينظر فيه كل 3 سنوات، وإقرار نظام تأميني للبطالة.[9] وبينما يؤمن حزب المصريين الأحرار “باقتصاد السوق كقاطرة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة”، إلا أنه يرى ضرورة “الإلغاء التدريجي لدعم المنتجات البترولية والغاز والكهرباء التي تحصل عليها شركات قطاع الأعمال العام والخاص التي تبيع إنتاجها طبقا لاقتصاديات السوق”، علاوة على “إطلاق مشروع قومي للقضاء على الفقر في مصر -خلال عشرين عاما- تشارك فيه كافة مؤسسات الدولة المدنية والقوات المسلحة وقطاع الأعمال ومؤسسات المجتمع المدني والمنظمات الدولية المانحة”.[10] ويرى حزب الدستور “إن الهدف الأساسي من التنمية الاقتصادية توفير احتياجات المواطن والمجتمع وتحسين الظروف المعيشية للكافة وتوفير إطار يسمح للمجتمع بالتقدم والازدهار، بعيدا عن العوز والحاجة وفي حرية من الاستغلال. ومن هنا ضرورة قيام الدولة بصياغة الحياة الاقتصادية وتوجيه مسارها، من خلال دورها الأصيل في وضع السياسات والتشريعات، وفي قيادة عملية التنمية الاقتصادية بحيث توجه آليات السوق في الاتجاه الذي يرغبه المجتمع ككل وتحقق العدالة الاجتماعية والتقدم الاقتصادي معا”. ويؤكد أنه “لا يمكن الحديث بجدية عن مشروع للتنمية الاقتصادية بدون توفير الاحتياجات الأساسية للمواطن المصري من مأكل وملبس ومسكن ورعاية صحية وتعليم. فالعدالة الاجتماعية المبنية على تكافؤ الفرص وتوفير الحد الأدنى من الحياة الكريمة لجميع المصريين هي ضرورة أساسية للتنمية الشاملة والعادلة”.[11] ويهدف حزب مصر الحرية ” إلى بناء مجتمع العدالة الاجتماعية عبر ضمان توزيع افضل للدخل، والالتزام بحد أدنى للأجور طبقا لمعايير موضوعية، وبناء شبكات متكاملة للرعاية الصحية وللأمن الاجتماعي وللمعاشات وإعانات البطالة والعجز وغيرها”. ويرى أنه ينبغي أن يستند تقرير مستوى الحد الأدنى للأجور “على الربط بينه وبين مستوى الإنتاجية وتكلفة المعيشة والاحتياجات الغذائية وفقا للمعايير والمقاييس الدولية. كذلك، يجب أن يكون الحد الأدنى للأجور مرنا وغير ثابت، وهذا اعتمادا على التغيرات التي تطرأ على الظروف الاقتصادية مع الاستجابة لتضخم الأسعار والبطالة وتكلفة المعيشة في المناطق المختلفة من مصر”.[12]
وبالنسبة للأحزاب اليسارية فيرى حزب التجمع الوطني التقدمي الوحدوي ضرورة الحفاظ على الحقوق المكتسبة للعمال والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والنقابية، وضمان حد أدنى للأجور يكفى الاحتياجات الأساسية لمعيشة إنسانية، وتحقيق التوازن بين الأسعار والأجور بما يمنع تدهور مستوى معيشة العمال، وتطبيق إصلاح ضريبى شامل يهدف إلى تحقيق العدالة الاجتماعية لصالح الفئات المحدودة الدخل، وإعادة النظر في قانون الضرائب الجديد الذي ينحاز إلى كبار الرأسماليين والأثرياء بتصفية ما ابتدعته الحكومة من ضرائب غير مباشرة ورسوم يقع عبئها الأساسى على الفقراء ومتوسطى الحال وخفض سعر ضريبة المبيعات، وزيادة الضرائب على الأرباح الصناعية والتجارية، وتشديد العقوبات على المتهربين من الضرائب.[13] بينما يرى الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي أن “مفهوم المواطنة في الفكر الديمقراطي الاجتماعي يؤكد على ضمان الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين، والتي تضمن لهم جميعا حق التمتع بمستوى اقتصادي لائق وحياة كريمة وآمنة من العوز، والحق في الحصول على فرصة عمل مناسبة، والعدالة في توزيع الدخول وتكافؤ الفرص. ويستدعى هذا المفهوم تدخل الدولة كضامن لهذه الحقوق في حالة عدم قدرة قوى السوق على الوفاء بها، بجانب دورها السياسي في تنظيم الاقتصاد ومنع الممارسات الاحتكارية وضبط إيقاع الأسواق. ويرى الحزب أن النظام الاقتصادي الأمثل هو ما يحقق الكفاءة الاقتصادية والعدالة الاجتماعية في الوقت ذاته”.