أزمة البطالة وأثرها على الاقتصاد الجزائري
ورقة مشاركة في:
الملتقـى الدولي حـــول
” إستراتيجية الحكومة للقضاء على البطالة و تحقيق التنمية المستدامة “
الذي نظمته: كلية العلوم الاقتصادية والتجارية وعلوم التسيير
مخبر الاستراتيجيات والسياسات الاقتصادية في الجزائر
جامعة المسيلة
خلال الفترة 15-16 نوفمبر 2011م
مقدمة
تعرف منظمة العمل الدولية العاطل عن العمل كمايلي :” العاطل عن العمل هو من كان قادرا و راغبا فيه و يبحث عنه و يقبله عند الأجر السائد “و حتى نقول عن شخص انه بطال يجب أن تتوفر فيه شرطين أولهما أن يكون قادرا عن العمل و الثاني أن يبحث عن فرصة للعمل.
تعد البطالة في الوقت الراهن إحدى المشكلات الأساسية التي تواجه معظم دول العالم باختلاف مستويات تقدمها وأنظمتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
إن الجزائر من بين الدول التي تشكل لها البطالة مأزقا كبيرا خاصة في ظل اقتصاد منهك ومديونية ثقيلة سببتها أزمة بترولية حادة 1986 ، بالإضافة إلى الظروف الأمنية التي عاشتها البلاد التي كادت أن تأتي علي شعب بأكمله خاصة خلال سنوات التسعينات و هي السنوات التي عانت فيها الجزائر عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي.
هذه الظروف سمحت للبطالة بالامتداد في عمق المجتمع الجزائري وبذلك أثرت تأثيرا بليغا وكبيرا في السياسة الاقتصادية للحكومات الجزائرية المتوالية و يبقي السؤال المطروح هو:
ماهو اثر البطالة على الاقتصاد الجزائر ي؟ وماهي الحلول المقترحة لذلك ؟
للإجابة عن هذين السؤالين تم تقسيم هذه الورقة البحثية إلى أربعة محاور هي:
– تعريف البطالة وأنواعها؛
– أسباب البطالة في الجزائر؛
– نتائج البطالة في الجزائر؛
– الجهود الجزائرية للقضاء على البطالة.
أولا: تعريف البطالة وأنواعها
إن البطالة تعد من أخطر وأكبر المشاكل التي تهدد استقرار الأمم والدول و تختلف حدتها من دولة إلى أخرى ومن مجتمع إلى أخر.
فالبطالة تشكل السبب الرئيسي لمعظم الأمراض الاجتماعية وتمثل تهديدا واضحا على الاستقرار السياسي فليس هناك ماهو أخطر على أي مجتمع من وجود أعداد كبيرة ومن العاطلين عن العمل.
1- تعريف البطالة
إن أي شخص يتعرض إلي هذا المصطلح يقر بإمكانية تعريف البطالة على أنها ذلك الشخص العاطل عن العمل (لا يعمل ) وفي حقيقة الأمر هذا التعريف غير واضح و غير كامل إذ لابد من إعطاء هذه الظاهرة حجماها الاقتصادي الحقيقي بعيدا عن التعليقات الحسية.
إن منظمة العمل الدولي (ILO) أعطت تعريفا للبطالة على أن العاطل هو ذلك الفرد الذي يكون فوق سن معينة بلا عمل وراغب فيه و يبحث عنه عند مستوى أجر سائد لكنه لا يجده([1]) و يستثنى من هذا التعريف الحالات التالية:
- العمال المحبطين Discouraged werkers وهم الذين في حالة بطالة فعلية ويرغبون في العمل ولكنهم لم يتحصلوا عليه و يأسوا من كثرة ما بحثوا لذا فقد تخلوا عن عملية البحث عن عمل ويكون عددهم كبير خاصة في فترات الانكماش الاقتصادي الوطني دون إرادتهم في حين أنه بإمكانهم العمل كامل الوقت؛
- العمال الذين لهم وظائف ولكنهم أثناء إحصاء عملية البطالة تغيبوا بصفة مؤقتة بسبب المرض أو العطل؛
- العمال الذين يعملون أعمال إضافية غير مستقرة وذات دخول منخفضة وهم من يعملون لحساب أنفسهم؛
- الأطفال، المرضى، العجزة، وكبار السن الذين أحيلوا على التقاعد؛
- الأفراد القادرين عن العمل ولا يعملون مثل الطلبة والذين بصدد تنمية مهاراتهم؛
- الأشخاص الذين لهم من الثروات والمال ما يجعلهم في غنى عن العمل؛
- الأشخاص العاملين بأجور معينة وهم دائمي البحث عن أعمال أخرى أفضل وسجلوا أنفسهم ضمن دوائر العاطلين؛
- أنواع البطالة
هناك عدة أنواع للبطالة من أهمها مايلي:
2-1- البطالة الاحتكاكية
وهي البطالة التي تحدث بسبب التنقلات المستمرة للعاملين بين المناطق والمهن المختلفة الناتجة عن تغيرات ثابتة في الاقتصاد الوطني لمنع العمال المؤهلين العاطلين بالالتحاق بفرص العمل المتاحة وهي تحدث نتيجة لنقص المعلومات الكاملة لكل من الباحثين عن فرص العمل وأصحاب الأعمال كما تكون بحسب الوقت الذي يقضيه الباحثون عن فرص العمل([2]) وقد تنشأ عندما ينتقل عامل من منطقة أو إقليم جغرافي إلى منطقة أو إقليم جغرافي آخر ويغير مهنته من مهنة إلى أخرى أو عندما تقرر ربة المنزل الخروج إلى سوق العمل بعد أن تجاوزت مرحلة تربية أطفالها ورعايتهم لذا عملية الخروج للبحث هذه تحتاج إلى وقت([3])، وهذه البطالة أيضا تفسر استمرار بعض العمال في حالة بطالة على الرغم من توفر عمل يناسبهم مثل صغار السن، خريجوا المدارس والجامعات، ومن أهم الأسباب التي تؤدي إلى هذا النوع من البطالة مايلي:
- لافتقار إلى المهارة و الخبرة اللازمة في الأعمال الجديدة.
- التغيير المستمر في الوصف للأعمال و المهن المختلفة الأمر الذي يتطلب اكتساب مهارات متنوعة ومتحدة بالاستمرار ؛
- صعوبة التكيف الوظيفي الناشئ عن تقسيم العمل و التخصص الدقيق ([4])؛
وقد أقرت جميع النظريات النيوكلاكسية على أن جميع حالات البطالة الاحتكاكية دون استثناء هي بطالة اختيارية.
