مشكلة البطالة في الأردن

مشكلة البطالة في الأردن

ورقة مشاركة في:

الملتقـى الدولي حـــول

” إستراتيجية الحكومة للقضاء على البطالة و تحقيق التنمية المستدامة “

الذي نظمته: كلية العلوم الاقتصادية والتجارية وعلوم التسيير

مخبر الاستراتيجيات والسياسات الاقتصادية في الجزائر

جامعة المسيلة

خلال الفترة 15-16 نوفمبر 2011م

ملخص

     يتمتع الاردن بواحد من اعلى معدلات التنمية البشرية على الصعيد العربي من حيث ارتفاع مستوى التعليم والصحة ، لكنه يواجه مشكلة بطالة متفاقمة تطال الشباب خصوصا وتهدد بترك انعكاسات اقتصادية واجتماعية خطيرة. وتشير الارقام الرسمية الى ان البطالة في الاردن تتراوح حول معدل 13% وتظهر ميلا الى التفاقم بسبب وجود اكثر من مليون وربع مليون مواطن حاليا بين سن العاشرة والتاسعة عشرة والمتوقع دخولهم لسوق العمل قريبا. ويعزو الاقتصاديون ذلك الى اسباب داخلية وخارجية. على الصعيد الداخلي فان الانماط السلوكية التي تدفع الشباب الى الترفع عن العمل في بعض المهن، اضافة الى الاختلالات الهيكلية في اسواق العمل هي من مسببات البطالة. اما على الصعيد الخارجي فان الركود الاقتصادي الملازم لعدم الاستقرار السياسي خلال العقود الثلاث الاخيرة، اضافة الى الهجرات القصرية وغير القصرية من الدول العربية المجاورة هي من العوامل المسؤولة عن وجود الفجوات الانكماشية وما يرافقها من معدلات بطالة فوق عادية.

Abstract

In spite of high levels of education and health standard Jordanians enjoy compared to other Arab countries, they face a chronic unemployment problem particularly among youths. The overall unemployment rate fluctuated around 13% during the last few years and expected to further deteriorate in light of high percentage of young university graduates who will be seeking jobs soon. Most unemployment in Jordan is attributed to behavioral attitude and/or to structural labor market problem. Externally, the long period of stagnation that was affected the region since early eighties, followed by the ongoing financial and economic crises contributed to further to the deterioration of economic performance of most countries in the region. This development  has led to both economic and political instabilities in the region. 

  • مقدمة

     يتمتع الاردن بواحد من اعلى معدلات التنمية البشرية على الصعيد العربي من حيث ارتفاع مستوى التعليم والصحة ، لكنه يواجه مشكلة بطالة متفاقمة تطال الشباب خصوصا وتهدد بترك انعكاسات خطيرة. وتشير الارقام الرسمية الى ان البطالة في الاردن تتراوح حول معدل 15% وتظهر ميلا الى التفاقم بسبب وجود اكثر من مليون وربع مليون مواطن حاليا بين سن العاشرة والتاسعة عشرة وهم سيدخلون سوق العمل قريبا ويتعين ايجاد فرص عمل لهم. ويعزو الاقتصاديون ذلك الى اسباب داخلية وخارجية. على الصعيد الداخلي فان الانماط السلوكية التي تدفع الشباب الى الترفع عن العمل في بعض المهن، اضافة الى الاختلالات الهيكلية في اسواق العمل هي من مسببات البطالة. اما على الصعيد الخارجي فان الركود الاقتصادي الملازم لعدم الاستقرار السياسي خلال العقود الثلاث الاخيرة، اضافة الى الهجرات القصرية وغير القصرية من الدول العربية المجاورة هي من العوامل المسؤولة عن وجود الفجوات الانكماشية وما يرافقها من معدلات بطالة فوق عادية.