[14] ويناضل حزب التحالف الشعبي الاشتراكي من أجل بناء نموذج بديل للتنمية قائم على الاستثمار فى البشر وتطوير قدراتهم إلابداعية وكفالة العدالة الاجتماعية عن طريق اجراءات فعالة لتوزيع الثروة والدخول لصالح المنتجين الحقيقيين. ويعمل الحزب على تطوير الاقتصاد الوطنى، تتولى فيه الدولة صياغة خطة تنمية شاملة تحدد بمقتضاها الاستثمارات فى القطاعات الحيوية والإستراتيجية وتصفية الاحتكارات وتفعيل قوانين منع الاحتكار فى مختلف المجالات.[15] ويسعى حزب الكرامة العربية لبناء مجتمع الضمان الاجتماعي الشامل وتلبية الحقوق والحاجات الأساسية للإنسان، والتأكيد على حقوق التعليم والعمل والعلاج والسكن والتأمين والمعاش والبيئة النظيفة لكل مواطن بصفتها حقوقا طبيعية ودستورية ملزمة، وهذه الحقوق –مع عدالة توزيع الثروة- عناصر جوهرية للتنمية البشرية التي هي عنوان رقى وتقدم الأمم”.[16]
أما عن الأحزاب الإسلامية فيرى حزب الحرية والعدالة أن “تحقيق العدالة الاجتماعية والتأكد من توزيع عوائد النشاط الاقتصادي بشكل يحقق العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص من أهم واجبات الدولة. وانطلاقا من هذه المسئولية فإن مواجهة الغلاء والقضاء على الفقر والبطالة، وتقديم الخدمات العامة الأساسية كالمرافق والتعليم والرعاية الصحية والنقل والمواصلات، وتحسين الظروف المعيشية للعمال والفلاحين، وإيجاد حلول عملية لمشكلات اجتماعية كالعنوسة وأطفال الشوارع وذوي الاحتياجات الخاصة ورفع مستوى معيشة الأسر المعيلة وزيادة دخول أصحاب المعاشات، هو هدف برنامجنا”.[17] بينما يرى برنامج حزب مصر القوية أن العدالة الاجتماعية حتى تحقيق حد أعلى من الكفاية للمواطنين دون تمييز هي إحدى المرتكزات الرئيسة لهذا البرنامج، وهي الهدف الجامع في رؤيتنا للاقتصاد، وحتى الأمن القومي. ونرى أن المسئولية الاجتماعية حق الشعب على الدولة، وذلك من خلال تقديم برامج عمل، وقرارات تضع الإنسان نصب عينيها؛ فهو هدف عملها، وغاية جهدها.. تصون كرامته، وتحسن معاملته”.[18] ويرى حزب النور أن تحقيق العدالة الاجتماعية “في توزيع الدخل وتوزيع الثروات بين أبناء المجتمع المصري بما يحقق التكافل الاجتماعي، ويشيع روح المحبة التآلف والتعاون والاستقرار والاطمئنان نحو المستقبل، بما ينعكس من آثار إيجابية على نهضة المجتمع وعلى نموه الاقتصادي”.[19]
وعلى مستوى الحركات الشبابية الأبرز ترى حركة شباب 6 أبريل وجوب تطبيق “حد أدنى للأجور لكل الفئات والوظائف وربط الأجور بالأسعار كما يحدث في جميع الدول التي تعانى من الغلاء. وإجراءات حقيقية لوقف ارتفاع الأسعار ومنع الاحتكار ومنع فوضى السوق”.[20] وتؤمن حركة شباب من أجل العدالة والحرية بـ”ضرورة النضال من أجل الحرية والديمقراطية، جنبا إلى جنب الايمان بضرورة الانخراط فى الحركة المطالبة بالعدالة الاجتماعية، والوقوف خلف الفئات الكادحة المطالبة بحياة إنسانية كريمة.. وأن التغيير لن يتحقق إلا اذا تحركت الجماهير لنيل حقوقها، وأن دورها يتمثل فى محاولة الربط بين المطالب الاجتماعية والسياسية ومقاومة الميل العام إلى الفصل بينها”.[21] بينما رأى ائتلاف شباب الثورة ضرورة لـ”إقرار حد أدنى وحد أقصي للأجور (بنسبة 15:1)، مع ربطهما بنسب التضخم الحقيقية وبالزيادة في الأسعار، وإسقاط قانون العمل 12 لسنة 2003، الذي أباح الفصل والتشريد، وجعل العمال عبيد لدى صاحب العمل، والعمل على توفير عمل لكل العاطلين، ولحين توفير العمل إصدار قانون بمنح إعانة بطالة تعادل نصف الحد الأدنى للأجور لحين توفير عمل لكل طالب عمل، وإيقاف كل مشروعات الخصخصة للمؤسسات الصحية وجعل العلاج حق لكل مواطن، واسقاط كل ديون الفلاحين لدى بنك التنمية والائتمان الزراعي وإلغاء كل الأحكام القضائية التي صدرت ضدهم بالحبس بسبب عدم استطاعتهم تسديد هذه الديون، وإعادة تشغيل كل الشركات التي أغلقها أصحابها لخلق فرص عمل جديدة، ووقف برنامج الخصخصة الفاسد والتحقيق في كل الصفقات الفاسدة في بيع القطاع العام ومحاسبة الفاسدين فيها، واسترداد هذه الشركات وتشغيلها وتشغيل العمال بها”[22].