ولعلاج البطالة الاحتكاكية ينبغي القيام بمايلي:
- إقامة مركز للتدريب المهني أو تخطيط النظام التعليمي و توجيهه حتى يقدم التدريب اللازم و المناسب و المهارات المطلوبة؛
- إذا كانت صعوبة الانتقال بين الأقاليم الجغرافية هي السبب في البطالة يكون الحل بأخذ بغين الاعتبار الطريقتين التاليتين:
– اتخاذ الإجراءات اللازمة لنقل الوظائف الشاغرة إلي الأقاليم التي تكثر فيها البطالة؛
– نقل العاطلين عن العمل من موقع إقامتهم إلى الأقاليم الأخرى التي تكثر فيها فرص العمل.
2-2- البطالة الهيكلية
إن هذه البطالة جزئية بمعنى أنها لاقتصر على قطاع إنتاجي أو صناعي معين وهي لا تمثل حالة عامة من البطالة في الاقتصاد يمكن أن ينتشر هذا النوع من البطالة في أجزاء واسعة ومتعددة في إقليم البلد الواحد، وتنشأ نتيجة التحولات الاقتصادية والتي تحدث من حين إلى آخر في هياكل الاقتصاد كاكتشاف موارد جديدة أو وسائل إنتاج أكثر كفاءة منها ظهور سلع جديدة تحل محل السلع القديمة ([5]).
وتعرف البطالة الهيكلية على أنها البطالة التي تنشا بسبب الاختلاف والتباين القائم بين هيكل توزيع القوى العاملة وهيكل الطلب على الأيدي العاملة، وتظهر الطلب على الأيدي العاملة([6]).
وقد تظهر نتيحه التطور التكنولوجي وأهم مثال على ذلك ظهور الآلات في العمليات الإنتاجية والإنسان الآلي في صناعة السيارات وهذا ما أدى إلى الاستغناء عن عدد كبير من العمال كما أنها تحدث بسبب وقوع تغيرات في قوى العمل كدخول المراهقين والشباب إلى أسواق لعمل بأعداد كبيرة وقد عرفت البلدان الصناعية المتقدمة نوعا جديدا من البطالة الهيكلية بواسطة ظاهرة العولمة التي سرعت في نشاط الشركات متعددة الجنسيات التي حولت صناعات كبيرة إلى الدول النامية بسبب ظاهرة ارتفاع معدل الربح في هذه البلدان وهذا الانتقال ترك العمال الذين كانوا يعملون ضمن هذه الصناعات في حالة بطالة هيكلية طويلة المدى([7] ).
ولعلاج البطالة الهيكلية ينبغي البحث عن العوامل والأساليب التي تسبب هذا النوع من البطالة ومعالجتها مباشرة، حيث تعتبر التنمية الاقتصادية من العوامل التي تؤدي إلى حدوث التغيرات الهيكلية ويوجد في هذا الصدد أسلوبان للحد من البطالة الهيكلية وهما:
– الأسلوب الأول على أساس مقاومة التحويلات التي ترافق عملية التنمية الاقتصادية والتعليل من آثارها على الاستخدام .
– الأسلوب الثاني القبول بالتحويلات بالإضافة إلى زيادة قدرة وسرعة الأسواق للتكيف مع هذه التحويلات.
2-3- البطالة الدورية أو الموسمية
هذه البطالة تنشأ عن ركود في قطاع الأعمال وعدم كفاية الطلب الكلي على العمل وتنشأ بسبب الدورات التجارية وتكون هذه البطالة عندما لا يستطيع الطلب الكلي على الاستيعاب أو شراء الإنتاج المتاح (Yd) وهذا يؤدي إلى ظهور الفجوات الانكماشية في الاقتصاد.
والبطالة الموسمية تساوي الفرق بين العدد الفعلي للعاملين وبين عدد العاملين المتوقع عن مستوى الإنتاج المتاح (Yd) وعليه ( فعندما تساوي البطالة الموسمية صفر فإنه يعني إن عددا من الوظائف الشاغرة خلال الفترة التجارية يساوي عدد الأشخاص العاطلين عن العمل ) ([8]).
والبطالة الموسمية هي بطالة إجبارية على اعتبار أن العاطلين عن العمل في هذه الحالة هم على استعداد للعمل كالأجور السائدة إلا أنهم لم يجدوا عملا، وخلال فترات الانكماش ينخفض الطلب على الأيدي العاملة وتنخفض الأجور وهذا من أجل المحافظة على توازن سوق العمل.
إن انخفاض الأجور سيؤدي إلى انسحاب العاملين من أسواق العمل وقيام منشآت الأعمال بتسريح عدد من العمال وهذا سيعيد التوازن في سوق العمل وهو ما يؤدي إلى ارتفاع معدل البطالة، أما في المرحلة العكسية وهي الانتعاش أو التوسع فإنها تكون عكس حالة الانكماش والأهم في هذا هو أن هذه المرحلة تحدث انخفاضا في معدل البطالة وهذا بزيادة عدد العمال.
ولعلاج البطالة الدورية أو الموسمية يتطلب ما يلي:
– إذا كانت البطالة الموسمية هي نتيجة لانخفاض الطلب خلال فترات الانكماش وتكون حلولها بالبحث عن الأساليب التي تؤدي إلى دعم الطلب على العمل ورفعة حتى يصل إلى المستوى الذي تختفي فيه البطالة باستخدام إدارة الطلب .
– التحكم في الطلب أثناء دورات التوسع (زيادة الضرائب أو تخفيض الاتفاق وهذا ما يساعد على التقليل من مقدار التغلب في مستوي الاستخدام التام والبطالة الموسمية. ([9])
وتجدر الإشارة إلى أن مستوى البطالة الطبيعي يسود فقط عندما يكون التشغيل الكامل، فعندما يبتعد الاقتصاد الوطني عن التوظيف الكامل فان معدل البطالة السائد يكون أكبر أو أقل من معدل البطالة الطبيعي ([10]) أي أنه عندما تسود حالة الانتعاش يكون معدل البطالة السائد أقل من معدل البطالة الطبيعي أما في حالة الانكماش فان معدل البطالة السائد يكون أكبر من معدل البطالة الطبيعي وبذلك تحدث البطالة الدورية.