  • تطور البطالة في الاردن

         في اعقاب حرب حزيران عام 1976 تعرض سوق العمل الاردني الى هزة عنيفة من جانب العرض نتيجة للهجرة القصرية للسكان من الضفة الغربية الى الضفة الشرقية مما ساهم في ارتفاع معدلات البطالة في السنوات التالية وصولا الى حوالي 14% في عام 1972. غير ان الاردن بدأ بالتعافي من اثار هذه الهزة ابتداء من عام 1973 وفي اعقاب ما عرف بالطفرة النفطية حيث تراجعت معدلات البطالة الى وضعها الطبيعي (دون معدل 3%).

* استاذ في قسم اقتصاد الاعمال ومدير المرصد الاقتصادي ، كلية الاعمال، الجامعة الاردنية، بريد الكتروني: t.awad@ju.edu.jo

 وقد ساهم في ذلك عدة عوامل اهمها زيادة المساعدات العربية للأردن، وزيادة الطلب على العمالة الماهرة الاردنية من قبل دول الخليج العربية وما نجم عنه من زيادة كبيرة في تحويلات العاملين في الخارج. وقد ساهم  ذلك في توسيع قاعدة الانتاج المحلي وحدوث توسع في مشاريع البنية التحتية، ونهضة عمرانية كبيرة ادت الى زيادة الطلب على العمالة المحلية، الامر الذي ادى الى زيادة كبيرة في استيراد العمالة غير الماهرة من الدول العربية المجاورة وخاصة من مصر وسوريا .

 بالرجوع الى الشكل رقم (1) يلاحظ ان معدلات البطالة في الاردن قد بقيت في الحدود العادية حتى بداية الثمانينات، ثم بدأت بالتزايد المستمر فوق المعدل الطبيعي (4%) وصولا الى حوالي 10% في اعقاب الازمة المالية والنقدية التي مر بها الاردن في عام 1988، ثم تفاقم الوضع في اعقاب حرب الخليج الثانية وصولا الى معدل  20% في عام 1993. وبعد ذلك اخذت معدلات البطالة بالتراجع  المستمر حتى وصلت الى حوالي 13.5% في عام 1996، ثم استقرت بعد ذلك حول هذه النسبة مع وجود تغيرات طفيفة صعودا وهبوطا. وبالرغم من بعض التراجع المحدود مؤخرا في معدلات البطالة، الا انها ما زالت تعتبر مشكلة تمثل هدرا كبيرا للموارد وعبئا اقتصاديا ملموسا اضافة الى اعبائها الاجتماعية. ومن الجدير بالذكر ان الارقام الرسمية تظهر المشكلة اقل من حجمها الحقيقي نظرا لعد شمولها للبطالة المقنعة المنتشرة في بعض القطاعات الاقتصادية، ونظرا لوجود حالات العمالة الجزئية المؤقتة غير المشمولة في الارقام الرسمية.

شكل (1): تطور معدلات البطالة في الاردن، 1977-2006.

المصدر: بيانات البطالة في الاردن، مسوحات مختلفة، دائرة الاحصاءات العامة.

في الجزء التالي نلقي الضوء على بعض خصائص هذه المشكلة بما يساهم في توضيح ابعادها المختلفة ويساعد في استنباط السياسات الملائمة لتسريع علاجها.

  • خصائص البطالة في الاردن

3.1 حجم المساهمة في قوة العمل

    وفقا لنشرة المؤشرات المختارة الصادرة عن دائرة الاحصاءات العامة لعام 2010، فان حجم قوة العمل الاجمالية (السكان القادرين واكبر من  15 سنة) قد بلغ 153436300 نسمة أي بنسبة نشاط اقتصادي اجمالية تصل الى 25.1% (معدل النشاط غير المنقح). وتتفاوت هذه النسبة بشكل ملحوظ بين الذكور والاناث ففي حين ان معدل النشاط للذكور يصل الى ما نسبته 40.2% فان معدل النشاط للإناث لا يتجاوز 9.4%. ووفقا لنفس التقرير فقد بلغ عدد سكان 6.113 مليون نسمة المملكة  لعام 2010 منهم حوالي 2.96 مليون ذكور. وبناء علية فان معدل المشاركة المنقح في قوة العمل للذكور قد بلغ 63.5% مقارنة بمعدل 14.7% للإناث ومعدل مشاركة كلي يصل الى 39.5%. يتضح من ذلك ان معدل المشاركة في قوة العمل في الاردن منخفض مقارنة بالمعدلات العالمية، ويعود ذلك بشكل رئيسي الى تدني مشاركة الاناث والى كبر حجم فئة الشباب في الاردن والاقبال الكبير لهذه الفئة على التعليم.

