سياسات الاتحاد الأوروبي والعدالة الاجتماعية في الدول العربية.. ماذا تعلم الاتحاد الأوروبي من الثورات العربية؟ (رؤية نقدية)

سياسات الاتحاد الأوروبي والعدالة الاجتماعية في الدول العربية.. ماذا تعلم الاتحاد الأوروبي من الثورات العربية؟ (رؤية نقدية)

فصل ضمن كتاب: العدالة الاجتماعية: المفهوم والسياسات بعد الثورات العربية

عن علاقة الدول العربية بالاتحاد الأوروبي

يعتبر الاتحاد الأوروبي هو الشريك الأهم لدول المنطقة العربية، سواء كان سياسيا أو اقتصاديا، أو حتى اجتماعيا، وذلك بسبب الجوار الجغرافي، والعلاقة التاريخية التي جمعت بين دول أوروبية وقت الاستعمار وبين الدول الأفريقية، ولا سيما دول شمال أفريقيا والشرق الأوسط كمستعمرات أو دول “تحت الحماية”.

لذا، فقد جاءت الحركات الثورية في العالم العربي، المنادية بالحرية والعدالة الاجتماعية، لتصيغ أسئلة مشروعة للأنظمة الحاكمة، ليس فقط في العالم العربي، ولكن أيضا في الجوار الأوروبي. فلطالما ساند الاتحاد الأوروبي الأنظمة العربية في تونس ومصر واليمن وليبيا وغيرها، ولطالما جمعت الصداقات والعلاقات الاقتصادية بين صناع القرار في أوروبا وصناع القرار في جنوب المتوسط. فلا يخفى على أحد علاقات الصداقة والعمل الخاص التي جمعت وزيرة الخارجية الفرنسية السابقة أليوت ماري، على سبيل المثال، برجل الأعمال التونسي المقرب من النظام التونسي عزيز ميلاد، وعلاقتها وأسرتها بالرئيس السابق بن علي وعائلته، وهو ما دفعها للاستقالة من منصبها بالخارجية الفرنسية بعد رحيل بن علي.[1] وغيرها العديد من العلاقات التي جمعت سياسة الدول الأوروبية المختلفة بالأنظمة العربية، وخاصة بنظام مبارك في مصر، وبن علي في تونس، والقذافي في ليبيا، وهي العلاقات التي أضحت مهددة بسبب الثورات العربية، وظهور إمكانية التغيير كبديل اختاره الشارع العربي.

جاء رد فعل الاتحاد الأوروبي إزاء الثورات العربية مخيبا للآمال، حيث اكتفى الاتحاد الأوروبي بالحديث عن الديمقراطية، وحقوق الإنسان، والتأكيد المستمر على دعمه للمسارات السياسية والاقتصادية التي انتهجتها الدول منذ اندلاع الثورات بها. ومن ثم، فقد استمرت السياسة الأوروبية تجاه المنطقة العربية، من حيث مشروطيتها، وتدخلاتها الاقتصادية المنحازة لنظام اقتصادي دون غيره، ومن حيث اتساق السياسات الأوروبية، بين المصالح الأوروبية ومصالح حقوق الإنسان والتنمية لدول جنوب المتوسط. وبالرغم من أن الاتحاد الأوروبي، كغيره من الكيانات السياسية المستقلة، من الطبيعي أن يبحث عن صالح الدول الأوروبية أولا، وعن مصالحه ككيان اقتصادي هام، إلا أن التدخلات التي تناقشها هذه الورقة هي تدخلات وسياسات يطرحها الاتحاد الأوروبي كأطر من أجل التنمية، وتعزيز احترام حقوق الإنسان، ويشكلها كسياسات من أجل صالح دول الجوار، سواء كانت الجوار الشرقي، أو الجوار الجنوبي، أي الجوار العربي. لذا، فحينما نحلل السياسات والتدخلات الأوروبية، فإنما نحللها من حيث أهدافها المعلنة، وتأثيرها على دول جنوب المتوسط، وخاصة تأثيرها على العدالة الاجتماعية، التي طالما غابت عن جنوب المتوسط.

الإطار الدولي: شراكة دوفيل

على الرغم من مطالبات الشعب في المنطقة العربية التي تدعو لمراجعات السياسات الاقتصادية، والتي من شأنها تعزيز الديمقراطية والتنمية والعدالة الاجتماعية، إلا أن الاقتصاديات الكبرى للعالم قد قررت قطع المسار أمام دول الربيع العربي، من أجل التأكد من أن الحكومات الانتقالية في تلك الدول سوف تتبع نفس الخيارات الاقتصادية التي تروج لها الدول الكبرى. ومن هنا، يجدر بنا الاشارة لشراكة دوفيل، التي تمثل الإطار المثالي لهذه الدول للتعاون مع الدول العربية، والحكومات الانتقالية فيها، من أجل التأكيد على اتباع سياسات اقتصادية بعينها، دون الالتفات لخيارات الشعوب العربية. شراكة دوفيل مع الدول العربية التي تمر بمرحلة انتقالية هو جهد دولي أطلقه دول الثمانية، الـG8، في اجتماع قادة تلك الدول في مدينة دوفيل، بفرنسا في عام 2011 وهو الاجتماع الذي وضع على أولوياته دعم دول الثمانية للبلدان العربية في الفترة الانتقالية، من أجل بناء “مجتمعات حرة وديمقراطية”.