2-4- تصنيفات أخرى للبطالة
إضافة لما تم تحديده من أنواع البطالة يصنف الباحثون في مجال الاقتصاد الكلي التصنيفات التالية للبطالة.
- البطالة الاختيارية والبطالة الإجبارية
البطالة الاختيارية هي الحالة التي ينسحب فيها شخص من عمله بمحض إرادته لأسباب معينة ، أما البطالة الإجبارية فهي الحالة التي يجبر فيها العامل على ترك عمله أي دون إرادته مع أنه قادر وراغب في العمل عند مستوى أجر معين، و قد تكون البطالة الإجبارية هيكلية أو إحتكاكية.
2-4-2- البطالة المقنعة والبطالة السافرة
تنشا البطالة المقنعة في الحالات التي يكون فيها عدد العمال المشغلين يفوق الحاجة الفعلية للعمل، مما يعني عمالة فائضة لا تنتج شيئا تقريبا حيث أنها إذا ما سحبت من أماكن عملها فان حجم الإنتاج لن ينخفض.
أما البطالة السافرة تعني وجود عدد من الأشخاص القادرين والراغبين في العمل عند مستوى أجر معين لكن دون أن يجدوه، فهم عاطلون تماما عن العمل وتكون البطالة السافرة إحتكاكية أو دورية .
2-4-3- البطالة الموسمية وبطالة الفقر
تتطلب بعض القطاعات الاقتصادية في مواسم معينة أعدادا كبيرة من العمال مثل الموسم السياحي وعند نهاية الموسم يتوقف النشاط فيها مما يستدعي إحالة العاملين بهذه القطاعات ما يطلق عليه بالبطالة الموسمية، ويشبه هذا النوع البطالة الدورية والفرق الوحيد بينهما هو أن البطالة الموسمية تكون في فترة قصيرة المدى. أما بطالة الفقر هي تلك البطالة الناتجة عن خلل في التنمية وتسود هذه البطالة خاصة في الدول المنهكة اقتصاديا.
- البطالة الطبيعية
تشتمل البطالة الطبيعية كلا من البطالة الهيكلية والبطالة الاحتكاكية وعند مستوى العمالة الكاملة، ويكون الطلب على العمل مساويا لعرضه، أي أن عدد الباحثين عن العمل مساو لعدد المهن الشاغرة أو المتوفرة، أما الذين هم في حالة بطالة هيكلية أو إحتكاكية فيحتاجون لوقت حتى يتم إيجاد العمل المناسب.
وعليه فان مستوى البطالة الطبيعي يسود فقط عندما يكون التشغيل الكامل، أما عندما يبتعد الاقتصاد الوطني عن التوظيف الكامل فان معدل البطالة السائد يكون أكبر أو أقل من معدل البطالة الطبيعي، أي أنه عندما تسود حالة الانتعاش الاقتصادي يكون معدل البطالة السائد أقل من معدل البطالة الطبيعي، أما في حالة الانكماش فان معدل البطالة السائد يكون أقل من معدل البطالة الطبيعي وبذلك تعم البطالة الدورية.
ثانيا: أسباب البطالة في الاقتصاد الجزائري
- النمو الديمغرافي ويعد هذا العنصر من العناصر التي تؤثر بشكل كبير ومباشر في زيادة البطالة لأن الزيادة في الوظائف لا تناسب الزيادة الطبيعية للسكان وبذلك تأثر عالم الشغل وتأثرت دالة الطلب على العمل في حين بقيت دالة العرض على العمل في ازدياد مستمر وهذا ما يؤدي إلى زيادة معدل البطالة.
- دور المرأة في الحياة الاقتصادية، حيث ﻋﺮﻓﺖ ﺍﻟﻌﺸﺮﻳﺔ ﺍلماضية تغيرا ﺟﻮﻫﺮﻳﺎ ﰲ ﻣﺴﺎﳘﺔ ﺍﳌﺮﺃﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﺳﻮﻕ ﺍﻟﻌﻤﻞ، ﺣﻴﺚ ﺍﺭﺗﻔﻌﺖ نسبة اﻷنشطة ﺍﻟﱵ ﺗﻘﻮﻡ ﲠﺎ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﻣﻦ 1.8 % ﺳﻨﺔ 1996 ﺇﱃ 9.6% ﺳﻨﺔ 1998 ﺃﻱ ﺑﺰﻳﺎﺩﺓ ﻗﺪﺭﻫﺎ 5 ﻣﺮﺍﺕ ﻭﺗﺮﺟﻊ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺸﺎﺭﻛﺔ ﺍﻟﻜﺒﲑﺓ ﻟﻠﻤﺮﺃﺓ ﰲ ﺳﻮﻕ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺇﱃ ﳎﻤﻮﻋﺔ ﻋﻮﺍﻣﻞ ﺃﺳﺎﺳﻴﺔ ﺃﳘﻬﺎ ﺗﺰﺍﻳﺪ نسبة ﺍﻟﻔﻘﺮ ﰲ ﺍلمجتمع، ﺩﻳﻨﺎﻣﻴﻜﻴﺔ ﺍﻟﻘﻄﺎﻉ ﻏﲑ ﺍﻟﺮﲰﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺳﺎﻫﻢ ﰲ ﺯﻳﺎﺩﺓ ﻣﺸﺎﺭﻛﺔ ﺍﳌﺮﺃﺓ ﰲ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺯﻳﺎﺩﺓ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﳌﻨﺰﱄ ﻭﺍﺭﺗﻔﺎﻉ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ مما ﺃﺩﻯ ﺇﱃ ﺗﺄﺧﺮ ﺳﻦ ﺍﻟﺰﻭﺍﺝ.