3.2 توزيع البطالة حسب الجنس

         الجدول رقم (2) يوضح توزيع معدلات البطالة حسب الجنس للفترة 2000-2010. ويُلاحظ ان معدلات البطالة اعلى بالنسبة للإناث منها الى الذكور حيث بلغت حوالي 20% للإناث مقابل حوالي 12% للذكور بالمتوسط خلال الفترة.  ومن الجدير بالذكر ان هذه الارقام المبنية على مسوحات العمالة والبطالة تختلف عن مثيلاتها من المسوحات السكانية العامة مما قد يشير الى ان مشكلة البطالة قد تكون اكبر مما تعكسه الارقام الرسمية القائمة على مسوحات البطالة. كما ويلاحظ عدم استجابة معدلات البطالة بشكل قوي لمعدلات النمو الحقيقي المرتفعة التي حققها الاقتصاد الاردني قبيل الازمة المالية الراهنة وذلك على خلاف ما هو متوقع في علاقة اكن Okun Law، ما يشير الى ان معظم البطالة في الاردن من النوع الاحتكاكي والهيكلي غير المرتبط بالدورة الاقتصادية[1].

جدول (1): معدلات البطالة حسب الجنس، 2000-2010.

العام ذكور اناث اجمالي
2000 12.3 21.0 13.7
2001 13.7 20.6 14.7
2002 14.0 21.9 15.3
2003 13.4 20.8 14.5
2004 11.8 16.5 12.5
2005 12.3 19.7 13.4
2006 12.5 24.9 14.4
2007 10.3 25.6 13.1
2008 10.1 24.4 12.7
2009 10.3 24.0 12.9
2010 10.4 21.7 12.5

المصدر: مسوحات  العمل والبطالة، دائرة الاحصاءات العامة، عمان، اعداد مختلفة.

3.3 توزيع البطالة حسب الفئات العمرية

يبين الجدول رقم (2) معدلات البطالة حسب الفئات العمرية والجنس لعام 2010، حيث ترتفع بين فئات الشباب حتى سن 24 عاما الذين لتصل نسبتهم 31.1% من اجمالي العاطلين عن العمل. وضمن هذه الفئة العمرية فان البطالة بين الاناث تصل الى 46.8% او ما يقارب ضعفها للإناث. اما للفئة العمرية 25-39 فان معدل البطالة يصل الى 10.1% مع تحيز قوي ضد الاناث حيث تصل النسبة الى 18.2% مقابل 7.8% للذكور. وتراجع معدلات البطالة للفئة العمرية الاكبر من ناحية اجمالية لتصل الى 4.6% فقط مع تقليص واضح للفجوة بين الذكور والاناث. ويشير هذا التراجع في البطالة للفئات العمرية الاعلى الى دور عامل الخبرة ومدى المواءمة بين مخرجات التعليم وحاجات السوق، والى ضرورة العمل على ايجاد فرص عمل متزايدة وتلائم حاجات الشباب الخريجين الجدد من المعاهد والجامعات وبما يتلاءم مع متطلبات خبرة عملية محدودة.

جدول (2): معدلات البطالة حسب الجنس والفئات العمرية، 2010.

اجمالي اناث ذكور فئة العمر
31.1 46.8 23.8 15-24
10.1 18.2 7.8 25-39
4.6 3.7 4.7 40+

المصدر: حسبت من مسح  السكان والمنازل العام، دائرة الاحصاءات العامة، عمان،2010.

اضافة الى ذلك فان تركز البطالة بين فئات الشباب ينطوي على مخاطر حدوث خلل في منظومة القيم الاجتماعية والاخلاقية قد تؤدي الى انحرافات متعددة نتيجة الشعور بالإحباط ومحاولة البحث عن وسائل لإرضاء الحاجات مثل تعاطي المخدرات والاتجار بها وممارسة القمار او عمليات الاحتيال والسرقة…الخ.

