معوقات صادمة: “مؤتمر” هل يستطيع البنك الدولي تحقيق العدالة الاجتماعية في مصر؟
أصبح توزيع الفرص الاقتصادية، وكيفية تشكيلها، من خلال السياسات العامة، إحدى النواحي الأساسية لتوطيد مفهوم الديمقراطية في المجتمع المصري. فقد قامت ثورة يناير بصورة جزئية، نتيجة الطموحات التي لم تتم الاستجابة لها في مجال الحراك الاقتصادي، لاسيما فيما يتعلق بأحوال الشباب، وقد ظهر ذلك من خلال إظهار استيائهم الناتج عن عدم توافر فرص العمالة المناسبة والعادلة.
في هذا الشأن، أقيمت ورشة عمل بعنوان ” تفاوت الفرص والعدالة الاجتماعية في مصر” بمقر كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، بالتعاون بين مركز البحوث والدراسات المالية والاقتصادية والبنك الدولي. وقد شارك في ورشة العمل عميدة كلية الاقتصاد والعلوم الاجتماعية دكتورة هالة السعيد، ودكتور هارتفيج شافر، المدير القطري المسئول عن مصر واليمن وجيبوتي بالبنك الدولي، ودكتور/ لير إرسادو، الخبير الاقتصاد الأول بالبنك الدولي، ودكتورة/ شيرين الشواربي أستاذ الاقتصاد وخبيرة اقتصاد أول بالبنك الدولي، وذلك في حضور كل من دكتورة منال متولي، أستاذ الاقتصاد ومدير مركز بحوث الدراسات المالية والاقتصادية، ودكتورة كريمة كريم، أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر، ودكتورة منى البرادعي، أستاذ الاقتصاد والمدير التنفيذي للمعهد المصرفي المصري، ودكتور حسن علي، أستاذ الاقتصاد بجامعة ولاية أوهايو ورئيس الجمعية الاقتصادية في الشرق الأوسط، ودكتورة حبيبة واصف، المدير السابق لمنظمة الصحة العالمية جنيف.
وقد استندت ورشة العمل إلى نقطتين هما:
أولاً: مفهوم تكافؤ الفرص ومعوقات العدالة الاجتماعية.
ثانياً: دور البنك الدولي في تحقيق العدالة الاجتماعية.
وذلك بالإضافة لعرض ثلاث دراسات أجراها البنك الدولي، والتي تقيم العدالة الاجتماعية وتفاوت الفرص في مصر، وهى:
– عدم تكافؤ الفرص بين الشباب المصري الطامحين في دخول سوق العمل.
– عدم المساواة في الفرص في التعليم والإنجازات التعليمية بين الشباب المصري.
– عدم تساوي الفرص بين الأطفال المصريين في الحصول على الخدمات الأساسية.
بداية، أكدت دكتورة منال متولي، مدير مركز الدراسات المالية والاقتصادية، أن هناك العديد من الدراسات أثبتت أن عدم تحقيق العدالة يؤدي إلى انخفاض النمو الاقتصادي، فأمام كل 1% من عدم تحقيق العدالة الاجتماعية 4% انخفاضا في النمو الاقتصادي. لذا ركزت دكتورة منال على أهمية أخذ مدى تكافؤ الفرص في الحسبان من حيث الحق في التعليم، والعمل، والصحة، والخدمات الأساسية، حيث إن عدم الحصول على هذه الخدمات يؤثر فى كفاءة أداء العمل وإنتاجية المواطن.
مفهوم تكافؤ الفرص ومعوقات العدالة الاجتماعية:
أوضحت دكتورة هالة السعيد، عميدة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، مفهوم تكافؤ الفرص الذي ينصرف إلى المساواة في الحقوق من تعليم وصحة ومأوى وحرية، وذلك بدون أي تفرقة قائمة على اللون أو الجنس أو العقيدة، حيث تتحقق المساواة في فرص العدالة الاجتماعية في حالة توافر خمسة شروط هى:
1. وفرة الفرص وإتاحتها.
