في ذكرى “يناير”: “العيش والحرية والعدالة الاجتماعية” في قوانين ما بعد الثورة
تأتي الذكرى الخامسة لثورة الخامس والعشرين من يناير متزامنة مع انعقاد مجلس النواب الذي راجع قرابة 340 قرارًا بقانون أصدرها الرئيس الأسبق عدلي منصور والرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي في غيبة المجلس. وخلال الخمسة سنوات الماضية، منذ اندلاع الثورة -التي كان أهم المطالب التي رفعتها هي “العيش والحرية والعدالة الاجتماعية”- كان انفراد السلطة التنفيذية بسلطة التشريع هو السمة الغالبة، إلا خلال فترة قصيرة من يناير 2011 حتى مايو من العام نفسه، حينما تم انتخاب أول برلمان بعد الثورة، سيطر عليه المنتمون لجماعة الإخوان المسلمين والسلفيين، قبل أن يتم حله بعد حكم من المحكمة الدستورية العليا.
وبعد تولي الرئيس الأسبق محمد مرسي مقاليد الحكم في يونيو 2012، تم إسناد السلطة التشريعية لمجلس الشورى قبل أن تم حله في يوليو 2013 بعد عزل مرسي. فيما استخدمت السلطات الحاكمة المتعاقبة السلطة التشريعية لإصدار قوانين عكست بشكل كبير توجهات تلك الأنظمة، فأصابت في بعض الأحيان، وأساءت في أحيان أخرى أكثر. وكانت سلطة إصدار القانون وكأنها انعكاس لرؤية تلك الأنظمة المتعاقبة لمطالب ثورة يناير الثلاثة.
وهنا، نستعرض، من خلال القوانين التي أصدرها كل من المجلس العسكري، ونظام جماعة الإخوان المسلمين، ونظام ما بعد 30 يونيو المتمثل في منصور والسيسي، كيف رأوا “العيش والحرية والعدالة الاجتماعية”.
المجلس العسكري.. بين قوانين الأحزاب والحقوق السياسية وتجريم الإضراب
بعد عزل الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، ومع توليه إدارة البلاد، أصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة إعلانا دستوريًا بعد إلغاء العمل بدستور 1971. اشتمل الإعلان، الذي نص على قرابة الستين مادة، على شروط جديدة للترشح للرئاسة، منها تحديد المدة الرئاسية بأربع سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة فقط، كما نص على الإشراف القضائي الكامل على الانتخابات، بالإضافة إلى مواد أخرى كثيرة.
وكانت قوانين مباشرة الحقوق السياسية والأحزاب والانتخابات من أهم القوانين التي أصدرها المجلس العسكري أثناء فترة حكمه المثيرة للجدل، حيث أتاحت الفرصة لتخفيف الكثير من القيود التي فرضها نظام مبارك على نظام الانتخابات وحرية إنشاء الأحزاب. وأتاح قانونا مباشرة الحقوق السياسية والانتخابات حق التصويت للمصريين في الخارج في سابقة هي الأولى من نوعها، كما أقرا بالإشراف القضائي الكامل على الانتخابات، بالإضافة إلى النص على نظام القوائم الحزبية الذي حل محل النظام الفردي في انتخابات مجلس الشعب وقتها. وأتاح قانون الأحزاب للمرة الأولى تشكيل الأحزاب بالإخطار، مما فتح الباب واسعًا أمام تشكيل الكثير من الأحزاب السياسية، التي كان على رأسها حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية للإخوان المسلمين، والذي تم حله في 2013، بالإضافة إلى حزب النور السلفي والمصري الديمقراطي الاجتماعي والدستور والتحالف الشعبي الاشتراكي والمصريين الأحرار، وغيرها الكثير من الأحزاب.
كان قانون العزل السياسي من أهم القوانين التي أصدرها المجلس العسكري والذي نص على عزل كل من ثبت تورطه في إفساد الحياة السياسية في فترة مبارك وحرمان من ثبت تورطهم في الفساد من الوظائف العامة ومن ممارسة حقوقهم السياسية من الترشح والانتخاب لمدة خمس سنوات.