3.4 توزيع البطالة حسب المستوى التعليمي والفئات العمرية

الجدول رقم (3) يبين توزيع معدلات البطالة في الاردن حسب الجنس والمستوى التعليمي لعام 2010 ووفقا لما جاء في مسح السكان  لذلك العام. ويتبين ان اعلى معدلات البطالة يحدث في فئة التعليم الجامعي حيث وصلت النسبة الاجمالية الى 16.2% . غير ان ذلك لا يصح بالنسبة للجنسين فبينما تتركز في المستوى الجامعي عند الاناث وبمعدل 25% فانها تتركز في المستوى التعليمي الاقل من التوجيهي في حالة الذكور وبمعدل 11.3%. كما يلاحظ ان اقل معدل للبطالة للجنسين يحدث في فئة الاميين بنسبة اجمالية تساوي 7.2%.  ويلاحظ تركز البطالة من ناحية اجمالية في فئة التعليم اقل من الثانوي وبنسبة 49.7%، وبدرجة تركز اكبر في هذه الفئة للذكور تصل الى 56.5%.  في المقابل فان بطالة الاناث تتركز في فالمستوى الجامعي بنسبة 51.4%. وعلى خلاف ما هو متوقع فان معدلات البطالة تتزايد بالنسبة للجنسين مع ارتفاع المستوى التعليمي (باستثناء فئة الثانوية العامة). وقد يشير ذلك الى تشبع الاسواق بدرجة اكبر بخريجي الجامعات مقابل خريجي المعاهد والكليات المتوسطة، و/ا والى حساسية عالية للطلب على الخريجين بالنسبة الى زيادة المستوى التعليمي وما يرافقه من زيادة في الاجور.

جدول (3): معدلات البطالة حسب المستوى التعليمي والجنس، 2010.

المستوى التعليمي اجمالي ذكور اناث
معدل البطالة % معدل البطالة % معدل البطالة %
امي 7.2 1.5 8.5 1.4 1.9 1.2
اقل من الثانوية العامة 11.5 49.7 11.3 56.5 14.8 15.8
الثانوية العامة 8.4 12.8 9.2 13.5 13.1 9.5
دبلوم كلية متوسطة 13.2 10.8 9.3 8.6 22.7 22.1
جامعي 16.2 25.2 8.9 20.0 25.0 51.4
جميع المستويات 12.5 100 10.4 100 21.7 100

المصدر: حسبت من مسح  السكان والمنازل العام، دائرة الاحصاءات العامة، عمان،2010.

 

وتساهم الثقافة السائدة في المملكة في اقبال متزايد على التعليم الاكاديمي مقارنة بالتعليمي المهني والحرفي. ويبذل الاباء قصارى جهدهم لتغطية نفقات تعليم ابنائهم باي ثمن وحتى لو ادى ذلك الى الاقتراض ايمانا واعتقادا منهم بأهمية التعليم والعلم، قبل التفكير بفرص العمل ومدى توافرها ومردودها المتوقع. وهناك تفضيل لوظيفة المكتبية ذات المكانة الاجتماعية على المهن والحرف اليدوية بغض النظر عن المردود المادي لها.  وتساهم هذه الثقافة في عزوف الشباب الاردني عن بعض المهن وخاصة التي تتطلب الجهد الجسمي واليدوي (او متدنية المستوى) مما يؤدي الى ظهور اختلالات هيكلية في سوف العمل ويدفع نحو الاعتماد المتزايد على استيراد العمالة الاجنبية.

وعلى الرغم من محاولة الحكومة توفير فرص عمل اضافية، الا ان امكاناتها محدودة ولا تغطي اعداد الخريجين المتزايدة عاما اثر عام. حيث ان اعداد الخريجين تزيد سنويا على 45 الفا، يستوعب القطاع العام منهم نحو 7 آلاف، في حين يوظف القطاع الخاص اعدادا اقل من ذلك. كما ان سوق العمل بات مشبعا بكثير من التخصصات الاكاديمية.