من الجدير بالذكر أن شراكة دوفيل ليست فقط مبادرة دول الثمانية، إنما أيضا تنطوي على شركاء مهمين، على رأسهم صندوق النقد الدولي والمؤسسات المالية الدولية من أمثال البنك الأفريقي للتنمية، والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي، وصندوق النقد العربي، وبنك الاستثمار الأوروبي، والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، والبنك الإسلامي للتنمية، وصندوق الأوبك للتنمية، والبنك الدولي، وغيرهم.. وهم اللاعبون الأساسيون في تحقيق أهداف الشراكة. فشراكة الدوفيل تصف حزم اقتصادية تتبع سياسات السوق الحر، وترى في فتح الأسواق وتحرير التجارة، وجذب الاستثمار الأجنبي المباشر والخصخصة والتقشف في المصروفات العامة أهدافا يجب أن تحقق من أجل الإصلاح الاقتصادي،[2] وهي نفس السياسات التي طالما اتبعتها الدول العربية، فما كان منها إلا أن زادت من معدلات الفقر والبطالة، وأضافت للظلم الاجتماعي والتهميش أبعادا جديدة. لذا، فأهمية الدوفيل وغيرها من الأطر، سواء كانت الأوروبية أو الدولية، تكمن في تحجيمها لمساحة الاختيار وقدرة الدول على اتخاذ القرار المناسب ورسم السياسة العامة بعيدا عن الضغوط والشروط. وهكذا فهذه الأطر تتحدى محاولات التغيير التي تحاول الشعوب العربية الدفع بها منذ اشتعال شرارة ثورة تونس أواخر عام 2010.

الإطار الأوروبي: سياسة الجوار

تعتبر سياسة الجوار الأوروبية من أهم الأطر التي تحدد نطاق العلاقة بين الاتحاد الأوروبي ودول الجوار، البالغ عددهم 16 دولة، سواء كانت دول الجوار الشرقي (أرمينيا، وأذربيجان، وجورجيا، ومولدافيا، وأوكرانيا، وبيلاروسيا) أو دول الجوار في جنوب المتوسط، وهم مصر، والأردن، وليبيا، وسوريا، والجزائر، وتونس، وفلسطين، والمغرب، ولبنان، وإسرائيل. أهداف سياسة الجوار، كما يعلنها الاتحاد الأوروبي، هي تحقيق أقوى علاقة سياسية ممكنة، وأكبر قدر ممكن من التكامل الاقتصادي، وبناء هذين الهدفين على المصالح المشتركة، والديمقراطية، وسيادة القانون، وحقوق الإنسان، والتكافل الاجتماعي.[3] وتتفق دول الجوار مع الاتحاد الأوروبي على خطط عمل سنوية، تقوم على مبادئ الديمقراطية وسيادة القانون وحقوق الإنسان واحترام اقتصاد السوق، والمبدآن الأخيران هما اللذان طالما مثلا نقطة الخلاف، حيث تؤدي سياسات اقتصاد السوق في مجملها إلى انتهاك الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين، وزيادة معدلات الفقر وتوسيع الفجوة بين مستويات دخول ومعيشة الأفراد.

وبالنظر لأهم مبادئ سياسة الجوار، سنلاحظ العديد من الأمور التي كان من المتوقع أن تتغير بعد اندلاع الثورات العربية، ولكنها ظلت كما هي، معبرة عن استمرار سياسات الاتحاد الأوروبي، التي ترتكز على تحقيق الصالح الأوروبي من خلال دول الجوار، والحفاظ على خطاب احترام حقوق الإنسان والعدل الاجتماعي في المنطقة العربية كشعارات، تتنافى مع مصالح الكيان الاقتصادي الأوروبي. وفيما يلي رصد لأهم عيوب السياسة الأوروبية والتدخلات الأوروبية، خاصة تلك التي تؤثر على تحقيق العدالة الاجتماعية واحترام حقوق الإنسان في المنطقة العربية.

