حقوقيون يرسمون صورة قاتمة لواقع التنمية البشرية في المغرب
رسمت الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان صورة قاتمة عن واقع التنمية البشرية بالمغرب، مسجلة أن المملكة تعرف تدهورا على مستوى عيش السكان، خاصة الأصليين وفي المناطق المعزولة وأحياء الصفيح.
وجاء ذلك ضمن تقرير للإطار الجمعوي بمناسبة اليوم العالمي للسكان، الذي تخلده الأمم المتحدة هذه السنة تحت شعار: “تنظيم الأسرة لتمكين الناس ولتنمية الأمم”، والذي تقرر الاحتفال به بموجب القرار 45/216، من أجل زيادة الوعي بالقضايا السكانية، بما في ذلك علاقاتها بالبيئة والتنمية.
وفِي الوقت الذي سبق فيه لرئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، أن كشف خلال آخر مجلس حكومي أن السلطة التنفيذية قررت إنشاء وحدة مركزية تهتم بمستوى التنمية البشرية، بهدف معرفة التأخر الموجود في هذه المؤشرات وأسباب عدم تقدم المغرب في هذا المجال، كشفت الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان أن المعطيات الرسمية تصنف المغرب في المركز 42 في مؤشر الجوع العالمي، الذي يقيس الجوع والافتقار إلى الغذاء في 118 دولة عبر العالم.
وحصلت المملكة على نسبة إجمالية متوسطة بلغت 9.3 في المائة، “وهو ما يكشف بوضوح أن الأمن الغذائي للمغرب بات مهددا، ويضرب في العمق كل الجهود المبذولة من طرف الدولة من أجل الحد من مظاهر المجاعة”، يقول التقرير الذي تتوفر هسبريس على نسخة منه.
وأضاف التقرير في هذا الصدد أن مؤشر الجوع العالمي لسنة 2016، الذي يصدره المعهد الدولي للبحوث السياسية، التابع للأمم المتحدة، يُبيّن أن 4.4 في المائة من مجموع سكان المغرب يعانون نقصا في التغذية، و2.3 من الأطفال دون سن الخمس سنوات يعانون من الهزال الناتج عن ضعف التغذية، بينما 14.9 في المائة من الأطفال دون الخامسة يعانون من القزم، و2.8 في المائة من الأطفال الرضع يدخلون تحت معدل الوفيات.
وضمن المعطيات الصادرة عن التقارير الدولية، التي اعتمدها تقرير الإطار الحقوق المغربي، أكدت الرابطة أن المملكة لا زالت تسجل 121 حالة وفاة من بين كل 100 ألف أمّ حديثة الولادة حاليا، مقابل 317 حالة وفاة لكل 100 ألف أمّ حديثة الولادة قبل 25 سنة، منبهة إلى أن الإهمال الطبي وتدني الخدمات الصحية داخل الوسط القروي والحضري يشكل أهم أسباب ارتفاع نسبة وفيات الأمهات والأطفال عند الولادة.
التقرير الصادرة عن الرابطة الحقوقية أبرز أن الحكومة المغربية لم تلتزم بتعهداتها لدى منظمة الصحة العالمية سنة 2013 حول مجانية الخدمات للنساء الحوامل وتحسين المعدات والهياكل الأساسية، وكذلك توفير جو للعاملين في مجال الصحة متميز بتكثيف التدريب حول أفضل الممارسات، مستغربة عدم إشراك المجتمعات المحلية باعتبارها حلقة وصل بين السكان والخدمات الصحية، ووضع آليات للمساءلة على الصعيدين الإقليمي والمحلي، والتعهد بتحسين شبكات النقل كي تستطيع الحوامل التنقل بأمان من بيوتهن إلى المستشفى، وكي يتسنى لذوات المضاعفات إجراء عمليات قيصرية.
“لازالت الساكنة الهشة والفاعلون المحليون يتعرضون للتضييق والقمع بدل إشراكهم في إعداد مخططات للتنمية المحلية على أساس الحقوق الإنسانية”، يقول واضعو التقرير الذين أكدوا “تراجع وتيرة النمو الديمغرافي في المغرب نتيجة توصيات عدد من المؤسسات الإنمائية والاقتصادية الدولية، بهدف السيطرة على المشاكل الاجتماعية والاقتصادية، وخصوصا الهجرة والبطالة وتفشي مظاهر الإقصاء الاجتماعي”، مبرزين أن ذلك “لم يؤد إلى ما كان منتظرا منه بل أصبح المغرب يتجه إلى مجموعة الدول التي تتميز بشيخوخة الهرم السكاني”.
وكانت الحكومة قد أكدت أن الوحدة التي تتعلق بالتنمية البشرية تم الاعتماد لإحداثها على فكرة اللجنة الوطنية لمناخ الأعمال، معلنة أنها ستعمل على تتبع مؤشرات التنمية البشرية، بشراكة مع المعنيين والتواصل مع المنظمات الدولية ومختلف الفاعلين، من أجل تحسين تصنيف بلادنا في مؤشرات التنمية البشرية.