     في الجزء التالي من الدراسة نتحول الى التحليل القياسي لبعض العلاقات الاقتصادية الكلية الهامة للبطالة وذلك لإلقاء الضوء على الابعاد الاقتصادية المختلفة للمشكلة وما تتضمنه بالنسبة لصانعي القرار والسياسة الاقتصادية.

  • النموذج القياسي

في هذا الجزء من الدراسة يتمحور الاهتمام حول اختبار وتفسير ظاهرة البطالة في الاردن باستخدام نموذج قياسي يستند الى النظريات الاقتصادية الكلية المعروفة. وعلى وجه التحديد فان قانون اكن Okun law يربط بين معدل النمو الاقتصادي الحقيقي وبين معدل البطالة، والتنبؤ الرئيسي الهام لهذا القانون ان زيادة معدلات النمو في الانتاح الحقيقي ستؤدي الى تخفيض معدلات البطالة بمعامل حساسية يساوي النصف. فمثلا نمو الاقتصاد بمعدل 6% سنويا (من ناحية حقيقية) سيخفض البطالة بنسبة 3% سنويا. من جهة اخرى فان نظرية فيلبس Phillips Curve  تربط بين معدلات البطالة ومعدلات التضخم وتتضمن وجود علاقة عكسية احلالية بين الاثنين في الاجل القصير. معنوية وشدة هذه العلاقة لها تضمينات فيما يتعلق بخيارات وفعالية السياسات الاقتصادية الكلية. اضافة الى ذلك فان صانع القرار في الاردن قد سعى الى تشجيع الاستثمار الاجنبي المباشر FDI في المملكة بتقديم الحوافز المغرية، املا في ان يساهم ذلك في تخفيف مشكلة البطالة وتحقيق اهداف اخرى كما تتنبأ النظرية الاقتصادية، تتمثل في تسريع التطور التكنولوجي والاداري المحلي وتحسين الوصول للاسواق الخارجية وتشجيع الصادرات. والسؤال هنا هل ساهمت تدفقات الاستثمار الاجنبي المباشر في تخفيف مشكلة البطالة في الاردن؟ لاختبار هذه العلاقات والاجابة على هذه الاسئلة فان الدراسة تستخدم النموذج القياسي التالي:

unemp = βO + β1 infl + β2 rgdp + β3 fdin + β4 time +u

حيث ان   المتغيرات  unemp,  infl, rgdp, and fdin   تمثل معدل البطالة والتضخم ومعدل النمو الحقيقي في الناتج المحلي الاجمالي وتدفقات الاستثمار الاجنبي المباشر الداخلة الى الاردن على التوالي. وقد اضيف الى المعادلة متغير الزمن time لتمثيل الاتجاه العام للبطالة . اما المتغير  u فيمثل الاخطاء العشوائية للنموذج. لتقدير معلمات النموذج المجهولة βi  ، فقد استخدمت عينة من البيانات السنوية تغطي الفترة 1977-201 . وفي ما يلي نتائج التقدير باستخدام طريقة المربعات الصغرى العامة  Feasible Generalized Least Squares (FGLS)للتصحيح للارتباط الذاتي من الدرجة الاولى:

جدول (4):نتائج التقدير باستخدام طريقة المربعات الصغرى  FGLS العامة.

Model: Unemp Estimate SE t Sig.
                     Constant -2.091E3 437.779 -4.776 .000
inflat -.199 .087 -2.297 .032
rgdp -.405 .138 -2.940 .008
fdin -.003 .002 -1.348 .191
time 1.066 .223 4.782 .000
r-square 0.92

وتبين نتائج التقدير الى ان النموذج المقدر يتمتع بقوة تفسيرية عالية تصل الى 92% والى خلوه من مشكلة الاعتماد الخطي ونجاح عملية التصحيح في التخلص من مشكلة  الارتباط الذاتي. كما ان اشارات المعاملات المقدرة منسجمة جميعا مع النظرية الاقتصادية باستثناء اشارة تدفقات الاستثمار الاجنبي المباشر التي جاءت سالبة وغير دالة احصائيا عند اي مستوى معنوية مقبول. ويعني ذلك ان تدفقات الاستثمار الاجنبي المباشر للاردن لم تساهم بشكل فعال في التقليل من معدلات البطالة، وقد يعود ذلك جزئيا الى كونها استثمارات كثيفة راس المال ومعتمدة على العمالة الاجنبية بشكل كبير.