ﻛﻤﺎ ﺍﺭﺗﻔﻌﺖ ﻣﺴﺎﳘﺔ ﺍﳌﺮﺃﺓ ﰲ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻄﺎﻋﺎﺕ، ﻭﻳﺄﺗﻲ ﰲ ﻣﻘﺪﻣﺘﻬﺎ ﻗﻄﺎﻉ الخدمات ﺍﻟﺬﻱ ﻭﺻﻠﺖ نسبة ﻣﺸﺎﺭﻛﺔ ﺍﳌﺮﺃﺓ ﻓﻴﻪ ﺑﲔ 1990 ﻭ1997 ﺇﱃ 36 %، ﺃﻣﺎ نسبة ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ ﻓﺒﻠﻐﺖ 45%، ﻭﻓﻴﻤﺎ ﳜﺺ ﺍﻟﻘﻄﺎﻉ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻲ ﻓﻨﺴﺒﺔ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﺍﻟﻌﺎﻣﻼﺕ ﻓﻴﻪ ﻗﺪﺭﺕ ﺑـ 7.4%. ﻭﻗﺪ ﻣﺜﻠﺖ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﺍﻟﻌﺎﻣﻼﺕ نسبة 19.6% ﻣﻦ ﳎﻤﻮﻉ ﺍﻟﻴﺪ ﺍﻟﻌﺎﻣﻠﺔ ﰲ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﺳﻨﺔ 2006. ﺃﻣﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻔﺌﺔ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﻓﻬﻲ ﺍﻟﻔﺌﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﻌﺮﻑ ﻣﻌﺪﻻﺕ ﺑﻄﺎﻟﺔ ﻣﺮﺗﻔﻌﺔ ﻣﻘﺎﺭنة ﺑﺎﻟﻜﺒﺎﺭ، ﺇﺫ ﺃﻥ ﺣﻮﺍﱄ 70.1% ﻣﻦ ﺍﻟﺒﻄﺎﻟﲔ ﺳﻨﺔ 2006 ﺗﻘﻞ ﺃﻋﻤﺎﺭﻫﻢ ﻋﻦ 30 ﺳﻨﺔ، ﻭ ﻫﺬﺍ ﺣﺘﻰ ﰲ ﺃﻭﻗﺎﺕ ﺍﻟﺮﻓﺎﻩ المالي ﺍﻟﺬﻱ ﻋﺮﻓﻪ الاقتصاد ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﰲ ﻓﱰﺓ ﺍﻟﺘﺴﻌﻴﻨﺎﺕ.
- تعد الجزائر من دول الأوبك وهي من بين الدول التي عانت خلال الثمانيات من جراء انخفاض أسعار المحروقات الشيء الذي أدى إلى تدهور النمو الاقتصادي وتراجع المصدر الأساسي للدخل الوطني وهذا ما أثر سلبا على النشاط الاقتصادي([11]).
- كما أن التذبذب في سوق النفط في 1986 زاد من المديونية الخارجية الشيء الذي ساهم في إعادة جدولة الديون الخارجية مع المؤسسات المالية الدولية سنة 1995، والتي أدت إلى تقليص معدلات الاستثمار حيث كانت إيرادات الجزائر تقدر بــ12 مليار دولار أما نسبة خدمة الدين فقدرت بــ86% ([12]) ويعد هذا من بين الأسباب التي خفضت الاستثمار، وهذا ما أدي إلى تذبذب في معدلات النمو كما يبينه الجدول التالي:
الجدول رقم (1): تطور معدلات النمو الاقتصادي 1990-2004
السنة | 90 | 91 | 92 | 93 | 94 | 95 | 96 | 97 | 98 | 99 | 2000 | 2001 | 2002 | 2003 | 2004 |
النسبة% | 0.8 | -1.2 | 1.8 | -2.1 | -0.9 | 3.8 | 4.1 | 1.1 | 5.2 | 3.2 | 2.4 | 2.1 | 4.1 | 6.8 | 5.2 |
المصدر:المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي CNES
من خلال الجدول نلاحظ أنه سنة 1990 كان معدل النمو 0.8% لينتقل سنة 1993الى 2.1% ثم 1.1% سنة 2001 ليصل سنة 2003 إلى 6.8% فالتذبذب الذي شهدته معدلات النمو يعود إلى تقلص الاستثمار وهذا ما أثر بشكل مباشر على مناصب العمل ومعدلات التشغيل.
الجدول رقم (2): تطور معدل التشغيل 1990-2004
السنة | 90 | 92 | 94 | 98 | 99 | 2000 | 2001 | 2003 | 2004 |
النسبة% | 78.3 | 78.8 | 75.7 | 71.9 | 70.8 | 70.2
|
72.7
|
76.3
|
82.3
|
المصدر الديوان الوطني للإحصائياتONS
من خلال الجدول فان معدل التشغيل بين الارتفاع والانخفاض، إذ بلغ معدل التشغيل 78.8%سنة 1992 لينخفض سنة 1999 إلى 75.8% ويصبح سنة2000 حوالي 70.2% وبعدها 76.3% سنة 2003.
حيث عرفت سوق العمل إصلاحات هيكلية أدت إلى تغيرات في علاقات العمل خاصة على المستوى القانوني، كما أصبحت مميزات العمل من طرف طالبيه تتميز بخصائص لا تشبه مميزات العمل الدائم السابقة وهو ما أدى إلى تغير مفهوم التشغيل الكامل في الفكر الحديث حيث يتميز منصب العمل في هذه الفترة بمميزات عديدة منها :
– انتشار العمل عن طريق العقود محددة المدة؛
– الحرمان من امتيازات العمل الدائمة؛
– الأجر لا يوافق المستوى العام للأسعار أكثر من 3/2 من مناصب العمل مؤقتة؛
وبالمقابل نجد أن عارضي العمل قد قدموا تنازلات عديدة من أجل العمل في مناصب دائمة إلا أن المؤسسات الاقتصادية لم تتمكن من استيعاب طلبات العمل من طرف العارضين، وحسب الإحصائيات التي قدمت قدرت عدد الطلبات بــ 300000 طلب سنويا. ([13])
ومن خلال الإحصائيات يتضح أن هناك تناقص في عروض التشغيل من طرف المؤسسات الاقتصادية نظرا للإصلاحات الجديدة التي شهدتها الجزائر للتوجه إلى فلسفة اقتصادية (اقتصاد السوق) في ظل التطورات العالمية وظهور مفاهيم جديدة في العالم، الشيء الذي جعل العامل الجزائري يعاني من تناقضات شديدة لأنه غير مؤهل حتى يتمكن من مواجهة التغيرات ومتطلبات المؤسسات الاقتصادية الجديدة.
ثالثا: نتائج البطالة في الجزائر
أثرت البطالة بشكل كبير على الاقتصاد الجزائري على الناحية السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية حيث أنها ساعدت في ظهور كل من الفقر و الاقتصاد الغير رسمي.
1- الفقر
لقد تداول مصطلح الفقر في الفترات الأخيرة كثيرا و كتب في مواضيعه الكثيرين باعتباره ظاهرة تابعة لمتغير مستقل هو البطالة، ونستطيع القول أن الطبقة المتوسطة قبل سنة 1995 تقهقر مستواها المعيشي إلى طبقة فقيرة نتيجة عامل البطالة ، كما انخفضت القدرة الشرائية و هذا بسبب التسريحات سواء كانت الفردية الجماعية نتيجة إغلاق عدد من المؤسسات الاقتصادية .
