الجهوية الموسعة نموذج لتحقيق تنمية سوسيو اقتصادية متوازنة بالمغرب
مما لاشك فيه ان المجال المحلي اصبح اليوم الاطار الانجح لطرح القضايا الاساسية للتنمية ، كما انه اضحى المجال المتميز للتعبير عن الاشكاليات والسمات البارزة للسياسة الاقتصادية في علاقاتها مع خصوصية الجهات المكونة للاقتصاد الوطني.
فرغم اختلاف البلدان في توزيع الوظيفة الادارية بين الدولة والهيئات المحلية ، حسب نمط وظروف كل بلد، لكون كل دولة تاخد بالاسلوب الذي يتفق مع ظروفها السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، فان جميع الدول اصبحت تطبق بشكل او باخر الاسلوب اللامركزي من اجل تحقيق ديمقراطية محلية وتنمية اقتصادية ، وبذلك اصبح التركيز بالاساس يتمحور على نقطتين اساسيتين وهما اللامركزية على مستوى اتخاد القرار ، ثم سن استراتيجيات ملائمة لجلب الاستثمارات في المجالات المحلية المعنية .
فمع التحولات المتسارعة التي يعرفها العالم وتعقد المشاكل التنموية وصعوبة معالجتها مركزيا، اصبح من اللازم ان تتخد التنمية ابعادا مجالية، وبذلك كان لزاما التفكير في الوسائل المؤسساتية والقانونية والتنظيمية والتمويلية لترجمتها على ارض الواقع، وبذلك اصبحت الجهة باعتبارها جماعة محلية الاطار الملائم لبلورة استراتيجية بديلة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والمجالية.
والمغرب وعيا منه بأهمية الدور التنموي للجهة قام جلالة الملك بتنصيب اللجنة الاستشارية للجهوية بتاريخ 03/01/2010 ، من اجل جهوية موسعة التي تعتبر توجها حاسما لتطوير وتحديث هياكل الدولة والنهوض بالتنمية المندمجة .
فكيف يمكن للجهوية الموسعة ان تحقق لنا تنمية سوسيو اقتصادية متوازنة بالمغرب؟
وماهي الاليات الجديدة التي يمكن الاعتماد عليها ؟
للإجابة على هذه الاسئلة سنقسم هذا الموضوع لمبحثين اساسين، المبحث الاول نخصصه لواقع حال التدخل الاقتصادي للجهة بالمغرب، في حين سنخصص المبحث الثاني لشروط نجاح الجهوية الموسعة في تحقيق التنمية السوسيو اقتصادية المتوازنة بالمغرب.
المبحث الاول : واقع حال التدخلات الاقتصادية للجهة بالمغرب.
ان الجهوية الموسعة يجب ان تنطلق من منظور اقتصادي محض وواقعي ، بمعنى ان التخطيط للجهوية الموسعة يستلزم تشخيصا دقيقا للمؤهلات والمعيقات الطبيعية والمادية والمالية والبشرية … لجميع الجهات ، من اجل الوقوف على نقاط الضعف والقوة، في التجربة الجهوية الحالية، والعمل على تجاوز نقاط الضعف وتقوية نقاط القوة أثناء عملية الدمج والتوسيع.
ومن اجل تشخيص واقع حال التدخلات الاقتصادية للجهة بالمغرب سنتطرق لمراحل تطور التجربة الجهوية بالمغرب( المطلب الاول) من جهة ورصد مختلف اكراهات التدخلات الاقتصادية التي تعاني منها ( المطلب الثاني) من جهة اخرى .
المطلب الاول : تطور التجربة الجهوية بالمغرب .
بعد حصول المغرب على استقلاله وجد نفسه أمام تركة استعمارية جسيمة على صعيد الفوارق الجهوية على كافة الأصعدة الاقتصادية ،الاجتماعية والسياسية، وبعد ما تبين العجز الواضح للإقليم كإطار لمحو تلك الفوارق والتفاوتات حيث أن الإطار الإقليمي كوحدة جغرافية لم تعد كافية وقادرة بأن تستعمل كحقل للتخطيط الاقتصادي والاجتماعي، فظهرت ضرورة الاعتماد على تنظيم جديد وفعال، فكانت الجهة الوسيلة الملائمة لاختيارات إعداد التراب الوطني والتنمية الجهوية والتي يفترض فيها أن تكون وحدة ترابية قادرة على تقديم إطار للنمو الاقتصادي والاجتماعي.