اما فيما يتعلق بمعامل النمو الحقيقي فقد جاء كما هو متوقع سالبا بقيمة 0.4 وهي قريبة من القيمة المحددة بقانون اكن (0.5). وتشير هذه النتيجة الى ان تحقيق معدل نمو حقيقي يساوي 10% سيؤدي الى تخفيض معدل البطالة بنسبة 4% . ويتضمن ذلك نتيجة هامة مفادها ان ارجاع معدلات البطالة في الاردن من مستواها الحالي (14%) الى مستواها الطبيعي (4%) يتطلب نمو اقتصاديا حقيقيا بنسبة 25%. ويظهر ذلك مدى صعوبة تحقيق هذا الهدف.

اما فيما يتعلق بعلاقة فيلبس الكلية فتشير نتائج التقدير الى وجود علاقة احلالية هامة عند مستوى معنوية احصائي افضل من 5%، الا ان قوة هذه العلاقة محدودة وبنسبة تقترب من 0.20 فقط. ويعني ذلك ان ارجاع معدلات البطالة الى مستواها الطبيعي يتطلب في الاجل القصير احتمال تسارع معدلات التضخم بنسب قد تصل الى 50%. مرة اخرى فان هذه النتيجة تؤيد سابقتها فيما يتعلق بصعوبة الخيارات المتاحة امام صانع القرار في مواجهة هذه المشكلة.

اخيرا فقد جاء معامل الاتجاه العام ذو دلالة احصائية قوية جدا (مستوى معنوية احصائي افضل من 1%) ومشيرا الى وجود اتجاه للتزايد في معدلات البطالة بمعدل متوسط ثابت ويقترب من الواحد الصحيح خلال فترة الدراسة.

  • النتائج والتوصيات

ساهمت الازمات المالية والاقتصادية التي مر بها الاردن في اواخر عقد الثمانينات من القرن الماضي ذلك من حروب وعدم استقرار سياسي في المنطقة في دفع معدلات البطالة من مستواها الطبيعي (بحدود 4%) الى مستويات فوق طبيعية (اكثر من 15%) خلال الفترة. اضافة الى ذلك فان الثقافة والانماط السلوكية المحلية قد ساهمت في خلق الاختلالات الهيكلية في سوق العمل المحلي ومفاقمة مشكلة البطالة بنوعيها الاحتكاكي والهيكلي. وقد اظهر التليل الخصائص التالية لاسواق العمل المحلية:

  • تدني معدل المشاركة في قوة العمل في الاردن (56%) وخاصة بالنسبة للاناث
  • تزيد معدلات البطالة بين الاناث (20%) عن معدلاتها بين الذكور( 12%)
  • ترتفع معدلات البطالة بين فئات الشباب حتى سن 24 (تصل الى 60% من اجمالي العاطلين)
  • تتناقص معدلات البطالة بالنسبة للجنسين مع ارتفاع المستوى التعليمي. حيث ان 60% من البطالة بين الذكور تتركز في فئة التعليم الاقل من الثانوية العامة، ويقابل ذلك ما نسبته 30% تقريبا من بطالة الاناث.