لقد قدمت دراسة قدمها البنك العالمي بالتعاون مع الديوان الوطني للإحصائيات بدراسة خصصت للبحث و تطوير لمستويات المعيشة للأسر الجزائرية ، هذه الدراسات تبين الآثار الاجتماعية للازمة الاقتصادية التي تعرفها الجزائر منذ أكثر من عشرية .
حسب الدراسة فانه يعتبر فقير في الجزائر كل أسرة ذات دخل سنوي يقل عن 16000 دينار جزائري سنويا أي بما يعادل 1330 دينار جزائر ي شهريا ([14]) وحسب معطيات الديوان الوطني للإحصائيات سنة 1995 في إطار دراسة البنك العالمي أن 14% من المواطنين أي ما يعادل أربعة ملايين شخص يعيشون ما دون خط الفقر، وقد كان عددهم حوالي 1.7 مليون شخص سنة 1988 أي أن الفقر بين سنتيي1988-1995 قد ارتفع والسبب يعود إلى برامج الإصلاحات الهيكلية، كما لعبت الظروف الأمنية في تلك الفترة دورا هاما في تزايد هذه النسبة( بسبب النزوح الريفي وترك الفلاحين للأراضي الزراعية المصدر الوحيد للرزق ) إضافة إلى هذا وحسب نفس الدراسة أن من بين 4 ملايين فقير في الجزائر يعيشون وضعية فقر مدقع بدخل يساوي 12000دينار جزائر ي سنويا أي ما يعادل 1000 دينار جزائر شهريا ([15]) .
كما أنه من بين الأسباب الرئيسية لهذا الارتفاع في الفقر يعود إلى غياب النمو الاقتصادي وما نتج عنه من انخفاض مناصب العمل، ففي الجزائر نسبة الفقر مرتبط بالبطالة إذ تبلغ نسبة البطالة بين الفقراء 44% مقابل 27% بين غير الفقراء.
كما انخفض الناتج الوطني الخام حسب عدد السكان بنسبة 45% من 2880 م دولار سنة 1987 إلي 1580 م دولار سنة 1995 ، وانخفض الاستهلاك الخاص حسب عدد السكان في نفس الفترة بمعدل 25% سنويا وخلال عشرة سنوات .
وقد تم إلغاء الدعم الغذائي الذي أدى إلي تدهور في القدرة الشرائية للطبقات المحرومة، و تجدر الإشارة إلى أن الدراسة قد استخلصت أن ارتفاع الفقر لم يواكبه ارتفاع في الفارق الاجتماعي بين طبقات المجتمع الجزائري لأن معدل الدخل قد انخفض عند الأغلبية من المواطنين.
2- القدرة الشرائية
في تحليلنا للقدرة الشرائية أنها تجمع بين المداخيل و الأسعار ….و حسب الديوان الوطني للإحصائيات فان في الفترة 1990-1996 الأجور فقدت 30% من قدرتها الشرائية.
وقدأكد وزير المالية السابق، عبد اللطيف بن أشنهو، أن العديد من العوامل والتغييرات حدثت في الجزائر في السنوات الأخيرة أدت إلى تدهور القدرة الشرائية للمواطن، حتى أصبحت الأجور المدفوعة في الجزائر ”تفقيرية”. مشددا على ضرورة تغيير جذري لهذا الوضع الذي لا يبعث على الارتياح.
أوضح عبد اللطيف بن أشنهو أن القدرة المعيشية في الجزائر تأثرت خلال السنوات الماضية بعدد من التغييرات، حيث أن الجزائر عرفت خلال العشرين سنة الماضية تغيرا جذريا في نمطها الاستهلاكي، خاصة مع ظهور وتطور القروض الاستهلاكية.
وفي نفس السياق أوضح بن أشنهو أن القدرة الشرائية في الجزائر انخفضت بسبب الجمود الذي ميز نسبة الأجور في البيت الواحد التي كانت في السبعينات أحسن من الآن؛ حيث كانت تقدر بـ5,2 بالمائة، وهي نفس النسبة الآن، بالرغم من غلاء المعيشة وتغير الظروف. ”فالقدرة الشرائية خلال ال10 سنوات القادمة ستكون مربوطة بعدد الأجور في البيت الواحد، فلابد أن يكون هناك أكثر من 3 أجور في البيت للحفاظ على القدرة الشرائية.( [16])
وكشف التقرير الوطني للتنمية البشرية في 2007 الذي تم الإعلان عنه أمس أن معدلات القدرة الشرائية عرفت تحسنا ملحوظا في الفترة ما بين عامي 2000 و2006 حيث بلغ الناتج الداخلي الخام المكافئ للقدرة الشرائية 248 مليار دولار في 2006 بينما لم يتجاوز متوسط الناتج الداخلي الخام المكافئ للقدرة الشرائية في الفترة ما بين عامي 2000 و2006، مايعادل 201 مليار دولار، أما بالنسبة للناتج الفردي الخام المعادل للقدرة الشرائية فارتفع من 6277 دولار للفرد كمتوسط في الفترة ما بين 2000 و2006 إلى 7416 دولار للفرد في 2006.
3- الأسعار
طالما أن الأسعار تخصع للإدارة والحكومة لم يكن هناك تضخم ظاهر فلقد تميزت سنة 1995 بعملية تحرير تدريجي للأسعار و هي العملية التي بدأت تتسارع سنة 1995 في إطار الاتفاقية مع صندوق النقد الدولي ، كما إن المساعدات التي وجهتها الدولة لدعم الأسعار انخفضت تدريجيا ثم زالت خلال الفترة الممتدة 1990-1998 ، إن الرقم الاستدلالي لأسعار الاستهلاك قد تضاعف ب 4.6% ([17]) أي أن المنتج الذي كان يقدر ب 5 دينار جزائري سنة 1990 أصبح 23 دينار جزائري سنة 1998.