2. إزالة جميع العوائق التي تؤدي إلى التمييز.
3. تمكين الأفراد من الاستفادة من الفرص المتاحة على أرض متساوية.
4. خلق الظروف التي تهيئ للأفراد فرصا حقيقية للحكم على نوعية الحياة التي ينشدونها لتفادي وقوع الفقراء في فخ القبول بالأمر الواقع.
5. السعي المستمر لتصحيح الفروق الواسعة في توزيع الدخول والثروات.
كما أوضحت دكتورة هالة السعيد عدة مشاكل تؤثر بشكل عام فى الوصول للخدمات الأساسية مثل عدم توافر وسائل المواصلات الآمنة، وبعد المدارس عن المنازل، بالإضافة لمشكلة الزواج المبكر، والتسرب من التعليم، علاوة على مشكلة “الواسطة والمحسوبية” التي تسهم في غياب العدالة وتفاوت الفرص. والجدير بالذكر أن عدم تكافؤ الفرص لا يقتصر فقط على الحقوق الاقتصادية، وإنما الحقوق السياسية أيضا.
دور البنك الدولي في عملية تحقيق العدالة الاجتماعية:
هذا، وأكد دكتور هارتفيج شافر، المدير القطري المسئول عن مصر واليمن وجيبوتي بالبنك الدولي، دور البنك في تقليص حجم الفقر، ودعم تكافؤ الفرص، والرخاء، والعدالة الاجتماعية، والحصول على فرص متساوية دون أي تمييز، بالإضافة إلى دور الممول الموفر للمصادر التي تسهم في عملية التنمية الاقتصادية.
وأكد المدير القطري للبنك أن البنك يركز على ثلاثة أهداف هى:
1. بناء خطة قوية لتحقيق العدالة الاجتماعية، وخلق فرص عمل.
2. مساعدة الحكومة على تحقيق نمو اقتصادي مستقر.
3. العمل على مشاركة المجتمع في صنع واتخاذ القرار.
كما أكد المدير القطري عمل البنك والمنظمات غير الحكومية جنباً إلى جنب، حيث دعم البنك الدولي مشروعا كثيف العمالة والقادر على توفير 250 ألف فرصة عمل، خاصة في الصعيد والريف والمناطق الفقيرة.
وقد أتت تصريحاته مصحوبة بثلاث دراسات عن تفاوت الفرص في مصر، هى:
أ. تفاوت الفرص في سوق العمل:
تناول دكتور لير إيرسادو، الخبير الاقتصادي بالبنك الدولي، الدراسة التي أجراها البنك الدولي أخيرا، والتي تطرقت لعدم المساواة في الفرص بين الشباب المصري الذين يريدون الدخول لسوق العمل، والذين تتراوح أعمارهم من سن 15إلى 29
وذكر إبرسادو أن الدراسة استطاعت أن تتوصل للنتائج التالية:
1. وجود اختلافات كبيرة في معظم أو جميع نتائج سوق العمل بسبب ظروف خارجة عن سيطرة العامل الشاب الراغب في الدخول لسوق العمل.
وتتمثل هذه الأسباب في الارتباط بالظروف القائمة عند المولد. فمعدلات التوظيف في القطاع العام بين أبناء وبنات العمال ذوي الياقات البيضاء والآباء ذوي التعليم الجامعي أعلى بكثير. حيث إن معدل التوظيف في القطاع العام بين الذكور انخفض من 14٪ في عام 1998 إلى 10٪ في 2006، في حين زاد معدل التوظيف في القطاع العام لأبناء العاملين ذوي الياقات البيضاء من 16٪ في عام 1998 إلى 18٪ في عام 2006.
