مشكلة المزارعين في الصومال … حقائق ووقائع
يمتلك الصومال مساحة واسعة من الأراضي الصالحة للزراعة تقدّر بحوالي 8 ملايين هكتار إلا أن المساحة المزروعة لا تتعدّى 1% من هذه الأراضي الصالحة للزراعة[1].
ورغم ضآلة نسبة الأراضي المزروعة في الصومال إلاّ أن الزراعة تلعب دورا كبيرا في الاقتصاد الوطني، حيث تمثّل من أهم الموارد الرئيسية لاقتصاد البلاد الذي يعتمد وبكثرة في الآونة الأخيرة على التحويلات المالية من الخارج والإنتاج الحيواني والعمليات التجارية التي يمارسها بعض رجال الأعمال الصوماليين والإنتاج الزراعي، كما أشارت بذلك بعض التقارير الإعلامية المحلية والدولية.
وقد مرّت الزراعة في الصومال بمراحل مختلفة إلّا أنّها استطاعت في خلال الحكم العسكري أن تحقق بعض الإنجازات التي من بينها، أنه قد وصل مستوى إنتاجية الهكتار الواحد للذرة في عام 1986م إلى معدّل ما بين 15 _ 20 كيسا مقارنة بإنتاج عام 1985م الّذي كان بمعدل 5 _ 7 أكياس كنتيجة طبيعية لنجاح تجربة نوع جديد من الذرة الشامية تسمى صومال تكس أجريت على مزرعة تجريبة في الصومال، كما توصّلت بعض التجارب الأخرى إلى التغلب على أزمة المياه في موسم الصيف حيث تمكن وطبقا لهذه التجربة استخدام البرك والأحواض والآبار لري مزارع صغار المزارعين، كما أن وصول إنتاج الموز إلى مستويات عالية تنافس المستويات العالمية تعدّ من أهم الإنجازات الزراعية التي حققها الصومال فترة الحكومة العسكرية الصومالية السابقة[2].
وبعد سقوط الحكومة العسكرية ودخول البلاد في حالة الفوضى وعدم الاستقرار، انهارت كلّ مقومات الحياة بما فيها الموارد الاقتصادية للبلاد، وكان تأثّر الزراعة بالوضع الجديد الّذي دخلته البلاد واضحا في المشكلات التي تواجه الزراعة والمزارعين، والتي يمكن وصفها بالتّحديات التي تواجه القطاع الزراعي في الصومال ويمكن إجمالها بالنقاط الأساسية الآتية:
- تحدّيات أمنية: يعتبر الأمن ضرورة مهمة من ضرورات الحياة البشرية، وأن التجارب البشرية ووقائع التاريخ أثبتت أنّه من الصعب تحقيق أي تنمية في أي مجال طالما لاتتمتّع تلك المنطقة بمقوّمات تساعدها على استتاب الأمن، وعليه فإن القطاع الزراعي في الصومال يعاني من تحدّيات أمنية مما أثّر على إنتاجه، حيث إن الأوضاع الأمنية المتردّية في البلاد حالت دون قيام المزارعين بطموحات زراعية كبيرة سواء كانت في المعدّات الإنتاجية أو في طريقة الوصول إلى الأسواق إذ إن الطرق الغير الآمنة التي تربط المزارع بأسواقها تمثّل عقبة أمام المزارعين لما يتعرّضون في هذه الطرق من نهب لمحاصيلهم أو معدّاتهم الزراعية أو فرض إتاوات باهظة غير شرعية من قبل المليشيات المسلحة المنتشرة في الطرقات التي تربط المزارع بالأسواق، ومن ثمّ أثّرت هذه الأوضاع على الإنتاج الزراعي بصورة سلبية.
- تدنّي مستوى الإمكانيات والأدوات الزراعية المتاحة للمزارعين: يستخدم معظم المزارعين الصوماليين أدوات زراعية قديمة، وآلات حراثة متهالكة ولا يتوفّر لديهم إمكانيات هائلة تمكّنهم من الحصول على الأدوات الزراعية الحديثة والتي تساهم في تطوير الإنتاج الزراعي، مما جعل القطاع الزراعي في الصومال متدهورا اقتصاديا وإنتاجيا.
