في سورية وفي سورية فقط: المتر المربع… حلم اعتاد الانتظار “شبح الكساد يخيم على سوق العقارات.. فوضى العقارات تشرح فوضى الاقتصاد”
ربما نسي البعض فترة الكساد التي مرت بها سورية أواخر القرن الماضي، لكن بالتأكيد أن أحداً لا يريد لها أن تتكرر…
ففترة الركود الشديدة امتدت طوال فترة الثمانينات والتسعينات، وكان من أهم معالمها جمود لا مثيل له بالقطاع العقاري فشهد ارتفاعاً شديداً بأسعاره أعقبتها فترات ركود تجمدت بها الأسعار مع المحافظة على مستواها…
في السنوات الأربع الماضية شهدت السوق ارتفاعاً بأسعار العقارات، وهذه السنة شهدنا ثباتها عند سقف خيالي، وحتى الآن لا يوجد مؤشر على تحركها باتجاه الانخفاض كما كان متوقعاً، فهل سيبدأ الركود، أم أن التاريخ لا يعيد نفسه…؟
يقول البعض أن الكساد ما هو إلا شبح لن يأتي، وقد كانت العقارات سابقاً ضحايا قطار الاقتصاد الموجه، أما اليوم فنحن أبناء اقتصاد السوق الاجتماعي “الذي لا ضحايا له” حسب الدردري، لكن آخرين، يقولون أن العقارات كانت نتيجة لاقتصاد الفوضى الذي كان سائداً، واليوم رغم أننا انتقلنا لسياسة اقتصادية جديدة، لكن لا أحد يضمن أنها لن تكون فوضى اقتصادية من نوع جديد.
فقطاع العقارات كان وما يزال يستقطب أكثر من نصف التوظيفات الاستثمارية في سورية، وبالتالي يؤثر على مجمل حركة الاقتصاد به، والسكن كان وما يزال، أزمة حاضرة في حياة السوريين بلا منازع، وكأن قدرهم أن يعيشوا هم وآباءهم وأبناءهم، أزمتها العصية على التغيير، قبل العراقيين وبعدهم، قبل قانون التطوير العقاري، وبعده، قبل دخول الشركات الخليجية والإيرانية والماليزية وبعده، قبل ارتفاع الأسعار وبعده، وقبل الخطط الخمسية وبعدها، وقبل المخططات التنظيمية وبعدها، وقبل السكن الشبابي، وبعده، وقبل حقبة الجمعيات وبعدها..
لماذا؟ هو السؤال المنطقي، أما الإجابة، فهي ببساطة السؤال نفسه، لأن سوق العقارات هو النتيجة التي تختصر السياسة الاقتصادية السورية، وخططها الخمسية التي وصلت لعتبة الرقم عشرة، دون أن تحل عقدة السكن التي تسكن نفوس السوريين، ولأن العقارات هي اختصار مجرد لعقود من الاقتصاد الموجه أو الفوضوي، وعليه فإن أحداً لن يصدق أن سورية نحجت في الامتجان الاقتصادي، إلا عندما يصبح السكن حق للمواطن وليس مجرد حلم.
يقدر عدد المحتاجين إلى سكن بـ1.5 مليون شخص على الأقل في حين أن الزيادات السنوية في عدد المساكن لم تتجاوز 10% من الحاجة سنويا، وبحسب تعداد المساكن لعام 2003 في سورية حوالي 2.9 مليون مسكن جاهز للسكن، توزع بين 46% في الريف و54% في الحضر، من ضمنها 400 ألف مسكن خالٍ ومغلق، ما بين الجاهز للسكن أو المنفذة على الهيكل، تصل قيمتها إلى 500 مليار ليرة سورية كأرصدة عقارية مجمدة، وهناك أكثر من 50 ألف شقة سكنية أيضا تطرح للبيع أو الإيجار في الصحف الإعلامية المحلية سنوياً..
رغم هذه الأرقام، فهناك أزمة سكن، لكنها أزمة تعود لارتفاع أسعار العقارات وليس لقلة المعروض… كساد أم لا كساد، هو السؤال المطروح اليوم للنقاش في سوق العقارات، والمؤكد أن هناك ترقب وانتظار في السوق، لكن مالذي يأتي بعد الهدوء، عاصفة مدوية، أم سبات شتوي طويل.
حتى الآن ما زالت الأسعار تتشبث عند قممها الملتهبة، والصعود العاصف الذي رفع أسعارها منذ ثلاث سنوات لمعدلات خيالية، توقف، لكن الأسعار لم تهبط بعده، وبقيت “جنونية”.