ومن ناحية أخرى، انخفض معدل توظيف أبناء الآباء العاملين في مهن زراعية أو أساسية في القطاع العام من 13٪ في عام 1998 إلى 7٪ في عام 2006. وشهد توظيف الفتيات انخفاضا أكبر من ذلك بكثير في معدل التوظيف في القطاع العام، والذي انخفض من 40٪ في عام 1998 إلى 25٪ في عام 2006. كما انخفض معدل التوظيف لبنات الآباء العاملين في جميع المهن خاصة للآباء ذوي المهن الدنيا، حيث انخفض من 31٪ عام 1998 إلى 15٪ عام 2006.
2. وجود ارتباط بين مستوى الأجور ونوعية الوظيفة وتعليم الوالدين والمكان.
حيث إن الزيادة في الأجور تميل إلى صالح القادمين من خلفيات أكثر حظاً، حيث يبلغ متوسط الأجور لأبناء وبنات خريجي الكليات والتعليم الثانوي نحو ضعف أبناء الآباء الحاصلين على تعليم أساسي، وذلك بالإضافة إلى تباين الأجور، إذا كانت المنطقة ريفا أو حضرا.
3. وجود ارتباط بين مهنة وتعليم الآباء ومهن الأبناء والبنات.
ففي عام 2006، كان نحو 40% من أبناء و66%من بنات أصحاب الياقات البيضاء هم أنفسهم ياقات بيضاء، بينما كان 10 و 24٪ فقط من أبناء وبنات العمال الزراعيين هم من أصحاب الياقات البيضاء. كما أن 46% و 58٪ من أبناء وبنات العمال الزراعيين هم أنفسهم عمال زراعيون، إلى جانب ارتباط مهنة الأبناء بدرجة عالية بتعليم الأب، فتتراوح نسبة الياقات البيضاء بين 11%لأبناء و23%لبنات الآباء غير المتعلمين تعليما رسمياً، وبين67 و90% بالنسبة للآباء من خريجي الجامعات.
4. هناك أغلبية متزايدة من الشباب من الفئات الأكثر حظا يعملون في وظائف يتمتعون فيها بالضمان الاجتماعي، في حين تشارك غالبية الشباب الأقل حظاً في وظائف غير رسمية دون تثبيت. وهناك عدد كبير من هذه الشريحة الأخيرة يعملون لحسابهم الخاص، حيث اتسعت الفجوة في أجور المجموعتين بين عامي 1998 و 2006. والاختلافات بين المجموعات الأكثر حظا والأقل حظا بالنسبة للإناث هي أكثر تطرفا، خاصة بالنسبة للمقابل المادي.
5. تتسم فترة الانتقال من المدرسة إلى العمل في مصر بالبطء.
فكانت فترة الانتقال من المدرسة إلى العمل أطول بنسبة 50% في عام 2006، بالنسبة للشباب الأقل حظاً والأكثر عرضة للتسرب من المدرسة. وببلوغ سن العشرين، يظل أقل من 10% من الشباب الأقل حظا في المدرسة، مقارنة بـ 50% من المجموعة الأكثر حظاً. ومن سن 25 فصاعدا، يتحرك الشباب من الفئات الأكثر حظاً على نحو أسرع في العمل من هؤلاء الذين ينتمون إلى الفئات الأقل حظاً.
6. هناك أكثر من 80% من عدم تكافؤ الفرص في الأجور بالنسبة للشباب الذكور يُعزى إلى الخلفية العائلية.
حيث يرتبط نحو 40٪ من عدم المساواة في أنواع الوظائف والعمل في القطاع العام بمهنة الأب وتعليم كلا الوالدين، كما أن أهمية الخلفية العائلية أكبر بالنسبة للإناث. ويسهم المكان في عدم المساواة في سوق العمل، حيث يسهم بنسبة تصل إلى60 و60 و68% في عدم تكافؤ الفرص في الوصول إلى وظائف الياقات البيضاء، والقطاع الرسمي، ووظائف القطاع العام، على التوالي، وذلك بالنسبة للذكور، في حين أن الأرقام المقابلة للإناث أقل، حيث تصل إلى 26 و41 و47%.
