نموذج سوق المنتجات النسائية في بلاد القبايل بالجزائر بين الاقتصاد البديل والطرح الجندري
دراسة ضمن كتاب: الاقتصاد البديل في المنطقة العربية “المفهوم والقضايا”
ينظم سوق المنتجات النسائية كل فصل في أعالي جبال جرجرة في منطقة القبايل بالجزائر، وبالتحديد في قرية آيت وعبان. أثناء هذه التظاهرة، تقوم النساء) النساء فقط (بعرض منتجاتهن المحلية للبيع، زراعية كانت مثل الخضر والفواكه أم مصنوعة باليد مثل الحلي والمنتجات التقليدية.
حسب القائمين على تنظيم هذه التظاهرة الاقتصادية الموسمية، وهم من أعضاء الجمعية النسوية “أسوريف” والجمعية البيئية في آيت وعبان، فإن أهدافها الأساسية هي كالتالي: تحرير المرأة الريفية اقتصاديا وإبراز قدراتها في أداء دور اقتصادي في المنطقة؛ تكريس التنمية المستدامة؛ تشجيع الزراعة العضوية؛ تشجيع التسيير الذاتي والاستقلالية الزراعية للمنطقة.
دائما حسب القائمين على هذه التظاهرة، فلقد لوحظ اهتمام محسوس بهذا النشاط من طرف فئات مختلفة من النساء، كما لوحظ نمو وعي بدور المرأة الاقتصادي عبر هذا النموذج من الاقتصاد البديل الذي يختلف عن النموذج الكلاسيكي، كونه يترك زمام المبادرة والتصرف كليا للمرأة. فعلى المستوى الاقتصادي، هذه التظاهرة أعطت الفرصة للنساء للحصول على زبائن أكثر استقرارا، وذلك طوال السنة؛ أما على المستوى الاجتماعي، فإنها لقد أعطت اعتبارا أكبر للعمل الزراعي والتقليدي النسوي ودفعت عددا أكبر من النساء لحذو هذا الحذو ولإبراز دورهن الاقتصادي الذي طالما بقي مجهولا.
وبغض النظر عن مدى نجاح هذه التظاهرة في الوصول إلى أهدافها المرجوة، تتجلى لنا هنا أهمية الطرح الجندري في معالجة الفوارق الاجتماعية عبر إيجاد نماذج اقتصادية بديلة في بلدان منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط. فالمثال الذي تطرقنا إليه جدير بالذكر لأن الفوارق الاجتماعية قد كرست عبر فوارق حضرية وجغرافية واضحة) الريف –المدينة (وعبر فارق جندري )رجال/نساء)، ولأن المعالجة أخذت هذا الأخير بعين الاعتبار، وهذا شيء غير معهود في البلدان المذكورة أعلاه.
بالفعل، نظرا لعوامل اجتماعية وثقافية متعددة، قد غيب الطرح الجندري في أغلب الأحيان عندما تعلق الأمر بإيجاد حلول اقتصادية بديلة بالرغم من الغياب الواضع للعنصر النسوي في الكثير من المنظومات الاقتصادية وتغييبه في أحيان أخرى. فلقد حان الأوان لتفعيل شامل لهذا الطرح وتجاوز تلك العوائق الثقافية والاجتماعية، وذلك بما يعود نفعا للعنصر النسوي خاصة وللمجتمع كله بصفة عامة.