وادا كان من الصعب التحدت في مرحلة مابعد الاستقلال الى سنة 1971 عن المركزية الجهوية , فان اشكالية التنمية الجهوية طرحت من خلال المخططات التي عرفتها البلاد مند الستينات واكتست درجات متفاوتة، من مخطط لاخر بهدف تخطي صعوبة الاختلالات المجالية وعدم التوازن بين مختلف الجهات والمناطق .
ففي مرحلة الستينات تم تسجيل تجربتين اعتبرتا مدخلا حقيقيا نحو ظهور تجربة المناطق الاقتصادية التي جاء بها ظهير 16 يونيو 1971، وهما : مشروع تهيئة حوض سبو، ومشروع التنمية الاقتصادية القروية للريف الغربي، الا ان اهم العراقيل التي حالت دون تحقيق اهداف المخططات السابقة هي عدم المعرفة بالحقائق المحلية وبالتالي ضرورة اقحام البعد المجالي لعمليات التنمية في المخططات، وفي هذا الاطار صدر الظهير الشريف بتاريخ 16/06/1971 بشان احداث الجهات الاقتصادية السبعة ، كلبنة اولى لتنظيم حقيقي للجهة في المغرب، حيث وضعها في اطار قانوني مؤسساتي مبينا وظيفتها وحدود مشاركتها في المسلسل الوطني للتنمية، وجاء ليترجم التوجه الجهوي الذي اصبح من صميم الاختيارات الاقتصادية للمغرب، وبالتالي اعادة تقسيم المغرب جهويا على اسس جديدة تاخد بعين الاعتبار المستجدات والمعطيات السوسيو- اقتصادية ، خصوصا بعد ترقية الجهة الى جماعة محلية وفق الفصل 94 من دستور 1992 والفصل 100 من دستور 1996.
وفي سنة 1997 ومن اجل تعزيز الدور التنموي للجهة تم اصدار القانون رقم 47.96 المتعلق بتنظيم الجهات ، الذي مكن الجهة من جهاز تشريعي هو المجلس الجهوي ، وجهاز تنفيدي على رأس عامل الجهة ورئيس المجلس الجهوي وتم تقسيم المغرب الى 16 جهة ، من اجل الاستفادة من الفعاليات والطاقات المتنوعة عبر مختلف الاقاليم المغربية وابراز الابعاد المتعددة للمجال المغربي، وخلق توازن بين جميع الجهات بناء على معطيات جديدة مستخلصة من تجربة 1997 ، لكن ماهي اهم الاكراهات التي تقف حجر عثرة امام تحقيق جهوية 1997 للأهداف السوسيو اقتصادية المسطرة لها.
المطلب الثاني : اكراهات جهوية 1997 في تحقيق التنمية السوسيو اقتصادية.
لقد اتخذت الجهة مسارا جديدا مع دستوري 1992 و1996 وقانون 96-97 المنظم للجهات ، حيث جعلو من الجهة وحدة ترابية لامركزية تتمتع بشخصيتها القانونية المستقلة من اجل نقلها من الطابع الاداري ، والتمثيلي الى التنمية الجهوية، الا ان واقع الحال يبين ان التجربة الدستورية الحالية تعتريها مجموعة من الاكراهات في تطبيقاتها ساهمت في ابعادها عن تحقيق دورها الاساسي وهو تحقيق التنمية السوسيو اقتصادية بالمغرب ومن بين هذه الاكراهات نجد مايلي:
– اولا: تعثر التقسيم الجهوي الحالي:
حيث تم ابقاء الاعتماد على الاقليم كقاعدة للتقسيم مع العلم أن هناك العديد من العمالات التي وضعت حدودها لاعتبارات لا تنسجم دائما ومتطلبات التنظيم الجهوي، لاسيما وأن الإقليم أحدث على أسس إدارية وسياسية محضة، عوض أن يكون مؤسسا على معطيات ومؤشرات اقتصادية، فالتقسيم الجهوي الحالي لم يخترق الحدود الإدارية لأي إقليم في سبيل تحقيق الاندماج الاقتصادي أو التكامل الوظيفي بين الجهات مما يصعب معه تحقيق الاهداف التنموية المسطرة، ونستدل بذلك على سبيل المثال لا الحصر، جهة الشاوية- ورديغة التي تضم حدودها الترابية أقاليم سطات- خريبكة- وبن سليمـان، فإذا ألقينا لمحة على الخريطة الترابية والإدارية نجد أن جزءا صغيرا من تراب إقليم خريبكة، يندرج في إطار الاستقطاب الحضري والاقتصادي لإقليم سطات، في حين يبقى الجزء الأكبر تابعا ومتكاملا مع إقليم بني ملال، حيث يشكل هذا الجزء امتدادا طبيعيا لسفوح الجبال الأطلسية… من جهة.
