تقرير رسمي يدق ناقوس الخطر حول واقع التشغيل بالمغرب
صورة قاتمة تلك التي رسمها عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، عن واقع التشغيل بالمغرب، خلال التقرير السنوي للبنك المركزي حول الوضعية الاقتصادية والنقدية والمالية برسم سنة 2016.
وبحسب معطيات بنك المغرب التي قدمها الجواهري أمام الملك محمد السادس نهاية الأسبوع، فإن وضعية سوق الشغل عرفت تدهوراً كبيراً خلال العام الماضي؛ حيث بلغ العدد الصافي لمناصب الشغل التي فقدها الاقتصاد الوطني 37 ألف منصب، وهي الخسارة الأولى منذ سنة 2001، مسجلاً تراجعا على مستوى خلق مناصب الشغل بحدة في القطاع الفلاحي الذي فقد 119 ألف منصب شغل، وهو أعلى مستوى يُسجل على الإطلاق.
وفي قطاع الخدمات، أشار الجواهري إلى أن عدد مناصب الشغل المحدثة في هذا القطاع كان “ضعيفاً للسنة الثالثة على التوالي، وانحصر في 38 ألف منصب شغل مقابل متوسط قدره 90 ألفا في الفترة ما بين 2000 و2013″، وهو الأمر نفسه بالنسبة لقطاع الصناعة، بما فيها الصناعة التقليدية، الذي لم يحدث سوى 8 آلاف منصب شغل، أي ما مجموعه 23 ألف منصب شغل خلال العامين الأولين من تنفيذ مخطط تسريع التنمية الصناعية.
وبعد أن سجل البنك المركزي ضعفا في عدد مناصب الشغل المحدثة خلال السنتين السابقتين، أوضح أن الخسارة التي تكبدها الاقتصاد الوطني في سنة 2016 تشمل فقدان 63 ألف منصب في الوسط القروي، وارتفاعا بما عدده 26 ألف منصب في الوسط الحضري. “وبذلك، انخفض عدد السكان النشيطين المشتغلين بنسبة %0,3 ليصل إلى 10,64 مليون شخص، وتراجعت نسبة التشغيل بشكل ملموس لتنتقل من %42,8 إلى %42 سنة .2015 وحسب مكان الإقامة، فقد كان الانخفاض أكثر حدة في الوسط القروي حيث انخفضت هذه النسبة بواقع نقطة مئوية واحدة إلى %53,4 مقابل 0,5 نقطة إلى %34,9″، يُورد المصدر ذاته.
وعلى مستوى ظروف العمل، قال بنك المغرب إنها لا تزال هشة بالنسبة لشريحة واسعة من السكان النشيطين المشتغلين؛ إذ لا يستفيد أكثر من %78 منهم من التغطية الصحية، وتصل هذه النسبة إلى %92,8 في المناطق القروية، وإلى 64.6 في الوسط الحضري.
وأكثر من ذلك، أكدت أرقام الجواهري أن 40,6% من هذه الساكنة عموما تعمل لساعات عمل مفرطة؛ 50 % بالنسبة للرجال و%14,2 بالنسبة للنساء، كما أن أكثر من %20 من السكان النشيطين لا يتقاضون أجراً، و41.3% مشتغلون ذاتيون، و%46,7 مأجورون. بينما يشتغل ما يناهز ثلثي المأجورين دون عقد عمل، وتصل نسبة هذه الفئة إلى %89,7 في قطاع البناء والأشغال العمومية.
وعن الأرقام المقلقة، قال الخبير الاقتصادي، عز الدين أقصبي، إن التراجع الكبير في عدد مناصب الشغل المحدثة في القطاع الفلاحي السنة الماضية ناتج عن التقلبات المناخية والسنة الفلاحية التي كانت “غير جيدة”، لافتاً إلى أن الحركة الاقتصادية السنة الماضية ارتبطت بالعديد من المشاكل، منها التأخر في المصادقة على قانون المالية، ووضعية مؤسسات البلاد خلال مرحلة ما عرف بـ”البلوكاج الحكومي”.
ويرى الخبير الاقتصادي، في تصريح لهسبريس، أن الإمكانيات الاقتصادية بخصوص خلق مناصب الشغل “جد هشة”، مشيرا إلى أن معالجة معضلة التشغيل تتطلب استراتيجية بنيوية وليس فقط عبر إطلاق مخططات بين الفينة والأخرى. وزاد موضحاً: “وزير التشغيل والشؤون الاجتماعية السابق أطلق استراتيجية وطنية من أجل التشغيل، وعندما غادر قال إن الوزارة لم تكن تتوفر على إمكانيات لتنفيذ المخطط على أحسن وجه”، ووصف أقصبي ذلك بـ”العبث”.
وأورد الاقتصادي المغربي ذاته أنه “رغم التقارير الصادرة في هذا المجال، إلا أن الأسئلة والمسؤوليات الحقيقية حول واقع التشغيل لم تُطرح بعد، خصوصا تلك المتعلقة بمدى صلاحيات الحكومة والمؤسسة الملكية على مستوى اتخاذ القرارات الكبرى”.