عدم اتساق السياسات الأوروبية: بين الصالح الأوروبي وخيارات الشعوب العربية

يحدد الاتحاد الأوروبي في خطة لتطبيق سياسة الجوار مع دول جنوب المتوسط لعام 2013 ثلاثة أنواع أساسية لعلاقة الاتحاد الأوروبي بدول الجوار: علاقات ثنائية، وعلاقات متعددة الأطراف، وتعاون حول الأمن ومكافحة الإرهاب. ولعل النوع الأول من العلاقات هو الأهم، حيث ينطوي على العلاقات الثنائية التي تربط الاتحاد الأوروبي مع كل دولة من دول الجوار كل على حده. وهنا يطبق الاتحاد الأوروبي مبدأ المفاضلة بين الدول، حيث يتعامل الاتحاد الأوروبي مع كل دولة حسب ظروفها واحتياجاتها واستجابتها لتطبيق ما يأتي في خطة عمل سياسة الجوار. فانقطعت مثلا علاقة الاتحاد الأوروبي الثنائية في إطار سياسة الجوار مع سوريا بسبب النزاع المستمر في سوريا، كما تركزت علاقة الاتحاد الأوروبي الثنائية بليبيا حول تحقيق الأمن والإدارة السياسية للدولة، فيما تعتبر دولة المغرب الأكثر قربا من الاتحاد الأوروبي، حيث انهت المغرب ثلاث جولات من المفاوضات حول اتفاقيات التجارة الحرة العميقة والشاملة، كما وقعت على اتفاقية شراكة الحركة، لتكون أول الدول العربية للدخول في تلك الاتفاقية التي تنظم حركة الأفراد بين الاتحاد الأوروبي ودول الجوار.[4] أما بالنسبة للعلاقات متعددة الأطراف، فهي تلك الأطر التي تضم الاتحاد الأوروبي ومجموعة من دول جنوب المتوسط، وأهمها “الاتحاد من أجل المتوسط” وهو الذي توقف لعدة سنوات ليعود في 2013، لإعادة محاولات عديدة أطلقها الاتحاد الأوروبي من أجل خلق إطار مؤسسي للعلاقة بين دول جنوب المتوسط والاتحاد الأوروبي، وهو من ناحية أخرى مثال للطبقات العديدة التي تصنع علاقة الاتحاد الأوروبي بدول جنوب المتوسط، سواء كانت علاقات ثنائية من ناحية، أم متعددة الأطراف من ناحية أخرى، أو كانت من خلال سياسة الجوار التي بدأت في 2004، أو الاتحاد من أجل المتوسط، أو اتحاد دول غرب المتوسط (المغرب العربي).

ومن الجدير بالذكر أن خارطة الطريق لعلاقة الاتحاد الأوروبي بدول جنوب المتوسط تتمثل في نقاط مختلفة: أولها الديمقراطية، وتعزيز الحكم الرشيد واحترام حقوق الإنسان، وتعزيز الشراكة مع المجتمع، خاصة من خلال خلق قنوات للحوار مع منظمات المجتمع المدني. وثانيا، تأتي التنمية الاقتصادية كأحد أهم أهداف سياسة الجوار، وهنا تكمن مشاكل سياسة الجوار الأساسية، والتي تتعلق بالعدالة الاجتماعية: فتعريف سياسة الجوار الأوروبية للمشاكل الاقتصادية للدول العربية ما هو إلا انعكاس لانحيازات الاتحاد الأوروبي الاقتصادية، والتي يقدمها كتوصيات لدول جنوب المتوسط. فالتحليل الاقتصادي للاتحاد الأوروبي فيما يخص دول جنوب المتوسط يرتكز على تحليل معدلات النمو، والعجز الكلي في الموازنة العامة للدول، كما يعتبر أن حل مشاكل دول جنوب المتوسط يكمن في قدرة تلك الدول على جذب الاستثمارات الخارجية، وجذب المؤسسات المالية الدولية لاقراض تلك الدول.[5] وهو ما يعكس السياسة الاقتصادية اليمينية، التي تعتمد على النمو وحده، والتي تحلل الاقتصاد من خلال مؤشرات لا تتضمن معلومات حول تمتع المواطن بثمار هذا النمو، أو حول تحقيق المساواة والعدالة في توزيع الثروات وغيرها. فعلى سبيل المثال، نجد أن تحليل الاتحاد الأوروبي للسياسة الاقتصادية في مصر في 2007 ما هو إلا دعم لسياسات اقتصادية نيوليبرالية، على رأسها تشجيع الخصخصة والاستفادة من عوائد بيع الأصول المملوكة للدولة، وتعديل قوانين الضرائب والاستثمار وإعادة هيكلة الدعم بهدف القضاء على عجز الموازنة.[6] وبشكل مشابه، نجد أن تحليل الاتحاد الأوروبي لمشاكل مصر الاقتصادية في 2013 لم يختلف، والأهم من ذلك أن التوصيات لا تزال كما هي، كما لو أن الثورة لم تهز مصر، معلنة فشل النظام الاقتصادي المصري، ومنادية بنمط اقتصادي جديد، يحقق التنمية وعدالة التوزيع. وبالرغم من أن السياسة الأوروبية تعتمد مبدأ المفاضلة، أي اختلاف السياسات من دولة لأخرى، إلا أن التطبيق الفعلى لتدخلات الاتحاد الأوروبي يدل على أن المفاضلة التي يدعي الاتحاد الأوروبي العمل بها ما هي إلا اختلاف في ترتيب سياسات أو توقيت ومدة تطبيقها، حيث يظل تعامل الاتحاد الأوروبي مع الدول العربية محكوم بإطار واحد، هو تحليل اقتصادي واحد، ومصالح اقتصادية واحدة، مصالح الاتحاد الأوروبي. فتأتي توصيات الاتحاد الأوروبي من خلال سياسة الجوار لمصر وتونس بالتوقيع على اتفاقيات قروض مع صندوق النقد الدولي، كما أوصت الأردن والمغرب وتونس ومصر بتحرير التجارة في الخدمات، خاصة من خلال الدخول في اتفاقية التجارة الحرة العميقة الشاملة مع الاتحاد الأوروبي.