يرى الأستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق الياس نجمة أن أسعار العقارات لن تنخفض، بل هناك جمود وركود اقتصادي عام والذي ينعكس بدوره على حركة التبادلات التجارية ويضيف: “في ظل وجود عجز كبير في الموازنة الحالية لا استطيع إلا القول أنه سيؤدي إلى زيادة الأسعار وليس انخفاضها فالعجز الكبير محرض على زيادة الأسعار”، وأكد أن “أسعار العقارات تتأثر بالطلب الخارجي كما تتأثر بالطلب الداخلي” و”لا يمكن التنبؤ بأسعار العقارات إلا إذا توقفت التوظيفات الخليجية التي نراها في العقارات”.
أما رئيس المركز الاستشاري السوري للتنمية والاستثمار نبيل سكر فهو لا يتفق مع نجمة، وينفي وجود مؤشرات كساد في قطاعات الاقتصاد السوري ومنها أسواق العقارات ويصف سكر حال سوق العقارات بأنها تشهد هدوءاً وقد تعاود النشاط في أية فترة من الفترات المقبلة خاصة مع استقطاب استثمارات عقارية خارجية، ويضيف “أن اسعار العقارت تراجعت عن مستوياتها الخيالية السابقة، لكن السوق ستبقى نشطة نتيجة الطلب المرتفع مقابل العرض المتدني”، لكنه يستدرك “إن الأسعار هبطت حتى في مناطق سكنى العراقيين لكن المزيد منهم يتدفقون، وهذا ما يفتح الباب على احتمال ارتفاع الأسعار من جديد”.
أما الخبير الاقتصادي قدري جميل فقد عبر عن رأي مغاير في تصريحات سابقة معتبراً أن ارتفاع العقارات هو دليل وذمة تضخمية تأتي سبّاقة لارتفاع الأسعار العام وهي تعبير واضح عن اختلال التوازن بين الكتلة النقدية والكتلة السلعية وهذا يعني أن أموالا كثيرة دخلت إلى البلد لكنها لم توظف في الإنتاج السلعي المادي بل ذهبت إلى أماكن ومسارب أخرى أهمها شراء الأراضي ومن ثم العقارات، وبالتالي فان الارتفاع في أسعار العقارات حصل بسبب توجه هذه الكتلة النقدية الكبيرة بهذين الاتجاهين، وبالتالي إذا كان البعض يتنبأ بانخفاض أسعار العقارات التي كانت مرتفعة بشكل غير حقيقي ومزيف أصلا فهم مخطئون.
تشير الخطة الخمسية العاشرة إلى الحاجة إلى بناء 687 ألف وحدة سكنية لتجاوز أزمة السكن في سورية. وتحتاج سورية إلى استثمارات تصل إلى 450 – 500 مليار ليرة سورية في قطاع العقارات، وتخطط الحكومة جذب القطاع الخاص، لينفذ الـ 76% من إجمالي الخطة الإسكانية، خلال سنوات الخطة الخمسية العاشرة، وبين عامي 2006-2007 ظهر 94 شركة خاصة عقارية في السوق.
أقر مجلس الوزراء في 2007 مشروع قانون التطوير والاستثمار العقاري الذي يتيح “إنشاء شركات مساهمة عقارية تتمتع بالإعفاءات التي تضمنها قانون الاستثمار رقم 8 لعام 2007″، كما تضمن إحداث الهيئة العامة للتطوير والاستثمار العقاري، تتولى مهمة تنظيم أعمال التطوير العقاري وإمداد قطاع الإسكان والتعمير بما يلزم من الأراضي المعدة للبناء والأبنية والخدمات والمرافق اللازمة لها وإقامة مدن وضواح سكنية متكاملة ومعالجة مناطق السكن العشوائي وتأمين الاحتياجات الإسكانية لذوي الدخل المحدود بشروط وتسهيلات ميسرة .
وهدف القانون لتشجيع الاستثمار في هذا المجال، وجذب الاستثمارات العربية والأجنبية للمشاركة في عملية التطوير العقاري.