7. ينخفض دور الظروف في عدم المساواة في سوق العمل مع تقدم الشباب في السن، مما يدل على أن الجهود الفردية قد تلعب دورا أكثر أهمية، متزايدة مع تقدم العمر.
ب. عدم المساواة في الفرص في التعليم والإنجازات التعليمية بين الشباب المصري:
وتحاول هذه الدراسة الإجابة على بعض الأسئلة التي تتعلق بنظام التعليم الحالي في مصر، وقد أوضح دكتور إيرسادو النتائج التي توصل إليها هذه من خلال النقاط الآتية:
1. زيادة معدلات استكمال التعليم الابتدائي بصورة مطردة من 43% إلى 69% بالنسبة للفئة العمرية 24-21 ، بالإضافة إلى ارتفاع معدلات استكمال التعليم الثانوي من 38% إلى 65%، مع زيادة معدلات استكمال المرحلة الجامعية من 7 % في عام 1988 إلى 17% في عام 2006. كما استطاعت مصر أن تقلص الفجوة بين عدد الذكور والإناث في المرحلة الثانوية والتعليم العالي.
2. هناك فروق كبيرة بين مستوى التعليم، وتراكم المكاسب في التحصيل التعليمي.
حيث إن نسبة الأفراد الذين لم يلتحقوا بالمدرسة بين المجموعات نفسها 26% من الفتيات، مقابل 16% بين الأولاد، وبين الشباب في الريف 34% ، والشباب في المدينة10 %، وبين أبناء الوالدين الذين لم يحصلوا على تعليم رسمي 25% ، و30 % من العمال الزراعيين لم يلتحقوا بالمدرسة.
3. عدم المساواة في التحصيل التعليمي بسبب خلفية الوالدين والموقع، والذى ساء منذ عام 1998.
ففي عام2006 ، كان الشباب الذي ولد في ريف الصعيد أقل احتمالا بنسبة 18% في الحصول على شهادة الثانوية العامة، وكانت هذه النسبة تبلغ 14% في عام 1998. وفي عام 2006، فإن الشباب الذي ولد في ريف صعيد مصر كان أقل احتمالا بنسبة 18% في الحصول على شهادة جامعية من هؤلاء الذين ولدوا في القاهرة الكبرى. كذلك، فإن أبناء الأمهات اللائي لم يحصلن على تعليم كانوا أقل احتمالا بنسبة 36% في الحصول على شهادة جامعية عن أبناء الأمهات المتعلمات.
ومن بين الشباب الأقل حظا القادمين من المناطق الريفية، وآباؤهم غير متعلمين، والأب يعمل في مهنة أولية، حصل 5% منهم فقط على تعليم جامعي، و41% منهم حصلوا على تعليم ثانوي، و13% منهم حصلوا على تعليم ابتدائي، وترك 38% منهم الدراسة، أو لم يلتحقوا بالمدرسة على الإطلاق. وفي المقابل، الشباب الأكثر حظا الذين يعيشون في المدن الكبيرة، وحصل آباؤهم على تعليم ثانوي أو أعلى، ويعمل الأب في أعمال كتابية، حصل 65% منهم على تعليم جامعي، و29% منهم حصلوا على تعليم ثانوي، و4% منهم حصلوا على تعليم ابتدائي، ولم يترك أي منهم المدرسة، أو لم يلتحق بالمدرسة. وقد بينت الدراسة أن الفترة بين 1998 و 2006 لم ترتفع فيها نسبة خريجي الجامعة بالنسبة للشباب الأقل حظاً، مقارنة بزيادة الشباب الأكثر حظاً بنسبة 14%.
4. وجود اختلافات كبيرة في أداء الطلاب المصريين في اختبار دراسة التوجهات الدولية في الرياضيات والعلوم.