بالإضافة إلى ذلك، فالاتحاد الأوروبي يرى أن تدخلات البنوك الأوروبية، وعلى رأسها البنك الأوروبي لإعادة الاعمار والتنمية، بنك الاستثمار الأوروبي، هي الأمثل من أجل التعامل مع الأزمات الاقتصادية للمنطقة العربية، وذلك على الرغم من العيوب العديدة التي تشوب تعاملات تلك البنوك، لا سيما قدرتها على المساهمة في التنمية. فلو نظرنا لبنك الاستثمار الأوروبي على سبيل المثال، لوجدنا أنه أكبر مقرض متعدد الأطراف في منطقة الشرق الأوسط، حيث قام باقراض حوالي 13 مليار يورو للمنطقة بين عامي 2002 و2011. وقد كان المتلقي الرئيسي لقروض البنك الأوروبي للاستثمار هي دولة تونس، حيث حصلت على حوالي 31٪ من إجمالي استثمارات البنك في المنطقة.. وهي الدولة التي بدأت منها شرارة الثورات العربية.[7]

ليس هناك إجماع واضح من مؤسسات الاتحاد الأوروبي حول إذا ما كان بنك الاستثمار الأوروبي بمثابة بنك تنموي أو بنك استثماري، خاصة عند تمويل المشروعات خارج حدود أوروبا. فبالرغم من أن المفوضية الأوروبية واتفاقية لشبونة تؤكدان على مسؤولية البنك وغيره من المؤسسات المالية الأوروبية في تحقيق التنمية واحترام حقوق الإنسان، حتى في التعاملات خارج حدود الاتحاد الأوروبي، إلا أن موظفو البنك طالما أكدوا أن بنك الاستثمار الأوروبي هو بنك استثماري وليس بنك التنمية، متهربين بذلك من مسؤلية البنك عن أي مشروعات له أثرت سلبا على التنمية أو أضرت بحقوق المواطنين العرب.

بالاضافة إلى ذلك، فان تعاملات البنوك الأوروبية يشوبها العديد من الاشكاليات. فقد تم تركيز تمويل البنوك الأوروبية على مشروعات شراكة القطاعين الخاص والعام، حيث لا يتعامل البنكين السابق ذكرهما مع الحكومة أو القطاع العام، وانما يشترط التعامل مع القطاع الخاص، مما يدفع عجلة الخصصة بشكل واضح، وهي التي تعد واحدة من أولويات بنك الاستثمار الأوروبي في المنطقة، المثيرة للجدل عالميا وإقليميا، حيث تتسبب خصخصة الخدمات العامة على سبيل المثال في زيادة أسعار الخدمات، وزيادة الأعباء على المواطنين، خاصة فيما يتعلق بالوصول للخدمات الأساسية كالتعليم والصحة والمواصلات، والماء والصرف الصحي والكهرباء، وغيرها. بالاضافة إلى ذلك، هناك العديد من التساؤلات حول القطاعات التي تهتم بها البنوك الأوروبية، حيث تتركز استثمارات البنوك الأوروبية في قطاعات النقل والطاقة والأسواق المالية، مما يطرح تساؤلات حول مدى ارتباط مشروعات تلك البنوك بأهداف تنموية، ترتبط بزيادة الإنتاج وتشغيل العمالة وغيرها.

في مصر على سبيل المثال، يذهب جزء كبير من اقراض بنك الاستثمار، والذي يحمل هدف تحقيق الانتعاش الاقتصادي والاجتماعي، إلى خط ائتمان البنك الأهلي المصري، ويتم الترويج لهذا القرض باعتباره “أداة من شأنها أن تساهم في تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة في القطاعات الإنتاجية” في مصر. ومع ذلك، فإن الأثر الإنمائي لهذه القروض بعيد المنال، خاصة لغياب الشفافية، وانعدام اللوائح التي من شأنها التأكيد على أن خط الائتمان الذي يدعمه القرض سوف يفيد المواطنين الأكثر حاجة، ولن يكون مجرد مشروعا جديدا للبنك، يخدم من يقوون على التعامل مع البنك من الطبقات المرتفعة.