أما من جهة أخرى فتكامل إقليم الجديدة مع إقليم سطات يمنح الجهة أبعادا اقتصادية وتنموية ممتازة، في حين يبقى إقليم بن سليمان خاضعا لاستقطاب محور الدار البيضاء الكبرى، بالإضافة إلى أمثلة أخرى : فاس- تاونات – والناظور- الحسيمة و ورزازات – مراكش ، كما ان هناك جهات محظوظة بحكم احتوائها على عدد مهم من التجهيزات التحتية والمرافق الاقتصادية والاجتماعية، وجهات يمكن ان يقال عنها بانها معتدلة التوازنات الى حد ما وذلك بالنظر الى كون المركز الاساسي للجهة يحتوي على بعض التجهيزات التحتية الضرورية لاستقبال الانشطة الاقتصادية والاستثمارات ، وهناك جهات اخرى وهي كثيرة تفتقر الى التجهيزات الاساسية وتسجل بها كل الاختلالات التي تقف في وجه البناء الاقتصادي والاجتماعي على مستوى الجهة .
ثانيا : غموض الاختصاصات:
ان اختصاصات المجلس الجهوي غير واضحة ويسودها غموض كبير مما يكون معه مصدرا لتشتت الجهود وهدر الموارد .
ثالثا : قلة الموارد وغياب التنسيق.
ويمكن القول أن الإمكانيات المالية التي تحظى بها الجهة حاليا مازالت ضعيفة على مستوى الموارد الذاتية، فكلها تقريبا عبارة عن رسوم بمثابة نسب مضافة إلى ضرائب محلية، كالرسم المضاف إلى رسم النظافة والبالغ نسبته من 5 إلى 10 %، وكذا الرسم المضاف إلى الرسم المفروض على عقود التأمين، الرسم المفروض على رخصة الصيد البحري، الرسم الإضافي إلى الرسم الجماعي المفروض على رخصة الصيد البري، الرسم الإضافي إلى الرسم الجماعي المفروض على استخراج مواد المقالع، مع إحداث رسم على الخدمات المقدمة بالموانئ ويحسب على أساس مبلغ رقم المعاملات المتخذ كأساس لحساب الضريبة على القيمة المضافة وقد حدد المشرع سعره في حد أدنى هو 2 % وسعرا أعلى لا يتجاوز 5 % ، و جعل الرسم على استغلال المناجم رسما خاصا بالجهة والملزمون به أصحاب الامتيازات ومستغلوا المناجم، ويحدد هذا الرسم حسب كل طن مستخرج من المنجم، ومن طبيعة المادة المستخرجة على أساس أن سعره يحدد بموجب مرسوم يقترح من طرف وزير الداخلية ووزير المعادن، ويعدل كل ثلاث سنوات .
إن هذه الوسائل المالية وان اعتبرت جديدة إلا أنها ضعيفة بطبيعتها كون أغلبها مضافة إلى ضرائب موجودة تستفيد منها الجماعات المحليـة (حضرية أو قروية) ، هذا من جهة ومن جهة أخرى يستشف أن هذه المصادر قد تستفيد منها بعض الجهات في حين أن جهات أخرى لن تستفيد إلا من بعضها، مثلا رسم المعادن يمكن أن يكون مصدر دخل بالنسبة لجهة معينة ولكن هناك جهات لا تتوفر على معادن، و هناك أيضا ضرائب على الموانئ مقابل جهات لا موانئ لها.
وهكذا سنجد في آخر المطاف، أنه من بين كل البنود المالية الجديدة، هناك جهة معينة ستستفيد من بند أو بندين، و أخرى من ثلاث أو أربع بنود بمعنى ليست هناك جهة يمكنها الاستفادة من كل البنود.