ترى إذن معظم الأحزاب والحركات السابقة أن وضع أولوية للإنفاق العام في قطاعي الصحة والتعليم، وحد أدنى للأجور، ومنع الاحتكار وإيصال الدعم إلى مستحقيه، واعتماد نظام ضريبي تصاعدي، وتطوير المناطق العشوائية ومدها بالخدمات والمرافق وإيجاد سكن مناسب، وحق المواطن في العمل والمعاملة الآدمية، أهدافا تسعى لتحقيقها! فما الفرق إذن بينها ولماذا وجدت متفرقة إذا كانت برامجها -بلغة أو بأخرى- تصل لنفس الأهداف وهي تطوير الاقتصاد والتنمية المستدامة والارتقاء بالمستوى المعيشي للمواطنين؟! الإجابة لن نجدها في البرامج بل في الممارسات السياسية والانحيازات الاجتماعية على أرض الواقع. عندما تجد رجال أعمال من مؤسسي هذه الأحزاب يتهربون من سداد الضرائب.. البند الرئيسي للنهوض بالمشروعات الخدمية، أو عندما يفصلون عمال شركاتهم بأية حجة، أو يمتنعون ويعرقلون عن عمد تنفيذ الحد الأدنى للأجور بالقطاع الخاص، أو عندما يتولون حقائب وزارية فيصدرون قرارات من شأنها تعريض حياة المواطنين للخطر كما في مسالة استخدام الفحم بديلا للغاز في تدوير المصانع، أو التخلي عن قضايا العمال والعمل وفق خطط الدولة ومصالح رجال الأعمال، بالرغم من كونهم كانوا في مقدمة صفوف المحتجين دوما. يمكننا أيضا معرفة جدوى هذه البرامج وكونها حبرا على ورق أو موضوعات للكفاح من أجل تطبيقها من ممارسات هذه الأحزاب في السياسة، للأسف يتضح لنا أنه من فرط مناداتها بالحريات وحق تداول السلطة أصبحت ملكية أكثر من الملك ذاته فقط عندما وضعت في أول اختبار لها بمشاركتها أو بانفرادها في السلطة، ولنا في تجربة الإخوان المسلمين في حقبة مرسي وبعض الأحزاب المدنية في حكومة 3 يوليو 2013 الانتقالية مثالا يوضح أن البرامج شيء والممارسة شيئا آخر تماما.
دور القوى الخارجية المعاكس في التنمية
غرقت مصر في الديون الخارجية والمحلية وأصبحت مدينة للعالم الخارجي بأكثر من 47 مليار دولار أي 329 مليار جنيه حتى سبتمبر 2013، هذه الحقيقة ربما تكون مدخلا توضيحيا للنتائج المأساوية التي نعيشها بفعل عمليات الاقتراض من الخارج. فقد اعتمدت مصر على المعونات الأجنبية منذ “استقلالها الوطني” في شكل منح لا ترد وقروض بفوائد على أقساط السداد، فبعد أن رفضت الولايات المتحدة الأمريكية تمويل مشروع السد العالي، اتجهت السلطة الناصرية آنذاك للاتحاد السوفيتي وأوروبا الشرقية، حتى جاء السادات للسلطة ليطرد الروس ويتحول بشكل يناسب المرحلة الجديدة من الانفتاح الاقصادي وتحرير السوق إلى أمريكا والغرب. “ففي أعقاب توقيع اتفاقية السلام المصرية–الإسرائيلية عام 1979، أعلن الرئيس الأمريكي جيمي كارتر، تقديم معونة اقتصادية وأخرى عسكرية سنوية لكل من مصر وإسرائيل، تحولت منذ عام 1982 إلى منح لا ترد بواقع 3 مليارات دولار لإسرائيل، و2.1 مليار دولار لمصر، منها 815 مليون دولار معونة اقتصادية، و1.3 مليار دولار معونة عسكرية. وتمثل المعونات الأمريكية لمصر حوالي 57% من إجمالي ما تحصل عليه من معونات ومنح دولية، من الاتحاد الأوروبي واليابان وغيرهما من الدول، في الوقت الذي لا يتجاوز فيه مبلغ المعونة 2% من إجمالي الدخل القومي المصري. والتزمت مصر بشروط في المعونة أدت إلى شراء المعدات العسكرية من الولايات المتحدة، فأمريكا قدمت لمصر حوالى 7.3 مليار دولار بين عامى 99 و2005 في إطار برنامج مساعدات التمويل العسكرى الأجنبي، وأنفقت مصر خلال نفس الفترة حوالى نصف المبلغ، أي 3.8 مليار دولار لشراء معدات عسكرية ثقيلة أمريكية”.[23]