4- الاقتصاد غير الرسمي
لقد زاد الاقتصاد الغير رسمي في الجزائر بتفاقم معدل لبطالة لان السوق الرسمية لم تتمكن من امتصاص طلبات العمل من العارضين أو التقليل منه على الأقل و يتمثل الاقتصاد الغير رسمي في مختلف الأنشطة الاقتصادية التي تدور في نطاق غير قانوني سواء بالتهرب الضريبي و عدم التصريح برقم العمال ، عدم التقييد بالمعايير الدولية في العمل ……الخ و تشير الإحصائيات إلى أن سنة 2003 أكثر من 1300000 شخص تحصلوا على دخل من هذا القطاع : حيث ساهم هذا الاقتصاد في نفس السنة بالامتصاص 17.2% من البطالة حسب إحصائيات CNES و يبين الجدول التالي تطور العمل الغير رسمي ضمن العمل الرسمي في الفترة 1992-2003.
الجدول رقم (3): تطور العمل الرسمي و الغير رسمي في الجزائر
الوحدة بالآلاف
البيان السنة | 1992 | 1997 | 1999 | 2003 |
العمل الرسمي | 4286 | 4684 | 5162 | 6027 |
العمل الغير رسمي | 688 | 1132 | 911 | 1249 |
المجموع | 4947 | 815 | 6073 | 7276 |
نسبة العمل الغير رسمي | 13.8 | 19.4 | 15 | 17.2 |
المصدر CNES
من خلال الجدول نلاحظ أنه قبل سنة 1990 لم يكن للعمل غير الرسمي أثر ملموس نظرا للسياسة الاستثمارية المولدة للشغل فلم يكن هناك عمال في القطاع ولكن بإدخال إصلاحات سنة 1995 الذي نجم عنه تسريح كبير للعمال بسبب الخوصصة وغلق مؤسسات اقتصادية كانت توظف نسب معتبرة من المواطنين، وتم تحويل اليد العاملة من الاقتصاد الرسمي إلى الاقتصاد الغير رسمي.
وحسب دراسة خاصة بالبنك العالمي في ماي 1999 أن النشاطات غير الرسمية في الجزائر تطورت في قطاع البناء والأشغال العمومية، الفنادق، والأسواق… الخ، واتسعت بصورة كبيرة نظرا لاستيعابها لطلبات العمل التي تجاهلها القطاع الرسمي.
وبلغ عدد العمال غيرالمصرح بهم لدى مصالح الضمان الاجتماعي في الجزائر 35%، يشتغلون في القطاع الزراعي، فضلاً عن 15%من عمال القطاع الرسمي، وهي نسبة مرتفعة جداً حتى بالسبة إلى القطاعات الرسمية. وتبين الدراسة أن 34 % من عمال القطاع الموازي يشتغلون في مجال البناء، و20 % في مختلف النشاطات المرتبطة بقطاع التجارة، و6 % في قطاع النقل، مقابل 17 % بالنسبة إلى المهن المرتبطة بقطاعات النسيج والميكانيك والحلاقة والسياحة والخبازين والجزارين.
وتخسر الخزينة العمومية ما يعادل 7 بالمئة من عوائد الضريبة على الدخل، فيما خسر الضمان الاجتماعي 20 %، وهو ما يعادل 585 مليون دولار بالنسبة إلى عوائد الضريبة على الدخل، و1.7 مليار دولار بالنسبة إلى مداخيل صندوق الضمان الاجتماعي، وهو المبلغ الذي يكفي لسد العجز السنوي لمنظومة الضمان الاجتماعي. وتقدر الخسائر الجبائية، خصوصاً ضريبة القيمة المضافة بـ300مليون دولار.
وتعدت الانعكاسات السلبية لاتساع الاقتصاد غير الرسمي في الاقتصاد الجزائري من الجوانب الماديةإلى مظاهر نفسية خطيرة جداً، حيث أصبح المجتمع الجزائري بمختلف مكوناته ينظر إلى السوق الموازية على أنها شيء طبيعي، وأصبح المجتمع لا يتأفف أبداً من انتشار المواد المقلدة وانحصار القطاع الرسمي، بل أصبحت السلع الجزائرية غريبة في السوق المحلية. وأصبحت الحكومة مع الوضع نفسه، لا تنزعج من وجود 3 ملايين جزائري يشتغل في ما يعرف بـ«السوق السوداء»، وهو ما يعادل 40%، كما أنها أصبحت لا تنزعج من الخسائر التي تتكبدها الخزينة سنوياً ما دامت عائدات المحروقات بإمكانها تغطية العجز السنوي في الموازنة العامة التي تعتمد على الجباية البترولية، والأخطر من ذلك كله هو الضغط الكبير الذي يتحمله المجتمع الذي لم يجد من يحميه ضد هجمة منتجات خطيرة جداً على الصحة العامة. وكشفت الدراسة أن العمل في السوق الموازية لم يعد مقتصراً على المهن الثانوية البسيطة. وتؤكد الأرقام نفسها أن عدداً كبيراً من عمال القطاع الموازي والعمال المؤقتين، 49 % منهم غير مصرح بهم لدى الضمان الاجتماعي، أي أنهم مجرد عمال فقراء؛ بسبب هشاشة الوظائف التي يشغلونها، وعدم ديمومتها وتواضع عائدها المادي الذي لا يتعدى في أحسن الحالات 150 دولاراً شهرياً. ويتوزع العمال في القطاعات القانونية على: التجارة والإدارة العمومية والخدمات 53.4 %، الزراعة18.1 %، والبناء والأشغال العمومية14.2 %، والصناعة 14.2%، أما القطاعات التي توفر فرص أعلى، فهي قطاعات التجارة والإدارة العمومية، كما أن عمال القطاع الفلاحي لا يشتغلون سوى 50 إلى 60 يوماً في السنة، ويعرف قطاع البناء والأشغال العمومية ديناميكية بفضل الإنفاق العمومي للتجهيز، أما الصناعة فأصبحت تشغل عدداً أقل من العمال، وحصتها في التشغيل تراجعت بين 2000 و2008. ([18])
رابعا : الجهود الجزائرية لمكافحة البطالة
إن مكافحة البطالة من أهم الانشغالات الحكومة حيث بذلت مجهودات معتبرة وكبيرة وأموال ضخمة وإجراءات عديدة لمواجهة البطالة نذكر منها مايلي:
1- مشاريع التشغيل في الجزائر
1-1- عقود ما قبل التشغيل
وهذه العقود هي موجهة إلى الجامعيين و التقنين و الساميين الذين تتراوح أعمارهم بين 19 سنة و 35 سنة وتهدف إلي تمكين هذه الفئة اكتساب الخبرة الكافية لإدماجهم في سوق العمل إذ تم توظيف 59781 شاب سنة 2004 مقابل 5200 شاب خلال سنة 2003 ، لكن هذا البرنامج لم يجد القبول من طرف الشباب بسبب ضعف قيمة التعويضات المالية وإمكانية عدم الإدماج في العمل بعد انتهاء مدة التشغيل؛ و بلغ عدد مناصب العمل 258869 منصب خلال الفترة 1999-2008.