ناهيك ان هناك اشكالية غياب التنسيق الذي يؤدي الى تشابك وتداخل الاختصاصات والاضرار بالتنمية، بحيث ان هناك في بعض الاحيان مشروع واحد يمكن أن يمول من طرف عدة جماعات او من طرفها والدولة وغيرهما، و النتيجة الحتمية المترتبة على هذه الاوضاع والغموض الذي يسود الاختصاصات هي تشتيت جهود التنمية الاقتصادية .
ان تشخيص واقح حال دور الجهوية في تحقيق تنمية سوسيو اقتصادية متوازنة بالمغرب يؤكد انه حان الوقت للتفكير في نموذج جهوي بديل، قادر على تحقيق تنمية سوسيو اقتصادية متوازنة بالمغرب وهو الجهوية الموسعة التي اعلن عنها جلالة الملك في خطابه بتاريخ 03 يناير 2010 فكيف ذلك؟
المبحث الثاني : أليات نجاح الجهوية الموسعة في تحقيق تنمية سوسيو اقتصادية متوازنة بالمغرب
لقد كان خطاب صاحب الجلالة انطلاقة حقيقية لورش كبير يهذف من خلاله الى وضع المسلسل التنموي بالمغرب في مساره الصحيح، من خلال الخوض في تفعيل الجهوية الموسعة وتشكيل لجنة استشارية من اجل الوصول الى بلورة تصور واضح الملامح لنموذج مغربي للجهوية الموسعة، تشمل كل جهات المملكة.
ولنجاح الجهوية الموسعة في تحقيق تنمية سوسيو اقتصادية، يجب التركيز على ضرورة اعادة النظر في التقسيم الجهوي وتفادي التضارب في الاختصاصات ( المطلب الاول) والعمل على الزيادة في نسبة المداخيل ( المطلب الثاني).
المطلب الاول: اعادة النظر في التقسيم الجهوي وتفادي التضارب في الاختصاصات.
سنتطرق في هذا المطلب لنقطتين اساسيتن الاولى هي اعادة النظر في التقسيم الجهوي والثانية تفادي التضارب في الاختصاصات.
اولا: اعادة النظر في التقسيم الجهوي الحالي.
ان التقسيم الجهوي الحالي تعتريه مجموعة من العيوب تمت الاشارة اليها في المبحث الاول وبالتالي وجب اعادة النظر فيه وطرح تقسيم جديد موسع للجهوية يعتمد على تسع جهات فقط والتي تعتمد أساسا على تحقيق التوازن بين الجهات ،وتحقيق الانسجام الداخلي لكل جهة والتكامل الاقتصادي والاجتماعي، و تأخد بعين الاعتبار الخصوصية الثقافية التي تدعم وتكرس وحدة وشمولية الثقافة الوطنية.
إن الحفاظ على الخصوصية الثقافية المحلية وتطويرها يؤدي للحفاظ على الهوية وترسيخ التماسك الاجتماعي، الذي يجعله محركا للتنمية المحلية والجهوية، وهو المجال الأمثل لتوظيف التراث، واستثماره في مسلسل التنمية.
ويجب العلم أن بدون تشخيص للواقع الجهوي ومعرفة دقيقة بواقع الجهة لا يمكن معه وضع خطط دقيقة وناجحة، كما أنه لا يجب الفهم أن التنوع الثقافي عامل معرقل لوضع الخطط بل العكس، خصوصا إذا تم تصنيف وتخصيص كل فئة وكل ثقافة بما تستحقه من عناية واستجابة لمطالبها ، كما يجب على الجهوية الموسعة ان تقوم على اساس تقسيم جهوي ياخد بعين الاعتبار، أن في المغرب مناطق غنية ومناطق فقيرة وان يعمل على الدمج بينهم في اطار تسع جهات عوض 16 جهة ، و ان تقوم على تلازم استثمار كل جهة لمؤهلاتها على الوجه الامثل مع ايجاد اليات ناجعة للتضامن المجسد للتكامل والتلاحم بين المناطق في مغرب موحد ، إذ لا بد من إعادة النظر في توزيع السلطات وهيكلتها بين المركز والجهات وفق تقسيم جهوي عادل، اد لايمكن الحديث عن عدالة اجتماعية بدون عدالة مجالية ، فالتكامل والتضامن بين الجهات سيضمن النمو الاقتصادي المتكافئ والذي بدوره سيضمن النمو والاستقرار الاجتماعي .