وكان انعكاس ذلك على الاقتصاد المصري بلوغ حجم الاستثمارات الأمريكية المباشرة في مصر 3 مليار دولار منها 2.3 مليار في قطاع النفط و700 مليون دولار في قطاعات الإنتاج والخدمات، حتى وصلت الاستثمارات الأمريكية في مصر إلى 33% من جملة الاستثمارات الأمريكية في الشرق الأوسط و5.2% من الاستثمارات الأجنبية في مصر، وتتوجه 45.3% من الصادرات المصرية إلى أسواق الولايات المتحدة كما تحصل على 21.2% من وارداتها من الولايات المتحدة.[24]
ووزعت المعونات الاقتصادية التي بلغ مجموعها 24.3 مليار دولار خلال الربع الأخير من القرن العشرين (1975-2000) على القطاعات أو البنود المختلفة على النحو التالي: 6.7 مليار دولار للواردات السلعية بنسبة 27.6% من الإجمالي، و5.9 مليار دولار لمشروعات البنية الأساسية شاملة مياه الري والصرف الصحي، والصحة العامة، والطاقة الكهربائية، والاتصالات والنقل، وذلك بنسبة 24.3% من الإجمالي، و4.5 مليار دولار للخدمات الأساسية كالصحة وتنظيم الأسرة والتعليم والزراعة والبيئة، وتبلغ نسبة هذا البند 18.5% من الإجمالي، و3.9 مليار دولار للمعونات الغذائية (خلال الفترة 1975 ـ 1990) بنسبة 16% من الإجمالي، و3.3 مليار دولار تحويلات نقدية ومعونات فنية في مجال إصلاح السياسات والتكيف الهيكلي كالتدريب وتقديم الاستثمارات وما إلى ذلك. وذلك بنسبة 13.5% من الإجمالي.[25]
وبعد سقوط مبارك, بدأ صندوق النقد مفاوضات مع السلطات المصرية –وقتها المجلس الأعلى للقوات المسلحة– لبدء ترتيب جديد للقروض, بعد أن كان آخر قرض مشابه تم إنهاءه في التسعينيات من القرن الماضي. في يونيه 2011, تم تخصيص قرض بحجم 3 مليارات دولار من الصندوق لمصر, وبعد تولي الرئيس مرسي السلطة في يونيه 2012, تم رفع قيمة القرض الى 4.8 مليار دولار، ولكن لم تحصل عليه مصر حتى الآن، رغم الشروط القاسية للصندوق والمعروفة تاريخيا بإصلاح السياسات وإعادة الهيكلة الاقتصادية والتي يدفع ثمنها فقط الفقراء، حيث تمثل برامج التعديل الهيكلي التقليدية تغيرات اقتصادية واجتماعية عميقة, ولها أهداف متنوعة: “زيادة مستويات الإنتاج, بالرغم من أن في المراحل الأولى, تكون الأجور المبدئية منخفضة. القضاء على الإهدار وعدم الكفاءة اثناء “ترشيد” الاقتصاد وفقا للاشارات التي يمليها توسع السوق. تحقيق درجة أعلى من الانفتاح على المنافسة الخارجية والاندماج في الاقتصاد العالمي من خلال تحرير التجارة والتحرير المالي. تعديل العلاقات الاقتصادية والاجتماعية والتحول في توزيع الموارد والحقوق والامتيازات نحو الفئات الاجتماعية المستفيدة من السوق. الاستجابة لاحتياجات ومصالح رؤوس الأموال الدولية ذات النفوذ القوي العالمي والمحلي, ومن بينها المؤسسات المالية الكبيرة والشركات عبر الوطنية والمنظمات الدولية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي”.[26]
هذا وقد أسفرت جولات أول رئيس الوزراء بعد الثورة عصام شرف عن الوعود بتقديم تبلغ 25 مليار دولار من عدد من الدول العربية، ولكن حتى منتصف يناير 2012 لم تحصل مصر على أية مبالغ من هذه (المنح والمعونات) سوى على (مليار دولار فقط) عباره عن (2/1مليار دولار) من السعودية فى صوره معونات سلعيه بوتجاز ومنتجات بتروليه و(2/1مليار دولار) نقدي من قطر.[27]
وتعد المساعدات الخليجية موضوعا مرتبطا بنظام الحكم، ففي أيام مرسي قدمت قطر حزمة أولية من المساعدات المالية لمصر بقيمة 2.5 مليار دولار، منها نصف مليار منح وملياران عبارة عن ودائع، على أن يتم تحويل جزء من الوديعة إلى منحة، ليصبح إجمالي قيمة المنح القطرية مليار دولار، بينما يتضاعف حجم الوديعة إلى أربعة مليارات دولار.[28] ولكن قطر سرعان ما طالبت برد المليارين الوديعة بعد سقوط نظام مرسي. ووقتها أعلنت ثلاث دول خليجية مساعدات تصل إلى 15.9 مليار دولار بواقع 5 مليار دولار من السعودية و6.9 مليار دولار من الإمارات و4 مليار دولار من الكويت.[29] واقتصر دور تلك المساعدات حتى الآن على المواد البترولية وضخ مبالغ في البنك المركزي ليرتفع الاحتياطي النقدي الأجنبي من 14.9 مليار دولار نهاية يونيه 2013 إلى 17.1 مليار دولار نهاية يناير 2014.[30]