1-2- منحة النشاط ذات المنفعة العامة
استفادة من هذا البرنامج 183000 شخص سنة 2004.
1-3- الوكالة الوطنية لدعم الشباب
والتي أنشأت سنة 1996 وتعمل على إعانة الشباب العاطل عن العمل لإنشاء مؤسسة مصغرة بحيث تقل تكلفتها عن 10 ملايين دينار جزائري ، في إطار نفس البرنامج سنة 2004 تم إنشاء 6677 مؤسسة صغيرة من خلالها تم توفير 18980 منصب عمل، وتؤكد الإحصائيات أن عدد المناصب المستحدثة خلال 1999- 2008 كان 276174 منصب.
1-4- الصندوق الوطني للتأمين من البطالة
وظيفة هذا الجهاز إدماج العاطلين عن العمل والحفاظ على مناصب الشغل، وقد ساعد هذا الصندوق بالاحتفاظ ب 1837 منصب شغل سنة 2004 .
1-5- الوكالة الوطنية لتسيير التشغيل
أنشأت سنة 2004 ويخص الشباب العاطلين عن العمل و الحرفيين و النساء بالمنازل وتتراوح قيمة القروض 50000دج و400000دج .
1-6- المخطط الوطني للتنمية الفلاحية والريفية
امتد هذا البرنامج في الفترة 2001-2004 سمح بإنشاء 822.187 منصب عمل ويمكن لقطاع الفلاحة تطوير التشغيل بفضل أفاق تكييفه وتوسيع مجاله.
1-7- الوظائف المأجورة لمبادرة محلية
أنشأت سنة 1990 تبنت الحكومة برنامجا خاصا لتخفيف من حدة البطالة و ذلك لإنشاء صيغة جديدة لإدماج الشباب في الحياة المهنية و هذا البرنامج يهدف إلى إنشاء وظائف مأجورة لمبادرة محلية لدى مؤسسات أو إدارات محلية لمدة تتراوح من 3 إلى 12 شهر الذي سمح بتوظيف 72.500 شاب سنة 2004 إلا أن الوظائف المنشاة تمركزت كلها في القطاع الخدمي.
1-8- برنامج الإنعاش الاقتصادي
انطلق هدا المخطط سنة 2002 وامتد إلى 2004 وقد خصص غلاف مالي قدر ب 525 مليار دينار من أجل إنعاش الاقتصاد الوطني وترقية الأنشطة وتوفير مناصب العمل وتهيئة البيئة التحتية للاقتصاد الوطني عبر ثلاث محاور: محاربة الفقر- إنشاء مناصب عمل- التوازن الجهوي.
وقد ساهم هذا البرنامج بالامتصاص البطالة منذ إنشاءه فقد وفر 751812 منصب عمل منها 296300 منصب دائم أي نسبة معتبرة تصل إلى 46.3% و تنحصر القطاعات التي توفر مناصب عمل في الفلاحة بــ 65.3% والصيد والموارد البحرية ب 14.02% وبدرجة اقل من السكن وأشغال المنفعة العمومية ذات الكثافة العالية من اليد العاملة 9.814 %لكل منها ، وقد تم احداث457431 منصب شغل في إطار هذا البرنامج بالنسبة للسنتين 2001-2002 منصب بصفة مؤقتة في إطار الترتيبات الموافقة للإصلاحات.
1-9- الوكالة الوطنية لتطوير الاستثمارات ANDI
وتهدف هذه الوكالة إلى تشجيع الاستثمارات و ذلك من خلال الخدمات التي تم تقديمها و تقرير المزايا الضريبية المرتبطة بالاستثمار و الذي ينعكس ايجابيا في إحداث مناصب شغل و بالتالي التخفيف من البطالة ، منذ إنشاء الوكالة سنة 2001 بمبلغ 743.97 مليار دينار سمح بتوفير 178166 منصب شغل و تتوقف فعالية هذه الوكالة على توفير محيط مشجع للاستثمار .
2- الإجراءات الجديدة للقضاء على البطالة
قررت الحكومة تخفض سن الاستفادة من الإعانات إلى 30 سنة وخفض معدل عمر البطالين المستفيدين من دعم الصندوق الوطني للتأمين على البطالة إلى 30 سنة بدل 35 سنة في خطوة كبيرة لتوسيع دائرة الاستفادة إلى فئات أخرى من البطالين. وعززت التعديلات الجديدة دور الصندوق الوطني للتأمين على البطالة جهود مرافقة إدماج أصحاب المشاريع الصغيرة للفئة العمرية 30-50 سنة (35-50 سنة سابقا)، ونصت المادة الثامنة من المرسوم الرئاسي على مايلي: “يستفيد البطالون ذوو المشاريع من التكوين والاستشارة للتأمين على البطالة من تأسيس مشاريعهم وإقامتها”. ونصت التعديلات الجديدة على تكفل الدولة بالمصاريف المرتبطة بالدراسات والخبرات والتكوين المنجزة والتي يطالب بها الصندوق الوطني للتأمين عن البطالة في إطار مساعدة البطالين ذوي المشاريع. وتعنى الإجراءات والتحفيزات الجديدة البطالين أصحاب المشاريع التي لا تتجاوز قيمتها 10 ملايين دينار أي 1 مليار سنتيم. وتأتي هذه التعديلات لإدماج أوسع في المسار والقضاء على البطالة المنتشرة بين فئة الشباب، حيث تشير تقارير حكومية ودولية إلى أن فئة البطالين الشباب وخصوصا الجامعيين تعد أهم فئة في الجزائر حيث تقارب 30 بالمائة من مجموع البطالين ، وتعززت التعديلات الجديدة بتعديلات إضافية على أحكام المرسوم الرئاسي الصادر في سنة 2003 الذي يحدد شروط منح الإعانة لهذه الفئة العمرية ونص على أحكام مالية ونسب الدعم ومساهمات الأشخاص في هذه المشاريع والتي تتراوح بين 5 بالمائة إلى 25 بالمائة حسب قيمة الاستثمار. وألزمت المؤسسات المالية بأجل أقصاه شهرين من تاريخ إيداع الطلبات للفصل في الملفات بموجب القانون الجديد . كما نص المرسوم التنفيذي على إجراء جديد لتسريع إطلاق المشاريع الاستثمارية