ثانيا : تفادي التضارب وتوسيع الاختصاصات .
يعتبر التنسيق ركنا أساسيا لنجاح تحقيق الجهة للاختصاصات المنوطة بها مع كافة الفاعلين حيث أكد جلالة الملك في خطابه المؤرخ بتاريخ 03/01/2010 على ضرورة التنسيق والتوازن في الصلاحيات والإمكانات وتفادي تداخل الاختصاصات أوتضاربها بين مختلف الجماعات المحلية والسلطات والمؤسسات .
فالجهوية الموسعة يجب أن تعطى لها صلاحيات واسعة تتماشى والأهداف المسطرة لها، فتوسيع الاختصاصات وتوفير الوسائل القانونية للجهوية الموسعة ستمكنها لامحالة من التدخل في جميع الميادين التي ترتبط بصفة مباشرة او غير مباشرة بجميع المجالات التي لها علاقة بتنمية الجهة، على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي والثقافي الامر الذي سيمكنها من ان تلعب ادوارا طلائعية، من خلال خلق كل الشروط الملائمة لوضع نشاط اقتصادي جهوي كفيل بالنهوض بالجهة للمستوى الذي يتطلع سكانها، مع التشبت بمقدسات الأمة وثوابتها في وحدة الدولة والوطن والتراب.
ولاشك في ان اقامة تنسيق افضل بين المصالح الخارجية للادارة على المستوى المحلي تحت سلطة العامل الذي هو في نفس الوقت عون الدولة في خدمة الجهة سيمكن هذه الاخيرة من الاستفادة من المؤهلات الاكيدة للقيام بمهامها على احسن وجه .
كما يجب أن تعتمد الجهوية الموسعة على نصوص تطبيقية تحدد بوضوح ماهية الاختصاصات الجهوية في الميادين الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتضع الحدود الفاصلة بين تدخلات كل من الدولة والجهة وباقي الجماعات المحلية ، و أن تكون النصوص المنظمة لاختصاصات الجهوية الموسعة تقريرية وواضحة ومحددة، وتبتعد عن النصوص العامة والفضفاضة .
المطلب الثاني: الزيادة في الموارد المالية.
ان دور المتدخل الاقتصادي للجهوية الموسعة لن يستقيم الا اذا توفرت الشروط المالية ، فالموارد المالية تعثبر حجر الزاوية في اية عملية تنموية، فمهما تعددت الاختصاصات التي تعطى للجهوية الموسعة، ومهما كانت صلاحياتها التقريرية على مجالات اختصاصاتها ، فان عدم توفرها على الوسائل المالية اللازمة للنهوض بهذه الاختصاصات، يفرغ الاستقلال المالي المعترف به لها من كل محتوى ويبعدها عن كل دور مستقل في مجال التنمية.
لذلك فمنح موارد مالية مهمة للجهوية الموسعة شيء ضروري لتمكينها من وسائل العمل والقدرة على القيام بالاختصاصات الممنوحة لها في مجال التخطيط والتنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، فانبثاق مجالس ديمقراطية ، لها من الصلاحيات والموارد مايمكنها من النهوض بالتنمية الجهوية المندمجة امر اساسي وجوهري.
لدلك فان حجم وطبيعة مشاريع الانماء الاقتصادي التي تقررها الجهة في اطار مخططها التنموي يتوقف الى حد كبير على مدى قدرتها على ابتكار وسائل عقلانية عادلة وديمقراطية ، للزيادة في الموارد المالية وتحسين مردوديتها دون المساس بالقدرة الشرائية لعموم المواطنين ، وكدلك الزيادة في حجم الموارد المالية المحولة لها من طرف الدولة .
خاتمة
يتضح مما سبق أن محدودية التدخلات الاقتصادية الحالية للجهة والاكراهات التي تقف امامها، ومن خلال المتطلبات والصعوبات الراهنة جعلت مسالة التفكير في نموذج جهوي جديد أمرا ملحا، فالجهوية الموسعة بتوفرها على اليات ووسائل العمل تعتبر بحق نمودجا لتحقيق تنمية سوسيو اقتصادية متوازنة بالمغرب مع التشبت بمقدسات الامة وثوابتها في وحدة الدولة والوطن والتراب، وستكون تجربة مغربية خالصة غير مستوردة باعتبارها نموذج وطني، تندرج في اطار تشييد مغرب عصري.