ومنذ انطلاق الاقراض في مصر في عام 1979، وقع بنك الاستثمار الأوروبي 70 قرضا و50 عملية مخاطر رأس المال في كل من القطاعين العام والخاص بقيمة اجمالية حوالي 5.1 مليار يورو, والاستفادة من الاستثمارات الإجمالية في حدود 20 مليار يورو. ووفقا لجمال بيومي، الأمين العام لاتحاد المستثمرين العرب, فقد قرر بنك الاستثمار الأوروبي إعطاء مصر 900 مليون يورو سنويا في شكل قرض. [31]
أما عن عمليات البنك الأوروبي للإنشاء والتعمير في مصر فإن لديه خطة محددة تم الإعلان عنها لمنظمات المجتمع المدني العاملة في مصر, ولكنه قد ذكر أيضا أنه سيعمل في إطار الخطة السياسية الاقتصادية المقدمة إليه من خلال السلطة المصرية, والتي لا نعلم عنها شيئا لانها لم تعلن على الملأ, لا لمنظمات المجتمع المدني ولا للبرلمان ولا للجمهور بأي شكل من الأشكال.[32]
وبدون الدخول في متاهات المشروعات، وتوزيع نسب القروض عليها، لم تلعب تلك المساعدات أدوارا ذات شأن في التنمية وبالتالي قياس تأثيرها على حياة المواطنين، ويرجع ذلك إلى أن الجهات المقرضة هي من تختار بنفسها نوع المشروعات التي ستضخ فيها تلك القروض، كالطاقة وتطوير شبكة المواصلات، وهي ما تعني استفادة تلك الجهات من عوائد تلك المشروعات في صورة استثمارات جديدة، أو تعود بالنفع عليها بشكل مباشر عن طريق توجيه تلك الخدمات لصالح المستثمرين الأجانب المنتميين لبلدان تلك الجهات، دون الاهتمام بأي عائد يمس تطوير مستويات المعيشة والخدمات المقدمة للمواطنين في البلد المقترضة.[33] فعلى سبيل المثال “تعد (شراكة دوفيل) وهي مبادرة من الدول الثمانية الكبرى، وشركاء مهمين، على رأسهم صندوق النقد الدولي والمؤسسات المالية الدولية من أمثال البنك الأفريقي للتنمية، والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي، وصندوق النقد العربي، وبنك الاستثمار الأوروبي، والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، والبنك الإسلامي للتنمية، وصندوق الأوبك للتنمية، والبنك الدولي، وغيرهم.. وهم اللاعبون الأساسيون في تحقيق أهداف الشراكة. فشراكة الدوفيل تصف حزم اقتصادية تتبع سياسات السوق الحر، وترى في فتح الأسواق وتحرير التجارة، وجذب الاستثمار الأجنبي المباشر والخصخصة والتقشف في المصروفات العامة أهدافا يجب أن تحقق من أجل الإصلاح الاقتصادي، وهي نفس السياسات التي طالما اتبعتها الدول العربية، فما كان منها إلا أن زادت من معدلات الفقر والبطالة، وأضافت للظلم الاجتماعي والتهميش أبعادا جديدة. لذا، فأهمية الدوفيل وغيرها من الأطر، سواء كانت الأوروبية أو الدولية، تكمن في تحجيمها لمساحة الاختيار وقدرة الدول على اتخاذ القرار المناسب ورسم السياسة العامة بعيدا عن الضغوط والشروط. وهكذا فهذه الأطر تتحدى محاولات التغيير التي تحاول الشعوب العربية الدفع بها منذ اشتعال شرارة ثورة تونس أواخر عام 2010”.[34]
مطالب الجماهير وممانعة السلطة