وكان الكثيرين قد توقعوا أن هذا القانون سيؤدي إلى انخفاض الأسعار وصولاً إلى الأسعار الحقيقية للعقارات بما أن الأسعار الحالية هي أسعار مبالغ فيها ولا تتناسب مع التكاليف الحقيقية للعقارات، لكن هذا “الكلام الوردي” لم يؤثر على الأسعار، والحقيقة أن الأموال الخليجية بدأت بالإقبال على الاستثمار في العقارات في سورية، قبل صدور القانون، وتماشياً مع الفورة النفطية، وزيادة السيولة في الخليج العربي… وأعلنت العديد من الشركات العقارية دخولها او الاستعداد للدخول في السوق السورية مثل شركة العقيلة الكويتية ومجموعة القدرة القابضة وإعمار الإماراتية وشركة الديار القطرية، وشركة بالميرا السورية الإماراتية، لكن هذه الشركات لم تؤت أكلها حتى الآن…
فالاستثمار العقاري الخارجي توجه حتى الآن نحو الفلل والأبنية الفخمة كالبوابة الثامنة ومشروع تلال دمشق ورأس ابن هانئ، وتلال الياسمين، وفلل الشيخ زايد، وغيرها وهي تستهدف الطبقات المخملية مما لم يساهم في انخفاض الأسعار، بل على العكس زاد من حدتها نظراً لارتفاع أسعار الأراضي ومواد البناء.
من جهة أخرى، فإن توجه الشركات الأجنبية للاستثمار في الجانب العقاري يعود لمدى ربحية الاستثمار في هذا المجال وسرعة الحصول على الربح مقارنة مع المشاريع الصناعية وغيرها، وبالتالي فإن هدف عدد كبير من هذه الشركات كان دخول حلبة المضاربات، وليس ساحة البناء.
وفي تقرير لشركة المزايا القابضة الكويتية حول الاستثمار العقاري في سورية، حصلت التجارة والأعمال على نسخة منه، قالت الشركة العملاقة “من خلال تدفق الاستثمار الخارجي وخصوصا من دول الخليج، ارتفعت أسعار العقارات والإيجارات بشكل كبير في البلاد، ارتفاع الطلب وسط قلة المعروض أوجد فرصا استثمارية دفعت شركات عديدة إلى الاستثمار في سورية”، وتوقع التقرير أن تتزايد أعداد الشركات خصوصا بعد صدور قانون التطوير والاستثمار العقاري.
بالمقابل، رجح رئيس مجلس إدارة “المتخصص” العقارية فرج الخضري أن يأتي الكساد على السوق العقارية السورية، وقال في تقريره الاسبوعي العقاري “أن العوامل التي ادت الى ازدهار قطاع العقار السوري خلال الاعوام الثلاثة الماضية بدأت بالانحسار والتباطؤ مقارنة بنسب النمو المرتفعة التي حققتها في الماضي، فبعد سنوات الانتعاش التي عاشتها العقارات والاسعار المرتفعة جدا التي وصلت اليها، تمر الآن العقارات السورية بفترة ركود شديدة، فالمعروض يفوق الطلب بكثير واصبح المشتري والمستأجر سيد الموقف.
من جهته، يرى رياض كحالة أننا نشهد اليوم بداية كساد، سيبدأ بالأراضي ويصل للمساكن، والسبب هو السبب القديم نفسه، تجميد رؤوس الأموال في العقارات، وعدم إمكانية خروجها، ويقول أن سوق العقارات تعيش جموداً في حركة البيع والشراء عند الحدود العليا للأسعار التي وصلت إلى الذروة الغير واقعية، لكنه لم يتوقع أن تعود الأسعار إلى ما كانت عليه قبل أربع سنوات.
ولا يخف كحالة قلقه من عودة مرحلة التسعينات، ويضرب مثالاً بأن 80% من مساكن كفرسوسة فارغة، ولا تجد من يشتريها، لكن أسعارها لم تنخفض، والسبب أن السوريين يضعون مدخراتهم في سوق العقارات، “يستعملونها كمطمورة”، وعندما يتوقف البيع، ينامون عليها بانتظار “الهبة القادمة”.
مع ذلك يضيف كحالة بأن الاستثمار العقاري مازال رابحا، لكن من يدخل القطاع للمضاربة سيخسر، ومن دخله للتطوير سيربح بحدود المنطق، ولن يحقق أرباحاً خيالية كما كان يتوقع، وهذا ينطبق على الشركات العقارية سواء الوطنية أو الخارجية.
من جهته، يرى عمر الشورى مدير شركة بالم فيلج، أن الأولوية الآن هي “لأصحاب الدخل المتوسط، لأنها الشريحة التي ما زال طلبها غير مشبع”، غير متوقع حدوث كساد في المشاريع العقارية التي تستهدف هذه الفئة، وأضاف أن ارتفاع الأسعار، رغم أسبابه غير مقبول وتجاوز حدود المعقول، وأن تصحيح مسار العقارات سيحدث بالنهاية ولكنه سيبقي الطلب على الشقق والمنازل ذات الأسعار المقبولة، أما المضاربون الذين يرفضون بيع العقارات إلا بأسعار خيالية، فهؤلاء سيجدون صعوبة في إيجاد مشترين، وقد يضطرون الى إعادة النظر في خططهم، وقد يدركون أن أيام الربح السريع في العقار قد انتهت.