كما أن المؤسسات المالية الأوروبية، وعلى رأسها البنك الأوروبي لإعادة الاعمار والتنمية، وبنك الاستثمار الأوروبي، تعاني من نقص في الشفافية، حيث حصل البنك الأوروبي لإعادة الاعمار والتنمية على نسبة 25% في مؤشر شفافية الدعم والمساعدات، مما يعني أن البنك الأوروبي من المؤسسات الأكثر “فقرا” في الشفافية وتوفير المعلومات،[8] وهو ما يهدد بفساد في المساعدات، وتكملة مسار المؤسسات المانحة التي تقرض بلا محاسبة، وتتحمل الشعوب، ولا سيما الشعوب العربية، رد الديون.

اتفاقيات التجارة الحرة العميقة والشاملة

على الصعيد الاقتصادي، فالاتحاد الأوروبي، خاصة من خلال توصياته الاقتصادية للدول العربية، لا يحترم سيادة الدول على تنظيم الاقتصاد، وبالتالي لا يعكس خيار الشعوب الذي يتجه للبحث عن نموذج اقتصادي أكثر عدالة. وهكذا، فالاتحاد الأوروبي في توصياته وتدخلاته الاقتصادية، يساهم في استمرارية السياسات الاقتصادية.

من أهم ما يربط الاتحاد الأوروبي بدول جنوب المتوسط، هي اتفاقيات التجارة الحرة. فقد أبرم الاتحاد الأوروبي اتفاقيات مختلفة للتجارة الحرة والاستثمار مع دول جنوب المتوسط، تونس والمغرب ومصر والأردن ولبنان وفلسطين وسوريا والجزائر، منذ عدة سنوات. ومن الجدير بالذكر أن اتفاقيات التجارة الحرة لا تزال مجال نقاش واسع في كافة الدول، خاصة فيما يتعلق بتأثيرها على الدول النامية، وذات الاقتصاديات الهشة، وذلك لأن هذه الاتفاقيات تلغي الحدود بين دولتين (على الأقل)، قد تكون أحداهما أقل قدرة على المنافسة وقد ينتهي المطاف بالدولة الأضعف اقتصاديا لخسارة الصناعة المحلية بها، والاتجاه للاعتماد الكلي على اقتصاد الدولة الشريك الأقوى. ولذا، فاتفاقات التجارة الحرة التي تجمع دول الاتحاد الأوروبي بدول جنوب المتوسط تشوبها علامات استفهام عديدة، لا سيما حول قدرة دول جنوب المتوسط على منافسة الاقتصاد الأوروبي، في ظل قوة الاقتصاد الأوروبي، وتمتع المصنعين والفلاحين ومقدمي الخدمات في أوروبا بالعديد من الامتيازات والدعم. وعلى الرغم من وجود معدلات نمو تجاري في بعض دول جنوب المتوسط على مدار السنوات الماضية، فان هذا النمو التجاري لم يصاحبه نمو اقتصادي، أو تحسن في مستويات المعيشة للأفراد، بل على العكس، من الملحوظ زيادة معدلات الفقر، واتساع الفجوة بين الدخول، وارتفاع نسب عدم المساواة. كما يلحظ الانخفاض الحاد في حصة القطاعين الصناعي والزراعي من الإنتاج في معظم دول جنوب المتوسط، وهو ما كان أحد أسبابه فتح الأسواق العربية مبكرا للمنجات الزراعية والصناعية الأوروبية، حيث لم تقو الصناعة والزراعة المحليتان على منافسة الأسواق الأوروبية، فاندثرت العديد من الصناعات، وتهدم النشاط الزراعي، خاصة في غياب خطة اقتصادية في دول جنوب المتوسط. ويشير ذلك إلى فشل النماذج الاقتصادية المعتمدة في المنطقة في إطلاق العملية التنموية وخلق فرص العمل، والاستفادة من توافر الأيدي العاملة. بدلا من ذلك، اكتفى صانعو السياسة في الدول العربية بتعميق الشراكة مع الدول الأوروبية، آملين مساعدة الاتحاد الأوروبي في تجاوز أزمات المنطقة العربية الاقتصادية. واستغل الاتحاد الأوروبي الفرصة من أجل فتح أسواق جديدة للمنتجات الأوروبية، وهو الهدف الحقيقي الذي يدفع الاتحاد الأوروبي قبل وبعد الثورات العربية، حتى لو ادعى الاتحاد الأوروبي أنه يعمل من أجل صالح دول جنوب المتوسط.

