حقوق الإنسان على مفترق الطرق: إعادة تقييم الالتزامات العالمية وفعاليتها
في 24 كانون الثاني/يناير 2024،انعقد منتدى مهم في جنيف، سويسرا، تحت العنوان المذكور أعلاه، ليمثل لحظة مهمة في الخطاب المستمر حول حقوق الإنسان والقانون الدولي.
وينظم المنتدى الائتلاف التنسيقي الأردني لمنظمات المجتمع المدني (همم)، بالتعاون مع شبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية، والائتلاف المدني الأردني للاستعراض الدوري الشامل، وجمعية ضحايا التعذيب في سويسرا.
ولم يكن هذا التجمع مجرد حدث آخر في الروزنامة الدولية، فقد جاء كخطوة استراتيجية وجريئة تهدف لتسليط الضوء على التحديات الحاسمة والقضايا الملحة التي تواجه حقوق الإنسان والقانون الدولي اليوم. وكان المنتدى قد عقد على هامش الاستعراض الدوري الشامل الرابع للأردن.
انبثق المنتدى عن خلفية الظلم الصارخ والفشل الواضح للمجتمع الدولي في دعم المبادئ العالمية لحقوق الإنسان والدفاع عنها. وكان محور المناقشات هو حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية في غزة، والتي سلطت الضوء بشكل صارخ على التحيز والمعايير المزدوجة السائدة بين الدول الغربية. وقد كشف التجاهل الصارخ للقانون الدولي عن أوجه القصور في الإطار العالمي لحقوق الإنسان.
وبمشاركة ما يقرب من 90 شخصًا، بما في ذلك الدبلوماسيين وممثلو الأمم المتحدة والجمعيات السويسرية والناشطون المدنيون والسياسيون، عزز المنتدى حوارًا متعدد الأوجه. وقد ضمن التنسيق المختلط للحدث، الذي يجمع بين المشاركات الشخصية وعبر الإنترنت، الوصول والمشاركة على نطاق واسع، وتوسيع نطاق وصوله إلى ما وراء الحدود المادية للمكان ليصل إلى جمهور عالمي عبر فيسبوك.
وكان الوضع المقلق لحقوق الإنسان في غزة في صلب المناقشات، حيث استشهد عشرات الآلاف من الفلسطينيين، واختفى أكثر من 6000، بالإضافة إلى ما يقرب من 70 ألف جريح، معظمهم من النساء والأطفال. إن الأزمة الإنسانية الأليمة، التي تتسم بالنقص الحاد في الغذاء والماء والدواء والإمدادات الأساسية، إلى جانب تدمير البنية التحتية الحيوية، ترسم صورة قاتمة لمنطقة تعاني من محنة. كما إن القصف المستمر والانتهاكات الصارخة للقانون الدولي من جانب إسرائيل لم تؤدي إلى تفاقم معاناة الشعب الفلسطيني فحسب، بل طرحت أيضا تساؤلات جدية حول فعالية النظام الدولي لحقوق الإنسان.
ووفر المنتدى منبرًا للتحليل النقدي والتفكير في حالة الالتزامات العالمية في مجال حقوق الإنسان، لا سيما في سياق القضية الفلسطينية. وشدد على الحاجة الملحة إلى إعادة تقييم المبادئ والآليات التي يقوم عليها الإطار الدولي لحقوق الإنسان. وتطرقت المناقشات إلى الدعوى القانونية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية بتهمة الإبادة الجماعية، وسلطت الضوء على أهمية المساءلة ودور المؤسسات القانونية الدولية في دعم العدالة.
وشدد المتحدثون في المنتدى، ومن بينهم ممثلون عن فلسطين والأردن وجنوب أفريقيا، والعديد من الخبراء القانونيين وحقوق الإنسان، على الطبيعة المنهجية للانتهاكات التي ترتكبها إسرائيل وضرورة اتخاذ إجراءات متضافرة لمعالجة الأسباب الجذرية للصراع، أي احتلال فلسطين. وشدد المنتدى على مسؤولية المجتمع الدولي الجماعية في منع الإبادة الجماعية وحماية حقوق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير ومقاومة الاحتلال.
كما سلط المنتدى الضوء على الدور الحاسم للمجتمع المدني والمجتمع الدولي في تحدي الخطابات السائدة والدعوة إلى التحول نحو نظام عالمي لحقوق الإنسان أكثر إنصافًا وعدالة. وسلطت المناقشات الضوء على أهمية دعم القضية الفلسطينية وضرورة اتباع مقاربة شاملة تعالج القضايا الأساسية المتمثلة في الاحتلال والفصل العنصري والاستعمار.
وفي الختام، كان منتدى “حقوق الإنسان عند مفترق الطرق” في جنيف بمثابة نداء واضح للمجتمع الدولي لإعادة تقييم التزاماته تجاه حقوق الإنسان واتخاذ إجراءات حاسمة. وسلط الحدث الضوء على مخاطر الكيل بمكيالين في التعامل مع قضايا حقوق الإنسان، وشدد على أهمية الالتزام بالمبادئ العالمية للعدالة والمساواة. وبينما يتصارع العالم مع تحديات معقدة، فإن رسالة المنتدى واضحة: لقد حان وقت العمل، وعلى المجتمع العالمي الاجتماع لدعم كرامة وحقوق جميع الأفراد، وخاصة أولئك الأكثر ضعفًا.