وبكل الأحوال يشير عدد من أصحاب الشركات العقارية، أن دور الاستثمار العقاري وقدرته على تصحيح سوق العقارات ووضعها على سكتها الطبيعية، لن يظهر حتى إصلاح كل البيئة التشريعية التي وعدت بها الحكومة مثل قوانين “التمويل والرهن العقاري والتخطيط الإقليمي والضواحي والمجتمعات العمرانية”، وقد جاء في نصّ الخطة العاشرة ضمن السياسات الخاصّة بالعقارات إعادة النظر في (قانون التنظيم العمراني رقم 19 لعام 1974 ـ قانون الجمعيات التعاونية السكنية ـ التشريعات الضريبية ـ قانون الإصلاح الزراعي ـ قوانين الاستملاك ـ قوانين الإيجار ـ تشريعات الرهن العقاري ـ قوانين التمويل ـ تشريعات تملك العرب والأجانب).
تغطي مشاريع المؤسسة العامة للإسكان تغطي ما نسبته 11% فقط من الاحتياج الكلي للسكن في سورية، أنجزت المؤسسة، منذ تأسيسها عام 1961 حتى تاريخه بحدود 42000 مسكن، بينما تضمنت الخطة الخمسية العاشرة، إنجاز وتسليم 42000 مسكن والمباشرة بحوالى 51 ألف مسكن جديد، مع الإشارة إلى أنه ما يقارب 25000 مسكن قيد الإنجاز حالياً والسؤال هل تستطيع المؤسسة أن تنجز اليوم ما عجزت عن إنجازه في الأربعين سنة الماضية؟
58 ألف مكتتب ينتظر بصبر جميل اليوم الذي سيستلم فيه كل واحد فيهم بيته، قد يكون بيتاً صغيراً جداً لا يزيد عن 60 متر، وقد لا يستلمه قبل اثنا عشر عاماً، وقد يبقى يسدد ثمنه في الخمسة والعشرين سنة القادمة من عمره، وقد لا يزيد ارتفاع سقفه عن 3 أمتار، وقد تكون كسوته أقل من عادية، وقد يشبه علب الكبريت لكنه بالمحصلة “بيت”… بهذه الشروط، وافق 60 ألف شاب على الاكتتاب في السكن الشبابي الذي يدخل عامه الخامس، حيث كان من المفترض أن يكون حوالي عشرة آلاف مكتتب قد تسلم بيته الآن، ويعيش فيه، لكن هذا لم يحصل… سوى لبضع مئات محظوظين.
مع العلم أن المؤسسة أخذت من المكتتبين ما يقارب 2.5 مليار ليرة سورية، كدفعة أولى إضافة إلى 100 مليون ليرة شهرياً تسدد كأقساط، اي أن السيولة المالية يجب أن تكون متوفرة، كما سمح للمؤسسة الاقتراض من صندوق الدين العام بدون فائدة بمعدل لايتجاوز 30% من التكلفة السنوية المعتمدة لمشروع السكن الشبابي.
وزير الإسكان والتعمير حمود الحسين قال أن التأخير في المشاريع العامة، يعود للشركات الإنشائية، لأن الوزارة دورها ينحصر في الإشراف، طالباً أن لا تحمل الحكومة أكثر مما تحتمل، وأكد أن الوزارة تعمل لتنفيذ حصتها من الخطة الخمسية العاشرة، وهي 45 ألف مسكن، واستبعد الوزير حدوث كساد متوقعاً أن نرى نتائج قانون التطوير والاستثمار العقاري، مشيرا إلى أن القانون “سيتيح إيجاد بيئة تشريعية مناسبة لتأمين الأراضي بشكل سريع و”سيسمح بتأسيس شركات تطوير عقارية مشتركة ويمكن لكل المواطنين السوريين المساهمة فيها”، وبالتالي سيؤمن السكن الملائم لمختلف الشرائح الاجتماعية”، وأضاف بأن ذلك “سيسمح أيضا بسحب السيولة الموجودة حاليا في السوق والتي يتم تداولها في المضاربة بالعقارات والمساكن القائمة لوضعها في شركات تنتج عقارات جديدة وتخفف من الأزمة الموجودة حاليا”.