لا شيء قد تحسن في حياة المصريين بعد الثورة.. تصادفك هذه الجملة بشكل يومي عدة مرات على ألسنة الناس.. وهي صحيحة تماما فالأجور تدنت بالمقارنة بقدرتها الشرائية، وعدم وجود أية عدالة في جدول توزيع الأجور حيث “يعود التفاوت بين العاملين في الغالب إلى ما يعرف ببنود الأجور المتغيرة كالبدلات والمكافآت والأرباح التي عادة ما يتم إقرارها وفقا لقوانين أو إجراءات خاصة، والتي حولت في النهاية جدول الأجور إلي جدول وهمي يختلف تماما عن الواقع حيث تذهب نسبة 80% من المبالغ المخصصة للأجور إلى 30% من العاملين فيما تذهب الـ20% المتبقية إلى 70% من العاملين،[35] علاوة على ارتفاع نسبة التضخم التي وصلت في عام 2013 إلى 9.82%، أيضا ارتفاع نسبة البطالة والتي وصلت في 2013 بين الشباب إلى 54.1% وهي النسبة الأعلى في المنطقة العربية.[36] وبشكل عام وصل معدلها العام إلى 13.4% في يناير 2014، مقارنة بـ12.4% في يناير 2012، في حين كانت 9.4% عام 2010 قبل الثورة بعام، وارتفعت معدلات الفقر في مصر إلى 26.3% في العام (2012 – 2013) في حين كانت عام (2010- 2011) 25.2%، بعد أن كانت في عام (1999- 2000) 16.7%.[37] ويقول تقرير مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء المصري مشيرا للتأثيرات الاجتماعية الواسعة للفقر، أن إجمالي عدد المناطق العشوائية في مصر يبلغ ألفا و171 منطقة عشوائية يسكنها نحو 14.8 مليون نسمة ويقدر أن 86.2% من إجمالي الأسر في مصر تعيش في سكن غير ملائم، بما يصاحب ذلك من انعدام المرافق والخدمات الأساسية من مياه وصرف صحي وكهرباء وخدمات صحية.[38] وارتفعت الأسعار الاستهلاكية للأغذية والمشروبات بنسبة ١٦.٣٪ بين يناير ٢٠١٠ وسبتمبر ٢٠١٣، وارتفعت النسبة المئوية للأسر الأكثر عرضة التي تقول أن دخلها لا يغطي الزيادة في النفقات الشهرية، من ٧٨.٩٪ في سبتمبر ٢٠١١ إلى ٨٨.٩٪ في مارس ٢٠١٣ (مرصد الغذاء المصري، ٢٠١٣).[39]
ورغم سير الأوضاع من سيئ إلى أسوأ فقد تبارت حكومات ما بعد الثورة تارة بالضغط على المواطنين من خلال تضييق فرص تحسين مستويات معيشتهم عبر سياسات منحازة ضدهم وتارة في العمل على تحجيم حركتهم لمنعهم من الاحتجاج على رفض هذه السياسات. فبعد تنحي مبارك بثلاثة أيام فقط أصدر المجلس العسكري الحاكم بيانا أدان فيه ما وصفه باستمرار “الحركات الفئوية” ومطالبا بالتصدي لها”.[40] وفي 12 أبريل 2011 أصدر مرسوما بقانون يجرم الاعتصامات والإضرابات والاحتجاجات “الفئوية”[41] ويعاقب المحرضين والداعيين إليها والمشاركين فيها بالسجن وغرامات مالية مبالغ فيها. وقبيل انعقاد أول برلمان منتخب بعد الثورة أصدر المجلس قانونا يتيح التصالح مع رموز الفساد في جرائم الاستثمار.[42] وأصدرت حكومة حازم الببلاوي قانونا جديدا يمنع التظاهر ويعطي للشرطة الحق في فض الاحتجاجات بالقوة.[43] ولحماية الفساد وعدم وضعه تحت أي رقابة أو مساءلة أقر الرئيس المؤقت عدلي منصور قانونا يمنع أي طرف ثالث من الطعن على العقود المبرمة مع المستثمرين،[44] مما يجعل الفساد محميا بقوة القانون. وبالرغم من محاكمة هشام قنديل رئيس وزراء حكومة مرسي بتهمة الامتناع عن تنفيذ أحكام قضائية ألغت عقود بيع عدد من شركات قطاع الأعمال العام، نجد أن حكومة الببلاوي أعدت مشروعا لقانون يمنع محاكمة المسئول إذا تعذر تنفيذ تلك الأحكام، وذلك “بفعل التغيرات الجذرية التى يقوم المشترى بإدخالها على الشركة”.[45]
ولكن لم تنل هذه الظروف والسياسات من استمرار الاحتجاجات وبالذات الاجتماعي منها في التصاعد. لا توجد لدينا أرقاما موثقة عن احتجاجات عام الثورة 2011، ولكن عدد الاحتجاجات في عام 2012 وصل إلى ثلاثة آلاف و817 حدثا على مدار العام،[46] وهو العام الذي اقتسمه حكما المجلس العسكري ومرسي. في حين وصل معدل الاحتجاجات في 2013 إلى خمسة آلاف و232 حدثا منهم ألفين و239 احتجاجا عماليا،[47] وهو العام الذي اقتسمه حكم الرئيس المعزول محمد مرسي ونظام 3 يوليو الانتقالي.