على الرغم من ذلك، كان قانون تجريم الإضرابات والاعتصامات هو أكثر القوانين التي أصدرها المجلس العسكري إثارة للجدل، حيث أثار غضب قطاعات عريضة من العمال والنقابات المستقلة والحركات الثورية والشبابية. ونص القانون على “يعاقب بالحبس وغرامة … أو بإحدى العقوبتين كل من قام أثناء حالة الطوارئ بعمل وقفة أو نشاط ترتب عليه تعطيل أو إعاقة إحدى مؤسسات الدولة أو إحدى السلطات العامة أو إحدى جهات العمل العامة أو الخاصة عن أداء عملها. كما يعاقب من حرض أو دعا أو روج بالقول أو الكتابة أو اأ طرق العلانية لأي من الأفعال السابقة. وستكون العقوبة بالحبس مدة لا تقل عن سنة، وبغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تجاوز خمسمائة ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين”.
واعتبر الكثير من المتابعين أن القانون فرض قيودًا غير مسبوقة على الحقوق والحريات العمالية، حيث منع الإضرابات والاعتصامات التي كانت السمة الغالبة للتحركات العمالية آنذاك ضد مشاريع الخصخصة والصفقات الفاسدة التي طالت القطاع العام في مصر إبان حكم مبارك.
وكان قانون تنظيم الأزهر أيضًا أحد أهم القوانين التي أثارت الكثير من الجدل حيث تم إصداره قبل أيام قليلة من انعقاد مجلس النواب في 2012. وقال بيان للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية آنذاك أنه “على الرغم من ضمان القانون لبعض الاستقلال للمؤسسة الإسلامية الكبرى في مصر عن طريق نزع سلطة تعيين شيخ الأزهر من رئيس الجمهورية، إلا أن نص القانون على استمرار الشيخ الحالي أحمد الطيب -المعين من قبل مبارك- وشغله المنصب مدى الحياة وانفراده بتشكيل أول هيئة كبار علماء هو خطوة لتدعيم موازين القوى القديمة داخل المؤسسة”.
قوانين زيادة البدلات والمعاشات لم تشفع لمرسي وإعلانه الدستوري
خلال فترة حكمه المثيرة للجدل أصدر الرئيس الأسبق محمد مرسي بعضًا من القوانين التي اهتمت بزيادة البدلات والمعاشات لقطاعات كثيرة من العاملين بالدولة، إلا أن إصداره لإعلان دستوري في نوفمبر 2012 كان الخطوة الأولى التي أدت بشكل مباشر لإضعاف أسهمه قبل الإطاحة به في يوليو 2013.
أصدر مرسي في يوليو 2012 قانونًا يمنح العاملين بالدولة علاوة خاصة مقدارها 15% من الأجر الأساسى، كما نص على ألا تعتبر هذه العلاوة جزءًا من الأجر الأساسي للعامل ولا تخضع لأية ضرائب أو رسوم، وشملت العلاوة العاملين الدائمين والمؤقتين بمكافآت شاملة. وأصدر مرسي قرارا بقانون مشابه لزيادة المعاشات بنسبة 15% بحد أدنى 50 جنيها وبدون حد أقصى، على أن تعتبر هذه الزيادة جزءًا من المعاش وتسرى في شأنها جميع أحكامه، كما أقر قانونًا آخر بزيادة المعاشات العسكرية بالنسبة نفسها.
كما أصدر مرسي قانونًا بزيادة قيمة بدل الجامعة لأعضاء هيئة التدريس والوظائف المعاونة بالجامعات. بالإضافة إلى ذلك، أصدر قانونًا خاصا بالمنطقة الحرة ببورسعيد، حيث تقرر زيادة حصة استيرادية إضافية معفاة من الضرائب الجمركية تقدر بمبلغ 10 ملايين جنيه ليصبح إجمالي القيمة المعفاة 30 مليون جنيه.
كما أصدر مرسي أيضًا قانون الصكوك والذي نص على إنشاء الصكوك “كأوراق اسمية متساوية القيمة تصدر لمدة محددة لا تزيد عن خمسة وعشرين عاما على أساس عقد شرعي بالجنيه المصري أو العملات الأجنبية، عن طريق الاكتتاب العام أو الخاص”. وتهدف الصكوك الحكومية طبقا للقانون لتمويل المشروعات التنموية والأنشطة الاستثمارية. وواجه القانون الكثير من الانتقادات تمثلت في مخاوف من تبديد الأصول المملوكة للدولة.
وأضاف مرسي أيضا تعديلات على قانون الضريبة على الدخل، حيث وصل حد الاعفاء الضريبي على الدخل إلى خمسة آلاف جنيه كحد أقصى، بينما وصلت أعلى شريحة للضرائب على الدخل إلى 25% لمن تخطى دخله حاجز الـ 250 ألف جنيها.