حيث يرجع ربع نسبة عدم المساواة بين طلاب الصف الثامن في نتائج اختبار دراسة التوجهات الدولية في الرياضيات والعلوم في عام 2007 إلى ظروف الطفل عند الولادة بالإضافة إلى درجة تعليم الأبوين، والثراء، والموقع الجغرافي. كذلك، فإن تأثير تعليم الوالدين فى الظروف الأخرى كان كبيرا في عام 2003 و2007 ، حيث كانت هناك فجوة تصل إلى 30% بين أبناء الوالدين الذين حصلوا على تعليم تجاوز المرحلة الثانوية، وأبناء الوالدين الذين حصلوا على تعليم أقل من المرحلة الابتدائية. وبالإضافة إلى الفروق الكبيرة، فإن الفروق بين الأطفال في المناطق الريفية والذين انخفض أداؤهم بلغت 40 نقطة عن قرنائهم في المناطق الحضرية.
5. تعد الظروف عند الولادة، مثل الخلفية الاجتماعية والاقتصادية ومكان الميلاد، سببا في نسبة كبيرة من الفروق في الإنجازات التعليمية.
فتتسبب مؤهلات الوالدين التعليمية معاً في 12% من الاختلاف في نتائج المرحلة الابتدائية، و16% بالنسبة للمرحلة الإعدادية، و12% للثانوية، في حين يتسبب ثراء الأسرة في 8%، و9%، و5% من نتائج هذه المراحل على التوالي.
6. يلعب ثراء الوالدين وتعليمهم دورا مهما.
حيث إن أطفال الأسر التي تنتمي إلى قطاع العشرين بالمائة الأكثر دخلا من السكان تزيد احتمالات استكمالهم لتعليمهم الثانوي بمقدار يزيد على الضعف، ويزيد احتمال استكمالهم للتعليم الجامعي بمقدار أربعة أضعاف عن أطفال الأسر التي تنتمي إلى قطاع العشرين بالمائة الأقل دخلا من السكان. حيث تزيد نسبة احتمال دخول أبناء الأكثر دخلاً، وآباؤهم حاصلون على تعليم عال إلى 79% ، بالمقارنة بنسبة 24% فقط بالنسبة للذين ينتمون إلى القطاع الاقل دخلا، والذين لم يحصل آباؤهم إلا على تعليم أقل من التعليم الابتدائي.
كما يسهم إنفاق الأسرة على الدروس الخصوصية بشكل كبير في عدم المساواة في الإنجاز التعليمي، فهناك 58 % في المرحلة الابتدائية و64% في المرحلة الإعدادية يحصلون على دروس خصوصية. وفي عام2009 ، كان متوسط الإنفاق الشهري على الدروس الخصوصية للتلميذ 35 جنيها للإبتدائي، و54 جنيها للإعدادي، و88 جنيها للثانوي. وقد أنفقت الأسر الأكثر دخلا على الدروس الخصوصية مبالغ تزيد بعشر مرات عن الأسر الأقل دخلاً. أيضاً، ترتفع نسبة الإنفاق على الدروس الخصوصية بالنسبة للآباء الحاصلين على تعليم جامعي وغيرهم الحاصلين على تعليم أقل. كما تنفق الأسر مبالغ أكثر على الدروس الخصوصية الخاصة بالبنات نحو 117 جنيها في الإعدادية أكثر من الدروس الخصوصية الخاصة بالأولاد 56 جنيها. وترتفع نفقات الدروس الخصوصية بالنسبة للتلاميذ الذين ولدوا في محافظات حضرية، فتبلغ 210 جنيها في الإعدادية عن هؤلاء الذين ولدوا في مناطق ريفية 35 جنيها في الريف وصعيد مصر.
