تآكل الطبقة المتوسطة بالسعودية يزيد من الفوارق الاجتماعية
خبراء اقتصاديون : تراجع الطبقة الوسطى وانخفاض الدخل الفردي سيسحبان البساط من تحت اغنى الدول البترولية.
حذر محللون اقتصاديون من اضمحلال الطبقة المتوسطة في السعودية والتي اصبحت تمثل 30 بالمائة فقط من المواطنين في حين انها تصل وحتى تتجاوز 60 بالمائة في دول العالم التي تشابه ظروف المملكة من ناحية دخل الفرد.
ويجمع المحللون الاقتصاديون على اهمية الطبقة المتوسطة في أي مجتمع باعتبارها صمام أمان وعامل استقرار وكلما اتسعت قاعدة هذه الطبقة دل ذلك على عافية المجتمع وصحة حراكه ويعزى ذلك الى ديناميكية الحراك الاجتماعي الصاعد والنازل في تلك الطبقة التي تمثل حلقة الوصل الاجتماعي بين طبقتي الأغنياء والفقراء ولذلك فهي تمثل العمود الفقري لأي مجتمع متقدم حضارياً واقتصادياً.
وانخفاض الطبقة الوسطى وتراجعها يربك ويخل بالتوازن في المجتمع السعودي حسب المراقبين ويؤدي الى انتشار البطالة باعتبار ان الطبقة الوسطى هي الطبقة العاملة والكادحة في كل مجتمع.
ودعا الاستاذ الجامعي وعضو هيئة التدريس بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن عبدالوهاب القحطاني إلى ضرورة المحافظة على الطبقة الوسطى لأنها تشكل في أي مجتمع قوة اقتصادية فهي الطبقة الكادحة والعاملة والمنتجة والمستهلكة و’هي صمام الأمان والقوة ومصدر الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي والسياسي للمجتمع وهي دعم للاقتصاد والمحرك الأساسي له’.
وأضاف “أشارت الدراسات إلى أن الطبقة الوسطى تشكل حوالي 11 بالمئة من إجمالي عدد سكان العالم. وتزداد نسبة الطبقة الوسطى في الدول الصناعية المتقدمة لتصل إلى حوالي 90 بالمئة من إجمالي عدد السكان كما هو الوضع في الدانمارك واليابان والسويد وفنلندا. وتجدر الإشارة هنا إلى أن تكلفة المعيشة والدخل في كل دولة تحدد الطبقات الاجتماعية فيها فقد يكون هناك مواطن في دولة ما في الطبقة الوسطى بينما يعد مواطن آخر في دولة أخرى بنفس تكلفة المعيشة والدخل فقيراً”.
وكشف تقرير مالي عن ارتفاع عدد الأثرياء في السعودية في نهاية 2010 وأكد تقرير الثروات العالمي السنوي الخامس عشر الصادر عن “ميريل لينش” لإدارة الثروات العالمية و”كابجيميني” حول تطور الثروات الفردية عالمياً أن عدد الأثرياء في السعودية بلغ 113.300 ثري في 2010، بزيادة نسبتها 8.2 في المائة مقارنة بعام 2009 وهو من شانه ان يزيد الهوة بين افراد المجتمع السعودي الذي تتميز تركيبته بمفارقات غريبة وفقا للمراقبين حيث انها تزخر بمظاهر الابهة والثراء والغنى في اماكن بعينها في حين انه ينتشر فيها الفقر وحتى الفقر المدقع في الصحاري والبوادي والمناطق النائية المعزولة.
و حسب التقرير السنوي الذي اعدته سابقا وزارة الشؤون الاجتماعية هناك أكثر من 3 ملايين سعودي تحت خط الفقر وتصل حالات الأسر الفقيرة وغير المنتجة إلى 22% أو أقل بقليل من ربع السكان السعوديين بالمملكة بينما يعد أكثر من 75% من المواطنين مدينين في قروض استهلاكية طويلة الأجل ووفقا لوزارة العمل السعودية بلغت نسبة البطالة في الربع الأول من السنة الحالية 11% و تجاوز عدد العاطلين عن العمل وفقاً لما أفرزه برنامج حافز 1.1 مليون عاطل.
وبالرغم من التحرك القوي لمعالجة مشكلة الفقر، حيث تم وضع الاستراتيجية السعودية لمعالجة الفقر، وإطلاق الصندوق الخيري السعودي، واعتماد ميزانية ضخمة قدرت بمليارات الريالات خصصت للإسكان الشعبي، ورفعت مخصصات الضمان الاجتماعي بمستوى الضعف، وتنامي الجمعيات الخيرية بأكثر من 200% ، إلا أنه لم يتم القضاء على الفقر وأثبتت إستراتيجية محاربته فشلها الذريع بدليل إنتشار الفقر المدقع في جميع أنحاء المملكة.
كما وصف خبراء اقتصاديون معترف بهم دوليا الارقام والمؤشرات حول دخل الفرد في السعودية التي تمثل احد المقاييس الهامة لمستوى عيش الفرد ومستواه الطبقي بــ’المضللة ‘و’غير الدقيقة’ محذرين من اعتمادها كمرجعية موثقة حتى لو كانت من مؤسسات دولية كالبنك والصندوق الدوليين أو حتى مراكز الأبحاث العربية.
وكشف تقرير بنكي أن معدل دخل الفرد السعودي يواجه تحدي الزيادة السكانية الكبيرة التي تعاني منها البلاد منذ منتصف ثمانينات القرن الماضي حيث تجاوزت نسبة النمو السكاني في السعودية182 في المائة بين 1980 و2010، بينما المتوسط العالمي للنمو السكاني هو 56 في المائة.
واعتبر التقرير ان الدخل الفردي الحقيقي في السعودية مقارنة بالدول الأخرى قد انخفض منذ منتصف الثمانينات فالدخل الحقيقي للمواطن السعودي كان في حدود 8550 دولاراً في 2010 وهو مماثل لدخله في سنة 1991، وأقل من دخله الحقيقي في سنة 1980 الذي كان 14773 دولاراً