إلا أن الإعلان الدستوري المكمل الذي أصدره مرسي في نوفمبر 2012 كان المسمار الأكبر في نعش حكم جماعة الإخوان المسلمين، والذي صدر إبان أزمة طاحنة بين ممثلي الذراع السياسية للإخوان المسلمين في لجنة كتابة دستور 2012 وبين القوى المدنية، وهي الأزمة التي أعاقت إتمام عملية كتابة الدستور وهددت مصير اللجنة ذاتها التي كانت مهددة بالحل. جاء الإعلان الدستوري ليعزل النائب العام عبد المجيد محمود الذي عينه الرئيس الأسبق حسني مبارك واعتبرته جماعة الإخوان المسلمين عقبة أمام تحقيق العدالة لشهداء ثورة الخامس والعشرين من يناير. وعين مرسي في المقابل المستشار طلعت عبد الحميد في منصب النائب العام. كما قضى الإعلان أيضًا بتحصين لجنة كتابة الدستور ومجلس الشورى من الحل، بالإضافة إلى تحصين قرارات مرسي من الطعن القضاائي.
واعتبر هذا الإعلان ضربة قوية لاستقلال القضاء ورغبة من مرسي في إحكام السيطرة على السلطتين التنفيذية والتشريعية، بالذات بعد تحصين قراراته ضد الطعن، وهو ما أدى إلى موجة عارمة من المظاهرات ضد حكم الإخوان المسلمين، انتهت باشتباكات دامية بين مؤيدي ومعارضي مرسي أمام قصر الاتحادية، ما أدى إلى وقوع العديد من الضحايا بين قتلى ومصابين.
وصاحب إصدار الإعلان الدستوري أيضًا إصدار قانون حماية الثورة، حيث أكد مرسي أن القانون يهدف إلى استعادة حقوق شهداء ثورة الخامس والعشرين من يناير، إذ نص على إعادة المحاكمات في كل القضايا التي أُتهم فيها رموز نظام مبارك إما في الفساد المالي أو الفساد السياسي أو قضايا قتل المتظاهرين. ووقتها، قال مراقبون إن ثغرات عديدة بالقانون أفرغته من مضمونه، حيث ارتبطت إعادة المحاكمات بظهور أدلة جديدة في القضايا، وهو الشرط الذي لم يتحقق، كما نص القانون على تشكيل نيابة خاصة للتحقيق في هذه القضايا. ونص كذلك على إحالة قضايا تتعلق بقطع الطرق وإهانة رئيس الجمهورية لهذه النيابة، مما أثار انتقادات العديد من الحقوقيين، وأتاح القانون للنائب العام حبس المتهمين في هذه القضايا لمد ستة أشهر على ذمة التحقيقات، وهو ما أثار قلقا حول إساءة استخدامه ضد النشطاء والمعارضين السياسيين.
قوانين ما بعد 30 يونيو.. الحرية والعدالة الاجتماعية في غرفة الإنعاش
انفرد الرئيس السابق عدلي منصور وبعده الرئيس عبد الفتاح السيسي بالسلطة التشريعية خلال العامين ونصف العام الماضيين لتمرير قرابة الـ 400 قانون، في سابقة هي الأولى من نوعها، حيث انتقد مراقبون الإفراط في استخدام السلطة التشريعية الموكلة اليهما بموجب الاعلان الدستوري الصادر في يوليو 2013 ودستور 2014 في إصدار قوانين تم انتقاد معظمها لمعاداتها للحقوق والحريات التي نص عليها الدستور.
وفيما يلي عرض لأهم القوانين التي أرسلت شعارات العيش والحرية والعدالة الاجتماعية إلى غرفة الإنعاش:
من أهم هذه القوانين وأكثرها إثارة للجدل هو قانون التظاهر رقم 107 لعام 2013 الذي أصدره منصور في نوفمبر 2013، والذي انتقده الكثيرون للقيود الكبيرة التي فرضها على الحق في التظاهر والتجمع السلمي، إذ يُلزم القانون منظمي المظاهرة بإخطار الجهات الأمنية بمكان وموعد المظاهرة، ويتم فرض غرامات -وفي كثير من الأحيان عقوبات بالحبس- ضد كل من لا يقدم الإخطارات. كما أجاز القانون التوسع في استخدام القوة من قِبل الأمن لفض المظاهرات كما أعطى للأمن الحق في إلغاء المظاهرات وفض التجمعات السلمية. يقول مراقبون إنه تم التوسع في استخدام القانون للتنكيل بالآلاف من الشباب والمعارضين السياسيين، كما أنه فرض قيودًا صارمة على المظاهرات والاعتصامات العمالية أيضا.