يبدو أن الأوضاع مرشحة للتصاعد، خصوصا أن الاستحقاقات الاجتماعية لا مجيب لها عند صناع القرار، فعلى سبيل المثال لا الحصر قررت الحكومة الانتقالية قبيل الانتخابات الرئاسية بأسابيع قليلة، في سابقة تاريخية لحكومات غير منتخبة وتقوم بدور انتقالي فقط، إلغاء دعم الطاقة وزيادة أسعار الغاز والكهرباء والبنزين والسولار، وهكذا شهد المواطنون في مطلع يوليو 2014 زيادات في أسعار المحروقات ووسائل النقل وأغلبية السلع التي يحتاجونها. ومن ثم من المحتمل بشدة أن تشهد الفترة المقبلة موجة ثورية جديدة لن تقتصر فقط على الميادين، بل ستمتد إلى الأحياء السكنية وأماكن العمل المختلفة مما يزيد الأمر تعقيدا للسلطة الجديدة ويضعها أمام اختبار من الصعب أن تخرج منه بسهولة، فإما الانحياز لمطالب الجماهير وتحقيق أهداف ثورتها وعلى رأسها العدالة الاجتماعية، وإما أن تلحق بسابقتها.
أخيرا.. من الصحيح تماما أن تجسيد شعار العدالة الاجتماعية في كل نضال لا يعني أتوماتيكيا استمرار الثورة وبالتالي انتصارها، وصحيح أن العمال لعبوا دورا مركزيا في إسقاط مبارك دون أن يخرجوا من معارك الثورة بدرجة أعلى من التنظيم والتسيس، ولكن تظل المسئولية لتحقيق مطالب الثورة وانتصارها جماهيريا تقع على عاتق القوى الاجتماعية والجذرية وحدها عبر لعب دور القاطرة في إظهار الطابع الاجتماعي والطبقي للحركة بعيدا عن الرطان السياسي النخبوي الأجوف والذي يسبح في فضاء أجندة السلطة دون أن يمس واقع حال الجماهير العريضة صاحبة المصلحة في أن تكون السياسية الصحيحة انعكاسا وتعبيرا عن أوضاع اجتماعية متساوية.
[1] إبراهيم العيسوي، العدالة الاجتماعية: من شعار مبهم إلى مفهوم مدقق، الشروق، أول أكتوبر 2012 http://is.gd/VQbN1z
[2] من النهضة الاقتصادية في عصر محمد علي وجمال عبد الناصر إلى تدهور الاقتصاد بسبب الأنظمة الفاسدة، عالم التقنية والأعمال http://is.gd/DsJoYv
[3] البنك الدولي: مصر – التقرير الاقتصادي http://is.gd/FwJccQ
[4] محمد حسن يوسف، المطالب الفئوية في مصر بعد ثورة يناير.. المشكلة وسبل الحل، مركز الجزيرة للدراسات، 6 مايو 2013 http://is.gd/xpG62j
[5] تامر وجيه، ورقة غير منشورة بعنوان: العدالة الاجتماعية، 2013
[6] برنامج حزب الكرامة العربية http://is.gd/7BywzD
[7] جويل بينين، النضال من أجل حقوق العمال في مصر (تقرير من إعداد مركز التضامن العمالي الدولي) 2010 ص 17 و18 http://is.gd/0nLcKS
[8] العمال والثورة (رؤية حقوقية) المركز المصري وأولاد الأرض يرصدان إرهاصات الثورة وتداعياتها على العمال، 16 فبراير 2011،
http://ecesr.org/?p=2967
[9] برنامج حزب الوفد الجديد http://is.gd/iKS16p
[10] برنامج حزب المصريين الأحرار http://is.gd/xzMh46
[11] برنامج حزب الدستور http://is.gd/xNzcRJ
[12] برنامج حزب مصر الحرية http://is.gd/GnVNCy
[13] برنامج حزب التجمع الوطني التقدمي الوحدوي http://is.gd/7bGnc5
[14] برنامج حزب المصري الديمقراطي الاجتماعي http://is.gd/QheTt2
[15] برنامج حزب التحالف الشعبي الاشتراكي http://is.gd/UVhaxg
[16] برنامج حزب الكرامة العربية http://is.gd/7BywzD
[17] برنامج حزب الحرية والعدالة http://is.gd/Kp63Ph
[18] برنامج حزب مصر القوية http://is.gd/U9y9ql
[19] برنامج حزب النور http://is.gd/YWLtxI
[20] بيان لحركة شباب 6 أبريل بتاريخ 20 يونيه 2008
[21] تدشين حركة “شباب من أجل العدالة والحرية” بـ“الصحفيين“، مصرس، 18 يوليو 2010 http://is.gd/dAFYjr
[22] بيان بعنوان: المطالب الاجتماعية لـ“ائتلاف شباب الثورة“، بتاريخ 27 فبراير 2011