 ولعل أفضل مثال على ذلك، هو أن رد فعل الاتحاد الأوروبي الأول، اقتصاديا، على اندلاع الانتفاضات العربية هو الترويج لاتفاقيات التجارة الحرة العميقة والشاملة، وهي نوع جديد من الاتفاقيات الحرة التي تتحكم في قوانين الاستثمار، والصناعة والضرائب وغيرها في دول جنوب المتوسط. وقد تم الترويج لهذه الاتفاقيات كأداة للنمو الاقتصادي واستقطاب الاستثمار من أجل التنمية، دون حتى محاولة لدراسة أثر الاتفاقيات السابقة، وتحليل جدوى تعميق تلك الاتفاقيات على الاقتصاديات النامية في جنوب المتوسط. ولقد تم بالفعل الانتهاء من ثلاثة جولات من المفاوضات حول اتفاقيات التجارة الحرة العميقة والشاملة مع المغرب في 2013. كما يتم التحضير الآن لمفاوضات مشابهة مع تونس والأردن، وفي فترة لاحقة مع مصر.

ويعزز الاتحاد الأوروبي من خلال تلك الاتفاقيات وغيرها سياسات تعتمد المزيد من التحرير للتجارة في السلع والخدمات، والتمويل وتشجيع الخصخصة وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشر، وذلك من خلال زيادة دور المؤسسات المالية تحت غطاء شراكة دوفيل، ومن خلال التدخل من أجل تعديل بنية الاقتصاد، بتعديل قوانين الاستثمار، والتحكم في الدعم، وسياسات التصنيع، واشتراط عدم التفريق بين المستثمر الأجنبي والمستثمر الوطني، ولا بين العمالة الأجنبية والوطنية، ولا التفريق في السياسات بين المستثمر الكبير والصغير، ولا بين الفلاح الصغير والقائمين على الزراعة التجارية من رجال الأعمال (Agri-business). ويلاحظ أن مثل هذه السياسات قد أثرت بشكل سلبي على التنمية المطلوبة في المنطقة العربية، وقد حاصرت الدول العربية، من خلال الأطر متعددة الأطراف كشراكة دوفيل واتفاقات التجارة الحرة العميقة والشاملة، وبذلك حدت من مساحة الدول العربية في اختيار النظام الاقتصادي المناسب، خاصة بعد اندلاع الثورات العربية التي جاء في قلبها مطالبات الشعوب العربية بالعدالة الاجتماعية.

مشروطية المساعدات: بين العصا والجزرة

تعد المساعدات التي يقدمها الاتحاد الأوروبي لدول جنوب المتوسط بهدف “التنمية” من أهم محددات علاقة الاتحاد الأوروبي بالدول العربية. ومن الجدير بالذكر أن المساعدات قد تكون من الدول الأوروبية، كل على حده، كأن تكون المساعدات من السويد أو ألمانيا مثلا، أو من الاتحاد الأوروبي. وتشوب تلك المساعدات العديد من المشاكل، لعل على رأسها مدى فعاليتها في خدمة أغراض التنمية، ومدى تجنبها للفساد على المستوى الحكومي، ومدى مشروطية تلك المساعدات. فسياسة الاتحاد الأوروبي اتبعت مشروطيه سياسية في السنوات الماضية في حين لم تخدم بالضرورة الاولويات الوطنية على مستوى الدول العربية.

علي سبيل المثال في مصر، على الرغم من أن الاتحاد الأوروبي لم يصل إلى حد تعليق برنامج المساعدات بعد تغيير النظام الأخير في 30 يونيه 2013، والذي أطاح بحكم الإخوان المسلمين في مصر، ولكن على المستوى الثنائي أعلنت بعض الدول الأوروبية كالدنمارك عن تعليق المساعدات لمصر احتجاجا على الأحداث السياسية بها ومدى ديمقراطيتها، وهو ما يجعلنا نتساءل عن مدى نجاح الاتحاد الأوروبي في التخلص من المشروطية. ولعل من أهم انجازات الاتحاد الأوروبي من أجل التخلص من المشروطية ومن ربط المساعدات هو مبدأ “المزيد للمزيد”، وهو الذي احتفل به الاتحاد الأوروبي كدليل تعديل سياسته بعد الربيع العربي، حيث الهدف من السياسة الجديدة القضاء على مشروطية المساعدات الاقتصادية، واستبدالها بالجزرة: أي زيادة المساعدات الأوروبية كلما زادت الإصلاحات من جانب الدول العربية، وخاصة الاصلاحات المتعلقة بالديمقراطية وبناء المؤسسات. وبالرغم من ذلك، فان مسار الاتحاد الأوروبي لم يختلف. فأولا، لم تختلف المشروطية، لا على مستوى الدول الأوروبية، ولا على مستوى الاتحاد الأوروبي، فمبدأ المزيد للمزيد، ما هو إلا الوجه الآخر لمبدأ الأقل للأقل، أي المشروطية. فما الفارق اذن؟ لو تقدمت الدول بإصلاحات، فهي تكافئ بالمساعدات الاقتصادية والاتفاقيات التي التي تربطها بالاتحاد الأوروبي، وان لم تقم فتعاقب، بمنع المساعدات عنها، اذن، فما تغير في السياسة الأوربية ما هو إلا المسميات، ولكن التطبيق الفعلي للتدخلات الأوروبية لم يتخل عن المشروطية.