قبل ذلك كان تعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية 83 لعام 2013 في سبتمبر 2013، الذي يقضي بعدم التقيد بالمدد القانونية اللازمة للحبس الاحتياطي للمحكوم عليهم في أول درجة بالإعدام والمؤبد -وكان قانون الإجراءات الجنائية قد أقر مدة عامين كحد أقصى للحبس الاحتياطي في كافة الأحوال، وانتقد كثيرون هذا التعديل لما يحمله من انتقاص من حقوق المتهم الذي يقضي مددًا طويلة في الحبس الاحتياطي. واعتبر العديد من الحقوقيين أن التعديل جعل من الحبس الاحتياطي عقوبة في حد ذاتها؛ إذ تم استخدامه للتنكيل بالكثير من المعارضين السياسيين الذين تجاوزت مدد الحبس الاحتياطي لهم سنتين في كثير من الأحيان، بينما شارف آخرون على تجاوزها.
فيما كان قانون مكافحة الإرهاب من أكثر القوانين المثيرة للجدل التي مررها الرئيس عبد الفتاح السيسي، والذي أثار الكثير من الجدل خاصة النص على “لا يُسأل جنائيًا القائمون على تنفيذ أحكام هذا القانون إذا استعملوا القوة ﻷداء واجباتهم، أو لحماية أنفسهم من خطر محدق يوشك أن يقع على النفس أو اﻷموال، وذلك كله متى كان استخدامهم لهذا الحق ضروريًا وبالقدر الكافي لدفع الخطر”. ومن حزمة قوانين الإرهاب مرر الرئيس السيسي أيضًا قانونًا بشأن تأمين وحماية المنشآت العامة والحيوية، والذي نص على اختصاص القضاء العسكري بنظر قضايا الاعتداء على المنشآت العامة والحيوية. وعرّف القانون المنشآت الحيوية بأنها أبراج ومحطات الكهرباء وخطوط الغاز وحقول البترول وخطوط السكك الحديدية وشبكات الطرق والكباري وغيرها من المنشآت والمرافق والممتلكات العامة وما يدخل في حكمها، دون تحديد. وتم استخدام القانون في التوسع في المحاكمات العسكرية للمدنيين المتورطين في قضايا عنف.
بالإضافة إلى ذلك، شهدت تلك الفترة العديد من القوانين المقيدة للحريات الأكاديمية واستقلال الجامعات مثل قرار بقانون بتعديل بعض أحكام قانون تنظيم الجامعات. ونص التعديل على تعيين رؤساء الجامعات وعمداء الكليات من قبل رئيس الجمهورية بعد أن كان يتم انتخابهم طبقًا لتعديل سابق للقانون في 2012، حيث تم انتقاد القانون لإخضاعه القيادات الجامعية للسلطة التنفيذية. كما نصت تعديلات أخرى على قانون تنظيم الجامعات على توسيع سلطات رؤساء الجامعات في فصل الطلاب المتورطين في أعمال تخريبية، بالإضافة إلى تعديل آخر يتيح عزل أعضاء هيئة التدريس لتورطهم في العمل الحزبي أو التحريض على العنف.
كما أصدر السيسي تعديلا في قانون العقوبات يقضي بتشديد عقوبة التورط في تلقي تمويل أجنبي من منظمات أو دول أجنبية بهدف الإضرار بالأمن القومي للبلاد حيث وصلت العقوبات للمؤبد والإعدام، حيث اعتبر التعديل مدخلا لاستهداف العاملين بالمجتمع المدني، بالأخص المنظمات العاملة في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان.
وبخلاف ذلك، أصدر منصور في خطوة غير مسبوقة تعديلًا لقانون العقوبات يقضي بتجريم التحرش الجنسي ويضع عقوبات بالسجن تتراوح ما بين الستة أشهر والخمس سنوات.