[23] ويكيبديا http://is.gd/mZzce8
[24] عبد الوهاب خضر، مرة أخرى.. حول المعونة الأمريكية لمصر!!، الحوار المتمدن، 3 أغسطس 2010 http://is.gd/lsVUV7
[25] سميحة عبد الحليم، المعونة الأمريكية.. وسياسة العصا والجزرة، أخبار مصر، 20 أكتوبر 2013 http://is.gd/2vZ6DC
[26] ماهينور البدراوي، وحبيبة رمضان، منظمات التمويل الدولية فى مصر، تقرير قيد النشر، المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية
للمزيد حول دور بنك الاستثمار الأوروبي في تمويل المشروعات في مصر يرجى قراءة التقارير التالية حيث توضح نمط اقتراض البلاد من بنك الاستثمار الأوروبي (1979-2011) وفقا لتقرير 2012 على عمليات البنك مع مصر http://is.gd/UKuGYu
[27] د. صلاح جودة، مدونات مباشر، 2 أغسطس 2012 http://is.gd/koJ6Ko
[28] 5 مليارات دولار مساعدات قطر لمصر، الجزيرة. نت، 8 يناير 2013 http://is.gd/SqLKlT
[29] شبكة محيط، مصر تتلقى 15.9 مليار دولار مساعدات خليجية منذ بداية يوليو، 30 أكتوبر 2013 http://is.gd/vQ2RiH
[30] أسماء الخولي، دور المساعدات الخليجية في دعم الاقتصاد المصري منذ ثورة يناير 2011 وأثر ذلك على احتياطي النقد الأجنبي، ميدل إيست أونلاين، 29 مارس 2014 http://is.gd/H6Lp4h
[31] ماهينور البدراوي، وحبيبة رمضان، منظمات التمويل الدولية فى مصر، مرجع سبق ذكره
[32] المرجع السابق
[33] لم نستفض في تفاصيل المساعدات الأوروبية لمصر في شكل منح أو قروض، لتغطية ورقة هبة خليل (ضمن هذا الكتاب) لهذا الجانب بالتفصيل.
[34] هبة خليل، سياسات الاتحاد الأوروبي والعدالة الاجتماعية في الدول العربية: ماذا تعلم الاتحاد الأوروبي من الثورات العربية؟ (رؤية نقدية)، ضمن أوراق هذا الكتاب.
[35] حسين عبد الرازق، مستقبل العدالة الاجتماعية في مصر، الأهالي، 12 فبراير 2013، http://is.gd/3bB6B1
[36] تقرير التنمية البشرية لعام 2013، برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في الدول العربية، 14 مارس 2013، http://is.gd/LAvfkN
[37] بالأرقام.. الفقر في مصر خلال عام (انفوجراف) http://is.gd/AgwyNH
[38] حسين عبد الرازق، مستقبل العدالة الاجتماعية في مصر، مرجع سابق
[39] المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، إحصائيات التقرير الموازي.. حول جلسة مساءلة مصر أمام لجنة الأمم المتحدة، http://ecesr.org/?p=767168
[40] المجلس الأعلى للقوات المسلحة، البيان رقم 5، في 14 فبراير 2011، http://is.gd/Wbm58h
[41] مرسوم بقانون رقم 34 لسنة 2011 بتجريم الإعتداء على حرية العمل وتخريب المنشآت http://is.gd/IDzCWn
[42] المرسوم بقانون رقم 4 لسنة 2012 بإجازة التصالح مع المستثمرين في الجرائم الاستثمارية http://is.gd/3Otjf9
[43] قانون رقم 107 لسنة 2013 بتنظيم الحق في الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات السلمية http://is.gd/OnzXJr
[44] “منصور” يسن قانون (32 لسنة 2014) بإجراءات الطعن على عقود الدولة، بوابة فيتو، 26 أبريل 2014 http://www.vetogate.com/979124
[45] “البورصة” تنشر مشروع قانون حماية تصرفات كبار المسئولين، البورصة، 10 نوفمبر 2013 http://is.gd/onBa3a
[46] المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، تقرير الاحتجاجات العمالية 2012، 28 أبريل 2013، http://ecesr.org/?p=766854
[47] المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، تقرير الاحتجاجات السنوي 2013، 7 يوليو 2014 http://ecesr.org/?p=768677