- الكوارث الطبيعية والبشرية المتلاحقة: وتشمل هذه الكوارث كل ما يعرقل الإنتاج الزراعي سواء كانت طبيعية أو بشرية والمتمثّلة في:
- أزمة نقص المياه: والتي من أهم أسبابها عمليات التصحر الناجمة عن الرعي المفرط للماشية، والمناخ، حيث إن “المناخ الاستوائي السائد في البلاد يساهم بشكل واضح في تبخر المياه؛ حيث ترتفع درجة الحرارة أحيانًا لتصل إلى 47 مئوية على الساحل” نتيجة لهذا المناخ، وكلّما نقصت المياه كلّما أثر ذلك على الإنتاج الزراعي[3].
- السيول والفيضانات: من المشاكل الرئيسية التي يعاني منها القطاع الزراعي في الصومال ويعود ذلك إلى عدم توفّر المعرفة اللازمة لطرق تخزين مياه الأمطار وحفظها على أمل الاستفادة منها في أوقات الحاجة إليها، لذلك أصبح من المعتاد معاناة المزارعين من السيول والفيضانات تارة، ومن القحط والجفاف تارة أخرى، فهم في معاناة دائمة طالما لم يحلّ جذريا المشاكل المتعلقة بقلّة االخبرة في عمليات الزراعة والري التي لو كانت متوفّرة لوضعت حدا للسيول والفيضانات.
- المساعدات الغذائية الدّولية: يشير معظم المزارعين إلى أن المساعدات الغذائية التي توزّعها مؤسسات الإغاثة الدولية والمحلّية من التحدّيات التي يواجهونها، حيث توازي هذه المؤسسات عملها الإغاثي مع موسم الحصاد، مما يجعل إنتاجهم الزراعي متكدّسا في المستودعات، لأن المساعدات الغذائية قد تصل إلى معظم الشعب سواء عن طريق هبات أو الحصول عليها بسعر زهيد في السوق، وبالتالي يعزف الناس عن شراء الإنتاج المحلّي لارتفاع سعره بسبب ارتفاع مدخلاته، وفي ذلك تأثير سلبي على الأوضاع الزراعية في البلاد، والتي قد تؤدّي إلى العزوف عن ممارسة الزراعة نفسها.
إلى جانب تلك التحدّيات هناك تحدّيات أخرى تتمثّل في غياب المعرفة الأكاديمية لشؤون الزراعة، إذ إنّ المعاهد والكلّيات الزراعية القليلة أصلا لا تحظى بقبول جماهيري مما يساهم في ازدياد تعمّق المشكلات التي تواجه المزارعين في الصومال، بالإضافة إلى ذلك سوء أوضاع الطرق ورداءتها والتي لم يحصل معظمها على ترميم منذ سقوط الدولة العسكرية، كلّ ذلك يعتبر من أهم التّحديات التي تواجه المزارعين في الصومال.
وختاما، فإنّه ينبغي اتخاذ الخطوات الآتية حتّى تتحقق الغاية العظمى من القطاع الزراعي في الصومال، ومن أهم هذه الخطوات:
- العمل على وجود بيئة زراعية آمنة خالية من التهديدات الأمنية التي تؤثّر سلبيا على الإنتاج الزراعي في الصومال.
- تفعيل الدور الحكومي في عمليات تطوير الزراعة وذلك بوضع وتنفيذ خطط زراعية تساهم في تطوير الإنتاج الزراعي.
- مساهمة المعاهد والكلّيات الزراعية في عمليات تطوير الإنتاج الزراعي في الصومال وذلك عن خلال توعية المجتمع وإرشاده إلى أهمية الالتحاق بالكلّيات والمعاهد الزراعية التي تقدّم فنونا علمية متطوّرة تساهم في رفع الإنتاج الزّراعي.
[1]http://bit.ly/2lBggvT
[2]http://bit.ly/2kyuAVN
[3] http://bit.ly/2m7jjMH