اما نتائج التحليل القياسي فقد اظهرت النتائج التالية:

  • لم تساهم تدفقات الاستثمار الاجنبي المباشر للاردن بشكل فعال في التقليل من معدلات البطالة
  • ينطبق قانون اوكن بشكل تقريبي في حالة الاردن حيث ان قيمة المضاعق قد بلغت 0.4 مقارنة بقيمة النصف المتوقة. ويتضمن ذلك نتيجة هامة مفادها ان ارجاع معدلات البطالة في الاردن من مستواها الحالي (14%) الى مستواها الطبيعي (4%) يتطلب نمو اقتصاديا حقيقيا بنسبة 25%.
  • تنطبق ايضا علاقة فيلبس قصيرة الاجل على حالة الاردن، وتبين النتائج وجود علاقة احلالية هامة احصائيا ولكنها ضعيفة نسبيا عند نسبة تقترب من 0.20. ويعني ذلك ان ارجاع معدلات البطالة الى مستواها الطبيعي يتطلب احتمال تسارع معدلات التضخم بنسب عالية
  • تشير النتيجتين السابقتين الى تعقيد مشكلة البطالة في الاردن والى صعوبة الحلول قصيرة الاجل نظرا لمحدودية الخيارات امام صانع القرار
  • هناك اتجاه طبيعي للتزايد في معدلات البطالة في الاردن بمعزل عن تطورات المتغيرات الاقتصادية الممثلة في النموذج القياسي، الامر الذي ربما يشير الى دور مشكلة التزايد السكاني المرتفع في الاردن.

بناء على هذه النتائج فان الدراسة توصي بما يلي:

  • يجب التنسيق بين مخرجات النظام التعليمي وحاجات سوق العمل وتشجيع الاستثمار في هذا المجال، ويتطلب ذلك اجراء دراسات سوقية للتعرف على الاختلالات الهيكلية بشكل دائم ومستمر، وزيادة فعالية قنوات الاتصال بن المؤسسات التعليمية وقطاع الاعمال
  • توطيد التعاون بين القطاعين العام والخاص في مجالات الاستثمار والتوظيف وفقا لاسس الشفافية والتنافسية ومحاربة الوظيفة المضمونة بالواسطة ، مما يساهم في تصحيح مخرجات التعليم من حيث النوع والمجال
  •  حث القطاع الخاص على زيادة الاقبال على العمالة المحلية الشابة وابداء المرونة فيما يتعلق بمتطلبات الخبرة العملية الطويلة، وتوفير معلومات العرض والطلب للمهن المختلفة للطرفين
  • محاربة ثقافة العيب من العمل وتشجيع الخريجين الجامعيين على ممارسة المهن التي تشغلها حاليا العمالة الوافدة وخاصة في قطاعي الانشاءات والزراعة
  • ان تقوم الحكومة بتبني السياسات المشجعة لاقامة المشروعات الصغيرة نظرا لكفاءتها في خلق فرص عمل حرة للشباب، ويمكن في هذا الصدد التوصية بتدعيم تجربة صندوق التنمية والتشغيل الذي يتولى تقديم قروض الى الافراد والاسر متدنية الدخل لتمكينهم من انشاء مشروعات صغيرة
  • اعادة النظر في السياسة السكانية وبرامج تنظيم الاسرة وكذلك سياسة استيراد العمالة الاجنبية بما يتلاءم مع متطلبات التنمية الحقيقية وحاجات السوق المحلي.

المراجع

  • Fathi A. Arouri. “Unemployment in Jordan”. Analytic and Synthetic Notes, European University Institute, RSCAS, April 2007.
  • Gordon Robert J., Macroeconomics, 4t edition, Little, Brown and Company, Boston, USA, 1987.
  • Carter Hill, William E. Griffiths, and George G. Judge, Undergraduate Econometrics, Second edition, John Wiley &Sons, Inc., 2001.
  • Department of Statistics, 2004 Population and Housing Census, final Results, 2006,
  • Amman Jordan.
  • Ministry of Labour, Annual Report, Several Reports, Amman, Jordan.
  • البنك المركزي الاردني، النشرة الاحصائية الشهرية، اعداد مختلفة
  •  دائرة الاحصاءات العامة، الكتاب الاحصائي السنوي، عدة سنوات.

                              دائرة الاحصاءات العامة، مسح العمالة والبطالة، عدة سنوات.

[1] الارقام في هذا القسم مأخوذة من نشرة المؤشرات المختارة، دائرة الاحصاءات العامة، 2010.

Start typing and press Enter to search

Shopping Cart