من خلال إنشاء لجان انتقاء في فروع الصندوق الوطني للتأمين على البطالة لاعتماد وتمويل المشاريع، وتضم اللجان ممثلين عن الولاة ومديرية التشغيل الولائية والسجل التجاري والضرائب وممثلي أو ممثلين عن البنوك المعنية بالتمويل، وبرئاسة ممثل عن الصندوق الوطني للتأمين على البطالة. وحددت صلاحية الصندوق الوطني في تسليم شهادة القابلية والتمويل عن كل المشاريع المقبولة من قبل لجنة الانتقاء والاعتماد والتمويل. ومنح المرسوم الجديد أمام الذين رفضت ملفاتهم من قبل المؤسسات المالية الحق في تقديم طعن جديد، ونصت المادة 24 المعدلة على أنه في حالة”الرفض المبرر لطلب القرض المبرر والمبلّغ للبطال أو البطالين ذوي المشاريع وللصندوق الوطني للتأمين على البطالة، يدرس هذا الأخير إعادة تقديم طلب القرض بعد رفع التحفظات التي أبداها البنك أو المؤسسة المالية في أجل لا يتعدى 15 يوما من تاريخ الاستلام بالرفض”. ([19])
خاتمة
رغم الجهود الكبيرة التي أولتها الحكومة الجزائرية للحد من مشكل البطالة إلا أنها لا تزال ظاهرة متفاقمة في المجتمع الجزائري، لذلك يتطلب من الحكومة بذل المزيد من الجهود للحد من هذا المشكل الذي يعد حاجزا أمام النمو الاقتصادي والاجتماعي والأخذ ببعض التوصيات التالية:
– تدعيم مختلف الأجهزة الموجودة و المتعلقة بتشغيل الشباب و الحماية الاجتماعية؛
– إقامة المنشات القاعدية الاقتصادية و تحسين مناخ الاستثمار لتوفير فرص عمل كافية ؛
– ضرورة رفع معدل النمو الاقتصادي الذي يؤدي إلي تخفيض البطالة؛
– تطوير نظام المعلومات المتعلق بسوق العمل لتمكين طالبي العمل و العارضين له من الالتقاء وفق حاجة المستثمر و مؤهلات العمال ؛
– توسيع سياسة التدريب للعاطلين عن العمل لتنمية مهاراتهم بما يتوافق مع سوق العمل في ظل التكنولوجيا الحديثة؛
– رفع كفاءة الشباب وصقل مهاراتهم في مجالات تخصصاتهم وربطها بمهارات إضافية ضمن نفس العائلة المهنية،لتوسيع آفاق الحصول على فرصة عمل؛
– العمل على توفير اختصاصيين متميزين في بعض التخصصات، وخاصة في مجالات العلوم التطبيقية والتقنية للانطلاق نحو العالمية ، من خلال التأهيل الإضافي الهادف مما يسهل عليهم الاندماج ضمن المؤسسات؛
– تشكيل لجان وطنية استشارية للتشغيل، حيث أن هذه اللجان لديها المقدرة على تحسس حاجات الناس عن قرب واختيار وتحديد البدائل والأولويات وتشخيص الاحتياجات الفعلية في المنطقة؛
– خلق مؤسسات تمويل تجابه الفقر والبطالة بتوفير قروض صغيرة.
الهوامش والمراجع
[1] – رمزي زكي، الاقتصاد السياسي للبطالة، مجلة عالم المعرفة، العدد 226، الكويت، أكتوبر1997، ص: 39.
[2]– جيمس جوارتيني وريجارداستروب، الاقتصاد الكلي، ترجمة: عبد الفتاح عبد الرحمان وعبد العظيم محمد، دار المريخ للنشر ، المملكة العربية السعودية ،1999، ص :202.
[3] – نفس المرجع، ص :203.
[4] – بشير الدباغ أسامة وعبد الجبار الجرمود، مقدمة في الاقتصاد الكلي، دار المريخ للنشر والتوزيع، الأردن، الطبعة الأولى ،2003، ص: 391.
[5] – البشير عبد الكريم ، تصنيفات البطالة ومحاولة قياس الهيكلية والمحبطة منها ن مجلة اقتصاديات شمال إفريقيا، العدد الأول،2004، ص: 152.
[6] – بشير الدباغ أسامة وعبد الجبار الجرمود، مرجع سابق، ص:393
[7] -. رمزي زكي، مرجع سابق، ص:32.
[8] – بشير الدباغ أسامة وعبد الجبار الجرمود، مرجع سابق، ص:380.
[9] – إن هذا العلاج قد يؤدي إلي تقصير المدة الزمنية التي تستغرقها الدورة التجارية بين التضخم والركود.
[10] – العمالة الكاملة تكون عندما معدل البطالة الدورية يساوي إلى الصفر.
[11] – أ.د بن عزة محمد الأمين وأ.يتيم محمد، واقع سوق العمل في البلدان العربية دراسة حالة الجزائر، بحوث أوراق عمل ندوة عربية حول البطالة، أسبابها ، معالجتها و أثرها على المجتمع، الجزائر ، أفريل 2006، الجزء الثاني، ص: 215.
[12] – إن تقليص معدلات الاستثمار كان ناتج من إعادة جدولة الديون.
[13] – الوكالة الوطنية للتشغيل.
[14] _ A.Bouzidi, Les années 90 de l’économie algérienne – ENAG – Alger- 1999- P 114.
[15] – Ibid, p :115
[16] – تصريح عبد اللطيف بن أشنهولجريدة الخبر الصادرة في22 نوفمبر 2007 ،العدد 5134.
[17] -أ.شار ناصر و أ.يخلف عبد الرزاق، واقع سوق العمل في البلدان العربية دراسة حالة الجزائر، بحوث أوراق عمل ندوة عربية حول البطالة، أسبابها، معالجتها وأثرها على المجتمع، الجزائر ، أفريل 2006، الجزء الثاني، ص: 3
[18] -عبد الوهاب بوكروح، عوائد القطاع الموازي على الاقتصاد الجزائري 8.5 مليار دولار أنظر الموقع الالكتروني : www .alrroya.com
[19] – جريدة النصر الصادرة : بتاريخ 13 – 07 – 2010.