النقطة الثانية الأهم، تتعلق بمضمون المشروطية: فعلى الرغم من أن مبدأ “المزيد للمزيد” واسبقه من مشروطية مساعدات الاتحاد الأوروبي ربطا المساعدات بالديمقراطية وبناء المؤسسات في دول الجنوب، إلا أن التطبيق الفعلي لسياسة المشروطية أوضح أن الاتحاد الأوربي لم ولن يكافئ بالمساعدات إلا الدول التي تتقدم في تطبيق سياسات النيوليبرالية وتحرير الاقتصاد وغيرها من السياسات التي تتسق مع توصيات المؤسسات المالية الدولية.[9] تونس، على سبيل المثال، كان واحدة من أول دول المنطقة العربية توقع اتفاقية شراكة مع الاتحاد الأوروبي، كما أنها كانت من المجموعة الأولى للبلدان التي اتفقت مع الاتحاد الأوروبي على خطة عمل سياسة الجوار الأوروبية، ويرجع تقدم تونس كأحد أهم أصدقاء الاتحاد الأوروبي إلى التقدم في تحرير الاقتصاد واتباع سياسات الخصخصة والتقشف وتحرير الأسواق. وهكذا، فالاتحاد الأوروبي اعتبر أن تونس في تقدم وتطور مستمر، وهكذا فهي أولى بالمساعدات الأوروبية، على الرغم من حقيقة أنه منذ أواخر 1990 كان نظام بن علي يمارس قيودا على الحريات السياسية بشكل قمعي على نحو متزايد جدا ومبالغ فيه مقارنة بدول أخرى. كما أن تونس كانت أيضا واحدة من الدول الأقل تلقيا لانتقادات أوروبية بسبب حقوق الإنسان.[10] وهكذا، فثمة اشكاليتين متعلقتين بالمشروطية، أولهما ارتباط المساعدات بالشروط التي يحددها الاتحاد الأوروبي، وثانيهما، أولويات الاتحاد الأوروبي التي يشترطها من أجل تقديم الدعم أو المساعدات، أو حتى التفاوض حول اتفاقيات التجارة الحرة واتفاقيات الشراكة، وهي الأولويات التي يدعي الاتحاد الأوروبي ارتباطها بالديمقراطية وبناء المؤسسات، بل واحترام حقوق الإنسان، في حين أن الشروط عادة ما ترتبط بالخيارات الاقتصادية، وبالنظام الاقتصادي. وهي السياسات التي لم تتغير باشتعال الثورات العربية، بل صارت متركزة على دول الربيع العربي، محاولة جذب الأنظمة الانتقالية الجديدة للنظام الاقتصادي ذاته، الذي دائما ما يروج له الاتحاد الأوروبي، في حين أن الشعوب العربية، في خضم بحثها عن نظام جديد يحقق العدالة الاجتماعية، تظل مقيدة بخيارات محدودة، يطرحها، ويشترطها الاتحاد الأوروبي وغيره كالمؤسسات المالية الدولية.

من الجدير بالذكر، أن الفساد قد شاب المساعدات التي قدمها الاتحاد الأوروبي إلى البلاد العربية في الأعوام الماضية، وهو ما تسبب في دخول العديد من الأموال إلى الأنظمة العربية دون محاسبة، ودون ما يفيد بأن هذه المساعدات تم صرفها من أجل الأسباب التي خصصت من أجلها، أي التنمية. فعلى سبيل المثال، تقدمت محكمة المحاسبات الأوروبية، والمسؤلة عن مراجعة حسابات الدعم والمساعدات، بتقرير عن المساعدات التي تلقتها مصر طوال السبع سنوات الماضية، مؤكدة أن المساعدات لم يتم صرفها لأسباب تنموية، ولم تؤثر في تعزيز حقوق الإنسان أو الوصول لأهداف تنموية، أو حتى تطوير المؤسسات أو تحسن نظام الحكم.[11] كما أشارت المحكمة أن الاتحاد الأوروبي لم يتابع سبل صرف 60% من المعونة الأوروبية لمصر، وهو ما ساهم في ضياع المال العام الأوروبي.[12] وبالرغم من ذلك، لم يستحدث الاتحاد الأوروبي أية إجراءات من أجل التأكيد على أن الدعم والمساعدات الأوروبية ليسوا مجرد هدية للنظام الحاكم، إنما مساعدات تنموية، يجب صرفا في التنمية وتحقيق العدالة الاجتماعية.