جـ- عدم تساوي الفرص بين الأطفال المصريين في الحصول على الخدمات الأساسية:
قامت دكتورة شيرين الشواربي، الخبيرة الاقتصادية بالبنك الدولي، بعرض نتائج الدراسة التي قام بها البنك الدولي، وتتمثل النتائج في الآتي:
1. استطاعت مصر تحقيق مكاسب في مجال تحسين حصول الأطفال، الذين تختلف ظروفهم، على الخدمات الأساسية بين عامي 2000و2008، حيث إن مصر تمتلك سجلا جيدا في مجال التطعيمات. وقد تم تحقيق مكاسب رائعة في مؤشر الفرص البشرية بالنسبة للحصول على الخدمات في المؤسسات الصحية، وتوافر العاملين المدربين أثناء الولادة وعمليات الفحص قبل وبعد الولادة. وقد استطاعت مصر أن توفر الملح المعالج باليود الذي زاد مؤشر الفرص البشرية الخاص به بمعدل ثلاثة أضعاف.
إلا أن هناك عددا كبيرا من الأطفال الذين يعانون من عدم الحصول على العديد من الخدمات الأساسية. فهناك واحدة من بين خمس حالات ولادة لا يقوم عليها عاملان مؤهلان، وإنما على أيدي القابلات التقليديات، خاصة بين الفقراء والريف والصعيد، مما يتسبب في حدوث مضاعفات للأم والطفل، حيث تعد المرأة التي لم تتلق أي تعليم رسمي عرضة أكثر بـ 13 مرة من المرأة الحاصلة على درجة جامعية لأن تلد على يد أفراد غير مهرة. وغالبية حديثي الولادة لا يتم حصولهم على متابعة طبية في فترة ما بعد الولادة، بالإضافة لسوء التغذية خلال العقد الماضي الذي زاد مع إصابة ربع عدد الأطفال تقريبا بالتقزم.
2. يلعب تعليم الأبوين والثراء والموقع دوراً في عدم المساواة في الفرص. فتعليم الأبوين، خاصة الأم، يعد أهم عامل يفسر الاختلافات في معدلات دخول المدارس، ويأتي في المرتبة الثانية عامل ثراء الأسرة. في حين نجد أن نسبة عدم المساواة في سوء التغذية منخفضة بصورة عامة، حيث إن الفتيات أكثر عرضة للتقزم ونقص الوزن من الأولاد.
3. هناك اختلافات إقليمية كبيرة في الحصول على البنية الأساسية الخاصة بالمنزل والرعاية الصحية، فتأتي محافظات صعيد مصر، والمحافظات الحدودية في نهاية القائمة.
ولا تزال الخدمات الأساسية توزع بصورة غير عادلة بين الأطفال، بالرغم من التحسينات التي بدأت العقد الماضي، حيث تتفاوت مؤشرات التنمية البشرية في مصر، الأمر الذي يتطلب توجيه السياسات الاجتماعية والاقتصادية ناحية تحسين الفرص بالنسبة للأطفال الأقل حظاً، خاصة بعد مطالب ثورة 25 يناير فيما يتعلق بالاهتمام بنقص التغذية، ودعم تنمية الطفولة المبكرة.
وختاماً، أوضح د.إيرسادو أن الأمم المتحدة تتوقع أن مصر ستتمتع بمعدل جيد بين نسبة الكبار إلى الصغار، وسوف يتسم التحول الديموغرافي بتراجع معدلات نمو السكان، مع زيادة الاشخاص الذين يبلغون سن العمل، وهذا الأمر يمثل فرصة ديموغرافية بالنسبة لمصر، حيث يمكن استغلالها من خلال ضمان فرص متساوية للأطفال في الحصول على احتياجاتهم الأساسية. ومن ناحية أخرى، فهناك خطر سوء إدارة هذه الفرصة، مما يؤدي إلى زيادة نسبة البطالة والفقر. لذا، من المهم لمتخذي القرار أن يقوموا بوضع سياسات تسمح لهم بتتبع تخصيص الفرص الأساسية بين الأطفال، وكسر دوائر الفقر، وعدم المساواة بين الأجيال، وتحسين النتائج المستقبلية بالنسبة لشباب اليوم.