كما مرر منصور والسيسي حزمة من القوانين المتعلقة بالاقتصاد والعدالة الاجتماعية التي أثارت الكثير من الجدل، وعلى رأسها كان قانون الاستثمار. الذي أشار الباحثان بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، أسامة دياب وريم عبد الحليم، إلى العديد من المشكلات المتعلقة بالحوكمة فيه. أحد اهم هذه المشكلات هو مبدأ المساواة بين المستثمرين، خاصة بين المستثمر المحلي والأجنبي، حيث نص القانون على المساواة، ولكنه أيضا نص على استثناء للعديد من الجهات الحكومية في “أن تفاضل في معاملتها ما بين المستثمرين تنفيذًا لنص في قانون أو مراعاة لمتطلبات الاقتصاد أو الأمن القومى وذلك بعد موافقة مجلس الوزراء”.
وقال الباحثان أيضًا أن القانون أعطى مجلس الوزراء سلطة تقديرية لمنح المستثمرين حوافز وإعفاءات ضريبية إضافية، وتخصيص الأراضي المملوكة للدولة دون مقابل، مما يفتح الباب واسعا أمام الفساد الحكومي محاباة الحكومة لبعض المستثمرين.
بشكل مشابه، مرر منصور قبيل ذلك قرارًا بتعديل بعض أحكام قانون المناقصات والمزايدات والذي سمح في الحالات العاجلة أن يتم التعاقد بالاتفاق المباشر بناء على ترخيص من الوزير أو المسئول المختص. كما أصدر قرارًا آخر بقانون يجيز التصالح في النزاعات الضريبية القائمة بين مصلحة الضرائب والممولين على إمكانية تشكيل لجان تصالح مكونة من القضاة بمصلحة الضرائب. وتكون هذه اللجان منوطة بإجراء عمليات التصالح بين المصلحة وبين الممولين الذين قدموا طعونا على قرارات إلزامهم بدفع مبالغ ضريبية مُحددة أو هؤلاء المتهمين بالتهرب الضريبي.
وأصدر منصور أيضا قرارًا بقانون لتنظيم الطعن على عقود الدولة، والذي كان محل العديد من الانتقادات، حيث حصن التعاقدات بين الدولة والمستثمرين من الطعن من أطراف غير المستثمرين والدولة، وهو ما اعتبره المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية تعديا على حقوق المواطنين في التقاضي والطعن ضد عقود بيع وخصخصة العديد من شركات القطاع العام. وتنظر المحكمة الدستورية العليا حاليًا طعنًا مقدما من المركز ضد القانون.
وفد قال المحامي بالمركز محمد عادل لمدى مصر في وقت سابق إن هذه التشريعات صُممت لحماية عقود بيع وخصخصة أبطلها القضاء الإداري في أحكام سابقة، حيث أكد أن معظم أسباب بطلان عقود بيع الشركات الكبرى مثل عمر أفندي وغزل شبين أنها تمت بالأمر المباشر بدون عمل مزادات علنية. وأضاف: “كانت هذه التشريعات التي توسع منصور، في سابقة هي الأولى من نوعها، في إصدارها هي تدخل من السلطة التنفيذية لعمليات بيع غير قانونية أبرمتها السلطة التنفيذية السابقة وهو ما يمثل التفافًا واضحًا على القانون”. ورأى “عادل” خطورة كبيرة في عدم مراجعة هذه القوانين، واصفًا إياها بأنها تفتح الباب واسعًا أمام الفساد الإداري والحكومي، “وأنها لا تكتفي بفتح الباب للفساد، بل تحصن الفساد السابق”.
فيما كان قانون الخدمة المدنية الذي أصدره السيسي في العام الماضي، وهو القانون الوحيد الذي رفضه البرلمان من أصل 342 قانونا تم مناقشتها، هو أحد أكثر القوانين إثارة للجدل. ونص القانون على إلغاء الأقدمية كمعيار لترقي الموظفين واستبدالها بتقييم من الرؤساء والمديرين مما يعطي سلطات واسعة في فصل وترقية موظفي الحكومة، كما تم انتقاد القانون لتقليل هيكل الأجور لموظفي الدولة وتهديد العديد من الحقوق العمالية.
إلا أن السيسي أيضا أصدر قرارًا بقانون يضع حدًا أقصى للأجور للعاملين بالدولة بلغ 42 ألف جنيه، وهو أحد أكبر مطالب الثورة. إلا أن استثناء قطاعات عديدة من القانون مثل القطاع المصرفي جعل الكثيرون يرون تلك الاستثناءات مفرغة للقانون من معناه.