وقد أكدت مصادر مطلعة للتجارة والأعمال أن المؤسسة العامة للإسكان تبحث تأسيس شركة عقارية مساهمة، برأسمال يزيد عن 10 مليارات ليرة بالتعاون مع شركة إعمار ومجموعة عارف وشركة الأولى السعودية، وأن هذه الشركة ستتولى معالجة مناطق السكن العشوائي في دمشق على أن تكون حصة المؤسسة 30% من رأسمالها.
كما أن المؤسسة تبحث مشروع لشركة “بيكهار” الإيرانية لبناء خمسة آلاف وحدة سكنية في سورية بقيمة 100 مليون دولار، وكذلك عرض من شركة ماليزية لإقامة عشرة آلاف وحدة سكنية بقرض بقيمة 200 مليون دولار.
328763 منتسباً إلى 3000 جمعية تعاونية سكنية ينتظرون الحصول على مسكن تعاوني، وأنجز التعاون السكني خلال تاريخه نحو 140 ألف شقة، وبالمقابل فإن حصة التعاون السكني من الخطة الخمسية العاشرة هي 18% أي ما يعادل 60 ألف وحدة سكنية، لكن الأراضي لم توزع عليه حتى الآن.
لم يستطع القطاع التعاوني خلال تاريخه سوى بناء السمعة السيئة للجمعيات، التي تحولت لقنوات لابتزاز حلم السكن، لكن مع البحث في التفاصيل، فإن الذنب لا تتحمل عبأه كاملاً، فالمشكلات التي تعاني منها الجمعيات التعاونية كثيرة منها قلة الأراضي وتوزيع المساكن بنسب ضئيلة تصل إلى 7%، والبيع بسعر المتر الطابقي ما زاد التكلفة على الأعضاء المشتركين في الجمعيات، إضافة لعدم السماح للجمعيات بإيداع الأموال في المصارف العقارية أكثر من مرة ما فوت عليها فرص الاستفادة من الفوائد رغم زيادة النفقات الإدارية لها.
واليوم مثلاً ونحن في السنة الثالثة للخطة الموعودة، لم تخصص الجعيات بأراض حتى الآن، وقد علمت التجارة والأعمال من مصادر في مديرية النعاون السكني، أن قطعة من الأرض في الديماس ستخصص لبعض الجمعيات في الشهر القادم، والآن لا يسع المكتتبين إلا انتظار الفرج، ومعرفة من هي الجمعيات المحظوظة.
بنظرة سريعة على أسعار العقارات، سنجد أنها تتفاوت من منطقة لأخرى، حيث يتراوح سعر المتر المربع على الهيكل في ريف دمشق بين عشرة آلاف ليرة، وخمسة وعشرين ألف ليرة سورية، أما في داخل دمشق فقد فاق سعر المتر المربع كل تصور، حيث يتراوح سعر المتر المربع الواحد من البناء الجاهز بين خمسين ألف ليرة سورية في بعض مناطق دمشق، ومائتي ألف ليرة سورية نحو في بعض المناطق الأخرى.
واقتربت أسعار الشقق في الأحياء الراقية في دمشق، مثل المالكي والمزة، من أسعار نظيراتها في باريس ولندن، ويبلغ سعر الشقة نحو 90 مليون ليرة سورية.
بل أن السكن المخالف والمخالف لأدنى شؤوط الصحة والسلامة، وصل سعر متره في حلب ودمشق لخمسة عشر ألف ليرة، ويُنظر إلى مناطق السكن العشوائي المحيطة المدن والمتداخلة معها على أنها الأماكن المناسبة لتطبيق فكرة التطوير العقاري نظراً للمساحة الكبيرة التي تشغلها من جهة وقربها من مراكز المدن من جهة أخرى، ووفقاً لإحصاءات 2004 فقد وصل عدد المساكن المخالفة إلى ما يقرب من 1،2 مليون مسكن عشوائي، وهي تحتاج إلى نحو 1200 مليار ليرة لمعالجتها.
وما زال الناس على حلمهم القديم بأن تنخفض أسعار السكن وصولاً إلى الأسعار الحقيقية، خاصة أن الجميع يدرك أن الأسعار الحالية هي أسعار مبالغ فيها ولا تتناسب مع التكاليف الحقيقية في السوق السورية، فهل يتحقق الحلم، أم ندخل في كساد؟ حيث ينتظر البائع الذي وضع مدخراته في العقار، أن يبيع بالسعر الذي باع به جاره مرة، وينتظر الشاري أن تنخفض أسعار العقارات كما كانت مرة… ويبقى الطرفين على انتظار، أم أنها “فوضى عقارات سوريا، وفوضى اقتصاد سورية وقد اعتدنا على جنونها، واعتادت على شكوانا”.