ختامًا تلاحم السياسات والتدخلات الأوروبية

بالنظر للعلاقة المؤسسية التي تربط الاتحاد الأوروبي بالدول العربية، وبدراسة شكل العلاقة بعد الربيع العربي، يتضح أن تدخلات الاتحاد الأوروبي لا تعاني فقط من تضارب حول الأهداف (التنمية أم صالح الاتحاد الأوروبي)، ولكن نتأكد أن الصالح الأوروبي هو الغالب في كافة الظروف، سواء كان بدعم من المؤسسات المالية الدولية، أو لضعف الحوكمة والمحاسبة في دول جنوب المتوسط. وهكذا، أضحت سياسة الجوار تنفذ توصيات المؤسسات الأوروبية وغيرها من المؤسسات المالية، وتدرجها في أطر التنمية وحقوق الإنسان وتترجمها كتدخلات تستهدف مصالح الدول العربية أولا وأخيرا. ومن هنا، يوصي الاتحاد الأوروبي دول جنوب المتوسط في سياسة الجوار بوقف الدعم (مصر وتونس 2013)، بالدخول في مفاوضات من أجل اتفاقيات التجارة الحرة العميقة والشاملة (مصر، المغرب، تونس، الأردن، المغرب)، الدخول في اتفاقية منظمة التجارة العالمية (لبنان 2013) واتباع سياسات اقتصاد السوق الحر، من خلال تحرير الاقتصاد وخصخصة المنشآت المملوكة للدولة، واشراك القطاع الخاص في كافة مشروعات التنمية. ومن الجدير بالذكر أن الاتحاد الأوروبي على علاقة وثيقة بصندوق النقد الدولي، ويهتم بادراج توصيات صندوق النقد الدولي من خلال توصيات سياسة الجوار السنوية للدول العربية، وهو ما يطرح العديد من التساؤلات المشروعة حول مدى استقلالية سياسة الجوار التي تربط الاتحاد الأوروبي بجنوب المتوسط، ومدى التزامها بأهدافها المعلنة، وخاصة المتعلقة بحقوق الإنسان والإدماج الاجتماعي، والمسؤلية الاجتماعية التي تقع على عاتق الاتحاد الأوروبي تجاه المواطنين في دول جنوب المتوسط، حسب اتفاقية لشبونه. ولعل التطور الوحيد الذي طرأ على السياسة الأوروبية هو محاولات الاتحاد الأوروبي لإشراك المجتمع المدني في اتخاذ القرار، فيما يخص سياسة الجوار. وبالرغم من تزايد الأطر وعدد المشاورات التي تتم لإشراك المجتمع المدني في سياسة الجوار، إلا أن تأثير المجتمع المدني المحلي لا يزال محدودا، خاصة في حل الاشتباك بين صالح الدول العربية، ومصالح الاتحاد الأوروبي. فبالرغم أنه من الممكن إيجاد سبل أكثر عدالة للتعاون بين الاتحاد الأوروبي ودول جنوب المتوسط، إلا أن ضعف الحكومات العربية، ونقص خبراتها في التفاوض، وقصور الديمقراطية والشفافية، ونقص المحاسبة الناتج عنهما، يؤدي إلى نجاح الاتحاد الأوروبي والمؤسسات الأوروبية في التفاوض حول اتفاقيات واجراءات تصب في الصالح الأوروبي، دون دراسة أثرها على الدول العربية.

[1] BBC. “French Foreign Minister Alliot- Marie Quits Over Tunisia”. BBC. 27 February 2011.

 http://is.gd/jczgwj

[2] US Department of State. “Deauville Partnership with Arab Countries in Transition”. Economic Summits: G8 Summit 2012. http://is.gd/dKgjjR

[3] EEAS. European Neighbourhood Policy (ENP) Overview. European External Action Services.

 http://is.gd/Sh2X9Z

[4] European Commission. “Neighbourhood at The Crossroads: Implementation of the European Neighbourhood Policy in 2013”. Joint Staff Working Document. Implementation of the ENP in 2013 Regional Report: A Partnership for Democracy and Shared Prosperity with the Southern Mediterranean Partners. 27 March, 2014. http://is.gd/I0Ph6c

[5]المرجع السابق. P. 11

[6] EEAS. Egypt Country Strategy Paper: 2007-2013. 4 January 2007. Pp. 9-10. http://is.gd/4AcuTU

[7] European Investment Bank. http://is.gd/HDLYWS

[8] Aid Transparency index. European bank for Reconstruction and Development. Publish What You Fund.

http://is.gd/4TCw4A

[9]R. Balfour. IEMED, EUROMESCO. EU Conditionality after the Arab Spring. June 2012.

http://is.gd/RkKKzT

[10] المرجع السابق

[11] J. Chaffin. “EU Audit finds 1 bn Euro Aid had little effect on Egypt”. Financial Times. 17 June 2013.

 http://is.gd/waUaFt

[12] المرجع السابق

Start typing and press Enter to search

Shopping Cart